شبكة اخبار العراق:
2025-03-10@17:07:55 GMT

محمود فهمي.. السكنى في الزمن المفقود

تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT

محمود فهمي.. السكنى في الزمن المفقود

آخر تحديث: 25 أبريل 2024 - 1:33 م محمد طهمازي

” بعد أنْ قتل قابيل أخاه هابيل، التقى الأخوان من جديد، في أرضٍ خلاء. مِن بعيدٍ عرف كلٌّ منهما الآخر، فكلاهما كان مديد القامة. جلس الأخوان أرضًا وأشعلا نارًا وأعدّا طعامًا. كانا صامتين كما يصمت الأشخاص المتعبون في آخر النهار. وفي السماء التمعت نجومٌ لم تكن لها أسماء في ذلك الزمن البعيد.

على ضوء اللهب، رأى قابيل أثر ضربةِ الحجَر على جبهة أخيه، فسقطت قطعة الخبز من يده، قبل أن يحملها إلى فمه، وطلب الصفح عن جريمته. قال له هابيل: “أأنتَ الذي قتلتني، أم أنا الذي قتلتُك؟ إنّي ما عدتُ أتذكر. وعلى أية حال، فها نحنُ معا، كما كنا في الزمن القديم.” قال قابيل: “الآن أيقنتُ أنك صفحتَ عني، لأنّ النسيان هو الصفح. أنا أيضا، سأحاول أن أنسى”. أجاب هابيل بصوت هادئ: “نعم، هو ذاك، فالخطيئة تَبقىٰ ما بَقِي الندم”، خورخي لويس بورخيس. يأخذنا محمود فهمي إلى العالم البكر، عالم من تراث مشاعرنا التي تسكن ذلك الماضي الآمن الهادئ حيث يسكن أهلنا بحياتهم الوادعة قبل أن يأتي ذلك الهمجي ليقتلها ويضع محلها حياة القلق المزروعة بالخوف، ويعرض أمامنا كل يوم على شاشات كبيرة جدًا كيف يقتل بدم بارد كل تراثنا وتاريخنا ويلوث مشاعرنا وأحلامنا وآمالنا وحتى انتماءنا لكل ما هو جميل وصادق ومحبب. ويضعنا محمود في صورة إنسان هذا العصر الذي يعيش في نزاع داخلي في جانبه الخاص بالمشاعر في زخم التحولات المستمرة التي تعمل بهوس على إنهاء دور هذا الجانب في حياة المجتمعات البشرية مغلبة الحياة العملية واللهاث خلف المطامع. لقد رأينا كيف تآكل جرف الكلاسيكيات العاطفية للنتاج الفني والثقافي بشكل جائر كانعكاس للانقلابات السياسية التي ضربت مجتمعاتنا بقسوة وجربنا ذلك الدهليز المرعب من الحروب والدماء الذي حشرنا فيه حشرًا من دون أي تبرير سوى الجنون الذي تحمله تلك الثقافات المريضة القادمة من مجاهل التاريخ لتفرض همجيتها في كل مفاصل المجتمع والحياة اليومية للفرد.يذهب انتماء فهمي إلى زمن يتمظهر في حيوات وهويات ثقافية وانماط اجتماعية قبل الهوية الفنية.. زمن لم يأخذ حقه في ثقافة وهوية البلد وربما في الحياة برغم كونه يمثل أول انفتاح على العالم بعد قرون من السبات داخل الشرنقة التركية العثمانية، انفتاح ظنَّ علينا به الكثيرون من الداخل والخارج فاستأصلوه من بلادنا ثم عملوا على استئصالنا من الثقافة والهوية التي بذل ذلك العهد جهدًا عظيمًا لزرعها ونجح في حالات وفشل في أخرى وهذا أمر طبيعي لكيان سياسي وثقافي وليد لدولة تتكون تحت شمس العالم من الصفر بعد طول انكفاء. كان لا بد لمحمود فهمي من تأسيس أو تأكيد انتمائه للأرض لأنها تشكل البنية التحتية التي تتشكل عليها معمارية اللوحة وفي ذات الوقت تحتوي معمارية الهوية المجتمعية عبر ما ينبت فوقها من بناء هو حاضنة الوجود المادي للإنسان ومعبر عن صورة الحياة أو المهم منها ليعززه الانسان بمنظومته التراثية المتزاوجة مع مفردات حياته اليومية.فكرة حقن المشهد الواقعي بحركة فنطازية ليست بالجديدة وخصوصًا الطريقة التي استخدمها محمود لكنها فكرة جديدة من حيث توظيفها في المشهد الواقعي التراثي والمجتمعي العراقي والشرق أوسطي بالعموم، حيث نقلت العمل الفني البصري الواقعي أولا نحو واقعية سحرية استعادية لذاكرة تبعد عنا حوالي القرن من السنين والتي يحن إليها وعي جزء مؤثر ثقافيًّا من مجتمعنا العراقي.. وثانيًا منحته بعدًا عالميًّا حينما حررته من قالب محليته الواقعي الجامد المشتغل على عملية اجترار عمياء لا نهاية لها للتراث والتاريخ عملية من تبلد الابتكار والتحرر، وهذا وجه إيجابي ومهم لاغتراب الفن أو الفنان العراقي حين يهضم التجارب والرؤى الفنية العالمية معايشة لا عن بعد فتتكون لديه مقدرة على التعاطي مع رؤاه الفنية والفكرية ومرونة كبيرة وجرأة على توظيفها في صياغاته وتشكيلاته الإبداعية واضعًا بصمة أسلوبية خاصة تحجز لمحمود فهمي مكانة فنية مرموقة على المستويين المحلي والعالمي.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: محمود فهمی

إقرأ أيضاً:

هل تنجح غادة عبد الرازق في إحياء الزمن الجميل بـ "شباب امرأة"؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد الإعلان عن تقديم الفنانة غادة عبد الرازق مسلسل يعيد إعادة إحياء قصة فيلم شباب إمرأة، وسادت حالة من الجدل بين الجمهور والمتابعين ورواد السوشيال ميديا، بين مؤيد ومعارض.
وبعد طرح البرومو الدعائي للمسلسل، والمنتظر عرضه خلال النصف الثاني من الموسم الرمضاني، وجاء الإعلان بتقديم بعض المشاهد التشويقية للمسلسل، ونبذه عن بعض تفاصيل العمل لمشاركتها مع الجمهور.

تفاعل الجمهور والمتابعين ورواد السوشيال ميديا بشكل كبير على البرومو الدعائي للمسلسل، وانقسمت التعليقات بين داعم الفنانة غادة عبد الرازق على تقديم دور الفنانة تحية كاريوكا للفيلم من قبل، وبين من يري أن العمل لن ينجح.

وبدخول الفنانة غادة عبد الرازق بهذا العمل، فهي تتحدى ليس فقط محاولة إحياء أعمال سينمائية وهي التجربة التي لم تحقق أي نجاح على مدار الكثير منها، مثل الكيف والعار وغيرها، إلا أن الفنانة غادة عبد الرازق تتحدى بزاوية أخرى، وهي مباراه بينها وبين القديرة الفنانة تحية كاريوكا، والتي قدمت دور بشكل بارع، وهو ما يضع المقارنة صعبة قبل بدأ العمل.

وهناك رهان آخر للفنانة غادة عبد الرازق، وهو رهان بسبب عدم نجاحها خلال السنوات الأخيرة، بعد أن كانت نجمة دراما رمضان لسنوات عدة متتالية، وهو ما يجعل تقديمها إما أن يعود بها للمنافسة، أو أشبه بالانتحار الفني.

ويقدم المسلسل قصة شاب قروي من الريف يسكن في منزل سيدة تكبره في العمر، وتقع في غرامه وتتصاعد الأحداث بشكل درامي.

المسلسل بطولة غادة عبد الرازق، محمد محمود، محمود حافظ، عمرو وهبة، جوري بكر، طارق النهري، يوسف عمر، والإخراج أحمد حسن.

مقالات مشابهة

  • أم يائسة تبحث عن ابنها ذي 16 عاما المفقود في البحر خلال محاولته الوصول إلى سبتة
  • إنجي كيوان تعترف بحبها لكريم فهمي في وتقابل حبيب
  • حلم كأس العالم للأندية.. رباعي الزمالك لا يمانع الانتقال إلى الأهلي
  • الأجيال .. تموضعات الزمن والجغرافيا
  • إليك أغرب أشكال الاحتجاج التي شهدها العالم على مر التاريخ (صور)
  • هل تنجح غادة عبد الرازق في إحياء الزمن الجميل بـ "شباب امرأة"؟
  • حسين فهمي عن علاقته بمحمود قابيل: رفع عليا قضية وخسرها
  • مخاوف حول تنظيم كأس العالم 2026.. ما الصعوبات التي ستواجهها أمريكا؟
  • وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
  • كيف تعمل شبكة الإنترنت؟ رحلة إلى قلب الشبكة التي تربط العالم