بعد أن وصفها مندوب السودان في الأمم المتحدة بـ”الراعي الإقليمي” لتمرد قوات الدعم السريع، دفعت الإمارات برد رسمي إلى مجلس الأمن الدولي، رفضت فيه ما اسمتها “الادعاءات الزائفة” عن اتهامها بتغذية الصراع في السودان.

التغيير ــ وكالات

وقال مندوب الإمارات لدى الأمم المتحدة، محمد أبوشهاب، في الرد الذي سلمه لمجلس الأمن، إن “نشر المعلومات المضللة، والروايات الزائفة، بعد مرور عام على الصراع، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان”.

وأضاف أن “الإمارات ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، وبدعم أية عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي، للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية”.

وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، طالب مجلس الأمن، الجمعة، بإدانة الإمارات، وقال إن “الصراع في السودان ما كان سيستمر إلى عام، لولا الدعم العسكري الذي تقدمه الإمارات، لقوات الدعم السريع”.

صراع سياسي

 

بالنسبة للمحلل السياسي الإماراتي، ضرار الفلاسي، فإن “الحكومة السودانية درجت على إطلاق الاتهامات في مواجهة الإمارات دون دليل، ما يؤكد أن تلك الاتهامات تنطلق من أجندة سياسية”.

وقال الفلاسي، لموقع الحرة، إن “الاتهامات التي يطلقها قادة بالحكومة السودانية والجيش السوداني، تعبر عن موقف جماعة الإخوان المسلمين التي تخطط للعودة إلى حكم السودان”.

ولفت إلى أن “الحكومة السودانية تبحث عن مبرر للتهرب من مسؤوليتها في إيصال السودان إلى هذه المرحلة من الاقتتال، وللتهرب من مسؤوليتها في الأوضاع الإنسانية القاسية التي تعيشها قطاعات من السودانيين، بإصرارها على الحرب”.

في ديسمبر الماضي، وصل الخلاف بين السودان والإمارات إلى مرحلة التصعيد الدبلوماسي، إذ أعلنت الخرطوم 15 من الدبلوماسيين العاملين في سفارة الإمارات أشخاصاً غير مرغوب فيهم.

وجاءت الخطوة السودانية ردا على قرار إماراتي بطرد المحلق العسكري بسفارة الخرطوم في أبوظبي وعدد من الدبلوماسيين، من أراضيها.
بدوره، يرى القيادي بحركة المستقبل للإصلاح والتنمية السودانية، هشام الشواني، أن “اتهامات السودان للإمارات بالتورط في تعذية الصراع، لا تنبع من فراغ”، مشيرا إلى أن “هناك أدلة تدعم تلك الاتهامات”.

وقال الشواني، لموقع الحرة، إن “اتهام السودان للإمارات يقوم على أدلة وحيثيات موضوعية وحقائق ماثلة، وردت في تقارير أممية وتناولتها صحف عالمية”.

وأضاف “حركة الطيران وبعض الأنواع من الأسلحة التي ضبطها الجيش السوداني لدى مليشيا الدعم السريع، كلها تبرهن على تورط الإمارات في تأجيج الصراع بالسودان”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عثمان المرضي، أن “انتقال الصراع بين السودان والإمارات إلى المؤسسات الأممية، ربما يقود الأزمة السودانية إلى مرحلة جديدة من التدويل والتدخل الخارجي”.

وقال المرضي، لموقع الحرة، إن “السودان يراهن على علاقته النامية مع الجزائر في محاصرة ما يقول إنه دعم إماراتي يصل لقوات الدعم السريع، بخاصة أن العلاقة بين الجزائر والإمارات آخذة في التوتر”.

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن “السودان يسعى للاستفادة من وجود الجزائر ضمن عضوية مجلس الأمن لتعزيز موقفه المناهض للإمارات”.

وكان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، زار الجزائر، في يناير الماضي، وأجرى مباحثات مع الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي أكد “وقوف بلاده إلى جانب السودان لمواجهة قوى الشر التي تستهدفه”، وفق التلفزيون الجزائري.

في يونيو الماضي، جرى انتخاب الجزائر عضوا غير دائم بمجلس الأمن الدولي، حتى عام 2025، بعد دعمها من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.

حلول سلمية

 

الرد الإماراتي الذي وصف الاتهامات السودانية، بأنها “ادعاءات زائفة”، تضمن تأكيدا على أن أبوظبي “ستدعم جهود الحل السلمي للصراع في السودان”، ما اعتبره المرضي “نقطة إيجابية يمكن البناء عليها”.

وأضاف أن “العلاقة بين كبار قادة الجيش والإمارات كانت راسخة، ولم يكن بين الطرفين أي عداءات، ما قد يدعم فرص تسوية الخلاف بين الطرفين”.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن “المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، أكد على ضرورة أن تشارك الإمارات ومصر في جولة المحادثات المرتقبة بين الجيش وقوات الدعم السريع في السعودية”.

وتابع “هذا دليل واضح على أن الإمارات أضحت أقرب إلى حل الأزمة في السودان سلميا، ما قد يساعد في نجاح الحل التفاوضي للأزمة، خاصة أن أبوظبي تملك علاقة مميزة مع قائد قوات الدعم السريع”.

وكان بيريلو، قال في مارس الماضي، إن “المحادثات بين الأطراف السودانية المتحاربة، ينبغي أن تكون شاملة، وأن تضم الإمارات ومصر والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) والاتحاد الأفريقي”.

هنا يعلق الفلاسي أن “الإمارات حريصة على إنهاء أزمة السودان، بما يضع حدا لماناة ملايين السودانيين، ويعيد البلاد إلى مسار الاستقرار السياسي”.

وأشار إلى أن “الحل السلمي يعطله الخلاف الداخلي بين بعض قادة الجيش، وكذلك تعطله جماعة الإخوان التي ترغب في العودة إلى السلطة”.

وأضاف “بعد مرور عام لم يحسم أحد الأطراف الصراع لصالحه، ولذلك الأفضل الذهاب إلى التفاوض، وإيجاد حل يرضي الأطراف الفاعلة”.

وتعليقا على ما ذهب إليه المرضي عن رهان السودان على دور جزائري في تحجيم التدخلات الإماراتية في الشأن السوداني، يقول الفلاسي، إن “بعض الفرق في الجزائر تغذي الاسطوانة المشروخة التي تتحدث عن دور للإمارات في بعض القضايا الإقليمية”.

وتابع “نحن نقدم يدنا للمساعدة، ولكن هناك من يرفض، واعتقد أن المشكلة في العسكر الذين يديرون شؤون بعض الدول”.
بدوره يشير الشواني إلى أن “الإمارات تتدخل في السودان عبر السلاح والمال والإعلام والسياسة”.

وتابع “الشعب السوداني لم ينس نشاط سفير الإمارات في السودان لفرض الاتفاق الإطاري على القوى السياسية السودانية، وإقصاء بعض القوى الوطنية منه، الأمر الذي تسبب في قيام الحرب”.

ومع تفجُّر الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، نشطت سريعا مبادرة من السعودية، بدعم من الولايات المتحدة، لإنهاء الحرب التي اندلعت في الخرطوم وامتدت لولايات سودانية أخرى.

لكن الجهود المبذولة من لاعبيين إقليميين ودوليين لا تبدو، حتى الآن، قادرة على وضع حد للقتال بين الطرفين، وكثيراً ما تصطدم تلك الجهود بترسانة من الرفض، من قبل أطراف “لها تأثير واضح في معادلة الصراع والغلبة القتالية”، برأي مختصين.

ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.

وتقول وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، من جراء تداعيات الحرب.

نقلاً عن الحرة / واشنطن

الوسوماتهامات الأزمة السودانية الإماراتية الإمارات الجيش الدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اتهامات الإمارات الجيش الدعم السريع

إقرأ أيضاً:

البرهان في مطار الخرطوم.. و”الدعم السريع” تغادر العاصمة

الحرة – واشنطن/ وصل قائد الجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، إلى مطار الخرطوم، الأربعاء، بحسب بيان لمكتب إعلام مجلس السيادة الانتقالي في السودان، وأشار البيان إلى أن البرهان وصل بالطائرة إلى المطار التي كان الجيش السوداني قد سيطر عليه قبل ساعات بعد نحو عامين من سيطرة قوات الدعم السريع.

ويؤكد وصول البرهان، الذي أشار له أيضا بيان صادر عن القوات المسلحة، إلى استعادة الجيش السيطرة على المطار.

ويمثل ذلك خطوة مهمة لاستعادة السيطرة على العاصمة في الحرب الدائرة منذ عامين مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وفي تطور آخر قال سكان لـ"رويترز" إن قوات الدعم السريع السودانية تنسحب من معظم مدينة الخرطوم والجيش ينتشر في العديد من الأحياء.

مصادر: الجيش السوداني ينجح في تنفيذ خطة السيطرة على الخرطوم
أفادت مصادر عسكرية، الأربعاء، أن الجيش السوداني نفذ بنجاح خطة اجتياح العاصمة الخرطوم، وبات على مشارف إعلانها مدينة خالية من عناصر قوات الدعم السريع، في ظل ما وصفته بـ"انهيار وتقهقر" في صفوف تلك "الميليشيات".
وكانت مصادر عسكرية أفادت، الأربعاء، بأن الجيش السوداني "نفذ بنجاح" خطة للسيطرة على العاصمة الخرطوم، لافتة إلى أنه أصبح "على مشارف إعلانها مدينة خالية من عناصر قوات الدعم السريع"، في ظل ما وصفته بـ"انهيار وتقهقر" في صفوف تلك "الميليشيات".

وأكدت المصادر لـ"الحرة"، أن القوات الحكومية "أحكمت سيطرتها الكاملة على كافة الجسور الحيوية في العاصمة، مما قطع خطوط إمداد وتحرك الدعم السريع بين أطراف المدينة".

كما واصل الجيش انتشاره الواسع في عدد من المحاور الاستراتيجية، بما في ذلك شارع الستين، وشارع عبيد ختم، وشارع الهواء، ومنطقة الصحافة، وذلك عقب إزالة الارتكازات والتحصينات التي كانت تتمركز فيها قوات الدعم السريع.

ويأتي تقدم الجيش وسط السودان في الآونة الأخيرة عبر استعادة السيطرة على أحياء من العاصمة ومناطق أخرى في وقت تعزز فيه قوات الدعم السريع سيطرتها في الغرب، مما يهدد بدفع البلاد نحو تقسيم فعلي.

وتصف الأمم المتحدة الوضع في البلاد بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم بسبب انتشار المجاعة في عدة مناطق وتفشى الأمراض في شتى أنحاء السودان الذي يبلغ عدد سكانه 50 مليون نسمة.

واندلعت الحرب قبل عامين بينما كان السودان يعمل على الانتقال إلى حكم ديمقراطي.

وتسببت الحرب في نزوح 12.5 مليون سوداني لجأ الكثير منهم إلى الدول المجاورة.

الحرة - واشنطن  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكشف عن خطوة تؤكد حسمه معركة. الخرطوم ويتجاهل الرد على تبرير الدعم السريع للهزيمة
  • تجارة الذهب تنشط خلال الصراع الدائر في السودان.. تمر عبر الإمارات
  • ماذا يعني انهيار الدعم السريع بالخرطوم؟ وما القادم؟
  • انهيار الدعم السريع في كامل العاصمة السودانية الخرطوم.. تفاصيل
  • البرهان في مطار الخرطوم.. و”الدعم السريع” تغادر العاصمة
  • إعلان الخرطوم حرة.. البرهان: انتهى الأمر ماذا يحصل في السودان؟
  • مصدر رسمي: انسحابات كبيرة للدعم السريع من العاصمة السودانية والجيش يستعيد مطار الخرطوم
  • في بيان أصدرته: القوات المسلحة السودانية تستمر في عمليات تطهير البلاد من مليشيا الدعم السريع في طريق إنهاء التمرد ونشر الأمن والاستقرار
  • رئيس تحرير التيار السودانية: انهيار الدعم السريع كان متوقعا والجيش حسم المعركة
  • شاهد.. هكذا تبدو المناطق التي استعادها الجيش من الدعم السريع