تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اسأل نفسك ومن حولك عما إذا كانوا يريدون أن يعيشوا حتى يبلغون ١٠٠ عام؛ من المتوقع أن تكون الإجابة "بالتأكيد!" وربما متبوعة بـ"لحظة صمت". تكثر هنا الأسئلة فجأة: هل سأكون بصحة جيدة؟ هل سأكون حملا على غيري؟ هل سأكون مستقرًا ماليًا؟ هل سأعيش وحيدًا لأنَّ كل من عرفتهم وأحببتهم ربما ماتوا وتركوني؟!
كل هذه الأسئلة يمكن اكتشاف إجابات لها خلال رحلة مشوقة حملتنا حول العالم مع الكاتب "دان بيوتنر" للتعرف على مجتمعات فريدة، يعيش أفرادها أعمارًا طويلة مفعمة بالصحة والحيوية.
وهدف الحلقات الأوسع جلب مفهوم "المناطق الزرقاء" إلى الحياة وتسليط الضوء عليها، وهى مناطق فى العالم يعيش فيها الناس عمرًا أطول. والحقيقة إنى أصبحت مع تقدم العمر نادرًا ما أنبهر بفيلم أو مسلسل بعد أن اختفت الدهشة والقيمة عن غالبية الأعمال الفنية؛ لكنْ فعلها دان بيوتنر، المستكشف والمؤلف الشهير الذى لديه أكثر من ٢٠ عامًا من الأبحاث حول المناطق الزرقاء، وأثرت فيَّ رحلته الآسرة لدرجة الانبهار، حيث تجولنا معه خلالها فى أوكيناوا باليابان؛ وسردينيا بإيطاليا؛ وإيكاريا باليونان؛ ونيكويا بكوستاريكا؛ ولوما ليندا بكاليفورنيا. تلك مناطق معروفة بسكّانها المعمِّرين ووصلت الرسالة بعمق فى المضمون وجمال فى الصورة.
ومن خلال الزيارات المنزلية الشخصية والمقابلات عن قرب التى أجراها بيوتنر، تكشف السلسلة الوثائقية عن العادات الغذائية التى تساهم فى الصحة الرائعة لهؤلاء السكان، بالإضافة إلى عوامل نمط الحياة الأخرى التى تؤثر على طول عمرهم منها المشى من منازلهم المرتفعة على التلال إلى الأسواق ومناطق الخدمات تحت سفح التلال؛ أيضا قيامهم بأنشطة الزراعة البسيطة مثل رى أشجارهم ونباتاتهم ورعاية حيواناتهم وطيورهم.
وتلخص كل منطقة مجموعة مبادئ متكاملة، وهي: تناول الطعام بحكمة ومن نباتاتهم وشجراتهم، وأداء حركات ونشاط بشكل طبيعي، والتواصل مع الآخرين؛ والجديد هو أن يكون هناك هدف محدد فى الحياة أو وجهة نظر تحفزهم على المشاعر الإيجابية. وهذه المبادئ يتابعها المشاهد فى جميع المناطق الزرقاء التى رصدها الفيلم فنرى كبار السن يحسنون اختيارات الأطعمة من بيئتهم، ويمشون يوميًا وسط الطبيعة، ويرتبطون بعلاقات اجتماعية قوية مع محيطهم من أهل وجيران وأصدقاء وحيوانات، ويؤدون أدوارًا فى الحياة، حتى لو كانت بسيطة. وجوهر الأمر، كما يشير بيوتنر، أن الكثير من الناس يموتون بسبب "مرض يمكن تجنبه". ويسلط بيوتنر الضوء على أن طول العمر الذى لوحظ فى المناطق الزرقاء ينبع من أسلوب حياتهم اليومية حيث أن الناس فى هذه المناطق لا يسعون عن قصد للمحافظة على الصحة؛ بدلًا من ذلك، تظهر صحتهم بشكل طبيعى بسبب البيئة الصحية المحيطة بهم. ويؤكد بيوتنر أن هذه الأفكار يمكن تبنيها بغض النظر عن العمر. ويشدِّدُ على أن تبنى أسلوب حياة المنطقة الزرقاء فى أى عمر يمكن أن يزيد بشكل كبير من متوسط العمر المتوقع. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدى البدء فى هذا الأسلوب بسن الستين إلى إضافة ست سنوات للعمر المتوقع، وبالنسبة للأشخاص الذين يتبنون هذا الأسلوب مبكِّرًا فى سن العشرين، قد يؤدى ذلك إلى زيادة متوسط العمر المتوقع بمقدار ١٣ عامًا.
وتعدُّ هذه السلسلة الوثائقية بمثابة صرخة من صانعيه فى وجه نمط الحياة الأمريكى والغربى السائد والذى ضجّ به أصحابه وأوصلهم إلى الأمراض المزمنة والمستعصية نتيجة الضغوط وتخريب الطبيعة وتناول الطعام المعدّل وراثيًا ناهيك عن الأغذية المُصنَّعة بالأملاح والصوديوم والمواد الحافظة. وينادى هذا العمل واضعى السياسات فى العالم لمقاومة العولمة التى تزحف على المناطق الزرقاء وتسعى إلى التنميط السيئ لأسلوب الحياة ونشر "المكدلة" و"الكوكلة" وسلاسل الطعام الجاهز الغارق فى الدهون ومكسبات الطعم واللون، ولا تجلب معها سوى الضغط والمرض والتخلى عن العادات والتراث والأصالة!
ألفة السلامي: كاتبة صحفية متخصصة فى الشأن الدولى
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: 100 عام دان بيوتنر نتفليكس المناطق الزرقاء المناطق الزرقاء
إقرأ أيضاً:
تصاعد الجدل بين العلماء.. هل الشيخوخة مرض أم مجرد مرحلة عُمرية؟
يخوض مجموعة من العلماء معركة كبيرة في الأوساط العلمية والطبية من أجل إثبات أن الشيخوخة مجرد مرض، وأنه من الممكن تبعاً لذلك التوصل إلى علاج لها، فيما يقول الفريق الآخر بأنها "مرحلة عُمرية حتمية" وأن تجنب هذه المرحلة أمر مستحيل، وأنها تبعاً لذلك فمن المستحيل أن يتوصل الطب إلى علاجٍ لها.
وبين هذا الجدل الواسع الذي يدور في الأوساط العلمية فإن الكثير من البحوث والدراسات تتوصل بين الحين والآخر إلى علاجات للشيخوخة، أو على الأقل يتوصلون إلى أدوية ومواد وعلاجات من شأنها أن تؤدي إلى إبطاء الشيخوخة وحماية الخلايا في جسم الإنسان من التلف.
وقال تقرير مطول نشرته جريدة "وول ستريت جورنال"، واطلعت عليه "العربية نت"، إن الفهم العلمي المحسن لبيولوجيا الشيخوخة يقود بعض العلماء والأطباء ورجال الأعمال إلى القول بأن الشيخوخة مرض، حيث يقولون إنها محرك رئيس للمرض والوفاة، وتصنيفها على هذا النحو قد يسهل الحصول على موافقة على الأدوية لعلاج الشيخوخة نفسها، بدلاً من التعامل مع مجرد مشاكل صحية مرتبطة بالعمر.
وتقول الصحيفة إن الكثير من السكان في الولايات المتحدة يتقدمون في السن ويظل العديد من كبار السن أصحاء ونشطين، ولذلك فإن الكثيرين يعارضون فكرة التعامل مع الشيخوخة على أنها "مرض"، حيث إنها لم تؤدِ بهم إلى أية أعراض أو أوجاع أو متاعب، كما أن هؤلاء يقولون إنه "لا يوجد شيء سيئ بحد ذاته في التقدم في السن".
ويقول المنتقدون إن مثل هذا التحول قد يدفع الأطباء إلى رفض الحالات الصحية باعتبارها "مجرد شيخوخة"، مما يؤدي إلى رعاية طبية أسوأ لكبار السن. فيما يخشى آخرون أن يؤدي وصف الشيخوخة بأنها مرض إلى الاستغلال المالي من قبل صناعة مكافحة الشيخوخة، والاستفادة من الحلول السريعة "لعلاج" الشيخوخة.
ولا تصنف إدارة الغذاء والدواء الأميركية الشيخوخة حالياً على أنها مرض، كما لا يوجد دواء معتمد من قبل الوكالة لعلاج الشيخوخة البشرية.
وقالت أخصائية العلاج الطبيعي المتخصصة في طب الشيخوخة كارول بلوويس: "يمكنني أن أجد رجلاً يبلغ من العمر 80 عاماً ولا يزال قادراً على التزلج أو الرقص أو الركض في ماراثون. ويمكنني أن أجد رجلاً يبلغ من العمر 40 عاماً فقط ولا يتحرك كثيراً ولا يستطيع القيام بأي من ذلك"، وتخلص بلوويس الى القول: "العمر ليس مؤشراً على أي شيء على الإطلاق".
واجتذب مجال طول العمر المزدهر مليارات الدولارات من الاستثمارات حيث تحول السعي إلى مكافحة الشيخوخة إلى التيار الرئيسي، فيما يأمل المتحمسون لطول العمر أن تكون وكالة الغذاء والدواء الأميركية أكثر تعاطفاً في ظل المفوض الجديد المقترح من قبل الرئيس دونالد ترامب.
ويقول ريتشارد فاراجر، أستاذ علم الشيخوخة الحيوية في جامعة برايتون وعضو مجلس إدارة الاتحاد الأميركي لأبحاث الشيخوخة، إن نفس العوامل الأساسية التي تساهم في الشيخوخة تلعب أيضاً دوراً في تطور الأمراض. ويستشهد بمثال لعملية بيولوجية تسمى الشيخوخة الخلوية، وهي عندما تتوقف الخلايا عن الانقسام ولكنها لا تموت وتتراكم مع تقدم الناس في السن، وترتبط هذه العملية بأمراض مختلفة مرتبطة بالعمر.
ويقول فاراجر: "هل يمكننا أن نفعل أي شيء للتأثير على البيولوجيا الأساسية للشيخوخة البشرية؟ أعتقد أن الإجابة هي نعم قاطعة".
ويقول المدافعون إن أدوية مكافحة الشيخوخة، إذا ثبتت فعاليتها، يمكن أن تبطئ أو تمنع ظهور الحالات المرتبطة بالعمر بدلاً من علاجها بعد ظهورها، وفي النهاية توفر الملايين من الإنفاق على الأمراض المزمنة في وقت لاحق من الحياة.
وفي عام 2021، شكل 1% من المستفيدين التقليديين من الرعاية الطبية 19% من الإنفاق، وفقاً لوكالة متخصصة في الولايات المتحدة، كما تبين أن المستفيدين في آخر عام من حياتهم يميلون إلى التسبب بالمزيد من الإنفاق من غيرهم.
في المقابل تقول بيكا ليفي، أستاذة في كلية الصحة العامة بجامعة ييل، إن التعامل مع الشيخوخة على أنها أمر غير طبيعي أو إنها مرض هو مكلف أيضاً، حيث وجدت إحدى الدراسات التي عملت عليها ييل أن تأثيرات التمييز على أساس السن على الظروف الصحية تكلف 63 مليار دولار من الإنفاق على الرعاية الصحية في العام الواحد.
وتستشهد بمثال قريب لها في منتصف الثمانينيات من عمرها، حيث رفض الطبيب كدمتها باعتبارها أحد أعراض الشيخوخة وليس أحد الآثار الجانبية للدواء، كما تقول. ويمكن أن تؤدي الافتراضات الخاطئة مثل هذه إلى تأخير العلاج الفعال، مما يؤدي إلى مشاكل صحية أسوأ وأكثر تكلفة في المستقبل.
وتقول ليفي: "إن تصنيف الشيخوخة كمرض يمكن أن يصبح جزءاً من التمييز على أساس السن البنيوي. الشيخوخة ليست سيئة بطبيعتها".