طوكيو-سانا

أكدت صحيفة “اوري” اليابانية أن سورية تعد موطناً للعديد من مواقع التراث الثقافي التي تحكي تاريخاً مهماً للبشرية، بما في ذلك بدايات الزراعة والحضارة الحضرية، مشيرة إلى أن التخريب والتدمير الذي لحق ببعض الآثار ورموز الثقافة السورية على يد الإرهابيين بعد عام 2011 يعد مشكلة خطيرة.

وقالت الصحيفة في مقال بعنوان كنوز سورية في خطر: “إن معهد البحوث الأثرية في مدينة كاشيهارا أجرى عام 2023 تدريباً لنقل تقنيات الترميم والتنقيب لخبراء التراث الثقافي السوري كجزء من “مشروع الصداقة المرتبط بطريق الحرير”، مضيفة: “إن معرضاً جماعياً يقام الآن للتعريف بمحتوى البرنامج التدريبي في متحف كوكين لمساعدة المهتمين وتعريفهم بالخطر الذي تتعرض له كنوز الآثار السورية”.

وتابعت الصحيفة: “إن الحكومة اليابانية في عام 2017 بدأت بتقديم الدعم للمديرية العامة للمتاحف والآثار السورية من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف حماية وإنقاذ التراث الثقافي السوري الذي يحتل مكانة مهمة في تاريخ العالم”.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم إجراء تدريبات على ثلاث مراحل عام 2023 تضمنت قيام اثنين من علماء الآثار السوريين بزيارة معهد كاشيهارا والعمل في مواقع بحثية لتعلم تقنيات الترميم في حالات الطوارئ، إضافة إلى عقد دورة تدريبية في متحف دمشق الوطني لتعليم 9 باحثين شباب طرق الترميم الأساسية، باستخدام التماثيل الحجرية من مدينة تدمر التي دمرها الإرهابيون، إضافة إلى قيام عالم الآثار والمستشار الفني كيوهيدي سايتو، وآخرين بنقل أحدث تقنيات التنقيب إلى حفارين من مديرية الآثار والمتاحف السورية.

وأكد المستشار الفني سايتو أن المشاركة في الدعم الثقافي لسورية أمر له أهمية عالمية من منظور التبادل الدولي والمساهمة الدولية، ولاسيما في الوقت الحالي، متمنياً أن يتمكن من الاستمرار بالعمل لأطول فترة ممكنة وأن يتم التدريب مرة أخرى هذا العام في كاشيهارا ومؤسسات أخرى.

وفي تصريح لمراسلة سانا قال مدير الآثار والمتاحف بدمشق محمد نظير عوض: إن مقال الصحيفة اليابانية بعنوان”الكنوز السورية في خطر” مهم جداُ لكون سورية بلداً غنياً بالآثار والتراث، وهي مهمة على المستوى الأثري والحضاري كونها تقع في قلب العالم القديم ولها منجزات حضارية مهمة.

وبين عوض أن لمديرية الآثار والمتاحف علاقة مهمة مع معهد كاشيهارا الياباني الذي قدم الكثير من أشكال التعاون والمساهمات للمديرية خلال الحرب على سورية، إضافة إلى مساهمته بتقديم المساعدة في رفع خبرات العاملين في المديرية وتلقى عدد كبير منهم دورات تدريبية في بيروت وفي اليابان بمجال المهارات المتعلقة بإدارة الآثار من أعمال توثيق وتصوير ورفع هندسي وترميم وإدارة تنقيب وغير ذلك.

وأشار مدير الآثار والمتاحف إلى أن معهد كاشيهارا قدم أيضاً الدعم اللوجستي من خلال مجموعة من أجهزة الحواسيب وآلات التصوير وغير ذلك، وكلها تكنولوجيا تساعد في إنجاز ملفات التوثيق والرقمنة وتوثيق وتقييم الأضرار، ناهيك عن أعمال توثيق مختلفة للآثار التي تعرضت للتخريب وسبل حمايتها والحفاظ عليها وعلى القطع الأثرية في المتاحف.

وبين عوض أن العمل مع هذا المعهد مهم وأدى إلى نتائج إيجابية في رفع خبرة العاملين بمديرية الآثار والمتاحف في مختلف الاختصاصات بمجال إدارة المتاحف والتنقيب والترميم والتوثيق وإدارة المباني التاريخية.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الآثار والمتاحف

إقرأ أيضاً:

اللون الأخضر رمزية عميقة وامتداد ثقافي

اللون الأخضر يعتبر من الألوان ذات الدلالات العميقة والمتعددة في الثقافات المختلفة حول العالم، وفي الثقافة السودانية تحديدًا، يُعد اللون الأخضر رمزًا غنيًا يرتبط بالتاريخ، الدين، البيئة، والقيم الاجتماعية. يمكن القول إن استخدام اللون الأخضر في السودان ليس فقط نتيجة للرمزيات العالمية المشتركة، بل يمتد ليعكس الخصوصية المحلية للمجتمع السوداني بتنوعه واختلافاته الثقافية.
السودان هو دولة ذات بيئات متنوعة تمتد من الصحراء إلى السافانا والغابات المطيرة في الجنوب. في ظل تلك الظروف المناخية القاسية، يأخذ اللون الأخضر دلالة خاصة مرتبطة بالخصوبة والحياة. في المناطق التي تعتمد على الزراعة كمصدر أساسي للعيش، مثل مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان، يمثل اللون الأخضر الوفرة والرخاء. الزرع والخضرة يرمزان للأمل في مواسم الحصاد الجيدة ويعكسان القوة الحيوية للطبيعة في مواجهة التحديات البيئية القاسية.
يرتبط اللون الأخضر بشكل كبير بالدين الإسلامي الذي يعتبر الدين الرئيسي في السودان. في الإسلام، يُعتبر الأخضر لونًا مقدسًا، ويرمز إلى الجنة والحياة الأبدية. هذا الاعتقاد يمتد إلى الثقافة السودانية حيث يظهر اللون الأخضر في العمائم والملابس التقليدية، خاصةً في المناسبات الدينية أو الأعياد الإسلامية. كما يرتدي المتصوفون والطرق الصوفية أزياء خضراء في بعض الأحيان، إذ يعكس اللون الأخضر قدسية الروحانية والتقرب إلى الله.
في المساجد السودانية، يُستخدم اللون الأخضر في الزخارف والتصاميم الداخلية. كما يُربط اللون بالسلام والهدوء الروحي، مما يجعل حضوره في السياقات الدينية رمزًا للاطمئنان والإيمان.
على المستوى الشعبي، يُعتبر اللون الأخضر رمزًا للبركة والتفاؤل. في الأعراس والمناسبات الاجتماعية الكبرى، يُستخدم اللون الأخضر في بعض المناطق كجزء من التقاليد المحلية لجلب السعادة والحظ الجيد. على سبيل المثال، يُعتمد في بعض مناطق السودان على ارتداء ملابس خضراء للعرائس، أو تزيين المنازل بالزينة الخضراء خلال الأعياد والأفراح.
في الثقافة السودانية، يرتبط اللون الأخضر كذلك بالتواصل الاجتماعي والقيم المجتمعية المرتبطة بالعمل الجماعي. فالزراعة، التي تُعد نشاطًا أساسيًا في الريف السوداني، تستدعي تعاون المجتمع بأسره، وهذا يظهر في التقاليد مثل "النفير"، وهي عادة تجمع أهل القرية في موسم الزراعة أو الحصاد لتقديم المساعدة لبعضهم البعض. اللون الأخضر هنا هو رمز للوحدة والتآزر المجتمعي.

في السياق السياسي، لعب اللون الأخضر دورًا في تاريخ السودان الحديث. فالأعلام والشعارات المرتبطة بالأحزاب السياسية كثيرًا ما تحتوي على اللون الأخضر، وهو يشير في هذه الحالة إلى الاستقرار والسلام الوطنيين. على سبيل المثال، استخدم اللون الأخضر في شعارات الأحزاب الاتحادية وحزب الأمة، أحد الأحزاب السياسية الكبرى في السودان، وهنا يرمز إلى الوطنية والتمسك بالقيم والتقاليد السودانية.
الفنون السودانية، سواء كانت في الأدب أو التشكيل، تزخر باستخدام اللون الأخضر كرمز للطبيعة والحياة. في الشعر السوداني، يُستعمل اللون الأخضر للدلالة على الفرح والإنتعاش والحياة الجديدة. ويستخدمه الشعراء السودانيون في أغانيهم وأشعارهم للتعبير عن الأمل والتجدد.
كما يظهر اللون الأخضر في اللوحات الفنية السودانية، التي تستلهم من الطبيعة السودانية الغنية بالتنوع البيئي. يستخدم الفنانون اللون الأخضر لرسم السهول الخصبة، والغابات، وحقول القمح، معبرين بذلك عن الصلة العميقة بين الإنسان السوداني وبيئته.
تمثل قصيدة باسمك الأخضر يا أكتوبر للشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم إحدى أيقونات الشعر السياسي السوداني، وهي قصيدة تحتل مكانة خاصة في ذاكرة الشعب السوداني بفضل ارتباطها بثورة اكتوبر 1964. تكتسي القصيدة دلالات رمزية عميقة تعكس الحراك الثوري وتعبيرًا عن أمل الشعب السوداني في الحرية والتغيير. اللون الأخضر في هذه القصيدة يمثل رمزًا مركزيًا، مرتبطًا بالثورات السودانية بشكل عام وبثورة أكتوبر بشكل خاص، ليصبح تجسيدًا للأمل، الحياة، والنضال ضد القهر.

تعود قصيدة "باسمك الأخضر يا أكتوبر" إلى ثورة أكتوبر 1964، التي تعتبر واحدة من أهم الثورات في تاريخ السودان الحديث. هذه الثورة أطاحت بنظام الفريق إبراهيم عبود العسكري الذي حكم السودان بعد انقلاب عسكري في عام 1958. كانت الثورة نتيجة تضافر الجهود الشعبية، بدءًا من احتجاجات طلاب الجامعات وصولًا إلى الإضرابات العامة والمظاهرات الشعبية التي شملت جميع فئات المجتمع. في هذا السياق، جاءت القصيدة لتعبر عن لحظة فارقة في التاريخ السوداني. لقد أراد محمد المكي إبراهيم من خلال "باسمك الأخضر يا أكتوبر" أن يوثق الحدث ويخلد ذكرى النضال الشعبي، كما استخدم اللون الأخضر كرمز للتجدد والحياة والتغيير، وهو لون يعكس طموح الشعب السوداني في الوصول إلى مستقبل أفضل بعد سنوات من القمع والاستبداد.

باسمك الأخضر يا أكتوبرتبدأ باستدعاء أكتوبر، شهر الثورة، بلونه الأخضر، ما يعطي القصيدة طابعًا حيويًا ومرتبطًا بالدلالة التاريخية والرمزية لهذا اللون. اللون الأخضر هنا ليس فقط لون الطبيعة والخصوبة، بل يمثل أيضًا التغيير والحرية، مما يعكس رغبة السودانيين في تجاوز الواقع المظلم والتحرر من الاستبداد.
الأخضر، كما يتجلى في القصيدة، يرمز إلى الحياة والتجدد تمامًا كما يأتي الربيع بعد الشتاء، جاء أكتوبر بمثابة بداية جديدة للسودان، حيث يمكن للشعب أن يبدأ من جديد ويبني مستقبلًا أفضل بعد سنوات من القهر. اللون الأخضر يمثل الحياة المتجددة، والتغيير السياسي والاجتماعي الذي كانت تنشده الثورة. كما يرمز إلى الأمل في مستقبل أفضل ارتبط اللون الأخضر على مر التاريخ بالأمل في المستقبل والازدهار، وهو ما جسده الشاعر في تصويره لثورة أكتوبر. الأخضر كان يعبر عن الرغبة الشعبية في الحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، مما جعله لونًا يحمل دلالات رمزية إيجابية في السياق الثوري. استخدام اللون الأخضر يرتبط أيضًا بشجاعة الشعب السوداني وقدرته على المقاومة. في مواجهة الأنظمة الاستبدادية، يعبر اللون الأخضر عن صمود الشعب وعن الاستمرار في النضال من أجل تحقيق حقوقه وحرياته.
لم يكن اللون الأخضر حاضرًا في ثورة أكتوبر فحسب، بل ظل رمزًا متكررًا في الثورات السودانية التي تلتها. ففي ثورة أبريل 1985، التي أطاحت بحكم الرئيس جعفر نميري، ظهر اللون الأخضر مرة أخرى في الشعارات والهتافات، حيث استمر في تمثيل الأمل في التغيير والتجدد. وفي ثورة ديسمبر 2018، التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير، لم يكن اللون الأخضر حاضرًا في الأدب والشعر فحسب، بل تجسد أيضًا في الأعلام واللافتات التي رفعها المحتجون. هنا، يمثل اللون الأخضر الإصرار على تحقيق مطالب الشعب والتطلع إلى سودان جديد. هذا الامتداد الرمزي للون الأخضر عبر الحقب الثورية المختلفة يعكس عمق ارتباطه بالهوية النضالية للشعب السوداني.
لدى السودانيين وعي عميق بأهمية اللون الأخضر كرمز للخصوبة والحياة، وذلك يعود إلى ارتباطهم بالأرض والزراعة، والتي تُعد مصدرًا رئيسيًا للرزق والحياة. وفي سياق الثورات، يتسع هذا المفهوم ليشمل "خصوبة" الأفكار الجديدة وحياة جديدة في ظل الحرية. استخدم محمد المكي إبراهيم هذا اللون ليعبر عن روح الثورة والتجدد، مما جعل قصيدته رمزًا ثوريًا يحمل في طياته معاني النضال والاستمرارية.
يعد الشاعر محمد المكي إبراهيم من أبرز الشعراء السودانيين الذين أثروا في الثقافة السياسية السودانية، وأعماله ترتبط بقوة بالأحداث الوطنية الكبرى. قصيدته "باسمك الأخضر يا أكتوبر" تعد من أهم أعماله التي عبرت عن تطلعات الشعب السوداني خلال الثورة. هذه القصيدة لم تكن مجرد عمل أدبي، بل كانت جزءًا من النضال الثقافي والفكري الذي رافق التحولات السياسية والاجتماعية في السودان.
من خلال توظيفه للرموز والألوان، مثل الأخضر، استطاع المكي إبراهيم أن يعبر عن التعقيدات التي عاشها السودان في تلك الحقبة. القصيدة تجمع بين العمق الشعري والالتزام السياسي، حيث يبرز اللون الأخضر كرمز للأمل والثورة والتغيير، ما ينعكس على مجمل أعمال الشاعر التي كانت دائمًا قريبة من هموم الناس وطموحاتهم.
تعد قصيدة "باسمك الأخضر يا أكتوبر" لمحمد المكي إبراهيم واحدة من أهم الأعمال الأدبية التي عبرت عن روح ثورة أكتوبر 1964 في السودان. اللون الأخضر في هذه القصيدة يحمل دلالات عميقة ترتبط بالحياة والتجدد والأمل في التغيير، وهو رمز استمر في الظهور في الثورات السودانية اللاحقة. الشعر والثورة تمازجا في هذا العمل ليصنعا صورة متكاملة تعبر عن تاريخ السودان النضالي وارتباطه الدائم بالأمل في مستقبل أفضل.
اللون الأخضر في الثقافة السودانية يتجاوز كونه لونًا عاديًا ليصبح رمزًا متعدد الأبعاد يجمع بين الدين، الطبيعة، القيم الاجتماعية، والسياسة. هو لون يعبر عن الحياة والخصوبة والأمل، كما يعكس الجوانب الروحانية للمجتمع. من خلال تأثيره الواضح في العادات والتقاليد اليومية، يظل اللون الأخضر شاهدًا على غنى وتنوع الثقافة السودانية، ويمثل جزءًا من الهوية الثقافية التي تربط بين الماضي والحاضر في مجتمع ينشد التطور والاستقرار.

د. سامر عوض حسين

samir.alawad@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • القهوة التركية إرث ثقافي يصل إلى 146 دولة حول العالم
  • الوزير صباغ: لا يمكن فصل جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانها المستمر على سورية عن الدور التخريبي الذي انتهجته بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث واصلت تلك الدول انتهاك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها عبر استمرار وجود قوات
  • صافرة يابانية لمواجهة العين والغرافة في «النخبة الآسيوية»
  • اللون الأخضر رمزية عميقة وامتداد ثقافي
  • صحيفة فرنسية تكشف جنسية الجاسوس الذي سرب لإسرائيل مكان نصر الله
  • مجلس الوزراء: بسبب الظروف الطارئة المصاحبة للعدوان على أراضي لبنان وتسهيلاً لدخول الوافدين يوقف العمل بقرار مجلس الوزراء رقم 46 م.و لعام 2020 وتعديلاته المتضمن تصريف مبلغ 100 دولار أمريكي أو ما يعادله بإحدى العملات الأجنبية التي يقبل بها مصرف سورية المركز
  • من الشخص الذي زوّد إسرائيل بمعلومات عن نصر الله؟.. صحيفة تكشف التفاصيل
  • "شبيبة موطن يسوع" تقوم بأنشطتها اليومية في الأراضي المقدسة
  • غدا.. "مصر مسرحًا للأحداث فى روايات لوفينو" صالون ثقافي بالأوبرا
  • مدمرة يابانية تشارك في مناورات بحرية إلى جانب 4 دول أخرى ببحر الصين الجنوبي