حراك أممي ودولي بشأن خارطة الطريق في اليمن.. وتحذيرات من صفقة وشيكة بين السعودية والحوثيين (تقرير)
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
يعود الحراك الدبلوماسي الدولي والاقليمي حول الملف اليمني بعد أشهر من الجمود، وسط الحديث عن قرب توقيع صفقة بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي، برعاية أممية، في العاصمة العمانية مسقط.
واختتم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، جولة جديدة من جولاته ولقاءاته في المنطقة بدأها الأحد، في مسقط بلقاء كبير مفاوضي جماعة الحوثي وعدد من الدبلوماسيين العُمانيين، وانتهى بها في الرياض، أمس الثلاثاء، بعد لقاء جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، ووزير الخارجية في الحكومة المعترف بها، شائع الزنداني، والسفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، إلى جانب لقائه بالقائم بأعمال سفير روسيا لدى اليمن د.
وتأتي جولة المبعوث الأممي بعد شهور من التعقيد الذي أعاق مسار الوساطة الأممية في اتجاه استكمال الترتيب لتوقيع ما تم التوافق عليه من خريطة طريق السلام في اليمن، وسط الحديث عن اتفاق وشيك بين السعودية والحوثيين في مسقط.
وتزامنت جولة غروندبرغ مع لقاء وفد من مكتبه بنائب وزير المالية في العاصمة المؤقتة عدن، هاني وهاب، في دلالة على أن ثمة جديداً ومحفزاً أيضاً دفع الوسيط الأممي لاستئناف لقاءاته بهذا المستوى.
ترتيبات لإحياء مسار العملية السياسية
وبحسب وكالة سبأ الرسمية، فإن العليمي استمع من غروندبرغ إلى إحاطة حول نتائج اتصالاته الأخيرة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، والأولويات المطلوبة لإحياء مسار العملية السياسية، بما في ذلك النقاشات الجارية بشأن ضمانات وقف الحوثيين لهجماتها على مختلف الجبهات.
وأكد العليمي باسمه وأعضاء المجلس والحكومة، "الدعم الكامل لجهود السعودية والمبعوث الأممي من أجل إحياء مسار السلام في اليمن، والتخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية".
كما أكد التزام المجلس والحكومة بالتعاطي الإيجابي مع كافة الجهود الرامية لإحلال السلام في اليمن بموجب المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وخصوصاً القرار 2216.
وتنول لقاء وزير الخارجية، شائع الزنداني، بالمبعوث الأممي تطورات الأوضاع على الساحتين اليمنية والإقليمية والجهود المبذولة لإحياء العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.
وشدد الزنداني على ضرورة إعادة النظر في التعاطي الأممي مع الممارسات الحوثية ووقف انتهاكاتها العدوانية ودفعها للانخراط بجدية في مسار سياسي مبني على المرجعيات المتفق عليها وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
بدوره أكد غروندبرغ خلال اختتام زيارته في الرياض على أهمية الدعم الإقليمي المستمر والمنسق لجهود الوساطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة في اليمن.
روسيا وخارطة الطريق
كما التقى غروندبرغ في الرياض، أمس الثلاثاء، القائم بأعمال سفير روسيا لدى اليمن د.يفغيني كودروف وبحث معه مستجدات الأوضاع في اليمن.
وأكد كودروف -في بيان له عقب لقائه بالمبعوث الأممي إلى اليمن والوفد المرافق له خلال زيارته للرياض أمس الثلاثاء- على أهمية استمرار العمل على خارطة الطريق للتسوية.
وقال كودروف "اليوم اشتركت في الاجتماع بين رؤساء بعثات في اليمن للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن هانس غروندبرغ وزملائه".
وأضاف: "تم مناقشة مستجدات الأوضاع في البلد في ظل التوترات الراهنة، من جانبي أكدت على اهمية استمرار العمل على خارطة الطريق للتسوية واستعداد روسيا لمواصلة المساهمة في دفع جهود السلام".
واليوم الأربعاء، بحث المبعوث الأممي مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث وشؤون التنمية اللورد "طارق أحمد" جهود إحراز تقدم في خارطة الطريق باليمن.
وقال مكتب المبعوث -في بيان مقتضب نشره على منصة (إكس)، إن غروندبيرغ بحث ضرورة الحفاظ على بيئة تدعم الحوار البنّاء وسبل تحقيق تقدم في خارطة الطريق الأممية.
وكان غروندبرغ قد أكد في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي خلال هذا الشهر خطورة اللحظة الراهنة للسلام في اليمن، محذراً من استمرار تجاهل التسوية اليمنية ووضعها في غرفة الانتظار، مطالباً بعدم ربطها بتسوية قضايا أخرى.
وعلى مدى أكثر من عام شهدت صنعاء والرياض جولات من الزيارات المتبادلة بين قيادات سعودية وحوثية، تقول المملكة إنها تأتي في إطار مساعيها لإنهاء الصراع في اليمن والدخول في خارطة طريق لسلام دائم.
وذكرت تقارير إعلامية أن الطرفين توصلا لاتفاق، كان يجري الترتيب للتوقيع عليه أواخر العام الماضي، غير أنه ومع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة ودخول الحوثيين على خط الصراع عبر استهداف سفن الشحن في البحر الأحمر، تحت ذريعة مناصرة غزة، وتداعيات ذلك أعاقت التوقيع.
صفقة مشبوهة بين السعودية والحوثيين
عودة الحراك الدبلوماسي والدولي هذه تأتي وسط تحذيرات، من صفقة كبيرة بين السعودية وجماعة الحوثي يجري التحضير لها في مسقط.
وقال وزير الثقافة السابق مروان دماج، إن هناك صفقة وصفها بـ "الكبيرة" بين الحوثي والسعودية، لا يعرف حجمها"، مشيرا إلى أنه قد تكون صفقة العمر بالنسبة للجماعة، مطالبا بتحريك الجبهات العسكرية لإفساد الاتفاق أو تأخيره، حد قوله.
وأضاف مروان "يبدو الموقف الأمريكي يجاري الرغبة السعودية، رغم أن السياسة الأمريكية قد تقتضي أضعاف المليشيات الإيرانية قبل أي تفاوض وصفقة مع إيران".
وتابع "ربما تكفي معركة صغيرة من جبهة جيدة الإمداد لإفساد الإتفاق أو تأخيره رغم المخاطرة الضرورية واللازمة"، مشيرا إلى أن جبهة الساحل هي المؤهلة لأسباب كثيرة: منها طبيعة التسليح والتمويل.
وحسب مروان فإنه وبدون ذلك فالجميع يمشي إلى المسلخ.
مسمار في نعش الشرعية
إلى ذلك أبدت قيادات في الحزب الاشتراكي اليمني، تخوفها من اتفاق وشيك بين السعودية والحوثيين في مسقط، فيه ترتيبات لصالح الجماعة.
وقال القيادي في الحزب معن دماج، إن "زيارة المبعوث الأممي إلى مسقط ونائبه إلى عدن، والانباء القادمة من عمان تشير إلى وجود اتفاق يمكن الإعلان عنه خلال أسبوعين".
وأضاف معن "لا حاجة للحديث عن مضمونه ولا نتائجه المنتظرة، من المؤكد أنه يلبي الحاجة السعودية للنأي بالنفس، لكنه سيكون مسمارا في نعش اليمن".
وأردف "لا أحد يتوقع أن يقوم مجلس القيادة والحكومة بواجبهم في رفضه، وأولئك اللذين شتموا الرئيس السابق عبدربه منصور هادي وحكومته طويلا على اتفاق ستوكهولم - والذي كان قرارا سعوديا ايضا- لا يتوقع منهم أن يفتحوا أفواههم، رغم أن هادي كان في موقف أضعف وكانت القوات المتقدمة إلى الحديدة هي قوات خصومه الذين طردوه من عدن".
وأكد أن "المسألة بحاجة إلى أخذ قرار وتحمل نتائجه ومخاطره" قال إنه لا تقاس بمخاطر مواجهة الحوثي عام 2015 بدون شيء تقريبا، فميزان القوة اليوم أفضل بكثير".
تحذير أمريكي للسعودية من أي اجراء أحادي مع الحوثيين
وعلى نفس المنوال، حذر تحليل أمريكي السعودية، من أي اتفاق أحادي تجريه مع الحوثيين، مؤكدا أن الرياض ستدفع فاتورة أي اتفاق أحادي مع الجماعة بشأن اليمن.
وقالت "أليسون مينور" التي شغلت مؤخرًا منصب نائب المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، في تحليل لها لإن "العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن توفر أفضل طريق لمعالجة العوامل داخل اليمن التي تحفز هجمات الحوثيين، ولكن يجب أن يقترن ذلك بموقف موحد ومبدئي من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وتابعت "يجب على السعودية أن توضح للحوثيين أنها لن تنخرط في صفقة جانبية تعرض العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة للخطر أو تمكن الحوثيين من الاستيلاء على حقول النفط والغاز في اليمن".
وأردفت: "يجب على الرياض بعد ذلك أن تعمل بشكل وثيق مع أعضاء مجلس الأمن لرسم موقف توافقي بشأن الهجمات البحرية الحوثية، بما في ذلك كيفية توافق هذا الموقف مع العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة".
وأكدت أليسون مينور في مقالها أن هذا النهج هو في نهاية المطاف في مصلحة المملكة العربية السعودية، حتى لا تجد نفسها تدفع الفاتورة بأكملها لما من المؤكد أنه سيصبح مطالب الحوثيين المتصاعدة".
وقالت "مع تعثر العملية السياسية، قد يجدد الحوثيون محاولاتهم للاستيلاء على موارد النفط والغاز في اليمن بالقوة، مستفيدين من الزخم الذي خلقته هجماتهم البحرية. حيث يستخدم الحوثيون بالفعل هجمات البحر الأحمر لشن جهود تجنيد كبيرة ، بما في ذلك الأطفال".
واستدركت "قد يستغل الحوثيون أيضًا المخاوف السعودية والإماراتية بشأن تجدد هجمات الحوثيين على أراضيهم. ومن الممكن أن تفتح مثل هذه الهجمات جبهة جديدة كبرى في الصراع الأوسع في الشرق الأوسط. وعلى وجه الخصوص، يمكن للحوثيين استغلال هذه المخاوف لضمان عدم قيام السعوديين والإماراتيين بتزويد حلفائهم اليمنيين بالدعم الجوي المباشر الذي لعب دورًا مهمًا في صد هجمات الحوثيين السابقة على حقول النفط والغاز".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الأمم المتحدة السعودية الحوثي الحكومة اليمنية بین السعودیة والحوثیین العملیة السیاسیة المبعوث الأممی هجمات الحوثیین الأمم المتحدة خارطة الطریق مجلس الأمن فی الیمن فی مسقط
إقرأ أيضاً:
تقرير أممي يتّهم إيران باستخدام التكنولوجيا لمراقبة النساء وقمع الاحتجاجات
قالت الأمم المتحدة إنّ: "إيران تستخدم طائرات مسيرة وتكنولوجيا المراقبة الرقمية "لسحق المعارضة"، خاصة بين النساء اللاتي يرفضن الالتزام بقواعد الزي الصارمة في الجمهورية الإسلامية".
ويسلط التقرير الأممي، الضوء، أيضا على الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة وكاميرات المراقبة الأمنية لمراقبة الالتزام بالحجاب في طهران وجنوب إيران.
وأكد التقرير: "بعد مرور سنتين ونصف السنة على اندلاع الاحتجاجات في سبتمبر/ أيلول 2022، لا تزال النساء والفتيات في إيران يواجهن تمييزا منهجيا، في القانون والممارسات، والذي يتخلل جميع جوانب حياتهن، خاصة فيما يتعلق بتطبيق الحجاب الإجباري".
وأضاف: "تعتمد الدولة بشكل متزايد على عمليات المراقبة التي ترعاها الدولة في محاولة واضحة لتجنيد الشركات والأفراد للالتزام بالحجاب، وتصويره باعتباره مسؤولية مدنية".
وأبرز التقرير، أنه في جامعة أمير كبير بطهران، قامت السلطات بتثبيت برنامج التعرف على الوجه عند بوابة الدخول لرصد النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب؛ فيما تستخدم إيران أيضا، كاميرات المراقبة على الطرق الرئيسية لرصد النساء غير المحجبات.
وأشار التقرير إلى أنه: "من الممكن لمستخدمي هذا التطبيق إضافة الموقع والتاريخ والوقت ورقم لوحة ترخيص السيارة التي وقعت فيها المخالفة المزعومة لقواعد الحجاب الإلزامي، والتي تقوم بعد ذلك بتسجيل السيارة عبر الإنترنت، مما ينبه الشرطة".
وذكر أن رسالة نصية تُرسل إلى مالك المركبة المسجل لتحذيره من مخالفته لقوانين الحجاب الإلزامي. فيما استرسل التقرير أنّ: "المركبات قد تُحتجر إذا تجاهل سائقها التحذيرات".
وأكد التقرير، وجود حالات إضافية من العنف الجنسي أثناء الاحتجاز، مشيرا إلى حالة امرأة اعتقلت وتعرضت للضرب المبرح، وخضعت لعملية إعدام وهمية مرتين، واغتصبت ثم تعرضت للاغتصاب الجماعي.
وبحسب المحققون الأمميون فإنّ: "مسؤولي الأمن الإيرانيين يستخدمون استراتيجية الحراسة التي ترعاها الدولة، من أجل تشجيع الناس على استخدام تطبيقات الهاتف الذكي، المتخصصة للإبلاغ عن النساء بسبب انتهاكات مزعومة لقواعد الزي في المركبات الخاصة مثل سيارات الأجرة وسيارات الإسعاف".
وأكّدوا: "غالباً ما تكون العواقب وخيمة بالنسبة للنساء اللاتي يتحدّين القوانين أو يحتججن ضدها، فقد يتعرضن للاعتقال والضرب وحتى الاغتصاب أثناء الاحتجاز".
وقال المحققون أيضا إنهم حصلوا على تطبيق الهاتف الذكي "ناظر" الذي توفره الشرطة الإيرانية، والذي يسمح لأفراد "معتمدين" لديها من المواطنين وعناصر من الشرطة بالإبلاغ عن النساء غير المحجبات في المركبات، بما في ذلك سيارات الإسعاف والحافلات وسيارات المترو وسيارات الأجرة.
تجدر الإشارة إلى أن محققو الأمم المتحدة قد أجروا مقابلات مع ما يقرب من 300 ضحية وشاهد، كما بحثوا بعمق في النظام القضائي الإيراني، الذي قالوا إنه يفتقر إلى أي استقلال حقيقي. كما تعرض ضحايا التعذيب وغيره من الانتهاكات للاضطهاد بينما تعرضت عائلاتهم "لترهيب ممنهج".
كذلك، عثروا على أدلّة على عمليات إعدام خارج نطاق القضاء بحق ثلاثة أطفال وثلاثة متظاهرين بالغين، والتي رفضتها الدولة في وقت لاحق باعتبارها عمليات انتحار.
ومن المقرر أن يُرفع هذا التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في 18 آذار/ مارس الجاري.
إلى ذلك، تأتي نتائج بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة بخصوص إيران بعد أن قرّرت العام الماضي، أنّ: "النظام الديني في البلاد مسؤول عن "العنف الجسدي" الذي أدى إلى وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها في عام 2022".
وأبرز شهود عيان أنّ: "الشابة الكردية، البالغة من العمر 22 سنة، قد تعرضت لضرب مبرح على يد شرطة الأخلاق أثناء اعتقالها"، غير أنّ السلطات نفت تعرضها لسوء المعاملة وزعمت أن "سكتة قلبية مفاجئة كانت السبب في وفاتها".
إلى ذلك، خلّف مقتل أميني، موجة احتجاجات عارمة، لا تزال مستمرة حتى اليوم، رغم تهديدات الدولة بالاعتقال والسجن.