في ضواحي يونغين على بعد 40 كيلومترا جنوب سول تستعد كوريا الجنوبية لما يطلق عليها رئيسها "حرب أشباه الموصلات" العالمية.
ويهدف المشروع الطموح -الذي تقوده شركة تصنيع الرقائق "إس كيه هاينكس" والذي يتضمن استثمارا بقيمة 91 مليار دولار- إلى إنشاء أكبر منشأة لتصنيع أشباه الموصلات في العالم مكونة من 3 طوابق.
وهي مبادرة -إلى جانبها استثمار شركة سامسونغ للإلكترونيات بقيمة 220 مليار دولار في المجال ذاته- تعكس الجهود التي تبذلها كوريا الجنوبية للحفاظ على هيمنتها في صناعة أشباه الموصلات وسط المنافسة المتزايدة في جميع أنحاء العالم.
ويؤكد الاستثمار الضخم في يونغين -والذي يبلغ في مجموعه 471 مليار دولار أميركي لمجموعة ضخمة من مرافق صناعة الرقائق- على الأهمية الإستراتيجية التي تحظى بها الصناعة الرائدة في كوريا الجنوبية.
شركة سامسونغ للإلكترونيات استثمرت بقيمة 220 مليار دولار في مجال أشباه الموصلات (رويترز)وتعكس مشاركة الحكومة في الإشراف على هذه التطورات المخاوف المتزايدة بشأن التحديات المحتملة لتفوق قطاع الرقائق في البلاد.
ويؤكد توجيه وزير الصناعة آهن دوك جيون على الدعم الكامل للشركات المحلية على التزام البلاد بالبقاء في المقدمة في سباق مجموعات الرقائق العالمية، وفقا لتقرير أوردته صحيفة "فايننشال تايمز".
وفي حين أن الاستثمارات في يونغين تعتبر ضرورية لشركات صناعة الرقائق الكورية الجنوبية للحفاظ على تفوقها التكنولوجي وتلبية الطلب المتزايد على الأجهزة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي فإن الاقتصاديين يعبرون عن مخاوفهم بشأن النموذج الاقتصادي الأوسع، وفقا للصحيفة.
وعلى الرغم من عقود من النمو المثير للإعجاب فإن تحذير بنك كوريا المركزي من تباطؤ معدلات النمو السنوية يلقي بظلاله على المستقبل الاقتصادي لكوريا الجنوبية.
وتشير التوقعات إلى تباطؤ كبير في النمو مقارنة بالمعدلات القوية التي شهدناها في العقود السابقة.
التحديات في النموذج القديمتواجه المحركات التقليدية للنمو في كوريا الجنوبية مثل التصنيع والتكتلات الضخمة تحديات متزايدة، ولا تزال المخاوف قائمة بشأن اعتماد البلاد على نماذج النمو التي عفا عليها الزمن، وفق الصحيفة.
وبينما تواجه كوريا الجنوبية أزمة ديمغرافية وشيكة حيث تشير التوقعات إلى انخفاض كبير في عدد السكان في سن العمل وتراجع بالناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 فإن تقلص قوة العمل يفرض تحديات كبيرة أمام دعم النمو الاقتصادي، ويسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة القضايا الإنتاجية والديمغرافية.
طفرة الذكاء الاصطناعييعلق بعض أصحاب المصلحة آمالهم على طفرة الذكاء الاصطناعي المتوقعة لتنشيط صناعة أشباه الموصلات الكورية ومواجهة التحديات الاقتصادية الأوسع.
ومع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة بشأن قدرة البلاد على تسخير الفرص المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بشكل فعال وسط القيود الهيكلية القائمة والجمود السياسي، تؤكد الصحيفة.
أصحاب المصلحة يعلقون آمالهم على طفرة الذكاء الاصطناعي المتوقعة لتنشيط صناعة أشباه الموصلات في كوريا الجنوبية (شترستوك)وبينما يتم الاحتفال بإنجازات الرأسمالية الموجهة من قبل الدولة في كوريا الجنوبية تنشأ تساؤلات بشأن مدى قدرة النموذج الاقتصادي الحالي على التكيف لمواجهة التحديات المعاصرة.
وتؤكد الصحيفة أن المخاوف بشأن خنق الإبداع وعدم المساواة الاجتماعية والفوارق الإقليمية تشي بضرورة إجراء إصلاحات شاملة لإطلاق العنان للديناميكية الاقتصادية.
الآفاق المستقبلية وضرورات السياسةوبينما تتصارع كوريا الجنوبية مع الضغوط الاقتصادية المتصاعدة يؤكد وزير المالية تشوي سانغ موك على الحاجة إلى إعادة تصميم السياسات لإعادة إشعال الديناميكية الاقتصادية.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من التحديات السائدة فإن التفاؤل لا يزال مستمرا بشأن قدرة البلاد على التنقل في المشهد الاقتصادي المتطور والحفاظ على مكانتها كقوة اقتصادية عالمية.
وبالتطلع إلى المستقبل تواجه كوريا الجنوبية نسيجا معقدا من التحديات والفرص، ففي حين تمثل الاستثمارات في تكنولوجيا أشباه الموصلات خطوة جريئة نحو الحفاظ على قيادتها الاقتصادية يجب على البلاد أن تعالج في الوقت نفسه نقاط الضعف الهيكلية وتحتضن الابتكار في مختلف القطاعات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات فی کوریا الجنوبیة أشباه الموصلات ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
بيونج يانج: أمريكا أكبر تاجر حرب في العالم ومساعداتها العسكرية لا يمكنها إنقاذ كوريا الجنوبية
الثورة /وكالات
اتهمت كوريا الشمالية، امس، أمريكا بزيادة مساعداتها في مجال الأسلحة لحلفائها في ما وصفته بمحاولة لتعزيز مكانتها المهيمنة، قائلة إن مثل هذه الأسلحة لا تزال غير كافية “لإنقاذ” جارتها الجنوبية من العجز الاستراتيجي.
ووجهت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية هذا الاتهام، بعد أن أعلنت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية مؤخرا عن مبيعات مقترحة للأسلحة إلى كوريا الجنوبية، والتي ستشمل أهدافا جوية دون صوتية من طراز «BQM-177A» للمدمرات المجهزة بنظام «Aegis»، وطائرات دون طيار من طراز “GQM-163”.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية في تعليق لها: “إن أمريكا، أكبر تاجر حرب في العالم، تشعر بالقلق أكثر من أي وقت مضى بشأن مخطط مبيعات الأسلحة للدول التي تتبعها (أمريكا)”، مؤكدة أن مثل هذه المبيعات لكوريا الجنوبية أصبحت “مستمرة” بشكل متزايد، وفقا لوكالة أنباء “يونهاب” الكورية.
وزعمت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن “مثل هذه الإمدادات من الأسلحة إلى الجنوب تعكس محاولة أمريكا لتدمير توازن القوى في المنطقة، وتعزيز مكانتها المهيمنة”.
وقالت: “إن أي مساعدات أسلحة من أمريكا لن تنقذ (كوريا الجنوبية) من مصيرها المتمثل في العجز الاستراتيجي، ولن تتمكن أمريكا من تحقيق طموحاتها بسبب قوتنا الصالحة”.
وجاء التعليق في الوقت الذي تندد فيه كوريا الشمالية منذ فترة طويلة بالتعاون العسكري بين كوريا الجنوبية وأمريكا، وتصف التدريبات العسكرية المشتركة بين الحليفين بأنها “تدريبات على الغزو، بينما تستخدمها كذريعة للاستفزازات”.
وفي الأسبوع الماضي، تعهدت بيونج يانج بالحفاظ على “أشد إجراءات الرد صرامة” ضد أمريكا، طالما رفضت سيادة البلاد ومصالحها الأمنية.