مستقبل التكنولوجيا المالية في منطقة المشرق العربي
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
أبريل 24, 2024آخر تحديث: أبريل 24, 2024 ماريو مكاري
ماريو مكاري
نائب الرئيس، ومدير منطقة المشرق العربي في Visa
يواصل مشهد التكنولوجيا المالية الازدهار في منطقة المشرق العربي، مزوداً المستهلكين في جميع أنحاء المنطقة بتجارب دفع لا تلامسية ترتقي بحياتهم إلى مستويات جديدة.
و تأسست شركة “مدفوعاتكم” MadfoatCom في الأردن في عام 2011، كاستجابة ضرورية لمساعدة الناس لتجنب قضاء ساعات طويلة في الطوابير لتسديد فواتير الخدمات العامة.
وبالمثل، تأسست الشبكة الدولية للبطاقات لخدمات الدفع الإلكتروني المحدودة، أو INC (Neo)، عام 2018 على يد مؤسسين ذوي رؤية مستقبلية يؤمنون بضرورة رقمنة الخدمات المالية. وشرعت الشركة في مهمة طموحة لمساعدة المواطنين العراقيين في التحول إلى تبني المدفوعات الرقمية، لتحقق تقدماً كبيراً في سوقٍ كانت تفتقر تاريخياً إلى التسهيلات المصرفية والمدفوعات الإلكترونية. ووضعت الشركة خططاً لتحقيق تقدم هائل في تعزيز الشمول المالي في العراق، حيث ساهمت حلول الدفع الآمنة والفعّالة والمرنة التي وفرتها؛ بدءاً من إطلاق أول بطاقة رقمية في عام 2019 إلى تجريب بطاقات الدفع البيومترية في عام 2021، في إحداث نقلة نوعية في قطاع المدفوعات بالعراق.
ترتكز قصص النجاح هذه إلى قدرة أصحابها على إيجاد حل ساهم في تسهيل حياة المستهلكين. و كاول شركة تكنولوجيا مالية في العالم، ندرك في Visa أن هذه العقلية المبتكرة ضرورية لضمان تمتع المستهلكين والشركات بطرقٍ أسهل وأكثر أماناً لسداد مدفوعاتهم.
تعد كل من “مدفوعاتكم” وINC مثالين للعديد من الشركات الناشئة في مشهد التكنولوجيا المالية المزدهر في الأردن ولبنان والعراق ومنطقة المشرق العربي عموماً. وقد استطاعت حكومات هذه الدول توفير بنية تحتية لاستراتيجيات الشمول المالي والتثقيف المالي الخاصة بها بفضل الجهود المبتكرة التي تبذلها هذه الشركات.
كما لا ينبغي التقليل من شأن التدخل والدعم الحكومي في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، أدرك البنك المركزي الأردني الدور الحيوي للتكنولوجيا المالية في تشكيل الاقتصادات، وعليه أطلق رؤيته للتكنولوجيا المالية والابتكار في عام 2023 انسجاماً مع رؤية تحديث وتطوير اقتصاد المملكة. وفي لبنان أيضاً، بُذلت جهود مماثلة تمثلت بإصدار مصرف لبنان المركزي قراراً لتسريع الوصول إلى المحافظ الرقمية منذ عام 2021. وأصبحت منصات الدفع الإلكتروني في لبنان ركيزةً أساسية للعديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة لمعالجة معاملات الدفع عبر الإنترنت أو الهاتف النقال. وفي العراق، تكتسب التكنولوجيا المالية شعبيةً قوية مع تنامي الاقتصاد الرقمي، والإقبال الشديد على الخدمات المصرفية عبر الهاتف النقال، بالإضافة إلى التركيز المتزايد على مبادرات الشمول المالي من قبل البنك المركزي العراقي.
إن وجود نهج توافقي مشترك يجمع الحكومات والهيئات التنظيمية والشركات والمستهلكين والشركاء من قطاع التكنولوجيا يدعم عملية إنشاء البنية التحتية والانتقال إلى الاقتصاد الرقمي، مما يوفر العديد من فرص النمو الاقتصادي وخلق القيمة. فهو يدعم توسيع نطاق التجارة الإلكترونية عبر الحدود إلى أسواق وفئات سكانية جديدة.
علاوةً على ذلك، تُسهّل هذه المنظومة الرقمية أعمال الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ ستعتمد على حلول شركات التكنولوجيا المالية التي تتيح لها الاستفادة من تقنيات الدفع الرقمية حتى في حال تعطل سلاسل التوريد. وبادرت العديد من الشركات الناشئة في العراق إلى دمج التكنولوجيا المالية في منصاتها مثل ايدوبا، وطماطة، وعالسريع، وبيور بلاتفورم، واوردري، وأمل، ومسواگ، والريان، وليزو، وبومبينا، وفدشي، وكورديفيا، واورزدي. وشهد الأردن ارتفاعاً في التوجه لتبني حلول الدفع الرقمية، بما في ذلك محافظ الهاتف النقال مثل Orange Money وزين كاش، بالإضافة إلى أنظمة الدفع الرقمية التي تقدمها الشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص (“جوباك”) والتي تشمل: نظام الدفع الفوري – كليك، ونظام الدفع بواسطة الهاتف النقال (جوموبي)، ونظام عرض وتحصيل الفواتير إلكترونياً (إي فواتيركم)، وغرفة التقاص الآلي ونظام المقاصة الإلكترونية للشبكات. وقامت “جوباك” هذا العام، بالتعاون مع فريق عمل يضم البنك المركزي الأردني ومجموعة من البنوك بإطلاق “المعيار الأردني للخدمات المالية المفتوحة”، لتوحيد متطلبات واجهات برمجة التطبيقات لمجموعة من أهم الخدمات المالية في القطاع المصرفي.
ويعمل هذا المعيار على تسريع إطلاق حلول التكنولوجيا المالية والمنتجات المصرفية المبتكرة في السوق. وكانت Visa عضواً في لجنة التحكيم ومرشدة لبرنامج حاضنة التكنولوجيا المالية الأردنية للابتكار “جوين”، وهي حاضنة أطلقتها “جوباك” مؤخراً والتي ضمت في دفعة خريجيها الأولى 11 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية. وخضعت تلك الشركات إلى عملية تطوير شاملة بدءاً من مرحلة تكوين الفكرة ووصولاً إلى إطلاق منتجات قابلة للتطبيق بالحد الأدنى ونماذج تشغيلية للأعمال. كما شهد العراق تطوراً آخر تمثّل في إدخال محافظ رقمية جديدة شجعت على اعتماد المدفوعات الرقمية.
ومن الواضح أننا نشهد في الوقت الحالي تعاون العديد من الأطراف المعنية لخلق قيمة حقيقية داخل اقتصادات بلدانهم من خلال الابتكار. ويساهم التمويل بتسريع هذه العملية إلى حدٍ كبير، ويحظى هذا النمو المزدهر حالياً بدعم العديد من أصحاب المصلحة الخارجيين. فقد حصلت الشركات الناشئة الأردنية على ما مجموعه 246 مليون دولار من خلال 220 صفقة بين عامي 2018 و2022، مما يضع المملكة الأردنية في المركز الرابع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث تمويل رأس المال الاستثماري وبفارق كبير عن الأسواق الثلاثة الأولى في المنطقة، وهي الإمارات والسعودية ومصر .
وباعتبارها شركة رائدة عالمياً في مجال المدفوعات، تتعاون Visa مع أكثر من 2000 شركة للتكنولوجيا المالية حول العالم، وقد لعبت دوراً مهماً في النمو الكبير الذي شهده هذا القطاع في المنطقة. وتقدم Visa العديد من البرامج التي تمنح شركات التكنولوجيا المالية فرصاً كبيرة لتنمية وتنويع أعمالها من خلال تزويدها بالدعم والخبرة اللازمين للتغلّب على تعقيدات المدفوعات والتجارة الرقمية. وتُعتبر “مبادرة Visa في كل مكان” بمثابة منصة رئيسية لشركات التكنولوجيا المالية للابتكار بمجال المدفوعات، حيث تسهم في تعزيز الاستغناء عن أساليب الدفع النقدية، وتعزيز مستويات الشمول المالي وخلق القيمة. وتُعدّ هذه المبادرة حافزاً للتعاون والابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، بما يساهم في تمكين الشركات الناشئة من إحداث تأثير مفيد ومجدٍ في القطاع. وعلى الصعيد العالمي، شاركت حتى الآن ما يقرب من 15 ألف شركة ناشئة في هذه المبادرة، وجمعت تمويلاً مشتركاً تجاوز 48 مليار دولار. وتطلق Visa البرنامج لأول مرة في منطقة المشرق العربي هذا العام إدراكاً منها لقدرة قطاع التكنولوجيا المالية على توسيع التجارة الرقمية وتعزيز الشمول المالي في كل من لبنان والعراق والأردن وفلسطين.
ستواصل شركات التكنولوجيا المالية، ورغم حالة الصراع التي تعيشها المنطقة، العمل على دفع عجلة التقدم الرقمي، وتحسين أنظمة الدفع، وإحداث تأثير قوي من خلال إضافة القيمة لحياة الناس وتزويدهم بتجارب دفع لاتلامسية. وتوفر شركات التكنولوجيا المالية خيارات دفع رقمية آمنة لعملائها من خلال تسهيل احتياجات الدفع لعمليات التجارة الإلكترونية في مختلف القطاعات. والأهم من ذلك، يدعم قطاع التكنولوجيا المالية تطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي لا تحتاج إلى البنية التحتية واسعة النطاق التي توفرها البنوك، وإنما تتطلب أنظمة أكثر ذكاءً وأماناً وقدرةً على إحداث التحوّل.
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: شرکات التکنولوجیا المالیة قطاع التکنولوجیا الشرکات الناشئة الهاتف النقال البنک المرکزی الشمول المالی المالیة فی العدید من فی منطقة من خلال فی مجال فی عام
إقرأ أيضاً:
«الشارقة الرقمية» تستهدف تعزيز الشراكة المجتمعية
الشارقة: «الخليج»
ترسيخاً لمبدأ الشراكة المجتمعية، وبتوجيهات الشيخ سعود بن سلطان القاسمي، مدير عام دائرة الشارقة الرقمية، نظّمت الدائرة مجلساً رمضانياً في ضاحية الرحمانية في الشارقة، بعنوان «الابتكار الرقميّ برؤية مجتمعية» بهدف تعزيز دور المستخدمين في تشكيل مستقبل الخدمات الرقمية في إمارة الشارقة. جمع المجلس ممثلين عن شتّى شرائح المجتمع، لاستكشاف الفرص الواعدة في القطاع الرقمي، ومناقشة سُبل تطويره بما يسهم في تعزيز الابتكار ودفع عجلة التحوُّل الرقمي قُدماً في الإمارة. حضر المجلس الرمضاني، المهندس ماجد المظلوم، مستشار دائرة الشارقة الرقمية، إلى جانب مجموعة من موظفي الدائرة المعنيين بالتحوّل الرقمي، ووسط أجواء رمضانية عزّزت روح التواصل والانفتاح، شهد المجلس طرح أفكار وتجارب من شريحة واسعة شملت متخصّصين ورواد أعمال وطلاباً ومقدّمي خدمات ومتقاعدين وربّات منازل، بهدف تحويل هذه الأفكار إلى حلول مبتكرة تعكس الواقع وتلبّي احتياجات الجميع، بما يجسّد رؤية الدائرة في تحقيق «إبداع رقميّ محوره الإنسان» ويقوم على تسخير تقنيات مبتكرة، وتطوير حلول رقمية ذكية تُحدث نقلة نوعية في جودة الحياة، لمستقبل أكثر ذكاءً واستدامة ورفاهية.
شراكة مجتمعية
ورحّب مستشار الدائرة بالحضور، مؤكداً أن هذه الورشة تأتي في إطار جهود دائرة الشارقة الرقمية لتعزيز مشاركة أفراد المجتمع في تصميم تجاربهم للخدمات الحكومية الرقمية، حيث تسعى الدائرة للاستماع إلى آرائهم وأفكارهم ومقترحاتهم حول تحسين وتسهيل الخدمات الرقمية، وتقديم تجربة أكثر كفاءة وسلاسة للمستخدمين.
وأشار إلى أن الورشة تهدف أيضاً إلى فتح قنوات تواصل فعالة بين الجمهور ودائرة الشارقة الرقمية، مما يعزز الشفافية والثقة، ويعكس التزام الحكومة بتلبية احتياجات المجتمع عبر تبني أحدث الحلول الرقمية.
وأوضح المظلوم أن التحوّل الرقمي هو عملية تتمحور حول الإنسان، ونحن نعمل على تعزيز دوره باعتباره العنصر الأساسي في هذه المنظومة. كما نحرص على إتاحة الفرصة لجميع شرائح المجتمع للمساهمة في بناء منظومة التحوُّل الرقمي في إمارة الشارقة، بما يحقق تكامل الجهود بين مختلف الفئات.
وأضاف: نعمل على تعزيز التعاون بين جميع الجهات الحكومية كفريق عمل واحد لتطوير التوجُّهات الاستراتيجية للتحوُّل الرقمي، وذلك بهدف تقديم خدمات رقمية متطورة تخدم الإنسان وتحقق أعلى مستويات الكفاءة. ونهدف من هذا المجلس الرمضاني إلى تعريف جميع شرائح المجتمع بما تقدمه دائرة الشارقة الرقمية، وشرح أهدافها ورؤيتها، إضافة إلى الاستماع إلى الجمهور لضمان توافُق هذه التوجُّهات مع احتياجات المتعاملين.
حوار رقميّ
شهد المجلس الرمضاني نقاشات حيوية وتبادلاً للآراء والمعارف حول تجارب المستخدمين مع الحلول الرقمية وآليات تنمية معارفهم المتعلقة بمستجدات التكنولوجيا واستخداماتها، كما أتيحت الفرصة أمام الحضور لمشاركة تجاربهم وآرائهم حول الخدمات الرقمية التي يستخدمونها يومياً، ومدى كفاءة القنوات الرقمية المتاحة، بالإضافة إلى التحديات التي قد يواجهها الأفراد أثناء استخدامها، واقتراح سُبل تحسينها لتعزيز التجربة الرقمية في الإمارة. وناقش المشاركون أحدث التطورات التي يمكن أن تعزز تجربة المستخدم، مثل تحسين الواجهة الرقمية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وأهمية تجربة المستخدم في دعم الاقتصاد، فضلاً عن توفير المعلومات بوضوح لتوجيه المتعاملين إلى الخدمات التي يحتاجون إليها بكفاءة، وتعزيز دور قنوات خدمة العملاء في إيصال اقتراحات المستخدمين ومتابعة احتياجاتهم.
مُخرجات بنّاءة
وأكد المهندس ماجد المظلوم على التزام الدائرة بدراسة الآراء والمقترحات التي تم طرحها خلال المجلس الرمضاني، والعمل على دمجها في خططها المستقبلية لتحسين الخدمات القائمة وإطلاق مبادرات جديدة تسهم في تعزيز التحوُّل الرقميّ في الشارقة وضمان استمرارية تطوير الخدمات الرقميّة بأساليب مبتكرة.