هل تتمكن روسيا من تأسيس قاعدة عسكرية بالقرب من باب المندب؟.. تقرير
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
تهتم روسيا بتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري في منطقة البحر الأحمر، بما في ذلك امتلاك قاعدة عسكرية لوجستية بالقرب من باب المندب، ومنذ عام 2009 بدأ مسؤولون روس يُعبرون صراحة عن هذا التطلع الذي يرتبط بحاجة موسكو لحماية مصالحها المتنامية في المنطقة.
وتزيد الأهمية الجيوستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر بالنسبة إلى روسيا في ضوء تنافس القوى الدولية والإقليمية لإقامة قواعد عسكرية لها على شواطئه، ومعظم هذه القوى لديها اليوم قواعد في هذه المنطقة، إضافة إلى التطورات التي شهدها البحر مع الهجمات الحوثية ضد السفن الإسرائيلية واحتشاد قطع عسكرية كثيرة من عدة دول.
وتتوقع وسائل إعلام دولية أن تمتلك روسيا قاعدة عسكرية قريباً في البحر الأحمر، وهو ما يجعلنا نطرح تساؤلاً حول تأثير ذلك إن حصل، وسط اضطرابات المنطقة في الفترة الأخيرة.
تحركات لافتة
بعد بقائها أياماً، غادرت سفن حربية روسية ميناء مصوع الإرتري (مطلع أبريل 2024) بعد أن أعلن السفير الروسي في إرتريا إيغور موزغو، أواخر مارس، عقد مناورات بحرية تشارك فيها الفرقاطة الروسية "المارشال شابوشنيكوف" مع البحرية الإريترية، معيداً إلى الأضواء جهود بلاده المتواصلة خلال السنوات الماضية للحصول على موطئ قدم على شاطئ البحر الأحمر.
وجاءت هذه الزيارة بالتزامن مع التوترات التي يشهدها البحر الأحمر بين طهران وقوى غربية بقيادة واشنطن، بسبب الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن في البحر، قائلين إنهم ينفذون هجماتهم على قطع بحرية تجارية مرتبطة بـ"إسرائيل"، تضامناً مع الفلسطينيين في الحرب الدائرة بقطاع غزة.
وفي مواجهة ذلك أنشأت الولايات المتحدة قوة حماية بحرية متعددة الجنسيات في البحر الأحمر، في ديسمبر 2023، وشنت مع بريطانيا ضربات ضد مواقع للحوثيين في اليمن، وهو أمر ربما دفع موسكو للتحرك أيضاً للحصول على موطئ قدم في ذات المنطقة.
وقبل التمرين العسكري في إرتريا، وتحديداً في 14 مارس، اختتمت البحرية الروسية مناورات مشتركة مع نظيرتيها الصينية والإيرانية في خليج عُمان، شاركت فيها قطع بحرية روسية.
البحث عن موطئ قدم
لعل زيارة القطعة البحرية الروسية تزامنت مع الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الديبلوماسية مع إرتريا، فيما يمكن ملاحظة تطور العلاقات بينهما منذ تصويت أسمرا ضد قرار أممي يدين الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022.
وحضرت روسيا في إقليم البحر الأحمر على نحو مباشر منذ نهاية القرن الـ18، عبر تقديم الدعم لعدد من القوى المحلية المناوئة للدولة العثمانية (المماليك في الأساس) عبر البارون دي ثونوس، قنصل روسيا في القاهرة، والتحالف مع قوى أوروبية، في مقدّمتها النمسا، سعياً إلى ضمان "حرية الملاحة" الأوروبية هناك.
ومن هنا فإن الاهتمام الروسي المتزايد بهذا البحر، من بوابة إرتريا هذه المرة، يكتسب بُعداً تاريخياً واضحاً يُبرز واقع وجود مصالح روسية في الممر البحري الأهم في العالم (باب المندب).
وفيما واجهت روسيا فيتو أمريكياً متكرراً على إقامة قواعد لوجستية في الإقليم، ولا سيما في جيبوتي، فإنها كثفت جهودها، في العامين الأخيرين، للتحالف مع إرتريا.
وترتبط روسيا مع إرتريا بعلاقة وتعاون عسكري طويل الأمد، ولديها برنامج للتعاون العسكري مع إثيوبيا، ووقع الطرفان في يوليو 2021 عدداً من الاتفاقات لتحديث قدرة الجيش الإثيوبي، وهي مرشحة لتحل محل فرنسا في مشروع لتجديد القوات البحرية الأثيوبية بعد تعليق فرنسا التعاون العسكري مع أديس أبابا، في أغسطس 2021، كما وقعت روسيا اتفاقية للتعاون مع المملكة العربية السعودية عام 2021.
إيصال رسالة
يرى الباحث السياسي نجيب السماوي أن البحر الأحمر بات منطقة تستقطب عديداً من القوى الدولية المؤثرة، إذ أصبح في ظل التطورات الراهنة "منطقة لتوازن القوى".
ونقل،موقع"الخليج أونلاين"عن السماوي قولة ب إلى أنه منذ الأزمة الأخيرة بعد هجمات الحوثيين ضد السفن، بدأت منطقة البحر الأحمر تشهد تصاعداً للوجود العسكري الدولي، فضلاً عن الوجود الصيني والآن الروسي.
وأكد أن البحر الأحمر بات محل تنافس دولي كبير؛ نظراً إلى وجود عدة قواعد عسكرية في منطقة القرن الأفريقي القريبة من مدخله، معظمها في جيبوتي التي تستضيف وحدها أكثر من 9 قواعد لكل من الولايات المتحدة وإيطاليا واليابان وإسبانيا وفرنسا والصين، كما توجد قاعدة إماراتية في ميناء عصب الإرتري.
وبينما استبعد السماوي أن تدخل موسكو في صدام مع الغرب في الوقت الحالي، مؤقتاً، في ظل الوجود البحري لعديد من الدول الغربية في المنطقة، رأى أنها تريد إيصال رسالة بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تصاعد حضور الولايات المتحدة والصين في هذه المنطقة الاستراتيجية، التي تحولت إلى "منطقة تنافس استراتيجي محموم إلى الآن".
ويضيف: "من المؤكد أن روسيا ترغب بإقامة قاعدة عسكرية لها، لكن حالياً الأمور ليست مهيأة لها لتنفيذ ذلك؛ بسبب التوترات، ليس في البحر الأحمر فقط، وإنما بالدول التي تخطط بإقامة قاعدة فيها".
استثمار الصراعات
وأظهرت موسكو ميلاً للانخراط في شؤون بعض دول منطقة البحر الأحمر، واستغلال الخلافات والصراعات السياسية فيها، وكذلك خلافات هذه الدول مع مُنافسي روسيا من القوى الدولية.
حيث تتهم روسيا مثلاً بالوقوف خلف إطاحة المكون العسكري بالمكون المدني في السودان، في أكتوبر 2021، خصوصاً بعد أن علّقت حينذاك بوصف ما جرى بأنه قد يكون "انتقالاً للسلطة وليس انقلاباً عسكرياً". ولوحظ، في هذا الإطار، أن الخرطوم عادت بعد هذا التحوُّل الدراماتيكي إلى بحث إمكانية إحياء اتفاقية إنشاء القاعدة الروسية في بورتسودان، بعد أن كانت قد أعلنت تجميدها.
وللتقرب من أديس أبابا أظهرت موسكو موقفاً داعماً لها في مجلس الأمن، منتصف 2021، في قضية سد النهضة، فقد أعلن مندوبها تفهم بلاده للرؤية الإثيوبية. كما أن علاقة واشنطن وإرتريا المتدهورة هي ما أسهم بدورٍ كبيرٍ في بناء علاقة جيدة بين أسمرة وموسكو.
وفي اليمن عملت روسيا على نسج علاقات بأطراف الصراع، وتجمعها اليوم علاقة خاصة بالمجلس الانتقالي الجنوبي ومليشيا الحوثي الانقلابية وقوى سياسية أخرى، وتتجه لزيادة أدوارها وفاعليتها في الملف اليمني، ويفترض أن ذلك سيكون أساساً باتجاه إنهاء الحرب وتحسين وضع أصدقائها، بما يضمن وصولهم إلى مراكز القرار ومشاركتهم في السلطة.
وتركز روسيا على دول محددة لإنشاء قاعدة لها، فعيونها ترصد موطئ قدم لها إما في اليمن، حيث يملك "باب المندب"، أو الجهة المقابلة للبوابة الدولية عبر الصومال، إضافة إلى جيبوتي أو إرتريا أو السودان، وجميع هذه الدول توجد بالقرب من باب المندب كأحد أهم البوابات المائية الدولية.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
قاعدة عسكرية تركية وسط سوريا.. أنقرة ستوسع حضورها العسكري في دمشق باتفاقية دفاعية مشتركة مع الشرع
قالت مصادر مطلعة، إنه من المتوقع أن يجري الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم في أنقرة، حيث ستتناول النقاشات اتفاقية دفاع مشتركة بين البلدين.
ومن بين الموضوعات التي سيتم تناولها إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا، إلى جانب تدريب الجيش السوري الجديد.
وتدعم تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، منذ فترة طويلة المعارضة المسلحة والسياسية السورية ضد الرئيس السابق بشار الأسد، الذي تمت إزاحته في نهاية ديسمبر بعد هجوم مفاجئ قاده الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وقواته.
وتسعى أنقرة إلى تعزيز دورها كلاعب رئيسي في سوريا الجديدة، سعيا لملء الفراغ الذي تركته إيران، التي تعتبر الداعم الإقليمي الأساسي لنظام الأسد. هذا التوسع في النفوذ التركي قد يؤدي إلى زيادة التوتر مع دول الخليج العربية، كما يضع إسرائيل في وضع حرج يهدد استقرار المنطقة.
وبحسب ما أفادت به المصادر، التي تضم مسؤولا أمنيا سوريا ومصدرين أمنيين دوليين مقيمين في دمشق، بالإضافة إلى مسؤول استخباراتي إقليمي رفيع المستوى، فقد تم الإفصاح عن هذه المعلومات بشرط عدم ذكر هويتهم، حيث لم يسمح لهم بالتحدث إلى وسائل الإعلام بشأن الاجتماع.
وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن تفاصيل أي ترتيب دفاعي استراتيجي من قبل القادة السوريين الجدد، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بإنشاء قواعد تركية إضافية في سوريا.
هذا وأفادت المصادر بأن الاتفاق المزمع قد يتيح لتركيا إقامة قواعد جوية جديدة في سوريا واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية، إلى جانب توليها دورا قياديا في تدريب القوات ضمن الجيش السوري الجديد.
كما أشارت المصادر، إلى أن القيادة السورية الجديدة قد قامت بحل الجيش وفصائله المتمردة المختلفة، وتعمل حاليا على دمجها في قيادة عسكرية موحدة. وأضافت المصادر أن من غير المتوقع أن يتم الانتهاء من الاتفاق يوم الثلاثاء.
قواعد تركية في سورياوقال مسؤول الاستخبارات الإقليمي ومسؤول الأمن السوري وأحد المصادر الأمنية الأجنبية المقيمة في دمشق، إن المحادثات ستشمل إنشاء قاعدتين تركيتين في منطقة الصحراء المركزية الشاسعة في سوريا، والمعروفة باسم البادية.
من جانبه، أوضح مسؤول في الرئاسة السورية لـ "رويترز"، إن الشرع سيناقش "تدريب تركيا للجيش السوري الجديد، فضلا عن مناطق جديدة للانتشار والتعاون" مع أردوغان، دون تحديد مواقع الانتشار.
ولم ترد الرئاسة التركية ووزارة الدفاع السورية على الفور على طلب للتعليق على هذه القضية.
وقال مدير الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون يوم الاثنين، إن أردوغان والشرع سيناقشان أحدث التطورات في سوريا والتدابير المشتركة المحتملة لإعادة بناء الاقتصاد السوري وتحقيق الاستقرار والأمن.
ولفت مسؤول في وزارة الدفاع التركية مطلع على المحادثات بين وزارتي الدفاع لـ "رويترز"، إلى أنه ليس لديه معلومات عن القواعد التركية في سوريا وتدريب القوات السورية كجزء من اتفاق دفاعي محتمل.
Relatedالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يصل الرياض في أول زيارة رسمية الى السعودية الشرع يغادر المملكة العربية السعودية.. ماذا دار في حديثه مع بن سلمان؟شاهد: الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع يؤدي مناسك العمرة في مكة المكرمةدور دفاعي جوي تركيأشار مسؤول استخباراتي إقليمي كبير، ومسؤول أمني سوري، وأحد المصادر الأمنية الأجنبية المقيمة في دمشق إلى أن القواعد قيد المناقشة ستتيح لتركيا الدفاع عن المجال الجوي السوري في حالة وقوع أي هجمات مستقبلية.
وفي سياق متصل، أعلن الكرملين يوم الاثنين أن روسيا، الداعم الرئيسي الآخر للأسد، تجري محادثات مع الإدارة السورية الجديدة بشأن مصير قاعدتين عسكريتين لها في سوريا: قاعدة بحرية في طرطوس، وقاعدة جوية قرب مدينة اللاذقية الساحلية.
وفي مقابلة أجريت في يناير/كانون الثاني، صرح وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة لشبكة "رويترز"، بأن قادة البلاد الجدد يعتزمون بناء علاقات قوية في المنطقة، مشيرا إلى أن هذه العلاقات ستساعد في تعزيز القوة العسكرية للبلاد.
وأضاف أبو قصرة، دون أن يذكر تركيا بشكل مباشر، أن سوريا سترحب بأي شراكة تتعلق بالتسليح والتدريب والدفاع الجوي أو القضايا الأخرى.
وفي سياق متصل، كشف مسؤول استخباراتي إقليمي، أن المواقع المحتملة للقواعد الجوية تشمل مطار تدمر العسكري وقاعدة T4 للجيش السوري، وكلاهما يقع في محافظة حمص.
رسالة إلى المقاتلين الأكرادوأوضح المسؤول، أن أنقرة تسعى إلى إنشاء قواعد في تلك المواقع كرسالة إلى المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، المعروفين بوحدات حماية الشعب (YPG).
وتعتبر تركيا هذه الوحدات امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمردا ضد الدولة التركية منذ عام 1984، وتعتبرها كل من تركيا والولايات المتحدة جماعة إرهابية. وقد هددت تركيا بشن هجوم عسكري ضد وحدات حماية الشعب، لكنها أرجأت ذلك في ظل استمرار المحادثات بشأن مصير القوات الكردية.
ولفت مسؤول في وزارة الدفاع التركية لـ "رويترز"، إلى أن الوفود العسكرية التركية والسورية تبادلت وجهات النظر الأسبوع الماضي بشأن "ما يمكن القيام به في مسائل الدفاع والأمن، وخاصة في القتال المشترك ضد المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدًا لكل من سوريا وتركيا".
وأضاف المسؤول "ستستمر اجتماعاتنا في إطار الاحتياجات التي ستحدث في الفترة المقبلة".
هذا في ديسمبر/كانون الأول، صرح وزير الدفاع التركي يشار جولر بأن تركيا "مستعدة لتقديم الدعم اللازم إذا طلبت الإدارة السورية الجديدة ذلك". وأضاف جولر في ذلك الوقت أن أنقرة قد تناقش وتعيد تقييم قضية الوجود العسكري التركي في سوريا مع الإدارة السورية الجديدة "عندما تنشأ الظروف الضرورية".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سوريا: إصلاحات اقتصادية جذرية.. خطة لتسريح ثلث العاملين بالقطاع العام وخصخصة شركات مملوكة للدولة إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة سوريا من قائد "تنظيم إرهابي" إلى رئيس انتقالي.. احتفالات في دمشق بعد تعيين الشرع رئيساً لسوريا رجب طيب إردوغانسورياتركياحزب العمال الكردستانيأبو محمد الجولاني