التاريخ يُـحَـدِّثنا عن مستقبل الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
دارون أوغلو -
سايمون جونسون -
ربما يبدو الذكاء الاصطناعي، والتهديد الذي يفرضه على الوظائف المجزية اليوم، وكأنه يمثل مشكلة جديدة تماما. ولكن بوسعنا أن نجد أفكارا مفيدة حول كيفية الاستجابة لهذا التهديد في أعمال ديفيد ريكاردو، مؤسس الاقتصاد الحديث الذي راقب الثورة الصناعية البريطانية من واقع تجربته المباشرة.
يبذل قادة التكنولوجيا في القطاع الخاص الوعود حول مستقبل أكثر إشراقا، حيث تخف ضغوط العمل، وتصبح الاجتماعات المملة أقل، وتزيد أوقات الفراغ، بل وربما حتى يتحقق حلم الدخل الأساسي الشامل. ولكن هل ينبغي لنا أن نصدقهم؟ قد يخسر عدد كبير من الناس ببساطة ما يعتبرونه وظيفة مجزية -مما يضطرهم إلى البحث عن عمل بأجر أقل. ذلك أن الخوارزميات تستولي بالفعل على مهام تستغرق حاليا وقت البشر واهتمامهم.
في عمله المبدع الذي صدر عام 1817 بعنوان «حول مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب»، اتخذ ريكاردو نظرة إيجابية للآلات التي أحدثت بالفعل تحولا في عمليات غزل القطن. واتباعا للرأي السائد في ذلك الوقت، قال أمام مجلس العموم في جلسة شهيرة: إن «الآلات لم تقلل من الطلب على العمالة». منذ سبعينيات القرن الثامن عشر، أدت «أتمتة» الغزل (تشغيله آليا) إلى خفض سعر القطن المغزول وزيادة الطلب على المهمة التكميلية المتمثلة في نسج القطن المغزول ليتحول إلى قماش كمنتج نهائي.
ولأن كل أعمال النسيج تقريبا كانت تُـدار يدويا قبل العقد الثاني من القرن التاسع عشر، فقد ساعد هذا الانفجار في الطلب على تحويل نسج القطن يدويا إلى وظيفة حرفية عالية الأجر توظف مئات الآلاف من الرجال البريطانيين (بما في ذلك أعداد كبيرة من الغزالين الـمُـزاحين في فترة ما قبل الصناعة). وربما أسهمت هذه التجربة الإيجابية المبكرة مع الأتمتة في إثراء وجهة نظر ريكاردو المتفائلة في مستهل الأمر.
لكن تطوير الآلات الضخمة لم يتوقف عند الغزل. وسرعان ما انتشرت الأنوال التي تعمل بالبخار في مصانع نسج القطن. ولم يعد «النساجون اليدويون» الحرفيون يكسبون دخلا لائقا من العمل خمسة أيام في الأسبوع من ورشهم المنزلية الصغيرة. بل بات لزاما عليهم أن يكافحوا لمجرد إطعام أسرهم بينما يعملون لساعات أطول كثيرا في ظل نظام صارم في المصانع.
مع انتشار القلق والاحتجاجات في مختلف أنحاء شمال إنجلترا، غير ريكاردو رأيه. وفي الطبعة الثالثة من كتابه المؤثر، التي نُشِرَت عام 1821، أضاف فصلا جديدا بعنوان «حول الآلات»، حيث أصاب كبد الحقيقة: «إذا كانت الآلات قادرة على القيام بكل العمل الذي تتولاه العمالة الآن، فلن نجد أي طلب على العمالة». تنطبق ذات أسباب القلق على الحال اليوم. فلن يكون استيلاء الخوارزميات على مهام كان العمال يؤدونها في السابق خبرا جيدا للعمال الـمُـزاحين ما لم يتمكنوا من العثور على مهام جديدة بأجور مجزية.
لم يذهب أغلب محترفي صناعة النسيج اليدوي المكافحين خلال العقدين الثاني والثالث من القرن التاسع عشر للعمل في مصانع النسيج الجديدة؛ لأن الأنوال الآلية لم تكن بحاجة إلى عدد كبير من العمال. وفي حين خلقت أتمتة الغزل الفرص لعدد أكبر من الناس للعمل كنساجين، فإن أتمتة النسيج لم توجد طلبا تعويضيا على أيد عاملة في قطاعات أخرى. ولم يخلق الاقتصاد البريطاني في مجمل الأمر ما يكفي من الوظائف الجديدة المجزية الأجر، على الأقل حتى انطلاقة السكك الحديدية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر. ومع وجود خيارات قليلة أخرى، استمر مئات الآلاف من النساجين اليدويين في المهنة، حتى مع انخفاض الأجور بأكثر من النصف.
تتمثل مشكلة رئيسية أخرى، وإن لم تكن بين تلك التي تناولها ريكاردو نفسه، في حقيقة مفادها أن العمل في ظروف المصانع القاسية -التحول إلى ترس صغير في «مصانع شيطانية» يسيطر عليها أصحاب العمل في أوائل القرن التاسع عشر- لم يكن جذابا في نظر النساجين على النول اليدوي.
وقد عمل كثير من النساجين الحرفيين كرجال ورواد أعمال مستقلين فاشتروا القطن المغزول وباعوا منتجاتهم المنسوجة في السوق. من الواضح أنهم لم يكونوا متحمسين للخضوع لساعات عمل أطول، ومزيد من الانضباط، وقدر أقل من الاستقلالية، وأجور أدنى عادة (على الأقل مقارنة بذروة النسيج اليدوي). في الشهادات التي جمعتها لجان ملكية مختلفة، تحدث النساجون بمرارة عن رفضهم قبول ظروف العمل هذه، أو عن حياتهم التي أصبحت فظيعة عندما أجبروا (بسبب الافتقار إلى أي خيارات أخرى) على العمل في مثل هذه الوظائف.
ينطوي الذكاء الاصطناعي التوليدي اليوم على إمكانات هائلة وقد حقق بالفعل بعض الإنجازات المبهرة، بما في ذلك في مجال البحث العلمي. وبات من الممكن استخدامه لمساعدة العمال على أن يصبحوا أكثر اطّـلاعا، وأكثر إنتاجية واستقلالية وتنوعا.
ولكن للأسف، يبدو أن صناعة التكنولوجيا تضع استخدامات أخرى في الاعتبار. وكما أوضحنا في كتاب «القوة والتقدم»، تفضل الشركات الكبرى التي تعمل على تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بأغلبية ساحقة الاتجاه إلى الأتمتة (استبدال البشر) على تعزيز القدرة (جعل الناس أكثر إنتاجية). هذا يعني أننا نواجه خطر الإفراط في التشغيل الآلي: حيث من المحتم أن يُـزاح عدد كبير من العمال، وأن يخضع أولئك الذين يستمرون في وظائفهم لأشكال متزايدة الإذلال والتحقير من المراقبة والتحكم.
يتطلب مبدأ «الأتمتة أولا ثم طرح الأسئلة لاحقا» -وبالتالي يزيد من تشجيع- جمع كميات هائلة من المعلومات في محل العمل وعبر كافة أقسام المجتمع، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل حول القدر الذي سيظل قائما من الخصوصية. مثل هذا المستقبل ليس حتميا. ومن شأن تنظيم جمع البيانات أن يساعد في حماية الخصوصية، ومن الممكن أن تعمل القواعد الأقوى في محل العمل على منع أسوأ جوانب المراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي.
لكن المهمة الأكثر جوهرية، كما قد يذكرنا ريكاردو، تتمثل في تغيير السرد العام حول الذكاء الاصطناعي. وربما يكون بوسعنا أن نقول: إن الدرس الأكثر أهمية المستفاد من حياته وعمله يتلخص في حقيقة مفادها أن الآلات ليست بالضرورة طيبة أو شريرة في حد ذاتها. بل يعتمد تسببها في تدمير الوظائف أو خلقها على كيفية نشرها، وعلى هوية الأشخاص الذين يتخذون مثل هذه الاختيارات.
في زمن ريكاردو، تولى كادر صغير من أصحاب المصانع اتخاذ القرار، وتركزت قراراتهم على الأتمتة وضغط العمال بأكبر قدر ممكن من القسوة.
اليوم، يبدو أن كادرا أصغر من قادة التكنولوجيا يسلكون المسار ذاته. لكن التركيز على خلق فرص ومهام جديدة للبشر، واحترام الأفراد كافة، من شأنه أن يضمن نتائج أفضل كثيرا. ولا يزال من الممكن أن يكون الذكاء الاصطناعي داعما للعمال، ولكن فقط إذا تمكنا من تغيير اتجاه الإبداع في صناعة التكنولوجيا وإدخال ضوابط تنظيمية ومؤسسات جديدة.
وكما كانت الحال في أيام ريكاردو، سيكون من السذاجة أن نثق في إحسان قادة الأعمال والتكنولوجيا. لقد تطلب الأمر إصلاحات سياسية كبرى لإنشاء ديمقراطية حقيقية، وإضفاء الشرعية على النقابات العمالية، وتغيير اتجاه التقدم التكنولوجي في بريطانيا أثناء الثورة الصناعية. ونحن اليوم نواجه ذات التحدي الأساسي.
دارون أوغلو أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف مشارك (مع جيمس أ. روبنسون) لكتاب لماذا تفشل الأمم: أصول القوة والازدهار والفقر.
سايمون جونسون كبير خبراء الاقتصاد الأسبق في صندوق النقد الدولي، وأستاذ في كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی القرن التاسع عشر فی ذلک
إقرأ أيضاً:
مزاد القطن اليوم الأحد في جميع المحافظات.. اعرف سعر القنطار لكل صنف
انعقد مزاد القطن اليوم الأحد 22 ديسمبر لجميع المحافظات، وذلك للقطن المشون في كافة المحالج منذ مطلع شهر ديسمبر ليكون المتمم لمزاد القطن الذي انعقد 15 ديسمبر المنصرم، وذلك لاستكمال بيع 423 ألف قنطار من مختلف الأصناف لجميع المحافظات، إذ انقسم المزاد إلى نصفين، الأول مزاد القطن في الوجه القبلي وشمل محافظتي الفيوم وأسيوط، والثاني مزاد القطن في الوجه البحري وتضمن محافظات البحيرة، والغربية، والشرقية، وكفر الشيخ، والدقهلية، والإسماعيلية، ودمياط.
وكشف الدكتور علاء شيلابي نقيب الزراعيين بمحافظة الفيوم، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، عن أنّ مديريات الزراعة أكدت في بيان لها، أنّ أسعار المزادات خاصة بالشركات، دون المساس بسعر الضمان والذي يبلغ 10 آلاف جنيه للقنطار في الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للقنطار في الوجه البحري، وذلك للأقطان عند رتبة جود زائد ربع ومعدل 122% لأصناف جيزة 95 وجيزة 98 وسوبر جيزة 97، وعند معدل 121% لصنف سوبر جيزة 94، وعند معدل 110% لصنف اكسترا جيزة 92، و117% لسوبر جيزة 86، و120% لصنف سوبر جيزة 96.
مزاد القطن اليوم في كفر الشيخوتضمن مزاد القطن في كفر الشيخ اليوم بيع نحو 99 ألفًا و351 كيسًا بإجمالي وزن 122 ألفًا و527 قنطارًا من صنف جيزة 94 والمجمعة في مختلف المحالج، حيث سجل سعر القنطار نحو 10 آلاف جنيه.
كما شهد المزاد بيع نحو 105 آلاف و806 كيسًا بإجمالي وزن 201 ألفًا و986 قنطارًا من صنف إكسترا جيزة 96، إذ تراوح سعر قنطار القطن منهم ما بين 10 آلاف و240 وحتى 10 آلاف و660 جنيه.
مزاد القطن اليوم في دمياطوشمل مزاد القطن في دمياط اليوم، بيع نحو 8 آلاف و47 كيسًا بإجمالي وزن 10 آلاف و759 قنطارًا و550 كيلو من القطن صنف إكسترا جيزة 92، بسعر تراوح بين 10 آلاف و300 وحتى 10 آلاف و720 جنيه للقنطار.
مزاد القطن اليوم في البحيرةوخلال مزاد القطن اليوم في البحيرة، جرى بيع نحو 30 ألفًا و852 كيسًا بإجمالي وزن 43 ألفًا و639 قنطارًا من صنف سوبر جيزة 86، حيث سجل سعر قنطار القطن من هذا الصنف ما بين 10 آلاف وحتى 10 آلاف و200 جنيه.
كما جرى بيع 2985 كيسًا بإجمالي وزن 3 آلاف و788 قنطارًا من القطن صنف سوبر جيزة 97 بسعر تراوح بين 10 آلاف و10 آلاف و20 جنيه للقنطار.
وجرى بيع 235 كيسًا بإجمالي وزن 320 قنطارًا من صنف إكسترا جيزة 96 بسعر 10 آلاف و280 جنيه للقنطار.
مزاد القطن اليوم في الغربيةوتضمن مزاد القطن في الغربية اليوم بيع 1035 كيسًا بإجمالي وزن 1149 قنطارًا و969 كيسًا من القطن من صنف سوبر جيزة 97 بسعر 10 آلاف جنيه للقنطار.
وسجل سعر قنطار القطن سوبر جيزة 94 لأقطان محافظة الغربية خلال مزاد اليوم، نحو 10 آلاف جنيه.
مزاد القطن اليوم في الشرقيةوفيما يخص مزاد القطن اليوم في الشرقية، فإنّه جرى بيع نحو 17 ألفًا و855 كيسًا بإجمالي وزن 22 ألفًا و882 قنطارًا و578 كيلو من صنف سوبر جيزة 94 المجمع بمحلج مصر الزقازيق بسعر 10 آلاف جنيه للقنطار.
كما جرى بيع نحو 10 آلاف و175 كيسًا بإجمالي وزن 12 ألفًا و578 قنطارًا و953 كيلو من صنف سوبر جيزة المجمعة بمحلج مصر وحدة الوادي أبو الشقوق بإجمالي سعر 10 آلاف جنيه للقنطار.
وشهد المزاد بيع نحو 8300 كيسًا بإجمالي وزن بلغ نحو 9 آلاف و598 قنطارًا و767 كيلو من صنف سوبر جيزة 97 بسعر 10 آلاف جنيه.
مزاد القطن اليوم في الإسماعيليةوشهد مزاد القطن اليوم في الإسماعيلية بيع نحو 1085 كيسًا بإجمالي وزن 1400 قنطارًا من صنف سوبر جيزة 94، بسعر 10 آلاف جنيه للقنطار.
سعر قنطار القطن اليوموسجل سعر قنطار القطن اليوم في الدقهلية نحو 10 آلاف جنيه للقنطار حيث شهد مزاد القطن اليوم بيع نحو 22 ألفًا و759 كيسًا بإجمالي وزن 26 ألفًا و985 قنطارًا و153 كيلو من صنف سوبر جيزة 94 المجمع في محلج وحدة الدلتا بالمنصورة.
سعر قنطار القطن اليوم في المنوفية.. سجل نحو 10 آلاف جنيه إذ جرى بيع نحو 2066 كيسًا بإجمالي وزن 2343 قنطارًا من مختلف مراكز التجميع.
سعر قنطار القطن اليوم في الفيوم.. سجل ما بين 8 آلاف وحتى 8 آلاف و140 جنيه إذ جرى بيع نحو 25 ألفًا و459 كيسًا بإجمالي وزن 17 ألفًا و40 قنطارًا و281 كيلو من صنف جيزة 95.
سعر قنطار القطن اليوم في أسيوط.. سجل سعر القنطار نحو 8 آلاف و80 جنيه إذ جرى بيع 8 آلاف و273 كيسًا بإجمالي وزن 13 ألفًا و187 قنطارًا.