مسلسل ذات يوم.. دراما للباحثين عن الرومانسية بنكهة التسعينيات
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
بعد 13 عاما من طرح فيلم "ذات يوم" (One Day)، الذي فشل في أن يكسب استحسان النقاد أو يرتبط به الجمهور عاطفيا، عادت منصة "نتفليكس" لتقديم نسخة درامية من ذات الحبكة بأبطال أقل شهرة وخبرة فنية.
البعض اعتبر قرار المنصة إعادة إنتاج ذات القصة مغامرة غير محسوبة، إلى أن عُرض العمل بالفعل ليُفاجأ الجميع بتصدره قوائم المشاهدة على مستوى العالم وتحقيقه ما يقارب 10 ملايين مشاهدة في أسبوعه الأول.
مسلسل "ذات يوم" مُقتبس بالأساس من رواية بالاسم نفسه كتبها ديفيد نيكولز، نُشرت في العام 2009 قبل أن تصبح الأكثر مبيعا وتُترجم إلى 40 لغة ويُباع منها 6 ملايين نسخة حتى الآن.
تدور الأحداث حول ديكستر (ليو وودال) وإيما (آمبيكا مود)، اللذين يلتقيان لأول مرة في ليلة تخرجهما، ثم يلتقيان مجددا في صباح اليوم التالي الموافق 15 يوليو/تموز -والمعروف بيوم القديس سويثين-، ويُقرران قضاء الوقت معاً والحديث عن أحلامهما المستقبلية وخططهما القادمة.
تنتمي إيما لأسرة كادحة من الطبقة العاملة وتتسم بكونها طالبة جادة ذات لسان لاذع وتحلم أن تكون كاتبة، لكنها تدرك مشقة الرحلة التي تنتظرها. في المقابل، فإن الشاب الوسيم ديكستر ينحدر من أسرة ثرية ويظن أن الغد ملكه وأن تحقيقه أحلاما مثل الشهرة والمزيد من الثراء والعلاقات ليس إلا مسألة وقت.
هذا التناقض الصارخ بين الاثنين يجعل العمل مُثيرا للاهتمام والتساؤلات، إذ نمضي معهما 14 حلقة نتلصص خلالها على ما يفعلانه يوم 15 يوليو/تموز من كل عام طوال عقدين تقريبا، ونتعرف على ما فعلته بهما الحياة معًا، وبكلٍّ على حدة، وكيف مرّا بالكثير من التخبطات والقرارات الخطأ والعلاقات غير الناجحة خلال الرحلة.
"ذات يوم" بين الفيلم والمسلسل والروايةصدر فيلم "ذات يوم" في العام 2011 ولعبت دور بطولته الممثلة الأميركية آن هاثاواي التي كانت محبوبة جدا من الجمهور حينذاك، شاركها العمل جيم ستورجيس، غير أن الفيلم لم يلق نجاحا لدى الجمهور، فحاز تقييما بلغ 36% وفقا لموقع "روتن توميتوز" الشهير، مقابل 91% حصدها المسلسل.
من بين عيوب الفيلم الفنية، تناوله القصة بطريقة سطحية أقرب إلى البرودة، ومرورُ الأحداث على عجل بأقل قدر من التفاصيل، مما لم يسمح للجمهور بالتعلّق بالأبطال أو تصديقهم خاصة أمام تواضع أداء الممثلين.
إلا أن صانعي المسلسل حاولوا تلافي الأخطاء التي وقع فيها صانعو الفيلم، مُستفيدين من مساحة الوقت التي أتاحها تعدد الحلقات وسمح بمنح مساحات أكبر لكافة الخطوط الدرامية، فاستطاع المشاهدون التشبّع من اللحظات الاستثنائية بحياة الأبطال ورؤية هزائمهم الشخصية وخيبات أملهم عن كثب، وبالتالي التعاطف معهم خلال رحلة طويلة من المحاولات المتعثرة للوقوف والصمود أمام تيار الواقع المندفع بلا هوادة.
وبخلاف عنصر العمق والمجال الزمني المتسع لاستعراض الكثير من الأحداث بشكل أوضح وأكثر تأثيرا، كان هناك بعض الاختلافات الأخرى بين الفيلم والمسلسل والرواية، من بينها:
التسلسل الزمني:رغم ثبوت الأحداث الرئيسية، اختلف الترتيب الزمني لما جرى بين مسلسل وفيلم "ذات يوم" وتبدلت أعوام بأخرى، وإن كان هذا لم يؤثر على سير الأحداث.
التنوع العرقي والثقافي:من الاختلافات الجلية تعدد الخلفيات الثقافية والعرقية الذي شهده المسلسل، إذ جاءت البطلة هندية – بريطانية لأم هندوسية وأب مسيحي، صديقتها المقربة سوداء البشرة، ما يعكس التنوعات الجلية المتزايدة في عالم السينما والدراما.
الشخصيات الثانوية:على عكس الفيلم، سمح المسلسل للشخصيات الثانوية بالظهور وإبراز تأثيرها على الأبطال الرئيسيين، وجاءت علاقة إيما بصديقتها تيلي (آمبر غرابي) قوية ومتطورة تحوَّلتا خلالها من شابتين بأوائل العشرينات إلى نساء ناضجات.
النهاية:تختلف بعض التفاصيل بالنهايات الثلاث (الرواية والفيلم والمسلسل)؛ ليس في ما يتعلق بمصير الشخصيات أنفسهم وإنما بالطريقة التي يتعاطون بها مع ما يجري، ويمكن القول إن الرواية هي صاحبة النهاية الأكثر سعادة نسبيا أو التي تحمل بعض الأمل أما المسلسل فتمتع بالنهاية الأكثر إرضاء وشمولية.
التمثيل أيضا أحد الإيجابيات الفنية الأخرى التي تفوق بها المسلسل، خاصة آمبيكا مود التي أدت دور إيما بالرغم من أنها بطولتها الأولى، مما جعل النقاد يتوقعون أن يكون العمل بوابتها إلى عالم هوليوود. كذلك نجحت الموسيقى التصويرية لكل حلقة أن تعبر عن تاريخ الأحداث زمنيا عبر موسيقى البوب البريطانية وبعض الأغنيات أو القصائد في مداعبة مشاعر الجمهور باللعب على وتر الحنين.
أما العيب الفني الذي يُمكن أن يؤخذ على صانعي مسلسل "ذات يوم"، فكونُهم لم يستثمروا خلفية البطلة وعرقها بالأحداث ولم يظهر أي فرد من عائلتها وهو الخط الدرامي الذي كان يمكن أن يكون ثريا أو يستعرض بعض التفاصيل المتعلقة بماضيها الذي ساهم بتكوين شخصيتها مثلما جرى مع البطل.
"ذات يوم" مسلسل من 14 حلقة بطولة آمبيكا مود، وليو وودال، وأمبر غرابي، وجوني ويلدون، واليانور توملينسون، وتيم مكينيري. وهو مناسب للباحثين عن عمل فني جيد وقصير يمكن الانتهاء منه في عطلة نهاية الأسبوع، ورغم أن قصته رومانسية، فإنه يحمل أبعادا أعمق والكثير من المنعطفات والتقلبات الذكية التي تجعله أقرب إلى صورة حقيقية تعكس صعوبات الواقع وسحره بآن واحد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ذات یوم
إقرأ أيضاً:
نص الشعب اسمه محمد: حبكة كلاسيكية لم تحقق توقعات الجمهور
خرج من الصورة عدد كبير من المسلسلات الكوميدية مع ختام النصف الأول من شهر رمضان الكريم، وهي أعمال استقطبت الجمهور مثل "كامل العدد ++" و"أشغال شقة جدا" و"الكابتن". ليحاول المتفرجون استبدالها بأعمال من مسلسلات النصف الثاني من الشهر، وعلق الكثيرون آمالهم على "نص الشعب اسمه محمد"، فهل كانت آمالهم هذه في محلها؟
"نص الشعب اسمه محمد" من إخراج عبد العزيز النجار، وتأليف محمد رجاء، وبطولة عصام عمر وشيرين ورانيا يوسف ومايان السيد ومحمد محمود ومحمد عبد العظيم وهاجر السراج.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"ليالي روكسي".. مسلسل شامي بنكهة تنويريةlist 2 of 2السكبة.. عادة عربية تتجدد في سوريا عند كل رمضانend of list حبكة منتهية الصلاحيةلم يمهد مسلسل "نص الشعب اسمه محمد" لأحداثه، بل بدأ من نقطة الذروة مباشرة، ومحمد (عصام عمر) يجلس في منزله يتناول الحلوى ويستخدم حاسوبه المحمول ويضحك، لتفاجئه زوجته مي (هاجر السراج) وتطالبه بمعرفة هوية من يحادث، مما يرفضه بشدة، فتقرر ترك المنزل، وهو يتهمها هو بالشك والغيرة.
غير أن اللقطات التالية تكشف أن شكوكها في محلها وأكثر، فزوجها لا يحادث امرأة أخرى فقط، بل يخطط للزواج منها في أقرب فرصة، لتظهر سارة (مايان السيد) في الصورة، وهي زميلته في العمل وتعرف أنه متزوج وأب، غير أنها لا تبالي بهذه الحقائق، وتشاركه في خطته لإخفاء زواجه الأول عن عائلتها.
إعلانتتعرض خطط محمد للعديد من العراقيل، ففاطمة (رانيا يوسف)، والدة سارة، تعارض هذا الزواج، وتطلب مقابلة والدته، في حين أن الأخيرة لا تدري بخطة ابنها في البداية، ثم تعارضها بعد ذلك. على الجانب الآخر، تحاول والدة مي، السيدة ميرفت (شيرين)، إنهاء الخلافات بين ابنتها ومحمد، وفي الوقت ذاته تدخل المشهد نجلا (دنيا سامي)، العشيقة السابقة لمحمد، والتي تحاول إجباره على الزواج منها كذلك.
تبدو التفاصيل السابقة معقدة على الورق، بينما هي في حقيقتها ليست سوى حبكة شديدة الكلاسيكية تم استغلالها في السينما منذ بداياتها، بل استُهلكت بكل الصور الممكنة. وتعتمد بشكل أساسي على الكذبات المتراكبة للشخصية الرئيسية التي تضعه في مآزق مختلفة، وكلما حاول الفرار من مأزق، يتورط في كذبة جديدة، وهكذا حتى يأتي الختام بكشف كل هذه الكذبات مع عاقبة أخلاقية مناسبة.
يختلف "نص الشعب اسمه محمد" عن ذلك الإرث الطويل من الأفلام السينمائية التي قدمت مثل تلك الحبكة، في الصورة التي تظهر بها الشخصية الرئيسية، فبينما حرصت الكلاسيكيات السابقة على تعزيز جاذبية هذه الشخصية، وتخفيف نتائج أفعالها على المحيطين بها، يقوم المسلسل هنا بالعكس، فدوافع محمد أنانية تمامًا، فهو لا يبالي سوى بسعادته، وتؤدي أفعاله لتعاسة كل من حوله، بل يحرص المسلسل على إظهار مدى نرجسيته والأساليب المتلاعبة لديه، الأمر الذي يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مع من سيتعاطف المتفرج، مع البطل أم ضحاياه؟
فبينما من المعتاد أن يجعل السيناريو المشاهدين يتفهمون دوافع الشخصية الرئيسية حتى إن كانت أفعاله إجرامية، نجد هنا العكس، بل يدفع المسلسل دفعًا إلى النفور من محمد وأفعاله.
أين الكوميديا؟لا يعتمد مسلسل "نص الشعب اسمه محمد" على حبكة أقرب إلى الكليشيه فقط، بل كذلك يستخدم تقنيات كوميدية عفا عليها الزمن، تعتمد بشكل أساسي على خلق تصاعدات درامية تضع الشخصيات على حافة كشف حقيقة كذبات محمد، ثم ينتهي المشهد دون حدوث هذا الكشف، وهكذا من حلقة لأخرى. بالإضافة إلى استخدام المصادفات بإفراط، سواء لزيادة المفارقات الكوميدية أو حلها، منها على سبيل المثال تلك الصدفة التي تسببت في تعارف ميرفت، والدة مي، وفاطمة، والدة سارة، بل تعقد صداقة قوية بينهما، مما يضع خطة محمد على المحك طوال الوقت.
إعلانويعكس النصف الثاني من المسلسل الوضع عندما يعلم محمد بهذه العلاقة التي تجمع بين الوالدتين، فيضع خطة لإفسادها قبل كشفهما سره، غير أن تحول محمد إلى ضحية لم يزد من إنسانيته، أو حتى من كوميديا المسلسل التي ظهرت خالية من الطرافة في كل مشهد.
على الجانب الآخر، يغيب المنطق عن الشخصيات الأخرى؛ فإذا اقتنع المتفرج بالدوافع الأنانية البحتة لمحمد، فكيف يتفهم انصياع والدته لهذه الرغبات رغم رفضها الشديد للزواج الثاني لابنها، أو توريطه لخاله في ألعابه الصبيانية، والتي يتعارض بعضها مع قيم هذا الخال الأخلاقية أو الدينية؟
يحاول الممثل عصام عمر الخروج بهذه الشخصية من إطار أدوار الشاب اللطيف المستضعف التي لمع فيها في كل من "بالطو" و"مسار إجباري" و"البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو"، بتقديمه شخصية على طرف النقيض، غير أنه يثبت هنا أن موهبة الممثل ليست كافية لحل أزمة الرؤية الفنية التقليدية التي تغلب على المسلسل، والتي لم يفلح قبوله أو خفة ظله في تخفيف مشكلاتها.
ينعكس ذلك في أداء باقي الممثلين والممثلات، على رأسهم شيرين وألف إمام، التي قدمت كل منهما أداءً جيدًا في مسلسلات أخرى في النصف الأول من رمضان الجاري، الأولى في "أشغال شقة جدًا" والثانية في "كامل العدد++".
نافس عصام عمر العام الماضي في مسلسل بعيد عن الكوميديا، غير أن ذلك لم يقلل من قبوله لدى الجمهور، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى رؤية المخرجة نادين خان التي أنقذت القصة التقليدية، وهو الأمر الذي افتقده مسلسل "نص الشعب اسمه محمد".
ليصبح "نص الشعب اسمه محمد" فرصة ضائعة لعصام عمر في هذا الموسم الرمضاني، ويبقى رهانه الأخير على نجاح فيلمه المنافس في عيد الفطر القادم "سيكو سيكو" والذي يشاركه بطولته الممثل الشاب طه دسوقي.