هل يعود الجيش السوداني لمنبر جدة دون شروط؟
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
التغيير– أمل محمد الحسن
الأسبوع الأول من مايو المقبل الذي تم تحديده للعودة إلى طاولة المفاوضات السودانية، يوافق الذكرى السنوية لانطلاق مباحثات منبر جدة في 6 مايو 2023م، ثلاثة أسابيع لاحقة لاندلاع حرب 15 أبريل، وفشلت طوال عام كامل في إسكات أصوات البنادق أو حتى إجبار طرفي الحرب على الالتزام بهدنة إنسانية كاملة تسمح للمساعدات الإنسانية بالمرور في سلام.
وبعد إعلان اقتراب العودة للتفاوض تطرأ تساؤلات مهمة حول مدى تعويل السودانيين على “منبر جدة” في إيقاف الحرب؟، وما هي المتغيرات التي يمكن أن تجبر الطرفين على العودة لطاولة التفاوض؟، فيما كان يتمسك كل طرف “خاصة الجيش” بشروط محددة يرفض التنازل عنها لإكمال الاتفاق!!.
عودة بلا شروطبعد تعيين الولايات المتحدة الأمريكية لمبعوثٍ جديد، توم بيرييلو، أعلن العودة لمفاوضات جدة في 18 أبريل الحالي، لكنه سارع إلى الاعتذار عن التاريخ. وكشفت مصادر لـ(التغيير)، أن التأخير جاء من الجانب السعودي الذي اعتذر للانشغال بأعياد الفطر.
ثم تمت الإشارة في مؤتمر باريس، الذي انعقد في مناسبة مرور عام على اندلاع الحرب من أجل تقديم المساعدات الإنسانية، إلى ضرورة العودة للتفاوض وإيقاف الحرب بعد التدهور الإنساني المريع وشبح المجاعة الذي يطارد نصف السكان، وبحث اجتماع وزاري على مستوى الاتحاد الأوروبي ضرورة العودة للعملية السياسية.
ثم أكدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، في بيان مقتضب، عودة الطرفين إلى المفاوضات “بلا شروط”- وفق ما قال الناطق الرسمي باسمها بكري الجاك.
التصريحات التي خرجت من القيادات العسكرية في الجيش والتي تحدثت عن رفضهم للتفاوض وإصرارهم على الحسم العسكري جعلت من الصعب التصديق بأن الجيش سيوافق على العودة إلى منبر جدة بلا شروط!
وهو الأمر الذي أكده خبير عسكري- ضابط سابق في الجيش السوداني، فضل حجب اسمه- بعدم رغبة الجيش في التفاوض “عقيدته القديمة وممارساته طوال تاريخ مفاوضاته مع حركات التمرد سابقاً قائمة على المراوغة”.
وقال الخبير في مقابلة مع (التغيير)، إنه حال شارك الجيش في المفاوضات ستكون من باب كسب الوقت وتنفيذ “الطابور” بلغة العسكر ومن أجل كسب تأييد دولي يحفظ ماء وجه الداعمين الدوليين لهم- على حد تعبيره.
وأكد أن التقدّم في العمليات العسكرية من عدمه لن يجعل الجيش يذهب للتفاوض “ستقول القيادات إنهم لن يذهبوا للتفاوض حتى يحرزوا تقدماً ميدانياً وحال أحرزوا تقدماً سيقولون لماذا نجلس للتفاوض ونحن متقدمون؟”
أما من جانب الدعم السريع، فقالت مصادر مقربة من التفاوض لـ(التغيير)، إنهم لم يتلقوا دعوة رسمية من الوساطة بعد، لكنهم يعلمون باقتراب العودة للمنبر وفق الإرهاصات الإقليمية والدولية.
ضغوط دوليةالجانب المدني بدا أكثر تفاؤلاً بإمكانية العودة لمنبر جدة وإحراز تقدم أفضل هذه الجولة. وكشف مصدر سياسي لـ(التغيير)، عن مفاوضات غير معلنة قادتها الوساطة بين الطرفين كانت محصلتها قبولهما عدم تشكيل حكومات في مناطق سيطرتهما.
وقالت مصادر سياسية متطابقة، إن الطرفين تعرضا لضغوطات عالمية كبيرة شملت الدول التي تدعم كل طرف بضرورة العودة للمفاوضات وإيقاف التدهور الإنساني والتهديد بنقل الصراع إقليمياً.
وأكدت المصادر أن الوساطة رفعت مستوى التمثيل، ومن المتوقع أن يقود الوفود التفاوضية للطرفين نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي وقائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وأن تستند المفاوضات على ما تم التوصل إليه في المنامة.
“زيادة الضغط الدولي على المتحاربين أمر بالغ الأهمية”- هذا ما أعلنه الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل في مؤتمر باريس، وأكد في تدوينة على صفحته بموقع (إكس) ضرورة تعزيز التنسيق في الوساطة وترك مجال أقل للمناورة للأطراف المتحاربة.
وأكد مصدر دبلوماسي سوداني- فضل حجب اسمه لـ(التغيير)، تعرّض الطرفين إلى ضغوط دولية لإجبارهما على العودة خاصةً مع وجود الداعمين للطرفين- في إشارة للقاهرة وأبوظبي.
انضمام القاهرةويبدو أن انضمام مصر إلى طاولة المفاوضات سيمثل مزيداً من الضغوط على الجيش لانتقال موقفها من دعمه إلى محطة الوساطة.
وتعود أسباب هذا الانتقال إلى خوف القاهرة من دخول أجسام أيديولوجية تتبع للإخوان المسلمين- وفق الصحفي المصري المهتم بالشأن الأفريقي سيد مصطفى، التي ستمثل تهديداً للأمن القومي المصري بعد انتهاء الحرب، مؤكداً قبول دورها كوسيط من قبل الدعم السريع.
وقال مصطفى في مقابلة مع (التغيير)، إن لدى القاهرة مخاوف مرتبطة بسيطرة الدعم السريع على أجزاء من السودان الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تقسيم البلاد، فيما تخشى القاهرة وجود دويلات متصارعة على حدودها الجنوبية.
وأشار إلى أن القوى السياسية التي وصفها بأنها تمثل غطاءً سياسياً للدعم السريع استفادت من كون القاهرة هي الدولة الوحيدة التي لا تؤيد عودة الإخوان المسلمين الأمر الذي مكّنهم من التعويل عليها في الضغط على الجيش من أجل العودة للمفاوضات.
وأضاف مصطفى: “هناك دول مثل تركيا وقطر تستفيد من إطالة أمد الحرب من أجل تقوية المليشيات الإسلامية وعودتها مرة أخرى إلى السودان”.
الضغط الإنسانيواتفق الخبير الاستراتيجي المختص في إدارة الأزمات محمد إبراهيم كباشي، مع الرأي السياسي المتوقع لعودة المفاوضات، وقال إن الواقع الإنساني المتدهور يعتبر أكبر عامل دفع لعودتها.
وأكد أن عدم تحقيق حسم عسكري خلق حالةً من السخط المجتمعي شملت أعداداً من أنصار الحرب خاصةً من المغتربين والمهاجرين الذين تحملوا عبء الفاتورة الاقتصادية لهذه الحرب.
وقال كباشي في مقابلة مع (التغيير)، إن هناك تحديات ربما تعيق المفاوضات مرتبطة بتعدد مراكز القرار نسبة لأن الحرب تولد قيادات جديدة ينشأ بينها تباين في المواقف “تعددت القوى العسكرية في صف الجيش من مستنفرين وجهاز أمن وشرطة ناهيك عن المليشيات الإسلامية التي تقاتل معهم”. وأضاف: “حتى الدعم السريع تشكلت لديه قيادات ميدانية وربما تتضارب مواقفها مع “حميدتي” نفسه”!.
وأكد الخبير الاستراتيجي تغير مواقف الدول الداعمة للطرفين والتي أصبحت أقرب لإنهاء الحرب عبر التفاوض للحفاظ على ما تبقى من مصالحها في السودان، وأشار إلى تعرضها لخسائر اقتصادية فادحة سواء بالدعم اللوجستي للحرب أو عبر استقبال اللاجئين السودانيين.
عنصر الإسلاميينالإسلاميون الذين تم اتهامهم سابقاً بإفشال منبر المنامة بتسريبه؛ مازالوا يشكلون عامل ضغط على قيادة الجيش، لكن الخبير الاستراتيجي محمد كباشي قلّل من التخوف الكبير من تأثيرهم في المشهد، وأكد وجود صوت خافت داخلهم يتحدث عن التفاوض.
وأكد كباشي وجود تباينات كبيرة داخل معسكر الإسلاميين أنفسهم مع وجود أزمة ثقة تجاه بعض قيادات الكفاح المسلح “التفاوض قد يحقق لهم مكاسب سياسية”، والفئة التي تصر على استمرار الحرب هي الهاربة من العدالة فقط.
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى الهزة التي حدثت لحلفائهم الإقليميين، ولفت إلى حرب غزة وما يحدث في إيران، وأكد في الوقت نفسه أن الصراع المسلح ألقى بظلاله على التنظيم الإسلامي العالمي “الداعمون الإقليميون بدأوا في التآكل!”.
على صعيد متصل، تقول مصادر عسكرية إن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان نفسه بدأ في التململ من ظهور الإسلاميين في المشهد، وقال في اجتماع مع القيادات العسكرية تم ذكره سابقاً، إن تصدرهم للمشهد العسكري عبر كتائبهم جعل الدول الداعمة للجيش تبدي تخوفها.
وأبدى استنكاره- وفق المصدر العسكري- من ظهور مليشيات إسلامية جديدة في الولاية الشمالية-في إشارة إلى كتيبة المعتصم بالله. لكنه لم يتحدث بصورة علنية مطلقاً عن الإسلاميين في الكتائب التي تقاتل مع الجيش أو المستنفرين، لكن جاءت هذه التصريحات المندّدة بالشعارات السياسية من نائبه شمس الدين كباشي.
الوسومالجيش الخرطوم الدعم السريع السعودية السودان المنامة الولايات المتحدة توم بيرييلو شمس الدين كباشي عبد الرحيم دقلو منبر جدةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الخرطوم الدعم السريع السعودية السودان المنامة الولايات المتحدة توم بيرييلو شمس الدين كباشي عبد الرحيم دقلو منبر جدة الخبیر الاستراتیجی الدعم السریع لـ التغییر منبر جدة من أجل
إقرأ أيضاً:
سينما متروبوليس.. صرح ثقافي بيروتي يعود للحياة في لبنان الخارج من الحرب
تم إحياء دار "متروبوليس" السينمائية المخصصة للأفلام غير التجارية والمستقلة في بيروت؛ بافتتاح مقر جديد يتميز بهندسة عصرية شُيّد خصيصًا لها. وكان الاحتفال بهذا الحدث مساء السبت، بعد أقل من شهر على بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
جاء هذا الافتتاح بعد 5 سنوات من إغلاق صالتي "متروبوليس" السابقتين اللتين كانتا قائمتين في مجمع تجاري صغير، وتوقف نشاط الجمعية المسؤولة عنهما بسبب الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يمر بها لبنان، بالإضافة إلى تداعيات جائحة كوفيد-19. اجتمع مئات عشاق السينما للاحتفال بتدشين هذا المقر الجديد الذي يقع في منطقة ذات رمزية كبيرة، إذ دُمرت بفعل الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت عام 2020.
مغامرة ثقافية في ظل الأزماترغم إدراك هانية مروة، مؤسِسة سينما "متروبوليس" ومديرتها، أن أي نشاط ثقافي أو فني في لبنان محفوف بالمخاطر نتيجة غياب الاستقرار والدعم الحكومي، فإنها اعتبرت في تصريح لوكالة فرانس برس أن "هذا هو الوقت المناسب" لإعادة إطلاق المشروع، وقالت "في زمن الأزمات، يصبح الناس في أمسّ الحاجة إلى أماكن تجمعهم وتعيد إحياء هويتهم الثقافية".
شهدت الأمسية رسائل تضامنية مؤثرة، أبرزها كلمة مسجلة للنجمة الهوليودية كايت بلانشيت التي وصفت المقر الجديد بأنه "شهادة على القدرة على الاستمرار والنهوض الثقافي في أوقات مأساوية وصعبة". وأعربت بلانشيت عن أملها في أن تُصبح هذه السينما مكانًا يجمع الناس ويساعدهم في التواصل من جديد.
إعلانفي رسالة أخرى، وصف المخرج الفرنسي جاك أوديار إطلاق متروبوليس بأنه "فعل شجاعة وحرية"، داعيًا الجمهور اللبناني لملء صالات السينما يومًا بعد يوم.
أما المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي التي رُشح أحد أفلامها لجائزة أوسكار وفازت بجوائز عدة في مهرجان كان فقالت عبر الشاشة الكبيرة "نحن بحاجة لهذا المكان أكثر من أي وقت مضى، فهو يثبت أن لبنان لا يفقد روحه رغم كل الأزمات".
صالتا "متروبوليس" استضافتا قبل توقف نشاطهما أفلامًا غير تجارية من أنحاء العالم ومخرجين وممثلين عالميين وورشات ومهرجانات سينمائية (مواقع التواصل)يتضمن المقر الجديد صالتَي سينما، ومكتبة سينمائية، وباحة خارجية لعرض الأفلام في الهواء الطلق، إضافة إلى مكاتب لجمعية متروبوليس للفن السينمائي التي أسست السينما عام 2006.
توقف نشاط صالتي "متروبوليس" السابقتين بسبب الأزمات المتتالية التي شهدها لبنان منذ عام 2019. وكانت الصالتان قد استضافتا أفلامًا غير تجارية من أنحاء العالم، إضافة إلى مخرجين وممثلين عالميين، وورشًا ومهرجانات سينمائية، كما كرمت مخرجين راحلين ونظمت عروضًا للأطفال، وفق ما أوضحه شريط فيديو عُرض خلال افتتاح المقر الجديد.
تهدف جمعية "متروبوليس" إلى نشر الثقافة السينمائية ودعمها، وتوفير مساحة للسينمائيين، والحفاظ على التراث السينمائي اللبناني. وتقول هانية مروة إن "المشروع يحمل الأهداف والقيم ذاتها، لكن المكان الجديد يوفر لنا حرية أكبر في البرمجة بفضل هندسة العمارة ووجود باحة خارجية".
وأضافت أن الموقع في قلب المدينة يتيح نسج علاقات مع جمهور جديد وأهل المنطقة.
وأوضحت زينة صفير، رئيسة جمعية "متروبوليس"، أن السينما في لبنان لم تعد منتشرة كما كانت من قبل، وأضافت "إعادة سينما متروبوليس إلى العاصمة أمر ضروري، لأنها تسهم في تعزيز الفكر والثقافة في بيروت التي كانت دائمًا بوابة للإبداع".
إعلان