الشوق إلى السعادة والبحث عنها أمر قديم، فهو يفتح أعماق الإنسان وواقعه للتساؤل والنقاش والبحث، لأن الذين يبحثون عن السعادة يريدون لها أن تدوم.
لذا كان البحث عن السعادة يثير التساؤلات حول مصير الإنسان وآخرته والخلود، وهذا ما اهتمت به الرؤية الإسلامية.
وقد اعترفت الرؤية الإسلامية بدور ملذات الحياة في تحقيق السعادة، لكنها جعلتها في أدنى المراتب.
واختلف فلاسفة الإسلام والمتصوفة وعلماء الأخلاق حول تحديد محل السعادة في داخل الإنسان.
فرأى بعضهم أنها تحصل بالعقل، وتحدث آخرون عن سعادة الروح، وتكلم قسم ثالث عن سعادة القلب من خلال تنقيته.
واتفق الجميع أن سعادة الدنيا لا تنفك عن منغصات الحياة وكدرها، فالمعاناة جزء من تحصيل السعادة.
فالمشكلة تكمن في تعلق القلب بالموجودات، وتطلع النفس إلى ما ليس عندها، وأن تشتهي ما لا تملكه.
فكل ذلك يكدر صفو الإنسان، ويحول لحظات حياته إلى معاناة وألم.
لذلك كانت الرؤية الإسلامية توطن النفس على أن يأخذ المرء الحياة بحلوها مرها.
وكان الصوفي شمس التبريزي يقول:”يا أيها المسافر لا تعلق القلب بمنزل ما بحيث تحزن عندما تغادره”. فإذا قل ما يفرح الإنسان به، ولا تقل ما يحزن عليه.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
رمضان.. الأيام السعيدة
محمد بن رامس الرواس
رمضان يُعد رحلة إيمانية قصيرة لكنها مليئة بمحطات من السعادة، وتُعد أيام شهر رمضان الفضيل التي قال عنها المولى عزَّ وجلَّ في محكم التنزيل (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ)؛ هي بالتأكيد أيام مباركة مليئة بالبهجة النفسية والروحية والجسدية برغم مرورها سريعا.
أيام رمضان تجمع بين الروحانية النفسية والسعاد الحقيقية للصائم من خلال شعائر التقرب إلى الله من عبادات وصلوات وخلوات هذا بجانب زيادة جرعة التواصل الاجتماعي المباشر ، كل ذلك وغيرها تولد بالنفس الشعور بالراحة النفسية والسكينة الروحية التي تحدث بسبب الإقبال والمواظبة على الصلاة وقراءة القرآن والصدقة والإنفاق في سبيل الله وغيرها من العبادات الجسدية والروحية التي تؤدي إلى شعور الصائم بالرضا النفسي والفرح الداخلي؛ ويكتمل هذا الفرح بما يقبل عليه المسلم في الشهر الفضيل من أعمال الخير والبر والإحسان مما ينعكس إيجابا على راحته النفسية وزيادة نشاطه مما يعزز الشعور بالسعادة فالجود والعطاء ملازمان لبعضهما البعض في ظل شهر رمضان شهر العطاء.
وخلال شهر رمضان المبارك هناك خمسة اسباب نكتسب من خلالها السعادة؛ أولها: ان هناك زيادة تحدث في الجرعة الإيمانية عبر تقوية علاقتنا مع ربنا سبحانه وتعالى مما افترضه علينا واتباع أوامره ونواهيه مما ينعكس إيجاباً على قلوبنا وأفئدتنا خاصة عند كثرة واستمرارية الدعاء الذي هو لب العبادة. ثانيها: ما يقوم به الصيام من تتحرر لأنفسنا من الشهوات في الشهر الفضيل فينتج عن ذلك شعور براحة نفسية تسري في الجسد والروح طوال شهر الصيام المبارك.
ثالثها: علاقتنا مع قرآننا الكريم حيث نقبل عليه ونتلوه صباحا ومساء طالبين الأجر والثواب من المولى عز وجل والتقرب إليه خاصة في ظل وجود أوقات فسيحة ومتسعة في ايام الشهر الفضيل وساعاته المباركة فتنعكس نفحاته المباركة على أخلاقنا تصرفاتنا وسائر شؤون حياتنا.
رابع هذه الأسباب هو قيامنا بواجب العطاء والصدقة والإحسان إلى الفقراء فمن خلال صدقاتنا في الشهر الفضيل شهر الخير والعطاء نستحضر إخواننا المعسرين فتقبل أنفسنا وايدينا بالمد لهم بما يسره الله لنا من خير فنشاركهم بما استطعنا من مد يده العون لهم وفعل الخيرات.
أما خامس أسباب السعادة في شهر رمضان صلة الرحم وزيادة علاقاتنا الأسرية مع الأهل والإخوان والأصحاب والجيران وكل من له حق علينا عبر التواصل معهم؛ فتحدث بأنفسنا موجات من السعادة الإيجابية تتلقاها أنفسنا وقلوبنا وأرواحنا بكل بهجة وفرح.
وينعكس ذلك بلا شك على من حولنا فلله الحمد من قبل ومن بعد على هذا الشهر الاستثنائي شهر القران والصلوات شهر الخيرات شهر الفضائل شهر الأرحام شهر الصدقات شهر لا يمكن أن يقارن به شهر من الشهور لما له من فضيلة كبيرة عند الله وعند نبيه عليه الصلاة والسلام الذي قال:" للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه"، رواه مسلم.
رابط مختصر