خطة السعودية في الذكاء الاصطناعي والكمبيوتر الخارق.. لماذا تثير القلق في واشنطن؟
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
تنفق المملكة العربية السعودية أموالا طائلة في مسعى منها لتصبح قوة خارقة في مجال الذكاء الاصطناعي وسط صراع متصاعد بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ التكنولوجي، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة في تقرير، الخميس، إن المملكة الغنية بالنفط تستثمر مليارات الدولارات في مجال القدرة الحاسوبية وأبحاث الذكاء الاصطناعي.
في مؤتمر عقد الشهر الماضي خارج الرياض تجمع أكثر من 200 ألف شخص، بينهم مستثمرون وخبراء ورؤوساء شركات تكنولوجيا بما في ذلك آدم سيليبسكي، الرئيس التنفيذي لقسم الحوسبة السحابية في أمازون، الذي أعلن عن استثمار بقيمة 5.3 مليار دولار في السعودية لمراكز البيانات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
كذلك ألقى مسؤولون تنفيذيون من شركة هواوي وعشرات الشركات الأخرى خطابات أعلنوا خلالها عن إبرام صفقات بأكثر من 10 مليارات دولار هناك، وفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وتبين الصحيفة أنه يبدو أن كل من يعمل في مجال التكنولوجيا يرغب في تكوين صداقات مع السعودية في الوقت الحالي، حيث تعمل المملكة على التحول للاعب مهيمن في مجال الذكاء الاصطناعي عبر ضخ مبالغ هائلة لتحقيق ذلك.
أنشأت المملكة العربية السعودية صندوقا بقيمة 100 مليار دولار هذا العام للاستثمار في الذكاء الاصطناعي والمجالات التكنولوجيا الأخرى.
وتجري الدولة الخليجية محادثات مع أندريسن هورويتز، شركة رأس المال الاستثماري في وادي السيليكون، ومستثمرين آخرين لضخ 40 مليار دولار إضافية في شركات الذكاء الاصطناعي.
في مارس الماضي، قالت الحكومة السعودية إنها ستستثمر مليار دولار في مجموعة شركات ناشئة مستوحاة من وادي السيليكون لجذب رواد الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي إلى المملكة.
وتلفت الصحيفة إلى أن السعودية كانت منذ فترة طويلة بمثابة مصدر للتمويل بالنسبة لصناعة التكنولوجيا، لكنها تعيد اليوم توجيه ثروتها النفطية نحو بناء صناعة تكنولوجية محلية، مما يتطلب من الشركات الدولية ترسيخ جذورها هناك.
وتؤكد أنه في حال نجح خطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فإنه سيضع المملكة وسط منافسة عالمية متصاعدة بين الصين والولايات المتحدة ودول أخرى مثل فرنسا التي حققت اختراقات في مجال الذكاء الاصطناعي، جنبًا إلى جنب مع جهود الذكاء الاصطناعي التي تبذلها جارتها الإمارات العربية المتحدة.
جامعة الملك عبد الله والصينومع ذلك يشعر الكثيرون وفي واشنطن بالقلق من أن أهداف المملكة وميولها الاستبدادية يمكن أن تعمل ضد المصالح الأميركية وخاصة في حال توفيرها القوة الحاسوبية للباحثين والشركات الصينية، بحسب الصحيفة.
بالنسبة للصين، توفر منطقة الخليج العربي سوقا كبيرة، وإمكانية الوصول إلى المستثمرين الأثرياء وفرصة لممارسة النفوذ في البلدان المتحالفة تقليديا مع الولايات المتحدة.
وتقول الصحيفة إن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في جدة تحولت لمسرح للمواجهة التكنولوجية الأميركية الصينية.
تعتبر الجامعة محورية في خطط المملكة العربية السعودية للقفز إلى قيادة مجال الذكاء الاصطناعي.
على غرار جامعات مثل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، تعد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هي مدرسة البحث العلمي الأولى في المملكة، حيث تجذب قادة الذكاء الاصطناعي الأجانب وتوفر موارد حاسوبية لبناء مركز لأبحاث الذكاء الاصطناعي.
ولتحقيق هذا الهدف، كثيرا ما تلجأ جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية إلى الصين لتوظيف الطلاب والأساتذة وعقد شراكات بحثية، الأمر الذي يثير انزعاج المسؤولين الأميركيين.
ويقول محللون ومسؤولون أميركيون إنهم يخشون أن يستخدم الطلاب والأساتذة من الجامعات الصينية المرتبطة بالجيش جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية للالتفاف على العقوبات الأميركية وتعزيز الصين في السباق نحو التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي.
ومما يثير القلق بشكل خاص بناء الجامعة لأحد أسرع أجهزة الكمبيوتر العملاقة في المنطقة، والذي يحتاج إلى آلاف الرقائق الدقيقة التي تصنعها شركة "Nvidia" الأميركية أحد أكبر صانعي الرقائق التي تعمل على تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي.
حاليا لا تزال مساعي الجامعة لشراء رقائق بقيمة 100 مليون دولار متوقفة بسبب مراجعة تقوم بها السلطات الأميركية، التي يجب أن تقدم رخصة تصدير قبل أن تتم عملية البيع.
ويخشى البعض في واشنطن أن يوفر الكمبيوتر العملاق للباحثين من الجامعات الصينية إمكانية الوصول إلى موارد الحوسبة المتطورة التي لا تتوفر لديهم في الصين.
في الوقت الحالي هناك ما يقرب من أكثر من 12 طالبا وموظفا في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ينتمون إلى جامعات صينية مرتبطة بالجيش ، وفقا لمراجعة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز.
وتشير الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كانت قد منعت دخول طلاب من تلك الجامعات للولايات المتحدة بسبب مخاوف من إمكانية وصول تقنيات حساسة إلى الجيش الصيني.
ويعتبر الذكاء الاصطناعي جانبا مهما من رؤية المملكة 2030 لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي تهدف إلى الوصول إلى مصادر إيرادات جديدة بعيدا عن النفط.
وحسب رؤية السعودية لعام 2030، أسست الرياض هيئة "سدايا" للبيانات والذكاء الاصطناعي، تعمل على استراتيجية خاصة لمنافسة الدول المتقدمة في مجالات توليد البيانات والذكاء الاصطناعي، وجذب استثمارات بقيمة تصل 20 مليار دولار، بحلول عام 2030.
وحظرت الولايات المتحدة مبيعات الرقائق عالية الأداء المطلوبة لتطوير الجيل القادم من خدمات الذكاء الاصطناعي للصين، مما يعيق طموحات الصين للمنافسة في هذا المجال المزدهر.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی مجال الذکاء الاصطناعی ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
النمو السريع في سوق الذكاء الاصطناعي يعقّد مهمة المستثمرين
يعقّد التقدّم المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي مهمة المستثمرين الذين يبحثون عن جانب جديد في نظام يشهد تطوّرا متواصلا.
يؤكد جاي داس، رئيس شركة الأسهم الخاصة "سافاير فانتشرز"، في مؤتمر أُقيم هذا الأسبوع في لاس فيغاس بالولايات المتحدة، أن الذكاء الاصطناعي "يُعدّ إحدى الفرص (الاستثمارية) التي لا نشهدها سوى مرة واحدة كل جيل".
ويوضح أنه، خلال السنوات الخمس الفائتة، تم استثمار مبالغ طائلة في ابتكار برامج ذكاء اصطناعي توليدي مثل "تشات جي بي تي"، وشراء الرقائق اللازمة لتصميمها.
تنتهي هذه المرحلة الأولى مع أعداد كبيرة من هذه النماذج القادرة على توليد محتوى حسب الطلب وباللغة اليومية، وغالبا ما تكون مجانية مع تكاليف ابتكار منخفضة.
وينبغي على رواد الأعمال ومحترفي تكنولوجيا المعلومات أن يتخيّلوا حاليا نظاما مبنيا على هذه الأسس، وهي التطبيقات وروبوتات الدردشة المتخصصة والبرامج المُساعِدَة.
تقول لورين كولودني، المشاركة في تأسيس شركة الأسهم الخاصة "أكرو كابيتال" إن "ثمة حاليا شركات ناشئة كثيرة" في سوق الذكاء الاصطناعي، مضيفة أنّ "الصعوبة تكمن في الاستشراف بشكل جيد".
وتضيف "أحد الأمور الأكثر تعقيدا عند الاستثمار مبكرا" في حياة شركة، "هو فهم من سينجح في الحصول على ميزة تنافسية في دورة الذكاء الاصطناعي هذه"، والتي تتغير معاييرها.
ويقول فين تشاو، رئيس قسم الأبحاث في شركة "ألفا إديسون" التي تدعم الشركات الناشئة "ما يهمّ هو جودة نموذج عملك، وليس التكنولوجيا التي تستخدمها".
وعلى المستثمرين بحسب توماش تونغوز، مؤسس شركة "ثيوري فنتشرز"، أن يكونوا على دراية بما هو أوسع من نطاق الشركة الناشئة.
ويقول هذا الموظف السابق في شركة "غوغل": "ندرس نظام القطاع المعني بأكمله، لا فقط النموذج الاقتصادي لهذه الشركة".
الحماية ضد المنافسة
بالنسبة إلى البعض، يشكل إبعاد المنافسين بصورة كافية تحديا عندما لا تكون المشهدية مستقرة بعد.
يقول جوش كونستين من شركة "سيغنال فاير" للخدمات الاستثمارية "لا يكفي أن تكون الأول، بل ينبغي أن تكون لديك البيانات الصحيحة والخبراء"، مضيفا "المهم حاليا هو البيانات".
ويشير إلى "إيفن آب"، وهي منصة دعم لمحامي المسؤولية المدنية، لتحسين إعداد طلبات التعويض الخاصة بعملائهم.
أنشأت الشركة، التي استثمرت فيها "سيغنال فاير"، قاعدة معلومات بشأن اتفاقيات ودية بين الضحايا وشركات التأمين، غالبا ما تكون سرية.
يقول جوش كونستين إنّ "ذلك يوفر صورة لكل محام، اعتمادا على الخصائص الطبية للملف واستنادا إلى البيانات التاريخية، عمّا يمكن للشخص المطالبة به".
ويتابع "لا تمتلك اوبن ايه آي ولا حتى أنثروبيك هذه البيانات"، مضيفا "مَن ينشئون قواعد بياناتهم الخاصة سيحققون أكبر قدر من النجاح".
بالإضافة إلى اللاعبين الصغار، لم تعد شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى تكتفي بتزويد رواد الأعمال والمطورين بالأدوات اللازمة للابتكار، ولكنها تريد راهنا تقديم منتجات متخصصة جاهزة للاستخدام.
في بداية فبراير الماضي، تسرّب عبر الانترنت عرض لبرنامج افتراضي جديد ابتكرته شركة "اوبن ايه آي".
يقول كونستين "إن ذلك يشبه إلى حدّ ما فيسبوك قبل عشر سنوات"، مضيفا "إذا اخترعت تطبيقا قريبا جدا من أعمالهم، فتكون قد خاطرت بأن يطلقوا شيئا مشابها ويسحقوك".
يرى جيمس كوريه، الشريك الإداري لشركة الأسهم الخاصة "ان اف اكس"، أنّ الحماية ضد المنافسة لا تتعلق بالبيانات.
ويقول "في 95% من الحالات، أستطيع توليدها بنفسي أو نسخها (...) من دون الحاجة إلى بياناتك".
ويقول فين تشاو "إذا لم تبتكروا شيئا يتمحور على الإنسان ويمكن أن يتناسب مع الروتين اليومي ليوم العمل، فلن ينجح الأمر".