عبد الله الأزرق: ????فض اشتباك
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
شهد القرن التاسع عشر انتشار مفهوم القومية Nationalism بين الدول.
وفي القرن العشرين ساد مفهوم الدولة القطرية Nation State في الدول المستقلة، وخاصة في الغرب.
وعبر الاستعمار انتقل هذا المفهوم للدول التي تقع تحت سيطرة القوى الاستعمارية. وقامت تلك الدول المسيطرة برسم الحدود بين الدول حتى قبل استقلالها. فمثلاً قام الرائد البريطاني غوين بتكليف من حكومته برسم حدودنا مع إثيوبيا عام 1902.
ولم يتم الاخذ في الاعتبار وجود قبائل مشتركة على جانبي الحدود لدى تحديد علامات الحدود أو رسمها.
ولدى استقلال الدول شكل وجود القبائل المشتركة على الجانبين مشكلات، خاصة إذا كانت قبائل رعوية.
وبيننا وإثيوبيا توجد قبيلة الأنواك على جانبي الحدود (قبل انفصال الجنوب).
وتوجد قبيلة الزغاوة على جانبي حدودنا مع تشاد.
وكذا قبيلة البني عامر بيننا وأريتريا.
وبجانب الحاجات الاقتصادية والمعيشية توجد المصاهرات بين أفراد القبيلة الواحدة على جانبي الحدود؛ مما يزيد من تعقيد الأوضاع الحدودية.
وكنت عضواً بلجنة الحدود المشتركة مع إثيوبيا؛ وخلص جانبنا إلى أن إثيوبيا لن تعترف بالحدود وترسمها إلاّ إذا رأت في السودان قوة.
ومع استقلال الدول أصبحت مسألة الحدود من لوازم السيادة paraphernalia of sovereignty التي لا تنازل عنها؛ شأنها شأن العَلَم والعملة وما إليها. ولكن القبائل المشتركة لا تحفل بذلك كثيراً.
ومع اندلاع الحرب الإثيوبية الأريترية تدفق الألوف من اللاجئين للسودان؛ وأقاموا في معسكرات.
ولكن الضعف الإداري في السودان مكّن الكثيرين من التسرب للمدن. ومكّن الألوف من التجنس.
وتدريجياً كونوا شبكات مصالح أصبحت تنافس أهل الأرض الأصليين حتى من نفس القبيلة.
حدث ذلك بين طرفي قبيلة البني عامر؛ أي من كانوا في المعسكرات أو من القادمين الجدد والمقيمين الأصليين.
وأخذ القادمون ينافسون حتى على النظارة؛ مثلما حدث قبل ثلاث سنوات حين حاول القادمون خلق نظارة بديلة للناظر دقلل. ولازال تسلل القادمين الجدد جارياً إلى اليوم .
ومثل هذه التحركات والمنافسات تهدد الاستقرار والأمن.
ونظارة الناظر دقلل محل نقد من أهلنا الهدندوة (المجاذيب لهم مصاهرات وقربى مع الهدندوة).
عرفت اللواء (أمن) بدر الدين عبد الحكم كضابط أمن ذكي وذو خبرة، ومعرفة بشرق السودان وأريتريا، ودراية بالتداخل القبلي بين السودان وأريتريا. وتعمقت معرفته ومتابعاته حين كان مسؤولاً عن الأمن بولاية كسلا.
وقد أثار تصريحه للتلفزيون مؤخراً عن الوجود الأجنبي موجة من ردود الأفعال.
وما قاله عن خطورة الوجود الأجنبي صحيح؛ وقد جنينا ثمره المر خلال هذه الحرب.
وما ذكره عن ضرورة مراجعة السجل المدني صحيح، بل ضرورة قصوى.
وفي تصريحه قال اللواء: إنه في عهد إبراهيم محمود تم تجنيس نصف أريتريا.
وهذا شائع.
وقال لي اللواء بدر الدين: إنه يعرف الأصيل من الدخيل في قبائل الشرق؛ وإنه لم يعنِ أبداً الأصلاء أهل البلد من البني عامر؛ وأن أصحاب الأهواء، والقحاتة بخاصة، هم من يثيرون اللغط حول ما قال.
ولكن النظر العميق ينبئ أن الخلل في الكوادر الدنيا في جهاز الشرطة.. وإلاّ فإنّ بالشرطة من الكوادر الوطنية النظيفة ما يجل عن العد والحصر وخاصة في الكوادر الوسيطة والعليا.
وقد سألت الأستاذ إبراهيم محمود عن ذلك فنفاه، وقال: إنه لم يتدخل كوزير في سلطة جهاز الجوازات بالشرطة.
وللحقيقة، فقد تعرض الأستاذ إبراهيم محمود للظلم منذ زمن.
فقد اتهم بأنه كان رئيساً لاتحاد الطلاب الأريتريين بجامعة الأسكندرية.. وهذا غير صحيح فقد كان المسؤول الاجتماعي في اتحاد الطلاب السودانيين في مصر.
واتُّهِم َ بأنه أريتري؛ في حين أن عمه كان عمدة لقبيلة عد شيخ حامد ورئيس المحكمة الأهلية، وهو مدفون بالختمية بكسلا.. ووالده تولى العمودية بعد عمه عام 1927 (أكرر 1927).
وللعلم فإن فوز الأستاذ إبراهيم كوالي لكسلا لم يتم بأصوات البني عامر.
وينتمي إبراهيم محمود من جهة أبيه إلى فرع النابتاب في بني عامر السودان.
والنابتاب في الأصل شعديناب.. والشعديناب من أعرق بطون الجعليين.
وللحقيقة، فمثلما عرفت اللواء بدر الدين فقد عرفت الأستاذ الوزير إبراهيم محمود كقائد إسلامي، رفيع الخلق، كثير الأدب، جم التواضع.
أذكر وأنا وكيل بالخارجية أنني اقترحت في اجتماع بمجلس الوزراء ترأسه الفريق بكري حسن صالح سَنْ قانون يجرم القبلية Tribalism؛ أسوة بتجريم العنصرية في البرازيل والقبلية في رواندا.
ولازالت حاجتنا ماسة لمثل هذا القانون.
كل هذا الذي ذكرنا لا ينفى ضرورة أن يُعهد بمراجعة الرقم الوطني لكوادر وطنية من أولاد البلد الأقحاح؛ وإلاّ حاق بنا مرة أخرى ما حاق بنا الآن جراء تدفق عربان وزرقة غرب أفريقيا؛ ولات حين مندم.
كنت أتمنى أن تزول هذه الحدود بيننا وبين إخواننا في أريتريا، فنحن كمسلمين أمة واحدة.. ولكن ما الذي يخرجنا من ورطة الدولة القطرية وحدودها التي وضعها الاستعمار؟؟
ومن ناحية أخرى، لأن من ينتمون لقحت (تقدم) لا يُحسنون إلاّ إثارة الفتن، فقد استثمروا بحقد في تصريحات اللواء عن الوجود الأجنبي، وزعموا زوراً أن الإسلاميين يريدون إثارة فتنة في الشرق.. أخرجوا الأمر عن سياقة تماماً؛ متناسين أنهم ضالعون في فتنة مليشيا حميدتي. وهم يريدون صرف الأنظار عن مخازيهم لا أكثر.
كبُرَت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذبا.
يقيني أن ما قاله اللواء بدر الدين عن ضرورة مراجعة الرقم الوطني، إنما قاله بدافع وطني، وبدافع مهني ومن واقع خبرته.
وما قاله في النهاية هو رأي شخصي. ومن ثم فإن القفز إلى أن هذا رأي الإسلاميين إنما هي محاولة غير شريفة للتعميم، وهذا نهج غير موضوعي ولا عِلمي. ومحاولة رخيصة لتجريم الرجل.
وعهدنا من القحاتة تجريم كل رأي يخالفهم، متناسين جريمة تحالفهم مع أولاد دقلو.
ويا لها من جريمة!!!
هؤلاء مردوا على الكذب، وتعودوا على رمي الخصوم زوراً بكل بلية، وجُبلوا على تخويف معارضيهم بالشتائم والسباب.
ولكن ذلك عهدٌ ولّى.
وفي كل الأحوال، قاتل الله القبلية:
“دعوها فإنّها مُنْتِنَة”.
????عبد الله الأزرق
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: إبراهیم محمود البنی عامر بدر الدین على جانبی ما قاله
إقرأ أيضاً:
هل اقترب السلام بين إسرائيل ولبنان؟
ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أنه قبل 6 أشهر، كان السلام بين إسرائيل ولبنان يبدو مستحيلاً، ولكن الآن قد تمهد محادثات الحدود الطريق لاتفاق تاريخي، متساءلة: "هل من اختراق قريب؟".
وأضافت "جيروزاليم بوست"، أنه في تلك المرحلة، كان حزب الله وإسرائيل يتبادلان إطلاق النار لفترة استمرت لما يقرب من عام، وكانت المنطقة الحدودية بين البلدين مدمرة، مع تزايد أعداد القتلى وإجلاء أعداد كبيرة من المدنيين، وبحلول نهاية شهر سبتمبر (أيلول)، عبرت القوات الإسرائيلية الحدود، لتصبح المرة الثالثة التي تغزو فيها إسرائيل لبنان منذ عام 1982.وعلى الرغم من ذلك، إلا أن المفاوضين الإسرائيليين واللبنانيين اجتمعوا هذا الأسبوع في لبنان، لإنجاز مهمة تبدو حميدة وعظيمة في آن واحد، وهي "الاتفاق على ترسيم الحدود بدقة".
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أنه حال نجاح المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، فقد تمهد الطريق لمعاهدة سلام ستكون الأهم بالنسبة لإسرائيل منذ ما يقرب من نصف قرن، من بعض النواحي، وبحسب ما نقلته عن مسؤول إسرائيلي فإن الهدف هو "الوصول إلى التطبيع".
ما هي استراتيجية حزب الله بعد استعراض "ملعب بيروت"؟https://t.co/TpOOnFLsMH pic.twitter.com/au1ALCQRTb
— 24.ae (@20fourMedia) March 2, 2025 قواسم مشتركةورصدت جيروزاليم بوست الوضع الراهن، وقدمت قراءة لما قد يحدث لاحقاً، وقالت إن إسرائيل ولبنان قريبان جغرافياً لكنهما عدوان منذ زمن طويل، مشيرة إلى أن إسرائيل ولبنان الواقعين على حدود بعضهما يتشاركان الكثير من القواسم، فهما دولتان صغيرتان ومتنوعتان عرقياً، نالا استقلاليهما في أربعينيات القرن الماضي، ولا تفصل بين العاصمة اللبنانية بيروت وحيفا، ثالث أكبر مدينة في إسرائيل، سوى حوالي 80 ميلاً، وكلاهما على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ولفترة وجيزة، خلال فترة الحرب العالمية الثانية، كانت خطوط القطارات تمر بين المدينتين.
ولكن على مدار السنوات الـ75 الماضية، كانت الغالبية العظمى من الإسرائيليين الذين وطأت أقدامهم لبنان يرتدون الزي العسكري، ولا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين، وقد خاضا حروباً متكررة، بينها 3 حروب رئيسية، وكان الصراع الأبرز عام 1982، عندما غزت إسرائيل لبنان، وشنت هجوماً واسع النطاق على منظمة التحرير الفلسطينية المتمركزة في بيروت بهدف معلن، وهو وقف الهجمات على التجمعات السكانية الإسرائيلية الحدودية.
ظهور حزب الله
وخرجت منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس، وانسحبت إسرائيل من معظم لبنان، لكن الجيش الإسرائيلي بقي في جنوب لبنان، حيث قاتل عدواً جديداً تمثل في تنظيم حزب الله اللبناني، الذي استهدف القوات الإسرائيلية والأمريكية، وفي العقود التي تلت ذلك، بنى حزب الله مخزونه الضخم من الأسلحة، وعمل كـ"دولة داخل دولة" في جنوب لبنان، وفاز بمقاعد في البرلمان اللبناني، وفقاً للصحيفة.
وبعد سلسلة من الخسائر الإسرائيلية، بما في ذلك حادث تحطم مروحية عام 1997 أودى بحياة 73 مجنداً، انسحبت إسرائيل من جانب واحد من جنوب لبنان عام 2000، وبعد 6 سنوات، عادت إسرائيل للقتال مع حزب الله بعد أن دهم التنظيم إسرائيل واختطف جنوداً. وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن هذه الحرب التي استمرت شهراً، تعتبر كارثة نتج عنها خسائر بشرية فادحة، وبقي حزب الله متمركزاً على الحدود، فيما أُعيد رفات الجنديين بعد عامين في صفقة تبادل أسرى.
السابع من أكتوبر
وظلت الحدود هادئة نسبياً حتى هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما انضم حزب الله إليه بعد ذلك بوقت قصير، وأمطر إسرائيل بالصواريخ مما أجبرها على إجلاء واسع النطاق للمدنيين من شمال إسرائيل، وردت الدولة العبرية بغارات جوية وغزت لبنان خريف العام الماضي، وخاضت صراعاً برياً استمر شهرين أسفر عن مقتل قسم كبير من قيادة حزب الله وإضعافه.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل بدأت الانسحاب من لبنان بموجب وقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، وساد الهدوء على الحدود إلى حد كبير منذ ذلك الحين، وينص وقف إطلاق النار على تولي الجيش اللبناني السيطرة على جنوب لبنان، ليحل محل حزب الله، لكن إسرائيل تقول إنها بحاجة إلى الاحتفاظ بقوات في لبنان لأن حزب الله لا يزال يعمل في المنطقة.
محاولات تطبيع سابقة
ولفتت جيروزاليم بوست إلى محاولات سابقة للسلام بين إسرائيل ولبنان، فخلال حرب عام 1982، حاولت إسرائيل عبثاً إبرام معاهدة. وفي عام 2022، تفاوضت إسرائيل ولبنان على الحدود البحرية، وهو ما اعتبر خطوة نحو إقامة علاقات.
وتقول الصحيفة، إن هذا الأسبوع، التقى مفاوضون إسرائيليون وفرنسيون وأمريكيون ولبنانيون في الناقورة بجنوب لبنان لإجراء محادثات، قالت مورغان أورتاغوس، المبعوثة الخاصة لنائب الرئيس الأمريكي، إنها ستركز على "حل العديد من القضايا العالقة دبلوماسيًا من بينها إطلاق سراح عدد من الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل، وحل النزاعات الحدودية المتبقية، والاتفاق على الانسحاب العسكري الإسرائيلي".
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إسرائيل ستفرج عن الأسرى الخمسة "بالتنسيق مع الولايات المتحدة وكبادرة طيبة للرئيس اللبناني الجديد".
وأشارت الصحيفة إلى أن الطريق إلى السلام محفوف بالمخاطر، لكنه واعد، مستطردة: "الحدود البرية ليست معاهدة سلام، وإقامة علاقات بين دولتين اعتبرتا بعضهما البعض أعداءً لأكثر من 75 عاماً ليس بالأمر الهيّن".
هل هناك محادثات للتطبيع بين إسرائيل ولبنان؟https://t.co/jZcb1TB5xM pic.twitter.com/c9rnUh1YCZ
— 24.ae (@20fourMedia) March 13, 2025 خطورة حزب اللهبحسب الصحيفة، إذا استأنف "حزب الله" هجماته على إسرائيل، أو إذا لم تنسحب إسرائيل من لبنان، فقد تفشل المفاوضات بسهولة، وقد سبق لحزب الله أن استشهد بمناطق حدودية متنازع عليها لتبرير هجماته على إسرائيل.