العالم بحاجة لقانون يحارب خطاب الكراهية
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
تراجع الدول العربية، بما فيها سلطنة عمان، هذه الأيام مشروع قانون استرشادي يهدف إلى منع خطاب الكراهية.. ورغم أن القانون استرشادي إلا أنه يعكس اهتماما عربيا كبيرا بمواجهة خطاب الكراهية الذي يتشكل في العالم، بما في ذلك العالم العربي، كما يعكس اعترافا واضحا بتأثير خطاب الكراهية على بناء المجتمعات وفي مسيرة الدول، حيث يزرع الانقسام، والتحريض على العنف، وهدم كل القيم والمبادئ التي تقوم وتتأسس عليها الدول.
لقد أتاحت الثورة الرقمية لخطاب الكراهية مساحة واسعة وقوة انتشار غير مسبوقة. إن منصات وسائل التواصل الاجتماعي، التي كانت موضع ترحيب كبير باعتبارها أدوات لتحقيق المساواة خاصة فيما يتعلق بمساحة القول وإبداء الرأي، أصبحت الآن سيفا ذا حدين، تعمل على تضخيم الخطابات التي تدعو للانقسام والتفرقة بشكل كبير، وتجاوزت عواقب مثل هذه الخطابات الحدود المحلية في المجتمعات إلى المساحة العالمية وعلى نحو متزايد، حيث تؤثر على كل المجتمعات ومن الواضح أن معالجة هذه القضية لا يمكن أن تترك للدول الفردية؛ فالأمر يتطلب استجابة دولية منسقة.
إن اقتراح قانون عالمي لمكافحة خطاب الكراهية، على غرار مشروع القانون العربي، لم يعد مجرد طموح عابر أو تقليد بل هو ضرورة أساسية لاستقرار الدول والمجتمعات. وكما هو الحال مع اللوائح الدولية التي تحكم منع انتشار الأسلحة النووية، فإن قانونا مثل قانون منع خطاب الكراهية من شأنه أن يضع معايير عالمية لما يمكن أن يشكل خطابا غير مقبول ويدعو للكراهية كما يمكن أن يحدد القانون مجموعة من التدابير التي تمنع تصعيد العنف بين الدول والتي تقوم على فكرة الكراهية ومسبباتها الأساسية.
ومثل هذا الأمر يمكن أن يحمي المجتمعات ويحافظ على السلام والأمن في جميع أنحاء العالم.
ولا خوف على أن ينتهك مثل هذا القانون حرية التعبير، فلا بد أن يكون في العالم أجمع تمييز واضح بين حدود حرية التعبير الحقيقية التي تهدف إلى صلاح المجتمعات وبين «حرية التعبير» التي تهدف إلى التحريض على الأذى وعلى تقويض سلام المجتمعات وأمنها.. وحرية التعبير كما هو معلوم ليست مطلقة دون مسؤولية ودون قيود تنظمها خاصة عندما تكون سلامة المجتمعات والسلم الوطني والاجتماعي على المحك.
لكن مثل هذه القوانين الملزمة أو الاسترشادية عندما تكون قانونا عالميا فإنها تحتاج إلى قوة تطبيق ومراقبة فصدور القوانين أمر سهل ولكن تطبيقها هو الذي يحتاج إلى الكثير من التحديات.. فهناك قوانين دولية تحمي المدنيين والنساء والأطفال في كل دول العالم لكن لا توجد جديدة كبيرة في محاسبة من يقترفها خاصة عندما يتعلق الأمر بالدول التي تعتقد نفسها فوق القانون أو التي تعامل باعتبارها فوق القانون كما هو الأمر اليوم مع إسرائيل التي ارتكبت خلال 200 يوم كل الجرائم التي ارتكبتها البشرية منذ الخلق الأول حتى الآن إلا أن أحدا لم يقدم حتى الآن على محاسبتها بل ما زال هناك من يدعمها دعما مطلقا.
ينبغي لمبادرة الدول العربية لصياغة قانون استرشادي يمنع خطاب الكراهية أن تكون بمثابة مخطط أولي للعمل العالمي. فهو يظهر الالتزام بمعالجة ليس فقط الأعراض، بل الأسباب الجذرية للكراهية - الخوف، والمعلومات المضللة، والجهل. ومن خلال تعزيز الحوار والتفاهم، يمكننا أن نزيل الحواجز التي يسعى خطاب الكراهية إلى إقامتها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: خطاب الکراهیة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر: وحدة العالم الإسلامي هي الغاية التي يسعى إليها الإمام الأكبر
قال الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر، في بداية كلمته؛ الحمد لله الذي جعل الأزهر الشريف كعبةً للعلم، تَهْوِي إليه الأفئدةُ من كلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لافتا أن اليوم يعد يوما تاريخيا، حيث التقى قامات العلم وطلابه في رحاب الأزهر الشريف للمؤتمرات، مع قامة سياسية وفكرية ذاتِ خبرة كبيرة وكفاح طويل في نهضة ماليزيا، موضحا أنه لقاء المحبة والحفاوة والتكريم لمعالي رئيس وزراء ماليزيا السيد أنور إبراهيم.
رئيس وزراء ماليزيا يصف حديثه في الأزهر بأنه "أروع التكريمات" رئيس جامعة الأزهر: علينا أن نأخذ بأسباب القوة وندخل ساحات الابتكاروأكد رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته بقاعة الأزهر للمؤتمرات، والتي استضافت كلمة رئيسَ وزراء ماليزيا تحت عنوان "معا أقوى: رؤية للأمة الإسلامية من خلال التمكين التكنولوجي والاجتماعي والإقتصادي"، بحضور الوفدَ المرافقَ الماليزي لسعادته، والدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ولفيف من علماء الأزهر السادةُ الوزراءُ والسفراءُ، أن اللقاءٌ يشهد عمق العلاقات التاريخية بين مصر وماليزيا، وعمق العلاقات التاريخية بين الأزهر الشريف وماليزيا، ويعبر عن مدى المحبة بين الشعبين، وما رأيناه وشاهدناه من الحفاوة والاستقبال التاريخي لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف في زيارته الأخيرة لماليزيا وفي هذه الزيارة لمعالي رئيس الوزراء الماليزي لمصر وللأزهر الشريف لهو خيرُ دليل على هذا.
وثمن حرص رئيس الوزراء على إلقاء محاضرته التاريخية في رحاب جامعة الأزهر التي يدرس فيها ما يقترب من نصف مليون طالب مصري، وأكثر من ثلاثين ألف طالب وافد من نحو مائة وأربعين دولة على مستوى العالم، منهم أكثرُ من أربعة آلاف طالب ماليزي نشهد لهم بحسن الخلق وبالجد والاجتهاد في طلب العلم، لافتا أن طلاب الأزهر هم سفراء الأزهر ومعاهدُه وجامعاتُه في كل دولة في العالم، ينشرون فكره الوسطي المعتدل، ويحملون مصابيح الهداية ومشاعل النور إلى العالم، جهزهم الأزهر وأعدهم لذلك، فكان شريكا لهم في كل علم ينشرونه، وما أتوا واديا وما نشروا من معرفة إلا وكان للأزهر نصيبٌ من أجرها ونورها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا".
وأوضح "داوود" أن من يقرأ التاريخ ويقرأ الواقع المعاصر للأمة الإسلامية مثنى وثلاث ورباع يعلم علم اليقين أن وَحْدةَ الأمة التي بلغت الآن أكثر من 2 مليار مسلم هي تاجُ عزتها، وسرُّ قوتها، وهي الروح السارية في جسدها؛ ولهذا كرر القرآن الكريم الدعوة إلى الوحدة فقال جل وعلا: "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " (الأنبياء 92) ، " وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ " ( المؤمنون 52) ، ووحدة العالم الإسلامي هي الغاية التي يسعى لها بكل ما يملك من قوة شيخُنا الجليل فضيلةُ الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخُ الأزهر في الداخل والخارج.
واختتم، أنه لا سبيل إلى النصر والعزة والتمكين إلا بالوحدة وامتلاك أسباب القوة، وعلينا أن ندخل ساحة الابتكار وإنتاج المعرفة بقوة، وأن ننافس العالم في ذلك بأفضل ما تنتجه العقول، وعلينا أن نوقن بأن الخمول أخو العدم، وأن إبطاء ساعة يفسد تدبير سنة، وأن العلم لا يُدْرَكُ براحة الجسم، كذا قال الحكماء، وعلينا أن نوقن بأننا إذا نشأنا جيلا أقل من مستوانا فقد حكمنا على الزمن بالتخلف، وإذا نشأنا جيلا في نفس مستوانا فقد حكمنا على الزمن بالتوقف؛ فلا مفر من أن ننشىء جيلا أفضل من مستوانا ، وهذه كلمة شيخنا الدكتور محمد أبي موسى حفظه الله، إن أعداءنا ينشئون أجيالهم على القوة والجد ومعالي الأمور ، وهكذا ينبغي أن ننشىء أجيالنا ، وأن لا نتركهم نهبا للضعف والعجز والكسل والانشغال بالتفاهات وسفاسف الأمور.