انتشرت فى السنوات الأخيرة ظاهرة تغطية الجنازات والعزاءات للفنانين وذويهم.. صحيح أنها ليست ظاهرة بالمعنى الدقيق لأن جنازات المشاهير كانت تصور دائماً، فجميعنا يتذكر مشاهد من جنازة العندليب عبدالحليم حافظ والفنانة الراحلة سعاد حسنى وكثيرين غيرهما، فلماذا الآن تكثر تلك المشادات بين المشاهير والصحفيين تحديداً فى الجنازات؟
هل بسبب اقتحام عالم السوشيال ميديا لكل مجالات الحياة وتحديداً أصبحت بديلاً يفرض نفسه على كل أشكال وسائل الإعلام التقليدية رغم عدم الاعتراف بهذا العالم من قبَل جميع الأطياف سواء القائمون على الإعلام والذين يرونه عالماً من الهواة لا يمكن أن يحصل على عضوية نقابة الصحفيين وهو الحال على جميع العاملين فى المواقع الإلكترونية على سبيل المثال، لكنهم موجودون فى جنازات المشاهير والنجوم التى تشهد إقبالاً ممن يعملون بصحف وفضائيات ومواقع إلكترونية، بجانب وجود من يعرفون بـ«البلوجرز» أو «اليوتيوبيرز».
وهو ما يعنى أعداداً كبيرة يصعب السيطرة عليها، وهو ما جعل الأزمة تظهر على السطح على هيئة مانشيتات سواء صحفية أو على مواقع التواصل مثل «شاهد انهيار الفنانة فى جنازة والدها»، أو «شاهد فناناً يدفع صحفياً بعيداً عنه»، أو «شاهد المشادة الساخنة بين الفنانة والصحفية فلانة»، بحثاً عن الريتش أو المشاهدات الأكبر لصاحب الفيديو أو الصورة، وهو ما وصل إلى ذروته فى جنازة الفنان الراحل صلاح السعدنى عندما انفعل ابنه الفنان أحمد السعدنى على الصحفيين بألفاظ خارجة، طالباً منهم الانسحاب من المشهد، وهو ما أحدث انقساماً بين المتابعين للأحداث بين مؤيد ومعارض لموقف أحمد السعدنى، فأصدرت نقابة الممثلين بياناً تطلب فيه ضرورة الإسراع بعقد بروتوكول بين الأستاذ خالد البلشى، نقيب الصحفيين، والدكتور أشرف زكى، نقيب الممثلين، للتوفيق بين دور صاحبة الجلالة مع احترام جلالة الموت لوضع حد للصخب الذى يصاحب تشييع جنازات الفنانين وتغطية العزاء، التى وصلت لقيام البعض بمحاولة تصوير الجثمان حتى نزوله القبر، وهو ما تم الرد عليه من قبَل نقابة الصحفيين على لسان حسين الزناتى، وكيل نقابة الصحفيين، الذى أوضح أن من يمارس مهنة الصحافة وهو غير ممتثل لنقابة الصحفيين فهو يعتبر منتحلاً لصفة صحفى.
وتم الاتفاق بين النقابتين على عقد اجتماع عاجل بحضور أعضاء مجلسى النقابتين، والمكتب التنفيذى لشُعبة المصورين الصحفيين، لبحث القواعد والآليات اللازمة لتنظيم التغطية الصحفية للجنازات ومراسم العزاء.
ولكن يبقى السؤال الحقيقى عن ضوابط مهنة الصحفى والفرق بينه وبين الإعلامى؟ لأن الفرق بينهما كبير.. فأصبحنا نرى الصحفيين يقومون بدور الإعلاميين فى حالة اختفاء نادر لكل من هو إعلامى بالأساس وليس صحفياً، وهو ما يستوجب التوقف عنده.. لأن كلاً منهما مهنة مستقلة تماماً بذاتها تفرغ وسائل الإعلام من مضمونها الأساسى.
والسؤال الآخر عن مدى أحقية المتعاملين مع مواقع التواصل الاجتماعى كونهم ضمن وسائل الإعلام شئنا أم أبينا على أرض الواقع رغم كل محاولات تحجيم هذه الحقيقة.
والتساؤل الأخير الذى يفرض نفسه عن طبيعة تلك التغطية الصحفية فى كل دول العالم المتقدم، فعلى سبيل المثال هنالك ضوابط صارمة فى الولايات المتحدة الأمريكية فى هذا الشأن تجعل الأمر محسوماً فى مهده وهو الإذن الكتابى من ذوى المتوفى، فكثير منهم يفضلون التغطية الإعلامية لجنازة أحد أفراد الأسرة حتى لا يموت المتوفى فى صمت.
كلها إشكاليات تتجاوز فكرة الضرورة الملحة لتلك المشاهد الجنائزية من الأساس، ولكنها قد تكون فرصة لتنظيم دولاب العمل الإعلامى والصحفى والفنى، الذى كثيراً ما يتسبب فى احتدامات فرضت نفسها بقوة فى الفترة الأخيرة، ليس فقط فى ملف الجنازات الفنية إن جاز التعبير، ولكن امتدت إلى تشابكات كثيرة بين العالمين فى كثير من المناسبات منها المهرجانات على سبيل المثال عندما تحدث مناوشات على نفس الشاكلة، وهو ما يتطلب مكاشفة لكل تلك الملفات قبل البحث عن صورة تذكارية، لأن كل شىء تمام وتم الاتفاق والسلام ختام..
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الصحافة الصحفيين نقابة الصحفیین وهو ما
إقرأ أيضاً:
الإعلام لكي لايكون طريقا الى الهاوية
بقلم : نورا المرشدي ..
الإعلام مرآة عاكسة لواقع المجتمع، فهو ينقل الصورة كما هي وفقا لأخلاقيات المهنة إلى المتلقي.. وكيف للمرآة أن تتحول إلى أكذوبة ؟ مانراه اليوم ليس إعلاما حقيقيا حياديا يتبع القيم الإعلامية وأخلاقيات المهنة الصحفية،، فالإعلام الأصفر يسيطر على أغلب الصحف الإلكترونية، ومواقع التواصل الإجتماعي، وآخذ ينتشر بشكل يثير القلق، فكنا نسمع ونرى الصحافة الصفراء ، وكانت محدودة تعتمد على نشر الفضائح، وإستثارة كوامن الرأي العام النفسية والإنفعالية، وبعد التطور التكنولوجي، وإنتشار مواقع التواصل الإجتماعي أصبح الإعلام الأصفر نهجا وأيقونة الإعلام الحديث والتلاعب بالعقول من أجل الوصول الى الهدف المقصود، والتحول السريع من نشر الحقيقة الى نشر الخديعة، وحملات التسقيط والتهريج ونشر الفضائح بمساعدة المرسل الخفي الذكاء الإصطناعي الذي اتخذ وسيلة المرسل في نشر الخطط والتسقيط المبرمج في تحشيد الرأي العام وتغيير الأصوات والصور بشكل ملحوظ ومملوس وقلب الأوراق لصالح الشخص المقصود ، أو المعارض فلا أدلة تثبت حقيقة الكلام
أسكت وإلا تكون ضحية التطور التكنولوجي وإستخدام ما يسمى قنابل تويتر “الهاشتاغات”، وصفحات التسقيط عبر صفحات معروفة للناس تميل لمتابعة الأخبار الكاذبة، وصناعة الحرب النفسية والتضليل في نشر الحقائق والمعلومات، والتفنن في خداع المجتمع، وتحويل بعض وسائل الإعلام للتطبيل وأداة للتلاعب بالعقول، والترويج لقضية معينة تثير انشغالات الرأي العام بإستخدام تقنيات خطيرة، ولقد أشار الكاتب الأمريكي (هربرت شيللر) الى ذلك في كتابه «المتلاعبون بالعقول اي قدرة الإعلام في السيطرة على العقول والمفاهيم والعادات والتقاليد، وقلب الحقائق لصالحها، فنجد من يركب الموجة من أجل الشهرة وأخذ مساحة كبيرة في وسائل الإعلام عاصفة الشهرة فأصبحت وسائل التواصل الإجتماعي المنبر الأساسي في التأثير بشكل كبير، وضرب منظومة القيم والأخلاق.