ما الذي نعرفه عن المقابر الجماعية بعد اكتشافها بغزة.. وتحت أي جرائم تندرج؟ (صور)
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
تسلط المقابر الجماعية التي عثر عليها الفلسطينيون في قطاع غزة، بعد انسحاب قوات الاحتلال، من مستشفيي الشفاء وناصر، الضوء على فداحة جرائم الاحتلال، وأهمية الكشف عنها في تعزيز أدلة الإبادة الجماعية.
وتعد المقابر الجماعية، جزءا من أدوات القتل، وركنا مهما في الإبادة الجماعية، ويلجأ إليها الطرف المعتدي، من أجل إخفاء أعمال الإبادة الجماعية، عبر دفن الضحايا بشكل جماعي، لتدمير الجثث وإخفائها، باعتبارها الدليل الواضح على ارتكاب هذه الجرائم.
وتتم عملية القتل الجماعي والدفن في مقابر جماعية، بطرق وحشية ومروعة، وقد يجري على الضحايا إطلاق نار جماعي، أو قتل بالأسلحة البيضاء، أو القتل بالغازات أو الضرب أو الموت نتيجة التعذيب الشديد.
ويعمد مرتكبو جرائم الحرب، إلى عمل مقابر جماعية، بشكل سري، لإخفاء جريمتهم وطمس الأدلة، عبر إخفاء أعداد الضحايا، والحيلولة دون التعرف على هوياتهم لمنع أي محاسبة مستقبلية للمسؤولين عنها.
وعلاوة على هدف طمس الجريمة والأدلة عليها، تستخدم المقابر الجماعية، كواحدة من أدوات الإرهاب والرعب، وتصديرها كرمز للقوة والتهديد للمجتمعات أو الشعوب المستهدفة، لزيادة الخوف وتعزيز القمع والتطهير العرقي أو الديني.
كيف يصنف القانون الدولي المقابر الجماعية؟
القانون الدولي، لا يصنف المقابر الجماعية، في خانة منفصلة، إنما تندرج بإطار القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي، ضمن الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، أو الإبادة الجماعية.
ووفقا للتصنفيات الثلاثة السابقة، يمكن فهم موقعها كالتالي:
جرائم الحرب: بموجب اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، يشكل القتل العمد أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية للأشخاص المحميين، بمن فيهم المدنيون وأسرى الحرب، جرائم حرب، ويمكن أن تكون المقابر الجماعية دليلا على مثل هذه الجرائم، خاصة إذا كانت تحتوي على جثث أفراد قتلوا بشكل غير قانوني أو تعرضوا لمعاملة لا إنسانية أثناء النزاع المسلح.
الجرائم ضد الإنسانية: غالبا ما ترتبط المقابر الجماعية بجرائم ضد الإنسانية، مثل القتل والإبادة والاختفاء القسري وغيرها من الأعمال اللاإنسانية المرتكبة كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين، يحدد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الجرائم ضد الإنسانية وينص على الاختصاص القضائي لمحاكمة الأفراد المسؤولين عن مثل هذه الأفعال.
الإبادة الجماعية: تعرف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الإبادة الجماعية بأنها أفعال معينة ترتكب بقصد التدمير، كليا أو جزئيا، لمجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، ويمكن أن تكون المقابر الجماعية بمثابة دليل على الإبادة الجماعية عندما تحتوي على رفات أعضاء مجموعة مستهدفة قتلوا كجزء من حملة إبادة جماعية.
أشهر المقابر الجماعية:
مقابر الطنطورة:
تعد المقبرة الجماعية، الناتجة عن مجزرة الطنطورة، واحدة من أهم الجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، والتي كشفت عنها شهادات لناجين من المجزرة، فضلا عن شهادات لباحثين يهود مناهضين للاحتلال، كشفوا عن وقوعها.
وارتكبت مجزرة الطنطورة، وهي القرية الواضعة، على ساحل البحر المتوسط قرب حيفا، بعد نحو أسبوع على إعلان قيام دولة الاحتلال، عام 1948، ونفذها لواء إسكندروني، والذي بدأها بحملة قصف مدفعي من البحر تجاه القرية، قبل أن يداهمها، ويبدأ عمليات قتل واسعة بحق كافة السكان.
وخلال يوم واحد تم احتلال القرية، بسبب ضعف تسليح السكان، والقصف العنيف، وجرى تجميع الرجال في الشوارع، وإطلاق النار عليهم بشكل جماعي، وإلقاؤهم في حفر بصورة جماعية، وأجبر عدد من السكان على حفر خنادق، من أجل إعدامهم فيها.
ووفقا لشهادات الناجين من المجزرة، ودراسات قام بها باحثون يهود، فقد وصل عدد ضحايا المجزرة إلى نحو 290 شهيدا، دفنوا في مقابر جماعية بثلاثة مناطق، تقع كلها حاليا تحت موقف سيارات شاطئ ما يعرف بموشاف دور الاستيطاني، الذي أنشيء عقب المجزرة في المنطقة.
مقابر البوسنة الجماعية:
تعد المقابر الجماعية التي عثر عليها، عقب مذبحة البوسنة والهرسك على يد الصرب والكروات في مطلع تسعينيات القرن الماضي، واحدة من أبرز الأمثلة على الجرائم البشعة في هذا الإطار.
ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن 40 ألف شخص، سجلوا في عداد المفقودين، ويعتقد أنهم قتلوا في مجازر ودفنوا في مقابر جماعية متفرقة، ولذلك تم جمع عينات الحمض النووي من أقاربهم، من أجل مقارنتها بالرفات الذي لا يزال يعثر عليه حتى يومنا هذا في أماكن دفن جماعية بالبوسنة.
ووفقا للجنة المفقودين في البوسنة، فقد تم اكتشاف 91 مقبرة جماعية في سريبرينيتسا وحدها، مما أدى إلى تحديد هوية 6877 شخصا من أصل 8100 شخص عثر على رفات لهم.
وبحسب اللجنة، فإن صعوبة العثور على الضحايا في المقابر الجماعية، تمثل في أن بقايا رجل واحد، عثر عليها في 4 مقابر جماعية، بمسافة فاصلة بينها تبلغ 50 كيلومترا عن بعضها البعض، ولتأكيد رفات هذه الضحية وحدها، أجري 13 فحصا منفصلا للحمض النووي للتعرف عليه.
المقابر الجماعية في رواندا:
تعد مذابح رواندا التي وقعت عام 1994، واحدة من أسوأ المجازر في تاريخ البشرية، والتي ارتكبتها عصابات متطرفة من قبائل الهوتو، بحسب الأقلية من قبائل التوتسي في البلاد.
وعلى مدار 100 يوم من أعمال العنف والقتل والاغتصاب الجماعي، كانت الحصيلة وصلت إلى 800 ألف قتيل، جرى التخلص من جثثهم بطرق شتى من أبرزها المقابر الجماعية، التي تناثرت بصورة كبيرة في مناطق المجازر، واكتشف عدد كبير منها بطريق الصدفة.
ومنذ ذلك الوقت لا يزال يعثر على مقابر جماعية متفرقة، وكان أحدثها في عام 2020، في شرق رواندا والتي قدر المحققون أنها تضم رفات 5 آلاف إنسان قتلوا خلال المجازر.
وكان الضحايا يحتمون بكنيسة كيزيجورو الكاثوليكية، وقامت العصابات التي ارتكبت المجزرة، بحفر قبر جماعي بعمق 30 مترا، وألقوا الجثث بداخله، وطمروه بالتراب لإخفاء الإبادة.
ورغم جهود البحث المضني، على مدار تلك العقود، إلا أنه من أصل 800 ألف ضحية، فإن سجلات السلطات في رواندا، وثقت العثور على قرابة 118 ألفا فقط من ضحايا الإبادة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المقابر الجماعية غزة الإبادة الجماعية البوسنة غزة إبادة جماعية البوسنة مقابر جماعية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقابر الجماعیة الإبادة الجماعیة مقابر جماعیة ضد الإنسانیة
إقرأ أيضاً:
مدير عام الطب الشرعي بغزة: الاحتلال يطمس أدلة تثبت ارتكابه جرائم حرب
غزة- تنشغل مشرحة مجمع الشفاء الطبي هذه الأيام بمعاينة جثث الشهداء الذين اضطر ذووهم لدفنهم خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة داخل باحات المستشفيات وفي أماكن عامة، وذلك تمهيدا لنقلهم إلى المقابر المخصصة لدفن الموتى.
ويتولى الطب الشرعي مهمة استخراج جثث الشهداء والتأكد من هويات أصحابها، وتدوين كل الملاحظات الخاصة بطبيعة الإصابات التي أدت لوفاتهم في إطار استكمال توثيق ملفات الشهداء.
الجزيرة نت أجرت حوارا مع المدير العام للطب الشرعي والمعمل الجنائي في غزة خليل حمادة الذي تحدث عن ظروف العمل الصعبة التي تسببت فيها الحرب الإسرائيلية، وأثر منع قوات الاحتلال إدخال المعدات اللازمة على استكمال مهامهم.
كما رافقت الجزيرة نت المسؤول الطبي حين إتمامه تقرير وفاة مسن فلسطيني فارق الحياة على الفور بعد سماعه نبأ استشهاد أبنائه وأطفالهم عقب تدمير طائرات الاحتلال الحربية منزل العائلة فوق رؤوسهم.
وقال حمادة "هذه الحالة واحدة من مئات جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة".
مع انطلاق شرارة الحرب على غزة تكدست عشرات الجثث داخل المشرحة المخصصة لمعاينة الشهداء وتوثيق طبيعة الأسلحة التي اخترقت أجسادهم وما نجم عنها من تهشيم وكسور، وحتى تحول بعضهم إلى أشلاء بسبب تعرضهم للصواريخ بشكل مباشر.
إعلانويركز الأطباء الشرعيون عملهم خلال الحروب على المعاينة الظاهرية للجثث وتوثيقها بالصور التي تكشف الآثار التي تركتها الأسلحة الإسرائيلية على أجساد الضحايا سواء تعرضهم لشظايا صواريخ أو قذيفة دبابة أو طلقات نارية، أو أصابتهم صواريخ الطائرات الحربية بشكل مباشر، مع تدوين جميع المعلومات المتاحة عن هؤلاء الشهداء بما فيها الملابس التي يرتدونها والعلامات المميزة على أجسادهم.
ويقول حمادة إن الأطباء الشرعيين تعرضوا لضغط هائل الأيام الأولى للحرب على غزة، وبقوا على رأس عملهم حتى اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حينها خرجت المشرحة عن الخدمة قسرا.
وأوضح المدير العام للطب الشرعي أن جنود الاحتلال تعمدوا نثر ملفات معاينة الشهداء في ساحات المستشفى، وتدمير معدات العمل الخاصة بتشريح الجثث، مما زاد من صعوبة عمل الطواقم المختصة بعد انسحاب الآليات التي اقتحمت مجمع الشفاء الطبي مرتين خلال الحرب على غزة.
ويؤكد المسؤول الطبي أن جيش الاحتلال يريد طمس كل الوثائق والأدلة التي تثبت جرائم الحرب التي ارتكبها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، كما اشتكى من ضعف الإمكانات المخصصة للعمل بسبب تدميرها ومنع ادخال المواد اللازمة لفحص الحمض النووي "دي إن إيه" (DNA) رغم أهميته في التعرف على جثث الشهداء مجهولي الهوية.
ولفت حمادة إلى أن الاحتلال دمر المستلزمات الأساسية لعمل الطب الشرعي من مناشير كهربائية وأجهزة الأشعة، ويمنع إدخال أجهزة فحص السموم.
وأضاف "نعاني من نقص كبير في الكادر البشري، حيث لا يوجد سوى 3 أطباء مختصين فقط في جميع محافظات قطاع غزة، مما زاد الأعباء الملقاة على الطب الشرعي".
وبرز ملف الشهداء مجهولي الهوية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة بشكل لافت، وشكل تحديا للطواقم المختصة التي اتخذت إجراءات يمكن أن تدل عليهم في وقت لاحق، كما يقول مدير عام الطب الشرعي.
إعلانويكمن أولى الإجراءات الخاصة بمجهولي الهوية في توثيق بياناتهم وتصويرها بشكل دقيق من حيث العلامات الظاهرة من شكل وألوان الملابس وحجم الحذاء وارتداء الشهيد أي إكسسوارات (ساعة، خاتم) وما يحمله في ملابسه من أوراق إن وجدت.
ويشمل التوثيق ما أحدثته صواريخ الاحتلال في أجساد الشهداء من كسور في العظام والجمجمة، ومن ثم تعريف الجثث المجهولة برموز، وذلك تمهيدا لتولي لجنة مختصة من وزارة الصحة والدفاع المدني ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية لعملية الدفن وتوثيق أماكنهم لحين تعرف ذويهم عليهم.
ويشير حمادة إلى أن عشرات الجثث لا تزال مجهولة الهوية، ولم يتم التعرف عليها، ويعزو ذلك لعدة أسباب منها استشهاد جميع أفراد العائلة دفعة واحدة، وأخرى تتعلق بانقطاع الاتصالات بين الأهالي في ذروة الحرب وبالتالي لم يعرفوا أماكن ووجهة أبنائهم، كما أن جيش الاحتلال دفن عددا من الشهداء بعد قتلهم، وتحللت أجسادهم قبل العثور عليهم.
وقد استدعت ظروف الحرب القاسية -كما يقول المسؤول الفلسطيني- تشكيل لجنة توثيق الشهداء والمتوفين والمفقودين في قطاع غزة، سيما أن مئات الشهداء لم يتمكن ذووهم من نقلهم للمستشفيات لإصدار شهادات وفاة لهم قبل دفنهم بسبب خطورة الأوضاع الأمنية، مما يستدعي اتباع إجراءات خاصة لتوثيق وفاتهم.
جرائم حرب
وشكلت الجهات الرسمية في غزة لجنة لتوثيق جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي بغزة تمهيدا لملاحقته قانونيا، والعمل وفق نماذج لجمع كافة البيانات اللازمة للمحاكم الدولية.
وشدد حمادة على أن الاحتلال ارتكب جرائم حرب أدت في الكثير من الأحيان إلى تبخر أجساد الشهداء وفقدان جثثهم.
وقال مدير عام الطب الشرعي إن القوة النارية للصواريخ الثقيلة التي أطلقتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على رؤوس الفلسطينيين أدت لتبخر أجساد عدد ممن سقطت الصواريخ عليهم بشكل مباشر.
إعلانوأوضح أن درجة الحرارة المنبثقة عن الصواريخ تصل لآلاف الدرجات المئوية، وتعمل على تفتيت الأشخاص لقطع صغيرة، ومن ثم حرقها كاملا وتبخرها.
وذكر المسؤول ذاته أن الكثير من الحوادث والشهادات التي عايشوها واستمعوا لها أثبتت أن جثث عشرات الشهداء تبخرت ولم يجد ذووهم أثرا لها، مشددا على أن هذه جرائم حرب وإبادة ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.