د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الميول المهنية.. شغف الاهتمام
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
من المفيد أن نستثمر شغف المتعلم واندفاعه النابع من الوجدان نحو الرغبة في أداء مهام ترتبط بخبرات متعلمة قد تحفزه لأن يلتحق بمهنة بعينها يرى أنها تستوعب طاقته وتنمي من مهاراته وتترسخ في وجدانه؛ فيحقق من خلالها مسيرة العطاء التي ينشدها، ويقدم أفضل ما لديه في مجال تخصصه النوعي الوظيفي على المدى البعيد؛ فتزداد ثقته بنفسه ويستطيع أن يمارس الابتكار؛ ليحدث تنافسًا إيجابيًا حميدًا يصل به إلى مستويات الريادة والتميز على المستوى المحلي والدولي، كما يثابر ويحافظ ويهتم بسبل التنمية المهنية المستدامة؛ ليواكب كافة المستجدات على ساحة تخصصه المهنية الآنية والمستقبلية.
ونحن نعي أن الميول المهنية تعبر عن الاستعداد المقرون بالاستجابة من قبل فرد رغب في مزاولة نشاط مهني محدد؛ بغرض أن يستمر فيه ويحقق من خلاله مكاسب مادية وخبرات مربية من شأنها أن تحدث تغيرًا مستمرًا في أداءاته الخاصة بالمهنة المختارة، وهذا يجعلنا نهتم بأمر المتعلم في أن نعمل بصورة مقصودة على انغماسه في تفاصيل ما يحب كي يتذوق الفنيات ويمارس بصورة صحيحة الخطوات التي تشكل المهارات النوعية، ومفاد ذلك الوصول به لمستوى الاحترافية التي تجعله قانعًا متمسكًا بما يمتهن.
وفي هذا الصدد يتوجب علينا أن نحترم اختيار المتعلم وميله تجاه مهنة أو حرفة بعينها، ونتجنب محاولات ثنيه عما اختاره؛ كي لا نصيبه بخيبة الأمل أو الشعور بالإحباط؛ لكن آليات التوجيه ينبغي أن تتسم بالعمومية والشمول، واتخاذ القرار وفق الرغبة والاختيار الحر المدعوم بملكات قد تبدو خفية أو جلية، وهنا لا يجب أن نضع من العراقيل والمعوقات ما يحد من تفضيلات الفرد؛ لتنمو الميول بصورة طبيعية، ومن ثم يتمكن من امتلاك المهارات الاحترافية المرتبطة بالمهنة المختارة عن قناعة وتفضيل عما سواها.
ودعونا نعتلى قطار الميول المهنية ونترك معيار الدخل المادي المتوقع جراء امتهان مهن بعينها؛ لنصل لغاية كبرى، تتمثل في تفجير طاقات الابتكار لدى أبنائنا؛ فينطلق الخيال في مسار آمن يشعر من خلاله الفرد بالارتياح والرضا تجاه مهنة بعينها يفضلها عن بقية المهن المتاحة، ومن المتوقع أن يتمكن من مفرداتها ومهاراتها ويتعمق في معارفها؛ فيدرك تمامًا أسرارها ويكتسب خبراتها، بل ويحرص على يتقدم فيها بصورة مستدامة.
وتكمن جدوى الاهتمام بمراعاة وتنمية الميول المهنية في فعاليتها حيال إكساب الفرد قدرًا ليس بالقليل من الخبرات، مما يعد حافزًا للفرد لأن يتقن المهارات المخطط أن يكتسبها، ومن ثم يؤدي ذلك إلى راحة نفسية يشعر بها تجاه ما يمارس، وهنا نرى ثمرة أخرى للميول المهنية تتمثل في تأثيرها الإيجابي على ما لدى الفرد من مواهب؛ فمن خلالها يفهم طبيعة المهنة ومجالاتها ومتطلباتها، وبمزيد من التدريب والرعاية تتحسن أداءاته إلى أن يصل لمستويات التمكن ودرجة الاتقان التي يقرها أهل الخبرة في مجالات تخصصاتهم.
وننوه إلى أن الميل المهني الذي يظهر أو تتضح ملامحه داخل المؤسسة التعليمية أم خارجها هو ناتج معرفة مقرونة بممارسة أسست لها البيئة التعليمية بشكل مقصود، وهذا الأمر يدعونا إلى تجنب الحكم بعجلة على الفرد بأن لديه ميول مهنية بعينها قبل أن يتم اختباره بالعديد من المهام المرتبط بالجانب العملي لتلك المهنة.
ولندرك بشكل مختصر أن للميول المهنية أنماط تتوافق مع بيئتها وطبيعة العمل المتسقة معها؛ فهناك ميول تبدو في مقدرة الفرد على أن يتخيل ويبدع ويعبر عما يجول في خاطره بالرمز، وتلك نسميها بالميول الفنية، وعندما يستطيع الفرد أن يقنع ويؤثر في الآخرين، ويكون لديه رغبة في المخاطرة، وحب لمهارات القيادة؛ فإن هذه الممارسة تدل على ميول تجارية، وتستوجب الميول التحليلية جهداً ذهنياً يرتبط بتكوين العلاقات المجردة والعمل على تصنيف المعلومات وتحليلها وفق فرضيات ومبادئ تتمخض عن نظرية؛ بالإضافة إلى القدرة على الاستقصاء والتفسير والاستنتاج.
ويبدو الميل الاجتماعي في مقدرة الفرد على التواصل بنمطيه اللفظي وغير اللفظي والمشاركة البناءة وفق طبيعة العمل أو المهمة التي يؤديها، مما يجعله يؤدي ما يوكل إليه بدقة ونجاح، ونمط الميل العملي أو ما يسمى بالفعلي يتطلب من الفرد بذل جهد بدني في ضوء مهارات أدائية يتطلبها طبيعة العمل، ولا ننسى أن هناك ميول توصف بالتقليدية تحث الفرد على أن يلتزم بالتشريعات والقوانين واللوائح المنظمة بشكل روتيني مع مراعاة الدقة في الأداء المطلوب إنجازه.
وعلى أية حال لا نتجاهل أهمية البُعد المعرفي للمهن؛ إذ أنها تمد الفرد بالمعلومات التي تشكل صورة السلوك المتوقع، ويحدد صورة الكفاءة المرتبطة بشكل المهارة النوعية التي تحقق الهدف من المهنة، وهذا مجتمعًا يشير إلى رغبة الفرد من الانخراط بمهنة معينة من عدمه؛ فعندما تتوافر الرغبة يزداد حب الاستطلاع وتكثر المناقشات والتساؤلات حولها، بما يؤدي إلى قناعة الفرد بأهمية ما يميل إليه وبالتالي يتوقع نتائج ذات ثمرة يستطيع أن يحققها.
وحري بالذكر أن هناك قناعة تامة لدينا بالفروق الفردية في المجال التعليمي وفي مجالات الحياة المختلفة، وعلى غرار ذلك هناك أيضًا تباين في الميول المهنية من فرد لآخر؛ حيث إن عوامل التدخل المرتبطة بالبيئة المحيطة وما تحمله الثقافات المجتمعية المتغايرة، ناهيك عن الجانب الوراثي وما يتمخض من متغيرات أخرى منها عمر الإنسان ونوعه وملكاته الخاصة التي يتفرد بها عن غيره، ومن ثم يتوجب علينا أن نراعي العوامل والمتغيرات والتي على أثرها يختار الفرد ما يحب أن يمتهن، ولا تصيبنا الدهشة إذا ما عدل من تلقاء نفسه عما قرر اختياره؛ فبعض الميول مكتسبة قد تتغير أو تتبدل وفق ما أوردنا سلفًا.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
السبتي: المشاريع الحالية والمستقبلية تعكس الاهتمام بتنمية القطاع الصحي في المحافظات
مسقط- الرؤية
رعى معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي وزير الصحة، ملتقى مهندسي وزارة الصحة الذي نظمته الوزارة ممثلة بالمديرية العامة للمشاريع والخدمات الهندسية، واستمر لمدة يومين، بحضور المهندس يوسف بن يعقوب أمبوعلي المدير العام للمشاريع والخدمات الهندسية بوزارة الصحة، وعدد من المسؤولين والعاملين بالوزارة.
وألقى معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي كلمة قدم فيها شكره للقائمين على هذا الملتقى والجهود المخلصة التي بذلت لإنجاحه على مدى يومين، والتي كان لها الأثر الطيب في نفوس المشاركين، مشيرا إلى أنَّ المشاريع الصحية القائمة التي تنفذ حالياً بمحافظات سلطنة عمان المختلفة والمشاريع المستقبلية القادمة تعكس مدى الأهمية الكبرى التي توليها الحكومة الرشيدة للنهوض بتنمية القطاع الصحي في سلطنة عمان، إلى جانب العمل الجاد لتذليل التحديات التي تواجه المشاريع الصحية. وتمنى معاليه في ختام كلمته التوفيق الدائم للمشاركين في ملتقى مهندسي وزارة الصحة.
كما ألقى المهندس المدير العام للمشاريع والخدمات الهندسية بوزارة الصحة كلمة في ختام الملتقى قال فيها: "يعد الملتقى أول تجمع موسّع من نوعه لمهندسي وزارة الصحة، وإن رعاية معالي الدكتور وزير الصحة لختامه تجسد حرصه الصادق واهتمامه المتواصل بتطوير القطاع الهندسي في الوزارة، ودوره الريادي في دعم مشاريع البنية الأساسية الصحية وتعزيز قدرات كوادرنا الفنية والهندسية.
وأضاف أن الملتقى كان فرصة جيدة لتبادل الخبرات، واستعراض الممارسات المثلى، ومناقشة التحديات العملية التي تواجه الكوادر الهندسية على أرض الواقع، كما شكل منصة تفاعلية عززت من روح العمل الجماعي، ورسخت مفاهيم التطوير والابتكار، وخرج بتوصيات مهمة ستكون منطلقًا لتحسين الأداء والارتقاء بجودة المشاريع والخدمات الفنية في القطاع الصحي بسلطنة عمان.
وشهد الملتقى مشاركة 200 مهندس وفني ذوي العلاقة بالأعمال الهندسية من المديريات والمؤسسات الصحية بمحافظات سلطنة عمان المختلفة، وحاضر فيه مديرو دوائر ورؤساء أقسام بالمديرية العامة للمشاريع والخدمات الهندسية بالوزارة.
وهدف الملتقى -الذي يقام لأول مرة- إلى رفع كفاءة الأداء الهندسي، ومشاركة الممارسات المثلى، ومناقشة التحديات الحالية والحلول المقترحة بما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة، وتجديد جودة الأعمال وتعزيزها، وتعزيز التواصل وتبادل الخبرات بين الفرق الهندسية، وتوحيد الجهود لتحقيق أهداف وزارة الصحة الإستراتيجية في رؤية "عُمان 2040".
ونوقش بجلسات الملتقى عددٌ من المحاور المهمة منها: إدارة المشاريع، وأنظمة الفوترة والمتابعة، وخطط الصيانة وأولوياتها، وسياسة استبدال الأجهزة الطبية المكهنة، كما سلط الضوء على أهمية تأهيل المهندسين عبر تنفيذ حلقات عمل متخصصة، ودورات تدريبية فنية ومهنية، وتوفير فرص التعليم المستمر والاطلاع على أحدث ما وصلت إليه التقنيات في مجالات الهندسة الطبية والإنشائية والكهروميكانيكية، وإدارة المشاريع. كما خصص الملتقى جلسات للاستماع المباشر من المهندسين بعد كل عرض مرئي لتقييم واقع العمل، وتحديد المعوقات، وناقش المشاركون الممارسات المثلى، ومشاركة قصص النجاح، والتجارب الملهمة التي تحققت على أرض الواقع.
وفي ختام الملتقى، كرم معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي وزير الصحة، المجيدين في الأعمال الهندسية بالمديرية العامة للمشاريع والخدمات الهندسية بالوزارة، وفي دوائر الهندسة والصيانة في محافظات سلطنة عمان المختلفة، والمجيدين في تحديث المشاريع في منصة أداء.