يوم الخامس والعشرين من إبريل هو يوم عيد تحرير سيناء، تلك البقعة التي لها في تاريخنا المصري مكانة كبيرة، ولها في التاريخ الديني كذلك مكانة كبرى، ففيها يقع جبل الطور، حيث خاطب الله نبيه موسى وسمي بكليم الله، لأن الله كلمه في هذه البقعة المباركة.
وكنا نشعر بغصة في حلوقنا كلما دار الحديث عن سيناء وتضحيات جيش مصر العظيمة في حرب السادس من أكتوبر سنة 1973م، وما بذله الجنود والقادة من تضحيات بكل غال ونفيس، لأجل تحريرها، فالعلم الذي رفع على ثراها في هذا التاريخ، سبقه دماء أريقت، وأسر فقدت فلذات أكبادها، وهو أمر موضع فخار وشرف، لكن ما كان ينغص على كل مصري هذه الفرحة، أنها جاءت ضمن معاهدة كامب ديفيد، والتي أخرجت مصر من معادلة الصراع الصهيوني، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى تعاون عسكري في حالات، يصل إلى حد المهانة، والخروج عن السيادة التي تملكها الدول.
وعندما كنا نتابع منذ أيام ضربات إيران لإسرائيل، وهل هي مسرحية أم حقيقة، إلى آخر ما دار من نقاشات؟ لكن الذي لم يختلف عليه أحد، أن الضربات تم صدها عن طريق بلاد عربية حول الكيان، بدعوى وذريعة عدم السماح لمسيرات إيران بانتهاك المجال الجوي لهذه البلدان العربية، وهو ما ألمحت إليه في مقالي السابق، أن هذه الأجواء للأسف تنتهك كثيرا من الكيان الصهيوني، قبل طوفان الأقصى، وبعده، وما كان يخفى في كواليس ودهاليز السياسة، لم يعد الآن خافيا، بعد ما تم نشره في عدة دوائر صحفية عربية وغربية، من التماهي الشديد بين الكيان الصهيوني وأنظمة عربية.
كتب ديفيد كيركباتريك الصحفي الأمريكي المعروف، ومدير مكتب النيويورك تايمز بالقاهرة إلى عام 2018، معلومات خطيرة جدا في كتابه: (في أيدي العسكر)، والذي ترجم مؤخرا إلى العربية، ونشرته دار جسور، كتب معلومات ونشرها بالإنجليزية في أمريكا وقتها، أي أن الأمر ليس تحليلا من صحفي، بل معلومات حصل عليها من مصادره، حول اختراقات صهيونية للأجواء المصرية في سيناء، وذلك بعد انقلاب 2013 في مصر، وما تلاه من أحداث ووصول السيسي للحكم.
أدى اعتماد مصر على إسرائيل إلى تغيير ديناميكيات المنطقة، في 21 شباط/فبراير 2016، عقد وزير الخارجية كيري قمة سرية في العقبة بالأردن مع السيسي، والملك عبد الله، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. احتوى جزء من أجندة كيري على اتفاق إقليمي بأن تضمن مصر أمن إسرائيل كجزء من الصفقة لإقامة دولة فلسطينية.يتحدث كيرباتريك عن فترة ما انتعش فيها وجود التنظيمات المسلحة في سيناء، وأن قادة إسرائيل فقدوا صبرهم من استمرار فشل الجيش المصري في تأمين شبه الجزيرة ـ حسب تعبيره ـ وقد كانت هذه الفترة بالفعل يحدث استهداف لأكمنة الجيش أكثر من مرة بنفس الطريقة، وبعض الأكمنة ضرب أكثر من مرة، ولكن فوجئ الجميع بعد مدة أن هذه العمليات قد انتهت أو خفت بشكل كبير، ويجيب كيرباتريك في صفحة كاملة من كتابه، كلها معلومات في غاية الخطورة والألم في آن واحد، يقول:
(وبدأ سلاح الجو الإسرائيلي حملة سرية من الضربات الجوية ضد المسلحين المشتبه بهم داخل مصر، وغالبا ما كان يضربهم مرتين في الأسبوع أو أكثر، وكل ذلك بمباركة من الرئيس السيسي.
أطلقت إسرائيل طائرات من دون طيار، وطائرات نفاثة، وطائرات هليكوبتر من دون علامات تشير إلى البلد، غطت الطائرات والمروحيات علاماتها، وطرقت مسارات ملتوية لإعطاء الانطباع بأنها تقلع من البر المصري. أخفى السيسي الضربات عن الجميع باستثناء دائرة صغيرة من كبار ضباط الجيش والمخابرات، ومنعت حكومته الصحفيين من تغطية شمال سيناء، معلنة أنها منطقة عسكرية مغلقة. لم تطرح وسائل الإعلام التي تهيمن عليها الدولة أي أسئلة. كما قيد المراقبون العسكريون الإسرائيليون التقارير العامة عن الغارات هناك. لكن بحلول نهاية عام 2017، كانت إسرائيل قد نفذت أكثر من مائة غارة سرية داخل مصر: حرب جوية سرية.
ألمح المسؤولون الحكوميون البريطانيون والأمريكيون المندهشون إلى طوال عامين بشأن الحجم المتزايد للهجمات التي نفذتها إسرائيل على سيناء المصرية بمباركة السيسي. بحلول عام 2017 أخبرني العديد من المسؤولين الأمريكيين: أن إسرائيل تستحق الكثير من الفضل في نجاح الحكومة المصرية المحدود في احتواء (الدولة الإسلامية) (على الرغم من أنه قد ظهر، كما أشار أحد الدبلوماسيين، المزيد من الجهاديين الشرسين ليحلوا محل كل زعيم قُتل). تذمر المسؤولون العسكريون الإسرائيليون للأمريكيين أن المصريين لم يفعلوا ما يكفي من جانبهم، وأنهم فشلوا أحيانا في إرسال قواتهم البرية عندما طلب الإسرائيليون تسلسلا منسقا في العمليات. تم إطلاع أعضاء الكونجرس على الضربات الجوية الإسرائيلية. لكن لأكثر من أربعة أعوام، في ظل إدارتين أمريكيتين، حافظت جميع الأطراف على الهدوء، خوفا من احتمال حدوث اضطرابات في مصر إذا أصبح دور إسرائيل معروفا.
ومع ذلك، أدى اعتماد مصر على إسرائيل إلى تغيير ديناميكيات المنطقة، في 21 شباط/فبراير 2016، عقد وزير الخارجية كيري قمة سرية في العقبة بالأردن مع السيسي، والملك عبد الله، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. احتوى جزء من أجندة كيري على اتفاق إقليمي بأن تضمن مصر أمن إسرائيل كجزء من الصفقة لإقامة دولة فلسطينية.
سخر نتنياهو من الأمر. ما الذي يمكن أن يقدمه السيسي لإسرائيل؟ سأل نتنياهو ـ بحسب أمريكيين كانا مشاركين في المحادثات ـ اعتمد السيسي على إسرائيل للسيطرة على أراضيه من أجل بقائه. السيسي بحاجة لنتنياهو، لكن نتنياهو ليس بحاجة إلى السيسي، ومن جانبه، قال السيسي للمسؤولين الأمريكيين مباشرة: إنه لن يضغط على نتنياهو).
بعد نشر كيركباتريك هذه التفاصيل في النيويورك تايمز، هددت السلطات المصرية بإغلاق مكتب القاهرة، ونتج عن ذلك خروجه من القاهرة تماما، لكنها ظلت معلومات لم يخرج أي نفي، أو توضيح من أي جهة رسمية مصرية، رغم صدور الكتاب بالإنجليزية، ثم ترجمته للعربية، وقبل ترجمته قام عدد من الباحثين بالإشارة إليه، وكان على رأس هؤلاء الأستاذ علاء بيومي، والذي عرض فقرات من الكتاب على قناته على اليوتيوب.
تلك التفاصيل والأحداث، كان القارئ العربي لا يعرف بها إلا بعد مرور سنوات من حدوثها، وربما بعد وفاة معظم المشاركين فيها، خاصة من كانوا مسؤولين عنها مسؤولية مباشرة، لكن في حالتنا العربية والإسلامية أصبحت مثل هذه التفاصيل الآن مكشوفة وفجة، ولم تعد تترك مجالا لمن يدافع عن هذه الأنظمة، أو يحاول تجميل صورتها القبيحة، بل أصبحت هذه الأنظمة لا تجد ما يردعها من شعوبها، لأنها تدرك أن سر بقائها في مناصبها: هو خدمة الكيان بكل ما يملكون من أدوات الخدمة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري إسرائيل مصر إسرائيل علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من
إقرأ أيضاً:
خسائر إسرائيل في أسبوع.. 600 مقبرة جديدة ومذكرة اعتقال نتنياهو وهروب الآلاف
كشفت وسائل إعلام عبرية، أن الأسبوع الماضي حمل الكثير من الأخبار السيئة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بداية من إعلان الجيش توفير 600 قبر جديد للعسكريين الذين قتلوا في غزة ولبنان، بالإضافة إلى إصدار المحكمة الجنائية لمذكرة اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف جالانت.. فماذا حدث خلال الأسبوع الماضي.
600 مقبرة جديدة للعسكريين الإسرائيليينوكشف تقرير لـ«عبري لايف»، عن أن المراسلين العسكريين عقبوا بآراء متنوعة على إعلان قسم إعادة التأهيل في وزارة جيش الاحتلال عن مقتل 793 جنديا وضابطا وإصابة 5346 آخر منذ بداية الحرب.
قال يوسي يهوشع، إن هذه البيانات تحمل رسالة إلى نتنياهو، فيما نقل المراسل العسكري يؤاف زيتون عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، إن الصدمة الواسعة النطاق ستظهر بعد انتهاء الحرب.
وفي ذات السياق، كشف لينوى ألنر عن أن جيش الاحتلال قرر إضافة 600 مدفن جديد إلى المقبرة العسكرية في جبل هرتسل وتحويل مسافة 7.7 دونيم «الدونيم يساوي 1000 متر» والمخصصة للمدنيين لاستخدامها في دفن القتلى العسكريين.
العملية العسكرية في جبالياوقال قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال يارون فينكلمان، إن الجنود يتعرضون لصعوبات كبيرة جدا خلال العمليه العسكرية في جباليا، مضيفًا أن المتفجرات تتواجد في كل مكان في الجدران والمنازل وفي الأبواب والخزائن والمدرجات بخدع مختلفة ويتم تفعيلها عن بعد لقد دفعنا ثمنا باهظا في شمال غزة.
صفقة خلف الكواليس تثير غضبا عالمياوكشف المراسل العسكري يؤاف زيتون عن أن صفقة تمت خلف الكواليس، تتضمن الحفاظ على الائتلاف الحكومي الذي يرأسه نيتياهو، في مقابل الاستيطان في غزة، وهو ما آثار غضبا عالميا حول الاستيطان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وقد أظهرت تضارب تصريحات بتسلئيل سموتريتش وزير المالية، ففي الوقت الذي صرح لموقع إسرائيل اليوم أن الاستيطان في غزة أمر واقع، أشار لموقع بوشن العبري أنه يجب احتلال شمال غزة كورقة ضغط.
وعلق المراسل العسكري الون بن ديفيد على توجهات سموتريتش بشأن حكم غزة عسكريا بالقول «لأنه لم يخدم في الجيش لا يستطيع تخيل موقف ضابط يبلغ أمًا بمقتل ابنها في غزة».
أزمة بين صفوف جيش الاحتلالكشف المراسل العسكري دورون كدوش عن أزمة قوة بشرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب الخسائر في الحرب إذ بلغت تشكيل القتال هذا العام 83% وسينخفض في العام المقبل إلى 81% ولذلك سيخدم الاحتياط ما متوسطه 70 إلى 72 يوما بحيث تجند كل كتيبة لدورة احتياط واحدة متواصلة وليس في جولات.
وفي ذات السياق، قال يوآف زيتون إن جيش الاحتلال شدد شروط الحصول على إعفاء الصحة النفسية «حيث كان جنود الاحتياط يحصلون عليها للإفلات من الخدمة العسكرية» بحيث أنه لن يقبل إلا فحص ضابط الصحة النفسية في الجيش فقط، كما أشار إلى أن تمديد الخدمة لـ3 سنوات لن يغطي عجز القوة البشرية حتى وإن تم تجنيد 4800 حريدي في عام واحد.
الهجوم على المستشارة القضائيةأثارت قضية الهجوم والتحريض على المستشارة القضائية للحكومة موجة من المواقف المتضادة في إسرائيل حيث هدد رؤساء الائتلاف من أن الإعلان عن عدم أهلية نتنياهو ستعد انقلابا.
كشف «ريستارت إسرائيل» العبري عن وثيقة موقعة من 169 مسئولا سابقا في الجيش والأمن والشرطة تطالب بالدفاع عن المستشارة القضائية، إلا أن جوهر القضية، هي أن المستشارة القضائية بعد أن حققت في تسريبات لوزير الأمن الوطني المتطرف إيتمار بن غفير وضعت نتنياهو في موقف دستوري صعب، إذ يجب إقالته وفق القانون الإسرائيلي وهو ما يجعله في موقف لا يحسد عليه، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية.
أعداد الهاربين من إسرائيل ضخمةشكك المؤرخ إيلان بابيه بإعلانات المكتب المركزي للإحصاء مرجحا أن يكون عدد المهاجرين من البلاد 700 ألف إسرائيلي، وليس 250 ألف كما يروجون، وفق ما أفادت صحيفة معاريف العبرية.
مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وجالانتأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرتي اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف جالانت، على خلفية التحقيقات المتعلقة بالعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين.
القرار قوبل باهتمام دولي كبير، خاصة مع إعلان بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وهولندا، استعدادها لتنفيذ المذكرات إذا دخل نتنياهو أو جالانت أراضيها، ووصفت وسائل الإعلام العبرية القرار بأنه منحاز وغير قانوني.
المستوطنون يضعون إسرائيل في مأزقفي خطوة أثارت انتقادات واسعة، قرر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلغاء أوامر الاعتقال الإداري للمستوطنين اليهود المتهمين بالإرهاب في الضفة الغربية.
ونقل موقع أكسيوس أن هذا القرار سيزيد التوتر بين إسرائيل وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تدعو إلى تطبيق العدالة بشكل متساوٍ على الفلسطينيين واليهود.
اعتبرت بعض الأطراف الدولية أن هذا القرار يعكس ازدواجية في المعايير القانونية في التعامل مع الفلسطينيين والإسرائيليين.