محمود فهمي.. السكنى في الزمن المفقود
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
آخر تحديث: 25 أبريل 2024 - 1:33 م محمد طهمازي
” بعد أنْ قتل قابيل أخاه هابيل، التقى الأخوان من جديد، في أرضٍ خلاء. مِن بعيدٍ عرف كلٌّ منهما الآخر، فكلاهما كان مديد القامة. جلس الأخوان أرضًا وأشعلا نارًا وأعدّا طعامًا. كانا صامتين كما يصمت الأشخاص المتعبون في آخر النهار. وفي السماء التمعت نجومٌ لم تكن لها أسماء في ذلك الزمن البعيد.
على ضوء اللهب، رأى قابيل أثر ضربةِ الحجَر على جبهة أخيه، فسقطت قطعة الخبز من يده، قبل أن يحملها إلى فمه، وطلب الصفح عن جريمته. قال له هابيل: “أأنتَ الذي قتلتني، أم أنا الذي قتلتُك؟ إنّي ما عدتُ أتذكر. وعلى أية حال، فها نحنُ معا، كما كنا في الزمن القديم.” قال قابيل: “الآن أيقنتُ أنك صفحتَ عني، لأنّ النسيان هو الصفح. أنا أيضا، سأحاول أن أنسى”. أجاب هابيل بصوت هادئ: “نعم، هو ذاك، فالخطيئة تَبقىٰ ما بَقِي الندم”، خورخي لويس بورخيس. يأخذنا محمود فهمي إلى العالم البكر، عالم من تراث مشاعرنا التي تسكن ذلك الماضي الآمن الهادئ حيث يسكن أهلنا بحياتهم الوادعة قبل أن يأتي ذلك الهمجي ليقتلها ويضع محلها حياة القلق المزروعة بالخوف، ويعرض أمامنا كل يوم على شاشات كبيرة جدًا كيف يقتل بدم بارد كل تراثنا وتاريخنا ويلوث مشاعرنا وأحلامنا وآمالنا وحتى انتماءنا لكل ما هو جميل وصادق ومحبب. ويضعنا محمود في صورة إنسان هذا العصر الذي يعيش في نزاع داخلي في جانبه الخاص بالمشاعر في زخم التحولات المستمرة التي تعمل بهوس على إنهاء دور هذا الجانب في حياة المجتمعات البشرية مغلبة الحياة العملية واللهاث خلف المطامع. لقد رأينا كيف تآكل جرف الكلاسيكيات العاطفية للنتاج الفني والثقافي بشكل جائر كانعكاس للانقلابات السياسية التي ضربت مجتمعاتنا بقسوة وجربنا ذلك الدهليز المرعب من الحروب والدماء الذي حشرنا فيه حشرًا من دون أي تبرير سوى الجنون الذي تحمله تلك الثقافات المريضة القادمة من مجاهل التاريخ لتفرض همجيتها في كل مفاصل المجتمع والحياة اليومية للفرد.يذهب انتماء فهمي إلى زمن يتمظهر في حيوات وهويات ثقافية وانماط اجتماعية قبل الهوية الفنية.. زمن لم يأخذ حقه في ثقافة وهوية البلد وربما في الحياة برغم كونه يمثل أول انفتاح على العالم بعد قرون من السبات داخل الشرنقة التركية العثمانية، انفتاح ظنَّ علينا به الكثيرون من الداخل والخارج فاستأصلوه من بلادنا ثم عملوا على استئصالنا من الثقافة والهوية التي بذل ذلك العهد جهدًا عظيمًا لزرعها ونجح في حالات وفشل في أخرى وهذا أمر طبيعي لكيان سياسي وثقافي وليد لدولة تتكون تحت شمس العالم من الصفر بعد طول انكفاء. كان لا بد لمحمود فهمي من تأسيس أو تأكيد انتمائه للأرض لأنها تشكل البنية التحتية التي تتشكل عليها معمارية اللوحة وفي ذات الوقت تحتوي معمارية الهوية المجتمعية عبر ما ينبت فوقها من بناء هو حاضنة الوجود المادي للإنسان ومعبر عن صورة الحياة أو المهم منها ليعززه الانسان بمنظومته التراثية المتزاوجة مع مفردات حياته اليومية.فكرة حقن المشهد الواقعي بحركة فنطازية ليست بالجديدة وخصوصًا الطريقة التي استخدمها محمود لكنها فكرة جديدة من حيث توظيفها في المشهد الواقعي التراثي والمجتمعي العراقي والشرق أوسطي بالعموم، حيث نقلت العمل الفني البصري الواقعي أولا نحو واقعية سحرية استعادية لذاكرة تبعد عنا حوالي القرن من السنين والتي يحن إليها وعي جزء مؤثر ثقافيًّا من مجتمعنا العراقي.. وثانيًا منحته بعدًا عالميًّا حينما حررته من قالب محليته الواقعي الجامد المشتغل على عملية اجترار عمياء لا نهاية لها للتراث والتاريخ عملية من تبلد الابتكار والتحرر، وهذا وجه إيجابي ومهم لاغتراب الفن أو الفنان العراقي حين يهضم التجارب والرؤى الفنية العالمية معايشة لا عن بعد فتتكون لديه مقدرة على التعاطي مع رؤاه الفنية والفكرية ومرونة كبيرة وجرأة على توظيفها في صياغاته وتشكيلاته الإبداعية واضعًا بصمة أسلوبية خاصة تحجز لمحمود فهمي مكانة فنية مرموقة على المستويين المحلي والعالمي.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: محمود فهمی
إقرأ أيضاً:
ألبوم صور | مشاهد ساحرة من السجادة الحمراء.. نجوم العالم يضيئون ختام مهرجان القاهرة السينمائي
انطلقت مساء اليوم، فعاليات ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 45، حيث تضمنت الدورة عرض العديد من الأفلام المميزة من مختلف دول العالم وحرص رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي على أن يكون أول الحضور، حيث ظهر رفقة زوجته.
الفنانين الحاضرين في فعاليات مهرجان القاهرة السينمائيوحرص على الحضور منذ الدقائق الأولى كل من، أحمد حلمي، خالد الصاوي، وميرهان حسين، رانيا يوسف، لقاء الخميسي، هاني عادل وزوجته دياموند عبود، صبري فواز، خالد عبد الجليل، والمخرج رشيد مشهراوي، المخرج أحمد صقر، سمية الألفي، كاتيا كعدي، جهاد حسام الدين وهاجر الشرنوبي، المذيعة جاسمين طه، الاعلامي عمرو الليثي، الاعلامي تامر أمين، المخرج أشرف فايق.
كما حضر خالد يوسف، جيهان خليل، الملحن عزيز الشافعي، بسنت صيام، ياسمينا العبد، المخرجة ساندرا نشأت، جابي خوري، علي السبع، علاء عرفة، أحمد عبد الحميد، راندا جبر، محمد رياض ورانيا محمود ياسين، أشرف عبد الباقي وابنته زينة، سيد رجب، دنيا صلاح عبد الله، امير المصري، محمود قابيل، أحمد عبد العزيز، محمود حميدة، محمد ثروت وزوجته.
أبرز الفنانات التي حضرن حفل مهرجان القاهرة السينمائيوحضرت عدد من الفنانات على السجادة الحمراء في ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وخطفن الأنظار بإطلالتهن الجذابة منهن إلهام شاهين، والإعلامية جاسمين طه زكي، ساندي، ميس حمدان، هاجر الشرنوبي وهند عاكف، رانيا محمود ياسين، زينة أشرف عبد الباقي، كندة علوش، عائشة بن أحمد، درة، داليا مصطفى، سلاف فواخرجي، ساندي، أمينة خليل، نسرين طافش، نجلاء بدر، كندة علوش، وئام مجدي، ميس حمدان، رانيا منصور وابنتها توانا، نورهان منصور، هند عبد الحليم، عبير صبري، جيهان الشماشرجي، دعاء حكم، لقاء الخميسي، ساندرا نشأت، نسرين طافش، جوهرة.
190 فيلمًا من 72 دولةوشهدت الدورة الـ 45 من المهرجان عرض ما يقرب من 190 فيلمًا من 72 دولة بالإضافة لحلقتين تلفزيونتين، وشملت الفعاليات 16 عرضًا للسجادة الحمراء، و37 عرضًا عالميًا أول، و8 عروض دولية أولى، و119 عرضًا لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وحرص مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 45 على الاهتمام الكبير بفلسطين وكل ما يخص السينما الفلسطينية، إذ شهدت الفعاليات عرض مجموعة أفلام "من المسافة صفر" وهي مجموعة من الأفلام القصيرة التي أطلقها المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، استجابةً للأحداث التي تلت هجمات 7 أكتوبر 2023، حيث يجمع المشروع 22 مخرجًا من غزة، مقدّمًا رؤية سينمائية عن الحياة اليومية وآمال وواقع السكان، إلى جانب عرض 3 أفلام أخرى ضمن برنامج أضواء على السينما الفلسطينية، وهي: "سن الغزال لسيف حمّاش، وولدت مشهورًا للؤي عواد، وأحلام كيلومتر مربع لقسام صبيح"، بالإضافة إلى جائزتين خاصين بالسينما الفلسطينية وأفلام من غزة.
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هو أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا والأكثر انتظاما، ينفرد بكونه المهرجان الوحيد في المنطقة العربية والأفريقية المسجل ضمن الفئة A في الاتحاد الدولي للمنتجين بباريس "FIAPF.
اقرأ أيضاًبإطلالة الفراشة.. ميرهان حسين تتألق على السجادة الحمراء في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي
كندة علوش: فيلم «المسافة صفر» التجربة الأغنى بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي
جاسمين طه ذكي تشكر حسين فهمى: «مثال حقیقي للمسؤولیة»