لجريدة عمان:
2025-07-11@06:20:53 GMT

الذكاء الاصطناعي مفتاح لبناء مدن مرنة

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

إن المدن التي يسكنها نحو 4.4 مليار نسمة تزداد عرضة لخطر تأثيرات الأحداث الكارثية الناجمة عن تغير المناخ. إذ يهدد ارتفاع منسوب سطح البحر وفيضانات المدن الساحلية الكبرى مثل مدينة نيويورك وجاكرتا، ويُتوقع أن تصبح موجات الحرارة الشديدة، مثل تلك التي تصيب المدن في جميع أنحاء جنوب آسيا والشرق الأوسط كل عام، أكثر تواترا وشدة.

ومع أن بيئاتنا المبنية وبنيتنا التحتية تخضع للاختبار بسبب الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به والتغير السكاني، فإن العديد من المجتمعات الحضرية تواجه مخاطر صحية واقتصادية متزايدة مرتبطة بالمناخ.

ويمكن أن تكون المخاطر مثل تلوث الهواء والكوارث الطبيعية حادة خصوصا في البلدان النامية، حيث من المحتمل أن تدفع المزيد من الناس إلى هوة الفقر. وفي الوقت نفسه، تُسهم المدن على نحو غير متناسب في التحديات الأكبر التي نواجهها اليوم. فهي تصل حصتها من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى ما يقدر بنحو 70 في المائة، وتستهلك 78 في المائة من الطاقة، وقد تنمو هذه الأرقام في عالم يتجه نحو التوسع الحضري. ويتوقع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أن ترتفع نسبة الأشخاص في المناطق الحضرية إلى 68 في المائة بحلول عام 2050. ويتضح أن المدن ستؤدي دورًا محوريا في التصدي لتغير المناخ على مستوى العالم.

ويتمثل أحد العوامل التي يمكن أن تمنح المدن الدعم الذي تحتاجه بشدة وتتيح الفرص لبناء قدر أكبر من المرونة بالذكاء الاصطناعي. وإذا طُور واستُخدم بروح المسؤولية والالتزام الخلقي، فمن المحتمل أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تسريع وتيرة اعتماد حلول التخفيف من تأثير المناخ في الوسط الحضري، وتمكين التنمية المستدامة القائمة على العلم، وإنجاز الابتكارات بوتيرة غير مسبوقة، ما يسمح لنا بوضع المجتمعات الأكثر تعرضا للخطر في المقام الأول. ولكن الخطوة الأولى تكمن في تعميق فهمنا لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي العديدة بطرائق من شأنها أن تبني مدنا قادرة على الصمود. فعلى سبيل المثال، يمثل التحدي المتمثل في التعامل مع كميات هائلة من البيانات عقبة رئيسية أمام نمذجة سيناريوهات المناخ المستقبلية بدقة، واتخاذ قرارات تخطيط مدروسة. ولحسن الحظ، بفضل قوة الذكاء الاصطناعي، يمكن لنماذج الأساس والتحليلات الجغرافية المكانية أن تساعدنا في تصور مدننا من منظور جديد.

لنأخذ على سبيل المثال المناطق الحضرية التي تواجه أحوالا طقسية شديدة ومتغيرة ،انطلاقا من البيانات المناخية السابقة والآنية والقدرات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تستطيع الحكومات توفير أدوات جديدة للاستجابة للكوارث والاستعداد لها. ومن الممكن أن يكون الجميع، بمن فيهم المواطنون العاديون والمكلفون بحماية البنية التحتية الحيوية وصيانتها، أكثر اطلاعا على هذه الكوارث وأكثر استعدادا لمواجهتها.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي أيضًا بالقدرة على المساعدة في جعل نظم تسيير المدن أكثر استدامة على كل المستويات، ومن ثم الحد من الانبعاثات الكثيفة ومن تأثيرها البيئي. ويمكن أن يُدمج الذكاء الاصطناعي في التطبيقات البرمجية الذكية لتحليل استخدام الطاقة في المباني، واستهلاك المياه، وإدارة النفايات، مما يوفر رؤى تسمح للمجتمعات والمنظمات باتخاذ قرارات أكثر مسؤولية بشأن الاستدامة.

وفضلا على ذلك، مع إضافة الأجهزة المتصلة بعضها ببعض لتشجيع عمليات الجمع المتعمق للبيانات، يمكن أن تكون تدابير السلامة مثل صيانة البنية التحتية الحضرية أكثر فعالية وكفاءة من أي وقت مضى. لنأخذ على سبيل المثال جميع الجسور والطرق المهددة بأحداث مناخية غير مسبوقة؛ عند دمجها مع الذكاء الاصطناعي، فإن استخدامات البيانات تمتد إلى ما هو أبعد من المراقبة الأساسية وإعداد التقارير.

ولن يتوقف استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الوسط الحضري عند هذا الحد. إذ تتمتع هذه التكنولوجيا بالقدرة على تحسين النقل العام وتخطيط حركة المرور لتحقيق نقل حضري أكثر استدامة. ويمكن أن يساعد في تحديد أفضل المواقع لتوسيع نطاق المساحات الخضراء التي تشتد الحاجة إليها، مع الحفاظ على التنوع البيولوجي الحضري والموارد الطبيعية.

وتتمتع الحكومات ومقدمو الخدمات العامة والمنظمات غير الربحية على حد سواء بفرص متزايدة للوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي واستكشافها، مثل طلبات تقديم العروض والبرامج المجانية، مثل تلك التي تقدمها شركة IBM (آي بي إم).

ومع ذلك، تُظهر الأبحاث الحديثة أنه في حين أن 69 في المائة من المدن تدرس بالفعل استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي أو تختبرها، فإن 2٪ فقط تنفذها.

وبصفتي كبيرة موظفي قسم التأثير في شركة ABM ، فأنا أعلم أن الوصول إلى التكنولوجيا والمهارات المطلوبة لاستخدامها بفعالية يمكن أن يشكل عقبات رئيسية أمام التنفيذ. وتصبح الحاجة إلى قدر أكبر من الوصول أكثر إلحاحا عندما يأخذ المرء في الاعتبار التوزيع غير العادل للتهديدات الناجمة عن تغير المناخ. وداخل مدننا، تؤثر مشكلات مثل تلوث الهواء وعدم القدرة على الوصول إلى الطاقة النظيفة على نحو غير متناسب على السكان الأشد فقرا وضعفا. وهذه هي المجتمعات التي من شأنها أن تحقق أكبر استفادة من الذكاء الاصطناعي.

إننا نتحمل جميعًا مسؤولية جعل حلول الذكاء الاصطناعي تدعم الفئات الضعيفة من السكان. وهذا يعني توفير فرص متساوية للوصول إلى الأدوات المناخية، ودعم التدريب في مجال الذكاء الاصطناعي والمهارات ذات الصلة، وإنشاء برامج مصممة للاستجابة للاحتياجات المحددة لسكان المناطق الحضرية الذين عانوا من التهميش في الماضي. وسوف تسهم عملية تحسين المهارات، على وجه الخصوص، إسهاما رئيسيا في تسريع وتيرة اعتماد المجتمعات الضعيفة لأدوات التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.

ويمكن للقطاع الخاص أن يؤدي دوره عن طريق بناء شراكات مع الوكالات العامة، والعمل عن كثب مع المنظمات التي تشارك بالفعل في دعم المجتمعات الضعيفة. وباعتماد الذكاء الاصطناعي وتسخيره في مكافحة تغير المناخ، يمكننا أن نساعد في جعل مدننا أكثر أمانًا، وأكثر قدرة على التكيف، وأكثر استدامة. إن التكنولوجيا اللازمة لتزويد الناس بالأدوات الضرورية لتوقع الأحداث الناجمة عن المناخ ومعالجتها والتعافي منها متاحة. ويترتب علينا جميعا، كمجتمعات وحكومات وشركات، أن نستخدمها على أفضل وجه ممكن.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی تغیر المناخ فی المائة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يطوّر مقاطع الفيديو بشكل مبهر

أبوظبي (وكالات)
يواصل الذكاء الاصطناعي، تحقيق قفزة نوعية في مجالات السينما والإعلام والإنتاج البصري. فبعد أن اقتصر دوره سابقًا على تحسين الجودة أو الترجمة التلقائية، بات اليوم قادرًا على إنتاج مقاطع فيديو كاملة تبدو حقيقية بشكل مذهل، حتى أن الكثيرين يجدون صعوبة في التفرقة بينها وبين التصوير الواقعي.من تحريك الوجوه وتوليد المشاهد من النصوص، إلى تقليد الأصوات وتغيير الخلفيات بدقة مذهلة، بات الذكاء الاصطناعي أداة إبداعية هائلة.

أصبحت مقاطع الفيديو المولّدة بالذكاء الاصطناعي أكثر إقناعاً بعدما كانت تتضمّن خللاً إن لناحية إظهارها أيادي بست أصابع أو وجوها مشوّهة، وهوأمر بات يجذب أوساط هوليوود والفنانين والمعلنين.

لقياس تقدّم مقاطع الفيديو المولّدة بالذكاء الاصطناعي، يكفي مشاهدة مقطع لويل سميث وهو يأكل السباغيتي. منذ عام 2023، أصبح هذا المشهد النمطي، المُبتكر بالكامل، مقياساً تكنولوجياً للقطاع.

قبل عامين، كان الممثل يظهر غير واضح في المقطع، وعيناه متباعدتان جدا، وجبهته بارزة بشكل مبالغ به، وحركاته مُتشنجة، حتى أنّ السباغيتي لا تصل إلى فمه.
ولا تُظهر نسخة جديدة من الفيديو نشرها مستخدم لمنصة "فيو 3" Veo 3 من "جوجل" أي خلل يُذكر.
تقول الأستاذة في جامعة ولاية جورجيا إليزابيث ستريكلر "يصدر في كل أسبوع نموذج جديد أكثر روعة من سابقه".
بين أداة "دريم ماشين" من "لوما لابس" والتي أُطلقت في يونيو 2024، و"سورا" من "أوبن ايه آي" بديسمبر، و"جين-4" من "رانواي ايه آي" في مارس و"فيو 3" بمايو، حقق القطاع إنجازات بارزة في غضون بضعة أشهر.

ويشهد مجال إنتاج الفيديو تحولاً كبيراً بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت التقنيات الحديثة قادرة على توليد مقاطع فيديو واقعية إلى حد يصعب تمييزها عن التصوير الحقيقي.

أخبار ذات صلة "الدراسة معاً".. ميزة جديدة وغامضة في "تشات جي بي تي" خوذة «ذكية» لدراجي «الإمارات»

من بين الاستخدامات المحتملة، ناقش نائب رئيس شركة "ليونزغيت" مايكل بيرنز، مع مجلة "نيويورك" إمكانية إنتاج نسخة رسوم متحركة مناسبة للعائلة من أفلام موجودة، مثل أفلام "جون ويك" أو "هانغر غايمز"، بدلا من مشروع جديد كليا.
يقول المدير الإبداعي لمجلة "رانواي" جيمي أمفيرسون، "يستخدمها البعض في رسم القصة المصورة أو التصور المسبق، بينما يستخدمها آخرون للمؤثرات الخاصة أو الإضافات".
يستشهد مايكل بيرنز بمثال سيناريو "يتعين على الاستوديو اتخاذ قرار بشأن تصويره". ويقول "لاتخاذ القرار، يمكنه إنتاج مقطع مدته 10 ثوان يظهر فيه عشرة آلاف جندي في عاصفة ثلجية"، بينما كان المشهد نفسه سيكلف الملايين سابقا.
في أكتوبر، عُرض أول فيلم روائي طويل بتقنية الذكاء الاصطناعي عنوانه "وير ذي روبوتس غرو"، لكنه كان فيلم رسوم متحركة، من دون أن يتضمن ما يشبه لقطات فعلية أو تصويرا مباشرا.

 أحدثت شركة "ستيركايس ستوديو" ضجة كبيرة بإعلانها أنها كانت تخطط لإنتاج سبعة إلى ثمانية أفلام سنويا باستخدام الذكاء الاصطناعي بأقل من 500 ألف دولار للفيلم، لكنها أكدت أنها ستعتمد على المهنيين النقابيين كلما أمكن ذلك.
في العام 2023، حصلت نقابة الممثلين الأميركية "ساغ افترا" على امتيازات لاستخدام صورهم عبر الذكاء الاصطناعي. وترى أن الذكاء الاصطناعي يساهم في فك القيود عن قطاع هوليوود الذي لطالما رسّخ مكانته كحَكَم على الإبداع، ويؤدي دور الوسيط بين الفنانين والجمهور.

في ظل التطور المتسارع، يبدو أن الفيديوهات المولّدة بالذكاء الاصطناعي لن تبقى مجرّد أداة تقنية، بل ستتحول إلى قوة تغيير كبرى في مجالات الإعلام، والتعليم، والترفيه وغيره من المجالات. وبينما يُبهرنا ما يمكن لهذه التقنية أن تفعله، يبقى التحدي الأهم في كيفية ضبط استخدامها، والتفريق بين الإبداع الرقمي والتزييف المتقن. وهي مرحلة جديدة تتطلب وعيًا جماعيًا وتقنيات مضادة لا تقل ذكاءً.

مقالات مشابهة

  • حرارة شديدة قاتلة.. موجة أكثر فتكا تضرب العالم | ما القصة؟
  • مخيم تدرا.. بوابة النشء إلى عالم الذكاء الاصطناعي
  • أمانة عمّان تطلق خطة استراتيجية للتحول إلى مدينة ذكية
  • نواب يطالبون بمظلة قانونية مرنة للذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي غروك يثير الجدل بتصريحات معادية لليهود
  • الخارجية الأميركية تحذر من انتحال هوية دبلوماسيين عبر الذكاء الاصطناعي
  • شخص ينتحل شخصية وزير الخارجية الأمريكي عبر الذكاء الاصطناعي ويتواصل مع مسؤولين كبار
  • موجات الحر في أوروبا.. الشرارة الخفية التي تُشعل أزمة اقتصادية مدوية!
  • الذكاء الاصطناعي يطوّر مقاطع الفيديو بشكل مبهر
  • أحمد جابر لـ "الفجر الفني": "الجمهور يميل للأغاني الدرامية أكثر..وهذا رأيي في الذكاء الاصطناعي..وهذه أعمالي المقبلة" (خاص)