يجب أن نعترف بأن إسرائيل نجحت فى فرض العديد من المبادئ والمعايير غير العادلة، والتى تعبر عن منطق القوة فى تعاملها مع المنطقة. بدءًا من فرض رؤيتها الخاصة للردع بمعنى أنها لن تسمح بأى عملى عدائى ضدها إلا وردت عليه بشكل أقسى حتى يفكر الخصم ألف مرة قبل أى هجوم، مرورًا بنزع الشرعية عن امتلاك المقاومة للسلاح الذى تواجهها به.
فمن الغريب أن المواثيق الدولية التى أقرتها الأمم المتحدة التى من المفترض أنها تدير المجتمع الدولى تقر بأن وضع إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية بعد 67 هو وضع احتلال، وتقر تلك المواثيق ذاتها بحق كل شعب محتل فى كفاحه من أجل مقاومة ذلك الاحتلال. وأشكال المقاومة تتعدد، وفى مثل هذه الحالات تكون المقاومة مسلحة، وهى مقاومة معروفة ومتعارف عليها منذ فجر التاريخ- تجربة غاندى فى الهند الوحيدة التى تمثل استثناءً وهى تجربة لها خصوصيتها. ورغم كل ذلك فإن ذلك المجتمع الدولى يتعامل الآن على أن تسليح تلك المقاومة أمر مخز وغير شرعى ويجب ألا يتم!
كان من المشاهد التى تعكس أكبر المفارقات أنه فيما بادرت إسرائيل بالحرب على غزة إثر طوفان الأقصى أن قررت الولايات المتحدة مشاركتها بأسلحتها وخبرائها وجنودها (كلام رسمى وليس من قبيل المبالغة) فيما لم تفكر أى دولة فى النظام الدولى بأكمله والبالغ عددها 193 دولة حتى من أعتى أعداء إسرائيل والولايات المتحدة فى التلويح بعمل مماثل! لماذا؟ لأن واشنطن وتل أبيب نجحا فى صناعة صورة مزيفة عن المقاومة بأنها إرهابية ومساندة الإرهاب إرهاب!
إذن ماذا يفعل الشعب الفلسطينى فى مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية التى تعد الأعتى عالميًا– باعتبارها هى ذاتها الأمريكية؟ المنطق الإسرائيلى ويسايره العالم أن الشعب الفلسطينى عليه أن يتلقى الضربات ويصمت ويواجه حرب إبادة– التعبير ليس من عندنا وإنما من الأمين العام للأمم المتحدة ومن غيره– دون ضجيح.
بغض النظر عن موقفنا من طوفان الأقصى، فإن صمود المقاومة على هذا النحو وطوال هذه المدة– بعيدًا عن تقديرات الانهزاميين– يؤكد أن لديها سلاحًا وسلاحًا فعالًا فى حدود كونه سلاح مقاومة، هو فى تقديرى الشخصى صناعة ذاتية عملًا بمبدأ «الحاجة أم الاختراع». على خلفية هذا الجانب تسعى إسرائيل للتشكيك فى مواقف جيرانها وعلى رأسهم مصر بشأن سلاح المقاومة، وهو تشكيك جاء على لسان الكثير من المسئولين هناك بما فيهم أكبر مسئول إسرائيلى وهو رئيس الوزراء نتانياهو بأن هناك عمليات تهريب للأسلحة من مصر إلى قطاع غزة.
ورغم نفى القاهرة لمثل هذه الإتهامات على لسان رئيس الهيئة العامة للإستعلامات ضياء رشوان وتأكيده على سيطرة مصر التامة على حدودها الشمالية الشرقية مع غزة أو إسرائيل وأنه تم تدمير أكثر من 1500 نفق وتقوية الجدار الحدودى مع قطاع غزة إلا أن إسرائيل تصر على عمليتها فى رفح وأن يكون ممر فيلادلفيا تحت سيطرتها لضمان نزع سلاح غزة، ومنع تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى القطاع.
على هذا النحو يبدو وكانه من حق إسرائيل أن تتلقى أسلحة من كل حدب وصوب، وأن تصنع من الأسلحة ما تشاء وأن تهب أمريكا وبريطانيا وفرنسا لنجدتها من أى هجوم بمسيّرات أو غير مسيّرات على شاكلة ما تم فى مواجهة الهجوم الإيرانى، فيما لا تقبل سوى بمبدأ أن يبقى الشعب الفلسطينى سوى شعب أعزل لكى تقوم معه بما تشاء من إجراءات ليس من الخفى أنها تصل حد التهجير لتصفية القضية الفلسطينية. أنه الظلم بعينه، أو قل شريعة الغاب فى أكثر تجلياتها فى التاريخ وضوحًا!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق تأملات إسرائيل منطق القوة نزع الشرعية امتلاك المقاومة سلاح ا
إقرأ أيضاً:
وزير حرب الاحتلال: مصر هي من اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
قال وزير حرب الاحتلال، يسرائيل كاتس، إن مصر، ولأول مرة، اشترطت من أجل صفقة شاملة وإنهاء الحرب، تفكيك سلاح حماس، وتجريد قطاع غزة، من السلاح، وهو ما يتناقض مع حديث وسائل إعلام مقربة من القاهرة عن أنه مقترح للاحتلال وهي قامت بنقله فقط.
وأوضح كاتس في منشور عبر حسابه الرسمي بموقع إكس: "الضغط على حماس لتنفيذ الصفقة كبير، ولأول مرة اشترطت مصر من أجل إنهاء الحرب تفكيك سلاح حماس ونزع السلاح من القطاع".
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، في ظل التجويع، قال كاتس، "سياسة إسرائيل واضحة.. لن يسمح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة هو أحد أدوات الضغط الرئيسية التي تمنع حماس استخدامه مع السكان، ولا ينوي أحد في الواقع إدخال مساعدات إلى غزة، وليس هناك تحضيرات لذلك".
وأضاف: "يجب بناء آلية لاستخدام الشركات المدنية كأداة تمنع حماس من الوصول إلى هذا الملف مستقبلا كذلك".
وكانت قناة "القاهرة الإخبارية"، حذفت خبرا لها قبل يومين، ذكرت فيه أن مصر وحدها سلمت حركة حماس الورقة الإسرائيلية، التي تتضمن نزع سلاح المقاومة، وقامت بإضافة قطر إلى الخبر المحدث.
وكتبت القناة: "مصر وقطر تسلمتا مقترحا إسرائيليا بوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، وبدء مفاوضات تقود لوقف دائم لإطلاق النار".
وأضافت أن "مصر وقطر سلمتا حركة حماس المقترح الإسرائيلي، وتنتظران ردها في أقرب فرصة".
وفي وقت سابق، أكدت حركة حماس أن قيادة الحركة تدرس بمسؤولية وطنية عالية، المقترح الذي تسلمته من الإخوة الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه.
وجددت الحركة تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقّق أيّ اتفاق قادم: وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصّل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وكشف قيادي في حركة حماس، أن مصر نقلت إلى الحركة مقترحا، يتضمن نصا صريحا، بشأن نزع سلاح المقاومة، وهدنة مؤقتة لمدة 45 يوما.
ونقلت قناة الجزيرة تصريحات عن القيادي الذي لم تكشف هويته، قوله إن المقترح الذي نقلته القاهرة يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال في الأسبوع الأول من الاتفاق، وتهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء.
وأضاف: "وفدنا المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي نقلته مصر يتضمن نصا صريحا بشأن نزع سلاح المقاومة".
وتابع: "مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب، دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة".
وشدد بالقول: "حماس أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب، وليس نزع سلاح المقاومة، وأن نقاش مسألة السلاح مرفوض جملة وتفصيلا، وأن السلاح هو حق أساسي من حقوق شعبنا ولا يخضع للنقاش".
وأثار الحديث عن مسألة نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة خلال المفاوضات الجارية في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن جهود وقف إطلاق النار وعقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع الاحتلال؛ ردودا واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدأ مغردون باستذكار تعليقات تاريخية لقادة المقاومة الفلسطينية بشأن هذا الملف، وأعادوا نشرها عبر وسم "سلاحنا_كرامتنا"، فيما وصف آخرون مقترح تسليم السلاح بأنه "نكتة سمجة".