لجريدة عمان:
2024-09-18@02:25:22 GMT

ضدَّان..

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

تمثل حياتنا الواقعية في منصات التواصل الاجتماعي مشهدا غرائبيا يشبه الأفلام السينمائية، في ضدّيّة عجيبة لم يكن من الممكن تصورها قبل أربعة عشر عاما حين بدأ الانستجرام بالعمل ودخول الساحة ملتهما كل المنصات دفعة واحدة في صعود أسطوري حينها وفي فترة وجيزة.

نأى كثير من الناس حينها عن دخول هذا العالم الجديد، وشيئا فشيئا نمت سطوة هذا الموقع التواصلي لتتعدى تخليد الصور والذكريات إلى صناعة مالية وثقافية ونفسية وأيديولوجية حتى!.

في البدء كانت لمشاركة الصور والتعارف بين الناس، ثم صارت منصة للمقاطع القصيرة التي كانت كوميدية في الغالب، ثم أصبحت منصة يبني فيها الناس شهرتهم وصورتهم التي يودُّون تصدريها إلى الآخرين للوصول إلى الوظائف التي تتناسب وتوجهاتهم وخبراتهم، ثم صارت صناعة بعينها.

يتعامل علماء النفس والاجتماع مع الظواهر المشابهة التي تنتشر كالنار في الهشيم ثم تستقر عصارتها صخرًا باقيًا لا رمادًا متناثرًا، باعتبارها ظاهرة تستحق الدراسة والفحص والتأمل.

وتبنى عليها دراسات ونظريات وكتب معالجةً ما خلّفته تلك الموجة الهادرة تحليلا وتوصيفا ثم تقديما للحلول والمقترحات.

وقد كثرت الدراسات حول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الناس، وأخص بالذكر موقع الانستجرام لأنه الموقع الذي يشبه السوق الإلكتروني المفتوح. فكثير من العلامات التجارية صارت تعتمد اعتمادا كليا على الانستجرام في تسويق وبيع منتجاتها، خصوصا مع ما يتيحه هذا الموقع من خاصية تسعير والكاتالوج وغيرها من الخدمات التي تجعل هذا البرنامج سوقا حرا بامتياز.

في الضفة الأخرى هناك والزبائن، أو الفئة المستهدفة كما يسميها متخصصو التسويق والمبيعات. أثرت برامج التواصل الاجتماعي وهذا البرنامج بالذات على تفكير الناس ونفسياتهم ونظرتهم للأمور، وعلى سبيل المثال فقد تبنى علماء كثر الدراسات العلمية التي تراقب تطور وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الحالة النفسية للناس وإصابتهم بالقلق والاكتئاب والتسمم النفسي واضطرابات النوم وغيرها من الأمراض النفسية كما رصدها موقع The Conversation المتخصص بالدراسات والأبحاث، والذي خصص جزءًا من أبحاثه لدراسة تأثير مواقع التواصل على الناس نفسيًا واجتماعيًا وسلوكيًا.

أحد أهم أسباب هذه الأمراض هو الشعور الدائم والمتجدد -في كل مرة يفتح فيها المستهلك مواقع التواصل- بالنقص، لأن كل شيء فيها لامعٌ وبرَّاق؛ في مشهد يجعل من الواقع المعاش عالمًا موازيًا للعالم الافتراضي. عالمٌ واقعيٌّ مليء بالعقبات والكد والكدح، مقابل عالمٍ مليء باللهو والمرح والبطالة والتبضع اللانهائي.

هذه المقارنات اللامنطقية التي تجعل العقل اللاواعي مشدودًا إلى كل جديد، من ملبس ومأكل ومشرب في زيف لانهائي وممتد حتى لا يعود الإنسان يعيش لأجل ذاته وعائلته؛ بل لأجل أن يراه الآخرون ويسمعه الآخرون ويُعجَبَ به الآخرون. قبل عدة أيام شاهدت مقطعين أرسلهما إليّ صديقان لي في هذه المنصة بغير ما اتفاق، ومن السخرية أن المقطعين متضادين تضادًا تامًا أحدهما عن عائلة عمانية يتحدث أطفالها الإنجليزية بطلاقة لافتة، ولا يعرفون الأسماء العربية لما شاهدوه في الحظيرة من ماشية وطيور، فبدهشة تشبه الدهشة السينمائية في الأفلام؛ أي أن أولئك الأطفال يتكلمون كما لو كانوا نسخا كربونية من الأفلام الهوليودية. في المقابل، أرسل إليّ الصديق الآخر مقطعا -دقائق بين المقطعين!- لعائلة أجنبية تعيش في الريف، وكيف أن الصبية الصغار مرحون يعيشون الحياة كما ينبغي أن تعاش، بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي والمشتتات الذهنية.

استحضر قصة مالك بن نبي ذلك المفكر الجزائري الحر، الذي قاوم الاحتلال الفرنسي للجزائر حتى نفاه المستعمرون؛ وبعدما تحررت الجزائر من رسن الاستعمار، وجد مالك أن قومه يتحدثون لغة المستعمر ويعيشون حياتهم كما كان المستعمر يفعل، فابتكر مصطلح القابلية للاستعمار الذي ضمّنه كتابه «شروط النهضة» وأعماله الأخرى.

وإذا كان بن نبي يرى القابلية للاستعمار في وقت لم يتوغل فيه الإعلام المرئي بعد وكان الاعتماد الكلي على الصحافة حينها؛ فإلى أي مسلك نحن ذاهبون اليوم وقد أصبحت القدرة على التأثير بيد كل فرد على حدة، فضلًا عن القدرات الهائلة في حال تبنت مؤسسة أو منظمة التأثير على الناس لمآرب سياسية واقتصادية وقومية حتى، إلى صعود؟ أم هو منحدر ينبغي أن نتنبه له منذ التو واللحظة قبل أن يجرفنا التيار!.

غني عن الذكر الدور الذي تمارسه القوى المناصرة للاحتلال في مواقع التواصل باستعمال المؤثرين والجيوش الوهمية، وكيف استفادت في توجيه الناس وغسل أدمغتهم، حتى ليكاد الواحد منهم لا يصدق أن الشمس تشرق من المشرق إلا إذا صدر بذلك بيان وخطاب من المشهور الذي يتابعه أو المؤسسة التي يتبعها.

أما عن السلامة النفسية والصحة الروحية والجسدية كذلك، فيستطيع المرء تجربة حذف هذه المواقع لمدة أسبوع واحد؛ وسيدرك تأثيرها الإدماني والسام عليه فورا، والتجربة خير برهان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی مواقع التواصل

إقرأ أيضاً:

عاصفة من الفرح في وسائل التواصل الاجتماعي:اليمنيون يحتفلون بالمولد النبوي الشريف، وإطلاق صاروخ فرط صوتي يضرب عمق الكيان الصهيوني

الثورة/ هاشم السريحي

مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن تفاعلاً استثنائياً، حيث تزامنت هذه المناسبة مع عملية عسكرية نوعية نفذتها القوات المسلحة اليمنية، استهدفت مدينة يافا (تل أبيب) بصاروخ فرط صوتي، هذه الضربة التي أُطلق عليها اسم «عملية يافا» أضافت بُعداً آخر للاحتفال الديني، وجعلت فرحة اليمنيين «فرحتين»، وفقًا لما عبر عنه رواد المنصات الإلكترونية.

تحت هاشتاقات «المولد_النبوي_الشريف» و«يافا_غير_آمنة» و«عزيز_يا_يمن»، امتلأت صفحات اليمنيين بالمنشورات التي تجمع بين الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والاحتفال بالعملية العسكرية التي وصفت بأنها «تاريخية»، إذ حققت المنشورات هذه انتشاراً واسعاً، وأصبحت ضمن قائمة الأكثر تداولاً (ترند) على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما انتشرت الكثير من الصور التي تحوي جداريات كتبها أهل غزة تتضمن شكراً وتقديراً لدور اليمن الحبيب في مساندة المقاومة الفلسطينية.

العملية الصاروخية »يافا غير آمنة«

في بيان رسمي، أكدت القوات المسلحة اليمنية نجاح العملية الصاروخية التي استهدفت تل أبيب باستخدام صاروخ باليستي جديد فرط صوتي، وأشار البيان إلى أن الصاروخ قطع مسافة 2040 كيلومتراً في زمن قدره 11 دقيقة ونصف الدقيقة، متفادياً منظومات الدفاع الإسرائيلية المتطورة مثل «حيتس»، و»مقلاع داود»، والقبة الحديدية، وقد أحدث الصاروخ حالة من الذعر في أوساط الإسرائيليين، حيث اضطر أكثر من مليوني شخص إلى التوجه نحو الملاجئ.

تفاعل واسع على منصات التواصل

عبّر العديد من مستخدمي مواقع التواصل عن فخرهم بهذه العملية التي وصفوها بأنها «صفعة جديدة» للعدو الصهيوني، واعتبروا أن نجاح اليمن في تنفيذ هذه الضربة يمثل نقلة نوعية في الصراع، كان من أبرز التغريدات ما كتبه حساب «صرخة يماني»، حيث قال: «تزوَّدَ شعبي منكَ يا سيد الورى.. صِفاتٍ لها خرَّ الطواغيتُ سُجَّدا

جعلنا بِكَ (إسرائيل) مشلولةَ الخُطى.. وطاغوت (أمريكا) كسيحاً ومُقعَدا

هزمنا بِكَ العدوانَ في أوج حربهِ.. أنخشاهُ لما اليوم أمسى مُهدِّدا !؟»

وفي إشارة إلى التزامن بين الاحتفال بالمولد والعملية العسكرية، غرد عقيل المناري قائلاً: «خرجنا لنحتفل بالمولد فرحاً.. وأدخلناهم إلى الملاجئ خوفاً»، وأضاف في منشوره: (وترجون من الله ما لا يرجون).

أما سهيل جسار، فقد أشار إلى سرعة الصاروخ مقارنة برؤية السعودية المسماه 2030م، وكتب: «نجحت القوات المسلحة اليمنية في الوصول إلى رؤية 2040م كلم في 11 دقيقة ونصف الدقيقة قبل أن يصل بن شولوم لرؤيته 2030م».

المعلق الفلسطيني الشهير أدهم شرقاوي كتب: «أوهن من بيت العنكبوت: لك أن تتخيل أن صاروخاً واحداً عبر آلاف الكيلومترات من اليمن أصاب دولة الاحتلال بهذا الرعب، فماذا لو قررت الجيوش أن تُحارب؟»

تغطية إعلامية عالمية

لم تقتصر ردود الفعل على اليمنيين فقط، إذ تداولت وسائل إعلام عالمية وعبرية الخبر على نطاق واسع. صفحة «الحرب العالمية-World War “ نشرت خبراً عاجلاً نقلاً عن يديعوت أحرونوت العبرية، جاء فيه: “#عاجل – الصاروخ اليمني يتجه بشكل متعرج نحو الهدف، مما جعل عملية الاعتراض صعبة للغاية.”

وأفادت تقارير أخرى من مصادر إسرائيلية بأن الصاروخ اليمني استطاع اختراق مجموعة الدفاعات الجوية الإسرائيلية المتعددة الطبقات، ما دفع الخبير الأمني الصهيوني يوسي ميلمان للتعليق على ذلك بقوله: “الصاروخ اليمني اخترق المجموعة الكاملة من منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، بما فيها ‘حيتس’ و’مقلاع داود’ والقبة الحديدية والطائرات وأنظمة التشويش.”

بين الاحتفال والقدرة العسكرية

هذا التفاعل الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي يعكس المزاج الشعبي اليمني الذي يرى في العملية العسكرية جزءًا من احتفاله بالقيم الدينية والوطنية في آن واحد، كما أن الجمع بين الاحتفال بالمولد النبوي وضربة يافا، يوضح الفخر الذي يشعر به الشعب اليمني تجاه قدرات بلاده العسكرية المتنامية، وكذلك تمسكه بالقيم الإسلامية التي يحتفل بها في ذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد حققت هذه الأحداث زخماً غير مسبوق على مواقع التواصل، حيث يعبر اليمنيون عن اعتزازهم بجعل ذكرى المولد النبوي فرصة للتأكيد على التضامن الديني والوطني في مواجهة التحديات الخارجية.

مقالات مشابهة

  • عاصفة من الفرح في وسائل التواصل الاجتماعي:اليمنيون يحتفلون بالمولد النبوي الشريف، وإطلاق صاروخ فرط صوتي يضرب عمق الكيان الصهيوني
  • أردوغان يشارك أغنية داعمة لفلسطين تشعل مواقع التواصل الاجتماعي
  • حبس فتاة هددت أخرى بنشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق
  • الحكومة العراقية تتجه لفرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي
  • أكاديميون: مواقع التواصل الاجتماعي تهدد ثوابت وقيم المجتمع
  • العراق: لا أزمة رواتب وضرائب جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي
  • الحكومة تخطط لفرض جباية على مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 15%
  • السعودية.. لقطات “مخيفة” تصور “قصر الرعب” تشعل مواقع التواصل الاجتماعي (فيديوهات)
  • ذكرى بشير تشعل مواقع التواصل الاجتماعي