منير أديب يكتب: تساؤلات على هامش الحرب العالمية للإرهاب
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نجح المجتمع الدولي في مواجهة ظاهرة الإرهاب بموجته الأولى والثانية غير أنه أخفق كثيرًا في التصدي له في المواجهة الثالثة التي يشهدها العالم حاليًا، بعد عدد من الحروب والصراعات التي ضربت دولًا كثيرًا، وربما قسمت هذا العالم وبالتالي تركت أثرُا على مواجهة هذه الظاهرة.
ظهرت المواجهة الأولى للإرهاب بعد العام 2001 على خلفية ضرب برجي التجارة العالمي في نيويورك، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية لإحتلال أفغانستان ثم العراق؛ وكان الهدف من احتلال كابل هو القضاء على حركة طالبان التي وفرت الحماية لتنظيم قاعدة الجهاد، الذي أعلن مسؤوليته عن الاستهداف في ذلك الوقت.
وتسأل واشنطن عن تنظيم داعش، الذي بدأ يتلمس موقعة الجغرافي في العراق على خلفية الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، صحيح كانت البداية إنشاء ما سمي بالدولة الإسلامية في العراق، ولكن تطور عامل الإرهاب بعد أحداث الفوضى في سوريا في العام 2011، وهنا نجح داعش في إقامة دولته في 29 يونيو من العام 2014.
صحيح الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن تنامي ظاهرة الإرهاب في هاتين الفترتين رغم أنها واجهت الظاهرة، صحيح قد نتفق أو نتختلف في تقييم هذه المواجهة، ولكنها استطاعت أنّ تبنى على هذه المواجهة حتى بعد انسحابها من العراق ومن أفغانستان أيضًا، وهذا ما نُطلق عليه المواجهة الثانية للإرهاب.
ولعل هذه المواجهة هي الأخطر لأنها شهدت ولادة داعش والتي استمرت خمس سنوات كاملة من المواجهة، حتى انتهت بتفكيك دولة التنظيم كما أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب في 22 مارس من العام 2019، حتى سقوط دولة التنظيم واختفاء أثره.
هناك ملاحظة على مواجهة واشنطن لتنظيم داعش والتي أخذت وقتًا طويلًا (خمس سنوات) رعم أنها نجحت في انشاء تحالف دولي كان هدفه تفكيك هذا التنظيم، التحالف كان مُشكل من أكثر من ثمانين دولة على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ولكنه فشل في القضاء على داعش إلا بعد هذه السنوات الطويلة نسبيًا، حتى وبعد القضاء عليه مازالت هناك بقايا للتنظيم تمثل خطرًا على أمن العالم!
الموجة الثالثة للإرهاب هي الأخطر في المواجهة على الإطلاق، لأسباب أغلبها يرتبط بأنّ العالم لم ينتبه إليها حتى هذه اللحظة، أم النقطة الثانية، أنّ داعش والتنظيمات المتطرفة باتت أشرس مما كانت عليه سواء في مراحل النشأة الأولى ولا حتى بعد سقوط دولة التنظيم قبل خمس سنوات، وبالتالي نحن نتحدث عن نتحدث مختلف وقد يكون الأخطر على الساحة.
فضلًا عن سبب آخر جوهري مرتبط بإنشغال العالم بالحروب والصراعات شرٌقًا وغربًا، سواء الحرب الروسية في أوكرانيا قبل أكثر من عامين، وهو ما قسم القوى الدولية الكبرى روسيا والصين وأمريكا وأوروبا في هذه الحرب، وبالتالي هذه الحرب أخذت هذه القوى في مساحة الصراع بدلًا عن مواجهة التحدي الأهم المرتبط بمواجهة داعش والتنظيمات المتطرفة.
وهنا تبدو خطورة انشغال العالم بالصراع أكثر منه بمواجهة ظاهرة الإرهاب، خاصة وأنّ حربًا أخرى نشبت في منطقة الشرق الأوسط منذ سبعة أشهر وهي الحرب الإسرائيلية على غزة، فوقع العالم في فخ الانقسام والتشظي وبخاصة واشنطن وأوروبا اللذين يدعمنا إسرائيل بصورة متناهية، تحمل جينات تطرف سوف يُساعد هو الأخر في ولادة هذه الظاهرة أو تناميها، وهنا نحن لا نًقارن بين مواجهة محتل غاصب وتأييد قوى احتلال، فليس هذا بذاك، ولكننا نتحدث عن ظاهرة الإرهاب ونخص الحديث عنها بشكل منفرد.
نحن أمام صعود جديد للتنظيمات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط وبداية حراك للتنظيم في قارة أوروبا فضلًا عن وجود قوى في أفريقيا؛ ومحركات لهذا النشاط مرتبط بتعارض مصالح الدول الكبرى والحروب والصراعات؛ هذه العوامل المكتملة تشي بعودة هذه التنظيمات من جديد، هذه العودة سوف تؤثر على الأمن والسلم الدوليين.
هذه العودة سوف تكون شرسة، وسوف يفشل العالم للمرة الثالثة في مواجهىتها، خاصة وأنه مشغول في عدد من الحروب والصراعات، عن مواجهة الظاهرة وبالتالي سوف تطل هذه التنظيمات برأسها من جديد، وسوف تُهدد أمن العالم بأكمله، بل سوف يكون هذا العالم أضعف من مواجهتها.
صحيح نحن نعيش مرحلة التكتلات الدولية في الحروب والصراعات الدائرة حاليًا، ولكننا نحتاج إلى أنّ نعيش هذه التكتلات على مستوى مواجهة ظاهرة الإرهاب، كما أننا نحتاج إلى أنّ تهدأ صوت المدافع قليلًا لمواجهة الظاهرة الأخطر على مستوى أمن العالم، بدون ذلك سوف تعود داعش بخطره مهددًا أمن العالم بأكمله.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: داعش مواجهة داعش عودة داعش خطر الإرهاب أمن العالم
إقرأ أيضاً:
محمد صبيح يكتب: فوز ترامب وهيمنة الجمهوريين.. ماذا سيواجه العالم؟
بعد فوز الحزب الجمهوري بانتخابات الكونغرس الأخيرة وسيطرته على مجلسي الشيوخ والنواب، يبدو أن الولايات المتحدة تستعد لدخول مرحلة سياسية جديدة، تتسم بتعزيز نفوذ الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي أصبح الصوت الجمهوري الأقوى، مع هذه الهيمنة السياسية، تُطرح تساؤلات عدة حول التأثيرات المتوقعة على السياسات الداخلية والخارجية للبلاد، فهل سنشهد حقبة من "انفراد ترامب بالقرار بالسلطة".
ماذا بعد فوز ترامب وسيطرة الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية؟
أولًا: السياسة الداخلية
الحد من طموحات مجتمع "الميم": توجهات الحزب الجمهوري تتميز بميول محافظة تقف غالبًا ضد تعزيز حقوق مجتمع "الميم"، ومن المتوقع أن يسعى ترامب وحلفاؤه في الكونغرس للحد من إصدار قوانين جديدة تعزز من حقوق هذه الفئات، وهو ما قد يُرضي شريحة من الجمهوريين لكنه قد يثير جدلاً واسعًا بين الأمريكيين.
إجراءات صارمة ضد الهجرة: الهجرة كانت دومًا من المواضيع المحورية في أجندة ترامب، ومن المتوقع أن يشدد الجمهوريون على وضع قوانين صارمة تستهدف المهاجرين غير الشرعيين، بما في ذلك إجراءات لإغلاق الحدود وتشديد الأمن عليها، هذه الخطوة تلقى ترحيبًا من أنصار الحزب، لكنها قد تواجه انتقادات لكونها تتعارض مع حقوق الإنسان.
تصاعد العنصرية ضد الأقليات: من المتوقع أن تزداد حدة التوترات العرقية، خاصةً مع تصاعد الخطاب العنصري ضد العرب والمسلمين وبعض الأقليات، الجمهوريون قد يجدون في هذا الطرح وسيلة لتعزيز دعم قاعدة متشددة، لكن ذلك سيفاقم من مشاكل التمييز الاجتماعي ويزيد من الانقسام.
حماية السوق الأمريكي من المنافسة الصينية: الرئيس ترامب معروف بموقفه الحاد تجاه الصين، ومن المتوقع أن يدفع الجمهوريون نحو سياسات حمائية، تهدف إلى تقليل الاعتماد على البضائع الصينية وتشجيع التصنيع المحلي. لكن قد يكون لهذا القرار تأثيرًا سلبيًا على الأسعار، إذ يمكن أن يؤدي لزيادة تكاليف السلع الأساسية.
إعادة التصنيع الأمريكي: ترامب يهدف لإعادة الوظائف الأمريكية إلى الأراضي المحلية، وقد يفرض سياسات تجبر الشركات الأمريكية على العودة من الصين وتوسيع القاعدة الصناعية في الداخل الأمريكي. هذا التوجه قد يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي.
ثانيًا: السياسة الخارجية
إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية: بعض المؤشرات تشير إلى أن ترامب يسعى لاستغلال نفوذه في تسوية النزاع الروسي الأوكراني، وربما يضغط الجمهوريون من أجل توقيع اتفاق سلام يُنهي هذه الأزمة، بهدف تقليل الإنفاق العسكري وضبط سياسات أمريكا في أوروبا الشرقية.
دعم مطلق لإسرائيل: التوجه الجمهوري يعزز الدعم المطلق لإسرائيل، ومن المتوقع أن يتصاعد هذا الدعم ليشمل مساعيها التوسعية، بما في ذلك نقل الفلسطينيين خارج قطاع غزة وتوسيع سيطرتها على أراضٍ أخرى، هذه السياسات قد تثير جدلاً دوليًا واسعًا وتعزز الانقسام في منطقة الشرق الأوسط.
تحييد دور الأمم المتحدة: الهيمنة الجمهورية قد تدفع نحو تقليص دور المؤسسات الدولية، خاصةً الأمم المتحدة، ومنح الولايات المتحدة حرية اتخاذ قرارات منفردة في الساحة العالمية، هذا التحرك قد يعزز من قوة ونفوذ أمريكا ولكنه يهدد نظام التعاون الدولي القائم.
ويجب أن نأخذ في الاعتبار.. سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي الشيوخ والنواب تمنح ترامب قوة سياسية أكبر، إذ يمتلك الآن الأغلبية في المجلسين، مما يعزز قدرته على تمرير القوانين والقرارات التي يدعمها الجمهوريون بسهولة، ففي حال رفض أي قانون أو قرار صادر عن الرئيس، فإن إبطال ذلك يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء، وهو أمر يصعب تحقيقه مع الأغلبية الجمهورية الحالية، ما يمنح ترامب مساحة أوسع لتنفيذ أجندته السياسية دون عوائق كبيرة.
بينما يرى البعض أن سيطرة الجمهوريين هي استجابة لنبض الشارع الأمريكي الذي يطالب بإجراءات حاسمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلا أن هذه السياسات قد تفتح الباب أمام تحديات جديدة، سواء على مستوى الحريات الداخلية أو في العلاقات الدولية.