لجريدة عمان:
2025-02-21@12:57:43 GMT

بعد عام.. الشرايين المفتوحة لحرب الجنرالين!

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

مع تمام الحرب السودانية عامها الأول، ما سيبدو واضحا لنا اليوم هو أن هذه الحرب حرب عبثية في صميمها، وللمفارقة فإن كلا من قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو «حميدتي» كانا قد اتفقا (رغم الصراع بينهما) على وصف هذه الحرب الدائرة بينهما بأنها؛ حرب عبثية!

هذا الاعتراف بطبيعة الحرب العبثية من طرف الرجلين سيدلنا على حقيقتين على الأقل؛ الحقيقة الأولى هي أن هذه الحرب كانت حربا مؤجلة، بحيث يمكننا القول إنها كانت ستقع في أي وقت بالنظر إلى طبيعة نظام الإسلام السياسي الذي حكم السودان ٣٠ عاما عبر انقلاب عسكري على حكومة ديمقراطية منتخبة عام ١٩٨٩م، لأن الطبيعة الأيديولوجية والأوتقراطية لمثل هذه الأنظمة فيما هي تعيد اكتشاف الخطايا مع كل محاولة للتشبث بالحكم أو استعادته بالقوة إنما تعتقد دائما أن الخطأ في التطبيق وليس في النظرية، لأنها حين تماهي بين فهمها الإيديولوجي المحرف للإسلام بوصفه نظرية إنما تجعل من فهمها ذاك هو الإسلام ذاته لا تأويلا محرّفا لفهم الإسلام؛ لهذا تعيد إنتاج أخطائها وبالتالي تستمر في محاولات دائمة للاستيلاء على السلطة بالقوة.

وعليه؛ يمكن القول إن ثمة محطات كانت بمثابة تمارين أولية لهذه الحرب وهي محطات حاول بها النظام القديم الالتفاف على الثورة السودانية وحكومة الانتقال الديمقراطي بقيادة د.عبدالله حمدوك؛ كمحطة مذبحة فض اعتصام القيادة العامة في رمضان ٢٠١٩ حين حاول كل من الجيش والدعم السريع فض اعتصام الثوار (الذين كانوا قد اعتصموا بعشرات الآلاف لأربعة أشهر أمام مبنى القيادة العامة للجيش بالخرطوم) في محاولة لكسر إرادة الشعب السوداني، ثم محطة انقلاب البرهان في أكتوبر ٢٠٢١ وصولا إلى هذه الحرب.

والحقيقة الثانية هي أن الميكانيزمات التي تحكم هذه الحرب أصبحت ميكانيزمات خارجية يتحكم بها لاعبون إقليميون ودوليون.

وجزء مهم جدًا من دواعي تحكم اللاعبين الإقليميين والدوليين بهذه الحرب في السودان يكمن في تاريخ الخطايا السياسية للنظام القديم مع المجتمع الدولي وما ترتب على تلك الخطايا لاحقا من تدخلات إقليمية ودولية كان أثرها باهظا على معيشة الشعب السوداني الذي دفع ثمن التجريب الإسلاموي الفج للسلطة والسياسة على مدى ثلاثين عامًا.

وما يؤكد ذلك هو أن الشعب السوداني جرب الحرب الأهلية حتى قبل استقلاله عن الاستعمار الانجليزي ثم تجددت الحروب الأهلية السودانية عبر محطات كبرى وتواريخ متعددة كحرب الجنوب ١٩٥٥ وحرب دارفور ٢٠٠٣ والحروب الأخرى في النيل الأزرق وجبال النوبة وشرق السودان، بحيث يمكننا القول إن الشعب السوداني بما جرب من ويلات الحرب الأهلية أصبحت لديه القدرة على تجنب مصائرها.

لكن حرب الخرطوم الأخيرة هذه (التي هي في تأويل من تأويلاتها نتيجة حتمية لارتداد حرب الهوامش والأطراف على قلب المركز الذي تولى تاريخيا إشعال الحرب في تلك الأطراف) اليوم مع ذلك تظل إمكانية وقفها رهينة بتوافق حصري لأطراف إقليمية ودولية نتيجة للخطايا السياسية التي راكمتها مجازفات النظام السابق وحماقاته في الإقليم والعالم.

ولعل المفارقة التي تتكشف بها فداحة الحرب وويلاتها غير المسبوقة - من حيث النزوح والجوع والمعاناة بحسب تقارير أممية مفزعة - تكمن في أن تلك الخطايا التي مارسها النظام السابق ونتجت عنها التدخلات الدولية تكمن في أن الحصار الذي وقع على السودان بين عام ١٩٩٧ و٢٠١٩ ثم وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب قد أضرا بالشعب السوداني ضررا عظيما تسبب في تدمير كافة مشروعاته القومية الكبرى، لهذا ما إن قامت هذه الحرب حتى تكشفت الآثار الفظيعة لانهيار البنية التحتية التي دُمّرت بفعل الحصار الاقتصادي، الأمر الذي كشف عن تلك الإحصاءات الكارثية في معدلات النزوح والجوع غير المسبوقة بحسب تقارير الأمم المتحدة.

هذا سيعني أن السودان جراء هذه الحرب العبثية سيكون مكشوفا أمام تداعيات انهيار الدولة المركزية، وهي دولة سيعكس انهيارها في منطقة جيوسياسية حساسة - كالمنطقة التي يقع فيها السودان - أخطارا تشمل منطقة وسط وشرق وغرب إفريقيا، مع ما تستدعيه آثار غياب الدولة؛ من ظهور للإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والحروب الأهلية المتنقلة بين دول الجوار (٥ من الدول الـ٨ التي تجاور السودان اندلعت فيها حروب أهلية).

وبحسب الكوارث التي تنذر بها نتائج الحرب في السودان بعد عام من اندلاعها؛ فإنها نتائج لنذر خطيرة تجعل كل طرف إقليمي أو دولي له مصلحة في السودان أن يجنح نحو البحث عن حل سلمي قبل أن تصل النتائج الكارثية للحرب إلى نقطة اللاعودة، وهي نقطة حددتها تقارير دولية بأنها ربما تحدث بحلول نهاية مايو المقبل، لا سمح الله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشعب السودانی هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

مصطفى بكري: الجيش السوداني يرفض الميليشيات ويعمل على الاستقرار

ناشد الإعلامي مصطفى بكري، كل القوى السودانية بأن تتحد خاصة أن الشعب السوداني لن يصمد طويلا على المتربصين، ولن يصبر على من يدعم الفرقة في السودان.

وقال “بكري”، خلال تقديمه برنامج “حقائق وأسرار” عبر فضائية “صدى البلد”، أن هناك حركات مازالت مسلحة في السودان لضرب استقرار السودان، مؤكدا أن تلك الحركات تعمل على التعاون مع ميليشيا الدعم السريع.

وتابع مقدم برنامج “حقائق وأسرار”، أن  الجيش السوداني يرفض الميليشيات، ويعمل على الاستقرار وعودة الهدوء، وأن يكون هناك سيادة كاملة للشعب السوداني على أرضه.  
 

مقالات مشابهة

  • جائحة مؤامرونا التي تجتاح السودانيين
  • مصطفى بكري: الجيش السوداني يرفض الميليشيات ويعمل على الاستقرار
  • «الشيوعي السوداني» يدعو لمناهضة محاولات إضفاء شرعية لأطراف الحرب
  • الداخل السوداني الآن معبّأ تماماً خلف جيشه للتعامل مع إعلان حرب صريح ضد السودان
  • الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
  • تصريح صحفي من الحزب الشيوعي السوداني حول محاولات تشكيل حكومة موازية
  • أسير حرب أوكراني: التنازل عن الأرض يعني التخلي عن الأوكرانيين الذي يعيشون عليها
  • الجيش السوداني يسيطر على الدشول ويشن غارات على الفاشر
  • حدث ليلا: نزوح آلاف الفلسطينيين من الضفة.. وترامب يكتب نهاية جديدة لحرب أوكرانيا.. ومفاجأة بشأن محتجز إسرائيلي لدى حماس.. عاجل
  • معارك كسر العظم تغيِّر معادلات الحرب: انتصارات الجيش السوداني.. حسم عسكري أم بداية لحرب طويلة ؟