ما لم يقله عبدالرحيم كمال! (١_٤)
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
فى أحدث ما كتب مسلسل الحشاشين كان عبدالرحيم كمال سباقًا لخمس حالات إبداعيه لم يستطع أن يهرب منها وقد أسرته فى سحرها.
أما أولى هذه الحالات فهى ذكاء الكاتب نحو دمج كثير من الشخصيات التى أضافها من خياله - بعيدًا عن الأحداث الحقيقية - وهى واقعة من حق كاتب التاريخ فى شكل درامى - أن يسلكها طالما تصب فى خدمه الأحداث.
الحالة الثانية: هى عبقرية عبدالرحيم كمال فى تجسيد مفاصل الحياة اليومية لحسن الصباح القائد العنيف الحاسم وأيضاً اقتراب إنسانيته لكى لا تتنافى مع العدل والمساواة بين المواطنين تحت حكمه. وبين أهل بيته هذا العدل وصل إلى مرحلة قتل ابنه - وقت أن اخطأ هذا الابن.
الحالة الثالثة: تمكن عبدالرحيم كمال من أدواته فى رسم الخط البيانى لمجريات أحداث التاريخ المتراكمة على مدى عقود فقد تكاثرت رواسب من وقائع حدث بعضها أو لم يحدث وبالتالى سقطت القصة الأساسية وكان على - كمال - أن ينتقى بحرفية الحقائق من بين ركام الموجود.
الحالة الرابعة: كانت الوعى فى ربط ما هو تاريخى وبين ما هو معاصر. ولا بد أن المشاهدين قد عاشوا فى هذا الربط وتمكنوا من تطويره.
وأما الحالة الخامسة: فهى استلهام تراثنا بكل ضمير أدبى حى نابض بمنفعة وثراء.
هذا العمل الرائع الذى قدمه الثلاثى العميق الكاتب عبدالرحيم كمال والمخرج الدكتور بيتر ميمى الذى أكد عبقريته فى كل ما قدم فكان مبهرًا متفردًا.. وأما الفنان النابغة كريم عبدالعزيز فهو حالة من العمق والرقى الإلهام الموحى.
ولنا فى كل ذلك المقال القادم بإذن الله.
[email protected]٠
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نادر ناشد كاريزما مسلسل الحشاشين عبدالرحيم كمال الحملة الصليبية عبدالرحیم کمال
إقرأ أيضاً:
سامح فايز يكتب: لهذا أحب حسن كمال (2 - 2)
في روايته الأحدث عن دار «ديوان» بعنوان «الرواية المسروقة» يقدم الكاتب والروائي المصري حسن كمال معزوفة جمعت بين السرد والفلسفة، فهي ليست مجرد حكاية للتسلية، وإن كانت الحكايات للمتعة مطلوبة في حد ذاتها، إنما في ذلك العمل الذي ينافس على الجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر» في دورتها الحالية، قدم حسن كمال أوجاع أجيال كاملة آمنت بالقلم والكتابة الأدبية في الألفية الثالثة، بيد أنها اصطدمت بواقع مظلم؛ مفاده أنّ البقاء للمنفعة الشخصية وإن ظهرت في شكل أنها مصلحة عامة.
اخترق حسن كمال عالم الكتابة على أعتاب صعود جيل الألفية الثالثة الذي استطاع توظيف تكنولوجيا المعلومات في معركته مع الزمن والآخر، ووصل إلى الشهرة سريعا بين أحضان جيل z، ورفض الرضوخ لمتطلبات سوق النشر مع جيل ألفا، مقررا في النهاية أن يسرد فلسفته حول زيف تلك العوالم جميعها في سرديته الأجمل «الرواية المسروقة».
يستهل كمال روايته بسيطرة فكرة الانتحار على بطلة العمل، ثم تبدأ الحكاية؛ فالرواية المسروقة تحكي عن الطفولة المسروقة أيضا، وعن الهوية الزائفة، وعن المراهقة المسلوبة، وعن الانتهاك الجنسي للطفولة، بل تحكي عن كل الانتهاكات التي نعجز عن البوح بها، فالحكي ليس مسألة سهلة في بعض الأحيان، بل يحتاج إلى قوة مفتقدة في الغالب، فمن تعود على الانتهاك والوقوع في فخ الإهمال والجوع العاطفي والتجاهل مؤكد لن يجد في طريقه أي قوة يملكها!
جميع تلك المعاني قدمها حسن كمال بين سطور حكاية أدبية ممتعة؛ فأنت لن تقع في براثن كتاب يلقي عليك بالمواعظ والحكم، فذلك ليس هدف العمل الروائي عموما، وليست تلك طريقة كمال في الكتابة؛ إنما حكاية بينها شخوص وحكايات وزمن وأحداث تلهث معها خلف حكايات الأبطال متشوقا لمعرفة تتابع الأحداث، ثم خلف كل ذلك يقع في نفسك مراد الكاتب إن كانت لك بصيرة!
في الرواية المسروقة تقرر البطلة مواجهة انتهاكات الماضي التي سرقت طفولتها ومراهقتها وشبابها من خلال كتابة رواية تجسد شخصيات كل من مر على حياتها، بالتحديد جميع الرجال الذين انتهكوا عوالمها، بين السائق الذي عمل لأبيها، مرورا بالزوج، ثم الحبيب، وعلى الهامش معلمتها في المدرسة التي ألهمتها الطريق.
واختار حسن كمال الوسط الثقافي المصري عالما للأحداث؛ فالبطلة تكتب رواية، ثم تبحث عن ناشر، وتجد أن أحد أبطال رواياتها هو بالفعل كاتب وروائي وأيضا بائع كتب، وفي الطريق يقرر طليقها تأسيس دار نشر في محاولة لاسترضائها ربما تعود إلى حظيرته مرة أخرى.
وبين كل ذلك يلقي علينا بطل الرواية وفي خلفيته حسن كمال رصاصات الرحمة التي تفضح زيف تلك العوالم، وتكشف سيطرة رأس المال على سوق صناعة الكتاب، وكيف يستطيع من يملك أن يصنع نجومية من يكتب أيا كانت نوعية ما كتب، ومهما كانت قناعات الكاتب وسلوكياته، المهم أنّه النجم المصنوع.
يعود حسن كمال بالرواية المسروقة بعد سنوات من الكتابة قاربت الخمسة عشرة عاما، حارب خلالها حتى يحصل على حقه ككاتب متحقق منذ اللحظة الأولى لدخوله ذلك العالم، كاتب حصل على جائزة ساويرس عام 2008 في القصة القصيرة، ثم حققت روايته المرحوم أكثر المبيعات في 2013، ثم توالت إصدارات أعماله التي غزت أرفف الأكثر مبيعا، مكتشفا مع تلك الرحلة حقيقة ذلك العالم، مقررا في النهاية أن يعطي كل وقته وحياته للعمل في المجال الطبي الرياضي، رئيسا للبعثات الطبية الأولمبية في البرازيل ولاحقا في اليابان، مشاهدا قصص نجاح أبطال الأولمبياد، مواجها بشراسة محاولات قتل أحلام هؤلاء الأبطال، للدرجة التي دفعته لكتابة رواية عنهم تحت عنوان «نسيت كلمة السر»، مستلهما أوجاع هؤلاء الأبطال متنا لذلك العمل الروائي الذي لم يأخذ حقه من الشهرة!
لهذا أحب حسن كمال لأنه يلقي بالمحبة على جميع المحيطين متناسيا ذاته، حتى عندما ينتفض بالكتابة ضد الزيف والفساد في كل جانب مر به تكون الكتابة من أجلنا نحن؛ أننا نسينا كلمة السر لفتح أبواب عوالمنا، وأن روايتنا مسروقة لصالح آخرين!