بهدف الحصول على "حصة عادلة من المياه"، وقعت بغداد اتفاقية لإدارة الموارد المائية مع أنقرة تمتد لعشرة أعوام قابلة للزيادة.

ورغم الترحيب الرسمي، فقد أثارت الاتفاقية غضب خبراء المياه لعدم إنهائها الخلاف حول "محلية" أم "دولية" نهري دجلة والفرات، وعدم الوضوح في تحديد كميات المياه التي سيتم إطلاقها إلى العراق.

وتعتبر أنقرة نهري دجلة والفرات نهرين محليين تركيين، وليسا نهرين دوليين.

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أعلن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان  توقيع أكثر من 24 مذكرة تفاهم في عدة مجالات، منها اتفاقية لمدة 10 سنوات بشأن إدارة الموارد المائية، وذلك خلال زيارة الرئيس التركي إلى العراق.

وتهدف الاتفاقية لضمان "حصول العراق على حصته العادلة" من المياه إلى نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا المصدر الرئيسي للمياه العذبة في العراق الذي يعاني منذ سنوات شح كبير بالمياه.

ويتضمن الاتفاق أيضا التعاون عبر مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات، ودعوة شركات تركية للتعاون في البنى التحتية لمشاريع الري، وتنفيذ مشاريع تبادل الخبرات واستخدام أنظمة وتقنيات الري الحديثة والمغلفة.

ويأمل عضو لجنة المياه والأهوار والزراعة في البرلمان العراقي ثائر الجبوري "أن يكون الاتفاق الاستراتيجي طويل الأمد، وأن يوجد حلاً لمشكلة المياه في العراق، بعد أن كان ورقة ضغط من قبل الجانب التركي لتمرير بعض المصالح، وبالتالي تضع ملف المياه مقابل الحصول على المكاسب من العراق".

ورغم أمل الجبوري في أن تحمل الاتفاقية حلا لشح المياه في العراق، إلا أنه يذكر في حديثه لـ"ارفع صوتك" بالوعود التركية السابقة، قائلا: "وعد سابقاً بإطلاقات مائية لمعالجة شح المياه، ولكنه لم ينفذ تلك الوعود".

ميزة الاتفاق الجديد؟ كما يراها الجبوري، في أنه "يستمر لمدة عشر سنوات، وهي فترة زمنية جيدة لملف يمس حياة المواطنين العراقيين بشكل مباشر، وعلى الرغم من أنه قد يكون حلاً مؤقتا لكنه يمكن أن يُحتسب ضمن النجاحات والمعالجات الآنية لأزمة المياه في العراق".

"ضبابية"

خبير الحدود والمياه الدولية جمال الحلبوسي وصف مذكرة التفاهم المتعلقة بالمياه بين تركيا والعراق بأنها "غير واضحة المعالم وفيها ضبابية كبيرة".

وقد كتبت الاتفاقية- كما يقول الحلبوسي لـ "ارفع صوتك"- لتكون :"متناسبة مع ما يسعى إليه الجانب التركي للتهرب من اتفاقية الأنهار والمجاري غير الملاحية، استمرارا منه بأسلوب التعامل الذي اتبعه مع العراق في مسألة المياه منذ العام 2003 ".

ويشير إلى افتقاد الاتفاقية إلى نقطة مهمة، وهي "تحديد نسبة أو كمية المياه التي يتم إطلاقها إلى العراق باعتبار تركيا بلد منبع، والعراق بلد مصب، وكلاهما بحاجة إلى أن تكون هناك شراكة فعلية".

الشراكة التي يتحدث عنها الحلبوسي لا تقتصر على المياه التي يتم إطلاقها إلى العراق بل تتضمن" التباحث بشأن إقامة السدود في تركيا والتي تم أغلبها دون إبلاغ العراق أو استشارته أو قياس تأثير إقامتها على البلد".

ويضيف الحلبوسي: "بموجب الاتفاقية فإن البلدين اتفقا على أن تكون هناك قاعدة بيانات بين الطرفين ولجان للعمل".

 ويرى أن العراق "لن يكون قادراً على مناقشة الجانب التركي الذي يمتلك جميع البيانات الخاصة باستخدامات المياه في العراق، ويتحدث عن وجود إسراف عراقي وإساءة استخدام المياه. بالإضافة إلى معلومات غير صحيحة عن وجود مياه عذبة تذهب باتجاه البحر".

وفي معرض إجابته عن سؤال لـ"ارفع صوتك" يتعلق بمعنى "الحصة العادلة من المياه" التي جاءت في الاتفاقية، قال الحلبوسي: "ما يحصل على أرض الواقع هو قيام العراق بإرسال احتياجاته من المياه وخطته الزراعية إلى تركيا، وعند ذلك يتم إرسال كميات من المياه عبر نهري دجلة والفرات بحسب قناعة دولة المصب".

وبشكل عام، كما يقول، "يحتاج العراق سنويا ما بين 42-50 مليار متر مكعب لدعم الخطة الزراعية مع الأخذ بنظر الاعتبار التصحر والتبخر وقلة المياه الجوفية التي تستهلك الكثير من تلك الكميات سنوياً".

و يضيف الحلبوسي: "لا يمتلك العراق قوة يمكن أن نلزم من خلالها الأتراك لتكون ورقة ضغط لإنهاء ملف المياه بين البلدين، خصوصاً وان الاتفاقية غير ملزمة لتحديد حصة معينة، وهو ما لم نتمكن خلال عقود من تحقيقه".

ثلاث "عُقد"

يعبر خبير المياه عادل المختار عن "صدمته" بالاتفاقية المتعلقة بالمياه، لأنها لم تحسم الجدل في ثلاثة بنود هي عقدة الخلاف بين البلدين.

ويوضح لـ "ارفع صوتك" أن البنود تتضمن إنهاء موضوع سد الجزرة الذي يطلق عليه صفة "القاتل" كونه سيتسبب بـ "قتل نهر دجلة، ولهذا كان على الحكومة العراقية التفاوض لإلغاء السد أو على الأقل تحويله إلى سد لتوليد الكهرباء فقط".

ويعتبر سد "الجزرة" مكملاً لسد "أليسو"، ويقع قرب الحدود السورية التركية، وتعول عليه تركيا لإنتاج الطاقة الكهربائية وري الأراضي الزراعية ، ومن المتوقع بحسب وزارة الموارد المائية العراقية أن يؤدي ذلك إلى انعكاسات خطيرة جداً كونه سيحول جميع المياه إلى أراضي هذا المشروع قبل عبورها الحدود الدولية (التركية – العراقية) ويخفض من حصة مياه دجلة إلى النصف.

العقدة الثانية- كما يشرح المختار - تطرق إليها الرئيس التركي في المؤتمر الصحفي حين أشار إلى أن "القضية تتعلق بالمياه العابرة للحدود، وهو ما يعني أن نهري دجلة والفرات ملك لتركيا وليسا نهرين دوليين".

أما العقدة الثالثة فيحددها بـ"حصة المياه التي يتم إطلاقها إلى العراق وكان يفترض أن يتم التفاوض لقبول تركيا بتحكيم دولي أو طرف ثالث حتى يتم حسم هذا الملف بشكل تام".

تفتقر الاتفاقية - كما يشير المختار-  إلى "لغة الأرقام، وهي بهذا تنحاز إلى الجانب التركي بشكل كامل من خلال السماح لها بإعادة النظر بالمشاريع العراقية، والسماح لها بوضع منظومات ري وغيرها".

ويتساءل المختار : "هل يمكن أن نفهم من هذه الفقرات أن أنقرة ستقلل من الإطلاقات المائية، ولهذا يحتاج العراق إلى إشراف تركيا على منظومات حديثة لتقنين المياه؟".

ويختم حديثه بالقول: "لحد هذه اللحظة ليس لدينا اتفاقية تلزم تركيا بأن تعطينا المياه، وهي لا تعترف بشكل واضح أن دجلة والفرات نهران دوليان، وهذه العقد نحن بحاجة إلى مفاوض متمكن لتثبيت حقوق العراق المائية من خلاله بشكل لا يقبل التأويل".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: نهری دجلة والفرات المیاه فی العراق الموارد المائیة الجانب الترکی المیاه التی من المیاه

إقرأ أيضاً:

العراق يجدد اتفاقية تزويد لبنان بالوقود حتى نهاية يناير 2025

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل، اليوم الخميس، أن العراق يجدد اتفاق إمداد لبنان بزيت الوقود حتى نهاية يناير 2025.

وافقت الحكومة العراقية على تجديد اتفاقية تزويد لبنان بالوقود، المعروفة إعلاميًا بـ "النفط مقابل الخدمات"، للسنة الرابعة على التوالي، مع زيادة الكميات إلى مليوني طن سنويًا، في خطوة تهدف إلى تعزيز حل أزمة الكهرباء في بيروت. كما وافقت بغداد على تمديد العمل بالاتفاقية الحالية لمدة شهر إضافي حتى نهاية يناير 2024، وذلك لاستكمال الكميات المتفق عليها في العقود.

وفي هذا السياق، أعلن وزير الطاقة والمياه اللبناني، وليد فياض، أنه تم إبلاغه الخميس 14 نوفمبر 2024، بموافقة مجلس الوزراء العراقي على طلبه بتمديد عقد تزويد لبنان بزيت الوقود عالي الكبريت (الفيول أويل) حتى نهاية يناير 2025، بدلاً من نهاية ديسمبر 2024.

ووفقًا للتمديد الجديد، سيتمكن لبنان من استنفاد كامل الكمية التعاقدية البالغة 1.5 مليون طن، من خلال تأمين شحنات بقدرة 125 ألف طن شهريًا طوال هذه الفترة، ما يسهم في تخفيف أزمة الطاقة في البلاد.

مقالات مشابهة

  • حضور سعودي كثيف لمؤتمر جمعية إدارة الموارد البشرية الأمريكية في الرياض
  • وزير الموارد المائية يبحث تعزيز الشراكة مع شركة MCIT 
  • وزير الموارد: مشروع تطوير الجانب الأيسر لنهر دجلة وصل لمراحله الأخيرة
  • العراق يجدد اتفاقية تزويد لبنان بالوقود حتى نهاية يناير 2025
  • تركيا تُبدي إهتمامها الكبير للإستثمار بالجزائر
  • الري تواصل فعاليات حملة "على القد" للتوعية بترشيد استهلاك المياه
  • مسافة 200 متر.. ما هي ضوابط البناء على الشواطئ المائية؟
  • أمير الحدود الشمالية يرأس اجتماع موارد المياه والآبار بالمنطقة
  • وزارة الموارد المائية: انجاز نحو عشرة آلاف معاملة عبر منصة اور
  • أمير الحدود الشمالية يستقبل رئيس الاتحاد السعودي لرياضة الصم ويرأس اجتماع موارد المياه والآبار