استمرارًا لأمسيات ملتقى القاهرة الأدبي بقبة الغوري، وكما أكد دائمًا الناشر محمد البعلي المدير التنفيذي للملتقى، بأنه فرصة تهدف لتلاقي المثقفين المصريين مع غيرهم من مختلف دول العالم، وأنها دورة استثنائية بعد توقف لسنوات تؤكد على أهمية الإبداع فنًا وأدبًا في مواجهة تداعيات الحروب في المنطقة.

 

فضاء غزة الممتد

 

أقيمت الأربعاء أمسية بعنوان "المدينة والحرب" بحضور الكاتب إياكي كابي من جورجيا صاحب رواية "سفر الخروج" والمترجمة للعربية بقلم المترجم ميسرة صلاح الدين عن دار صفصافة للنشر، وهي رواية تأخذنا في رحلة طويلة في حرب لا ترحم بعيون طفل بصحبة جده وجدته وسط أهوال لا يستطيع إدراكها.

 

وبحضور الكاتب محمود جودة من فلسطين وهو صاحب رواية "حديقة السيقان" والصادرة في حيفا عام 2020، والتي تُعبر عن وجع غزة في زاوية من زوايا فضاء غزة الممتد من رفح حتى بيت حانون، وبحضور مصري متمثل في الروائي والقاص أحمد عبد المنعم رمضان والذي صدر له مؤخرًا المجموعة القصصية "قطط تعوي وكلاب تموء" عن دار الشروق.

 

وأدار الأمسية الكاتب والناقد الكويتي فهد الهندال، والذي تحدث عن أهمية الأدب الذي يجسد الحروب، في كثير من مدن العالم كبغداد والقاهرة ودمشق والقدس وعن أهمية الأدب أيضًا للتعبير عن المشاعر الإنسانية، فقد كتب الأدباء عن الشجن والحزن، وكل ما ينتج عن الحروب من مآسي. 

ومن بين الكتاب الذين تأثروا بالحروب وجسدوا في رواياتهم هذه المآسي كشكسبير وهوجو، وحتى في عالمنا المعاصر هناك الكثير من الكُتاب الذين شرحوا ماذا تفعل الحرب في جسد المدينة، ونحن نعيش الآن ما يحدث في مدينة غزة وما تجابهه من حرب ممنهجة ومآسي وتدمير، في ظل صمت عالمي تام. 

 

تخيلات 

 

وقد أفاد الكاتب محمود جودة تعليقًا على سؤال أيهما يكتب الآخر، المدينة أم الحرب؟ أن الكاتب دائماً أو غالباً يكتب عن أشياء متخيلة، لكن كوننا من أهل غزة فالأمر مختلف، فنحن الآن ننعي المدينة كلها، بعد فقدنا لغزة، ففي الواقع بكل أراضي فلسطين نسمي أبنائنا بمدننا المسلوبة، وغزة التي بنيت أمام عيوننا وفجأة تُدمر أمام أعين سكانها. وأنه ككاتب كان يجد الصعوبة في إبداعه نظرًا لكون غزة مدينة بلا تضاريس طبيعية كثيرة، فهو رأى جبل أو سفينة كبيرة لأول مرة بحياته في مدينة إسطنبول في عمر السابع والعشرون من عمره، وهنا تكمن صعوبة الكتابة عن المدينة بشكل واضح وحيادية وسط أجواء الحروب، وهنا أيضًا يكون الإبداع شيئًا مختلفًا. 

في ملتقى القاهرة الأدبي.. كيف تتحول المدن لحكايات ؟ لمشاركته في تظاهرة داعمة لـ غزة .. أمريكا تعتقل الروائي سنان أنطوان لماذا يطالب خبراء السياحة والآثار بالربط بين مناهج الإرشاد وسوق العمل؟ بوغوص نوبار باشا ودوره في تعزيز العلاقات الأرمنية المصرية ندوة بقصر البارون الهيئة العامة لقصور الثقافة تطلق العدد الجديد لجريدة مسرحنا تنمية المواهب الإبداعية للأطفال.. العدد الجديد لمجلة قطر الندى تنورة وفلكلور صعيدي في احتفالات عيد الفطر بأسيوط إعلان شروط جائزة إدوار الخراط للإبداع الأدبي في دورتها الأولى |تفاصيل سعر التذكرة 40 جنيها.. سينما الشعب تواصل نجاحها الجماهيري الكبير|تفاصيل فرحة العيد تصل الخيالة ضمن المشروع الثقافي بالإسكان البديل جغرافية المدن 

 

أما الكاتب الجورجي كابي ففي رأيه أن الحرب لا تؤثر فقط في جغرافية المدن، بل تؤثر في البشر أيضًا الذين يمثلون هذه الجغرافيا. وإنه لا يعتبر نفسه كاتب عن الحرب فقط، بل هو ابن الحرب نفسها، وبرغم أن مواطني جورجيا معظم الوقت يعيشون مآسي الحرب فهم يعبرون عن هذه الصعوبات، عن طريق الكتابة عن الحرب وتبعاتها، وأن الإنسان الذي مر بمرارة الحرب هو الذي يقدر نعمة السلام، وهو الشخص الأكثر جدية في التعبير والإبداع عن ذلك. 

وتحدث القاص والروائي أحمد عبد المنعم رمضان  عن التغيرات التي حدثت في القاهرة في آخر ١٥ عام، التي جعلته حريص على توثيق ذلك، والكاتب كما يحب الكتابة عن أحداث عايشها، فهو يحاول تخيل ما يكتبه وليس بالضرورة أن يكون مر بالتجربة، كتجربة الاعتقال أو السجن أو الحرب، لكن بالتأكيد التعبير عن مأساة الحرب بالأخص تستوجب في كثير من الأحيان معايشة هذا الأمر بكل ما فيه، لوصف هذه المشاعر، وهو تحدي كبير للكاتب المُبدع. 

 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

ترامب ونتنياهو من يقود الآخر؟

 

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

 

يسود الاعتقاد لدى الكثير بأن القرار الأمريكي يصدر من تل أبيب عاصمة الكيان الصهيوني، كما يسود الاعتقاد لدى الكثير بالمقابل بأن الكيان الصهيوني قاعدة متقدمة واستثمار استراتيجي أمريكي في قلب الأمة العربية، للانطلاق منها للهيمنة على ما يسمى بالشرق الأوسط، ثم الدول الأخرى المارقة وفق البورد السياسي الأمريكي وعلى رأسها روسيا والصين.

لهذا يدلل البعض على توصيف العلاقة التشابكية بين الكيان الصهيوني وأمريكا بالقول بأن ما تسمى بـ"إسرائيل" هي بمثابة أمريكا الصغرى، وأن أمريكا هي إسرائيل الكبرى. وفي جميع الأحوال لا يمكن الفصل بين مصالح الكيانين الأمريكي والصهيوني فيما يتعلق بالنظرة الاستراتيجية للوطن العربي وتقرير شكله ومصيره النهائي، والدور الوظيفي للكيان إقليميًا. ولكن يبقى السؤال هو: من يقود من؟

من المُسلَّم به ومن واقع الأحداث أن كلًا منهما يقود الآخر في لحظة تاريخية ما، والتجربة التراكمية للعلاقات بينهما تقول كذلك إن للأمريكي أجندة خاصة في بعض الأحيان للحفاظ على مصالحه العليا، تتضاد مع طموح ورغبات قادة الكيان ومنها التفاوض مع إيران كمثال.

ومن الظاهر كذلك في علاقات الطرفين وما طفح من خلال طوفان الأقصى، أن دعاة الحفاظ على مصالح أمريكا في المنطقة وعدم الانجرار خلف الصلف والقمار الصهيوني لهم حضورهم القوي والمؤثر في دفة القرار الأمريكي، كما إن اللوبي اليهودي الأمريكي لا يتفق في كل شيء مع اللوبي الصهيوني في أمريكا.

المفاوضات الأمريكية الإيرانية اليوم خفضت كثيرًا من منسوب السعار الصهيوني وصدمته حين أعلنت الإدارة الأمريكية بأن المفاوضات ستكون تحت سقف وعنوان منع إيران من إنتاج القنبلة النووية، وليس التخلي عن برنامجها النووي.

وهذا يعني عدم التطرق إلى الأسلحة النوعية التي تمتلكها إيران اليوم مثل الصواريخ البالستية والمسيرات بأنواعها وسلاح البلازما المُرعب.

إدارة ترامب أدركت أنها تهورت كثيرًا حين فتحت عشرات الجبهات المُعادية لها حول العالم وفي المنطقة بالتحديد دفعة واحدة، وأنَّ الحل يكمُن في تسريع إغلاق الملفات المُكلفة أولًا، وعلى رأسها ما يُسمُّونه بـ"الخطر الإيراني"، وبعد ذلك يمكنها استعراض بقية الملفات وإغلاقها تدريجيًا، على اعتبار أن الملف المفتوح في السياسة يعني المزيد من الأوراق والتعقيدات، وهذا ما مثله ملف النووي الإيراني، والذي تعرض للمزيد من الأوراق والتعقيدات المُكلفة منذ انسحاب ترامب منه عام 2016؛ حيث صعد منسوب التخصيب من 5% إلى 60%، وتمكنت إيران من تطوير قدراتها التسليحية من صواريخ ومسيرات وغواصات وبلازما بصورة لا فتة.

تاريخيًا هدد الرئيس جون كينيدي الكيان الصهيوني بضرورة التفتيش على مفاعله النووي "ديمونا"، وهذا لا يمكن وصفه بالقرار الفردي للرئيس كينيدي- وإن تسبب في مقتله- بمعزلٍ عن سياسة أمريكا ومصالحها في المنطقة، كما هدد الرئيس ريتشارد نيكسون جولدا مائير رئيسة وزراء العدو، حين رفضت قرار وقف إطلاق النار في حرب أكتوبر عام 1973، لهول خسائرهم في الحرب، وفي المقابل كان نيكسون وفريقه وعلى رأسهم وزير خارجيته هنري كيسنجر يرون بأن سيناريو حرب أكتوبر بإخراج أمريكي لتحريك الوضع في المنطقة ورهانهم على قبول العرب بما يسمى بالسلام مع كيان العدو.

اليوم يأتي دور الرئيس ترامب ليُعلن للعالم بأن مصالح أمريكا فوق كل اعتبار وتتجاوز مصالح الحلفاء في بعض الأحيان، مهما بلغت درجة تصنيفهم، لهذا أقدم على التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن ملف أوكرانيا دون رغبة أو مشاورة أوروبا، وأقدم على التفاوض مع إيران تحت سقف منخفض جدًا عنوانه ضمان "عدم" امتلاك إيران لسلاح نووي.

قبل اللقاء: يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:

وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا

وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ترامب ونتنياهو من يقود الآخر؟
  • ملتقى القاهرة الأدبي يفتح نوافذ جديدة على الأدب والكتابة كأداة للتعافي
  • عندما تفقد الحروب جلالها ووقارها
  • "القاهرة الإخبارية": الوضع الإنساني في المدن الآمنة بالسودان ما زال كارثيًا
  • القاهرة الإخبارية: الوضع الإنسانى في المدن الآمنة بالسودان ما زال كارثيًا
  • عن الحروب الأهلية العربية: من هنا يدخل العدو إلى بلادنا
  • مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بملتقى النيلين
  • وفاة الكاتب ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب
  • الأمم المتحدة تكذب "رواية الصناديق".. كيف انتشرت في السودان؟
  • الموت يُغيب الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا