سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي للملكية الفكرية
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
احتفلت سلطنة عُمان ممثلة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة باليوم العالمي للملكية الفكرية تحت شعار (الملكية الفكرية وأهداف التنمية المستدامة: بناء مستقبلنا المشترك بالابتكار والإبداع)، بالشراكة مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة الاقتصاد وفرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة ظفار وعدد من الشركات الداعمة.
وأقيم الحفل تحت رعاية صاحب السمو السيد مروان بن تركي بن محمود آل سعيد محافظ ظفار بحضور معالي قيس بن محمد بن موسى اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ومعالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد وسعادة عيسى بن حمد العزري أمين عام المجلس الأعلى للقضاء وسعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة وعدد من أصحاب السعادة والمسؤولين في القطاعين العام والخاص بمحافظة ظفار، ويأتي احتفال سلطنة عمان باليوم العالمي للملكية الفكرية الذي يصادف الـ 26 أبريل من كل عـام، الذي حددته المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) بالتزامن مع تاريخ تطبيق قرار تأسيس المنظمة عام 1970م، لتشارك نظيراتها دول العالم الاحتفال بهذه الاحتفالية التي تهدف إلى التوعية وتسليط الضوء على أهمية حقوق الملكية الفكرية ومجالاتها المختلفة كالعلامات التجارية وبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية وحق المؤلف والمؤشرات الجغرافية.
وتحرص سلطنة عـُـمان بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية على نشر ثقافة أهمية حقوق الملكية الفكرية، والحث على حماية الابتكار لتحفيز المبتكرين والمخترعين، وكذلك إقامة وتنظيم العديد من الندوات التعريفية والتوعوية وحلقات العمل حول مفاهيم وقوانين الملكية الفكرية والجهود المبذولة من قبل الدول لحماية حقوق المبدعين والمؤلفين في مجالات الملكية الفكرية المختلفة.
وحول أهمية حقوق الملكية الفكرية قال سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة: إن الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية يساهم في تعريف الجمهور بأهمية حقوق الملكية الفكرية وتكون المجتمعات على دراية جيدة بها وتشجيع احترام حقوق الملكية الفكرية، حيث إن جوانب الملكية الفكرية تعد ركائز مهمة في تطوير المجتمعات بما تشمله من براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية وحق المؤلف والعلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، مشيرا إلى أن سلطنة عمان تواكب دول العالم الاحتفال بهذا اليوم كل عام والذي كان له الإسهام الكبير في نشر الوعي بين الأفراد والمجتمع المؤسسي ولا شك في أن تسجيل وحماية براءات الاختراع والعلامات التجارية وكافة مناحي حقوق الملكية الفكرية تساهم على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتنمية المستدامة.
وأضاف سعادته: تعتبر المؤشرات الجغرافية رصيدا استراتيجيا للدول حيث إن حماية المؤشرات الجغرافية يساهم في تسهل الحفاظ على سمعة المنتجات القائمة على المنشأ الجغرافي، كما أن لها أهمية كبيرة في عدة جوانب منها الاجتماعية والتي تكمن في رفع مستوى المعيشي للأفراد المنتجين مما يشجعهم على زيادة الإنتاج وحصولهم على مردود مالي وتضيف ميزة تنافسية لهذه المنتجات حيث إن انتشار سمعة منتج ما لما يتصف به من جودة تميزه عن غيره من العوامل التي تعزز وتضيف قيمة لهذه المنتجات وترغب بها مما يساهم في تسويقها داخليا وخارجيا والذي بدوره يوجد موردا للدولة وللمنتجين.
بدأ برنامج الحفل بكلمة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ألقاها المهندس خالد بن حمود الهنائي مدير المكتب الوطني للملكية الفكرية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قال فيها: يأتي الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية لتذكير وتعريف الجمهور بأهمية حقوق الملكية الفكرية والذي كان له الإسهام الكبير في نشر الوعي بين الأفراد والمجتمع المؤسسي.
وأشار الهنائي إلى أن مجالات حماية الملكية الفكرية الصناعية تـشمل التكنولوجيا النظيفة والتكنولوجيا الخضراء التي لها دور كبير في المحافظة على البيئة والتقليل من استنزاف الموارد الطبيعية مثل الغاز وآثار الاحتراق والتلوث، كما أن حماية الأدوية المبتكرة وتقنيات العلاج المتطورة كلها تساهم في إنقاذ العديد من البشر، وكذلك حماية التصاميم الصناعية (الذي تحمي الجانب الجمالي للمنتجات) تـُؤدي إلى إضافة قيمة إلى منتجات المصممين لأغراض المنافسة التجارية المشروعة.
وأوضح مدير المكتب الوطني للملكية الفكرية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على أن الدور الذي تؤديه الملكية الفكرية في التحفيز على المنافسة المشروعة القائمة على معيار الابتكار وحماية حقوق المبتكرين يثري خيارات المنتجات والخدمات بميزات تنافسية تحسينًا وتطويرًا لما هو موجود ودعمها في تنشيط وتنويـع الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة، وتوفير فرص العمل والسماح باستمرارية الأنشطة الاقتصادية مما يعزز من مكانة سلطنة عُمان في تنويع مصادر الدخل، ويشكل حافزًا قويًا للنمو والاستدامة.
من جانبه قال نايف بن حامد فاضل رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة ظفار: تسعى غرفة تجارة وصناعة عمان جاهدة لإيجاد التكامل والوقوف مع المبادرات والبرامج الوطنية والمؤسسية التي ترتكز على واقع الابتكار والإبداع من أجل وضع بنية أساسية لتنمية الاقتصاد الوطني كون الابتكار أحد أهم المصادر في تعزيز المنتجات التنافسية للمنتجات والخدمات التي تخدم شرائح مختلفة من المستفيدين والمخترعين وأصحاب الابتكار ورواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة والمستثمرين، وفي مختلف القطاعات الاقتصادية ومراكز البحث والتطوير مما يساهم في رفع مؤشر الابتكار العالمي للسلطنة واستقطاب شركات الاستثمار.
من جانبها قالت انتصار بنت عبدالله الوهيبية المديرة العامة للتخطيط التنموي بوزارة الاقتصاد إن اليوم العالمي للملكية الفكرية يتيح الفرصة لاستكشاف الطريقة التي تسهم بها الملكية الفكرية في تشجيع الحلول الابتكارية والإبداعية لبناء مستقبل مستدام تتشارك فيه البشرية في النمو والتطور وتحقيق السلام والرفاه.
وأضافت الوهيبية: يركز الاحتفال هذا العام على الملكية الفكرية وأهداف التنمية المستدامة: بناء مستقبلنا المشترك بالابتكار والإبداع والذي يأتي تزامنًا مع استعدادات سلطنة عُمان لتقديم تقريرها الوطني التطوعي الثاني لاستعراض التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث ستشارك سلطنة عُمان دول العالم في تقديم الاستعراض الثاني هذا العام في المنتدى السياسي رفيع المستوى للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة خلال شهر يوليو القادم.
كما بيّنت انتصار الوهيبية بأن الملكية الفكرية أداة ناجعة لتحقيق النمو والتنمية المستدامة بحيث تمكن الشعوب وتعتبر أداة تمكين لتوليد فرص العمل للشباب والباحثين عن عمل، بالإضافة إلى تنمية المؤسسات وتطوير الاقتصادات وتعزيز التنمية الاجتماعية وتستخدم الدول الأعضاء الملكية الفكرية لتحقيق النمو والتطور الاجتماعي والاقتصادي المستدام، من هذا المنطلق نرى التناغم بين توجهات الملكية الفكرية لهذا العام مع ما تسعى إليه أهداف التنمية المستدامة لتحقيق الرفاه والتنمية المستدامة للشعوب والمجتمعات بكافة أطيافها.
الاستراتيجية الوطنية
استعرض المهندس خالد الهنائي أثناء الحفل باليوم العالمي للملكية الفكرية الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية 2040، حيث قامت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بإعداد الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية 2040م بالتعاون مع العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية وتعد الاستراتيجية من أهم الممكنات الداعمة للمسارات التنموية الحالية وضرورة تنموية من أجل قيادة وتسريع مسارات دعم القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وتمكين الاقتصاد المبني على المعرفة، والإبداع، والابتكار، وتعزيز المنظومة الوطنية للملكية الفكرية التي تساهم في التنويع الاقتصادي لمصادر الدخل الوطني.
تمكين منتجي اللبان
قدمت همس عدي المدانات خبيرة دولية بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية عرضا مرئيا حول مشروع تمكين منتجي اللبان العمانيين حيث أشارت إلى أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وبالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) تقوم بتنفيذ مشروع تمكين منتجي اللبان العُمانيين، وذلك بهدف رفع القيمة التسويقية للبان العـُماني محليا ودوليا من خلال تفعيل دور الملكية الفكرية في بناء الهوية التسويقية الخاصة بمنتجي اللبان العـماني كمؤشر جغرافي مما يسهل الحفاظ على سمعة اللبان العماني، ويضيف ميزة تنافسية للبان العـُماني من حيث خصائص الجودة التي تميزه عن غيره من أنواع اللبان الأخرى باستخدام المؤشر الجغرافي للبان العماني.
تناول المشروع في مراحله المختلفة دور الملكية الفكرية الرئيسي في استراتيجية الأعمال التجارية للمؤسسات بمختلف تصنيفيها من خلال بناء وتجديد الهوية التسويقية (العلامات التجارية) بشكل يتناسب مع مجال أعمال الشركات والتغييرات التي تحدث بسبب اختلاف متطلبات واحتياجات الأسواق، وكذلك برنامج تدريبي لمنتجي اللبان من جامعي اللبان والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال بالإضافة إلى الشركات العاملة في إنتاج اللبان وزيت اللبان وكذلك تطوير الإمكانيات التجارية للبان العماني باستخدام أدوات المؤشر الجغرافي والهدف الرئيسي للبرنامج التركيز على معالجة التحديات التي يواجهها العاملون في تجارة اللبان العماني في محافظة ظفار، وتسهيل ريادة الأعمال وتوفير الوصول إلى الأسواق الإقليمية والوطنية والدولية، ويهدف هذا التدريب إلى تعزيز التعاون والالتزام الجماعي بالحماية والإدارة الحكيمة للمؤشر الجغرافي للبان العماني مما يعزز قيمته ويحافظ عليه كمصدر للدخل للأجيال القادمة.
دائرة متعلقة بالملكية الفكرية
جرى خلال الاحتفال بتدشين دائرة متعلقة بالملكية الفكرية وبراءات الاختراع وذلك في إطار التعاون المؤسسي وتحقيق أهـداف ركيزة قوانين وتشريعات الملكية الفكرية وإنفاذ حقوق الملكية الفكرية بالاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية لدعم أهداف التنمية المستدامة.
كما دشن صاحب السمو السيد مروان بن تركي بن محمود آل سعيد محافظ ظفار خلال الاحتفالية النسخة العمانية لدورة التعلم DL101، حيث تتوافق النسخة مع قوانين وثقافة سلطنة عـُمان وتعمل على ربط الجانب النظري بالجانب العملي ليتواءم مع البيئة العمانية الزاخرة بالعلم والمعرفة والمناخ المحفز ونقل المعرفة من المحيط المؤسسي إلى الوعي المجتمعي العام، من خلال إعـطاء أمثلة واقعية لنماذج عـُـمانية تم تسجيلها في مجالات الملكية الفكرية المختلفة كبراءات اختراع وعلامات تجارية والتصاميم الصناعية.
جلسة نقاشية
عقد خلال الحفل جلسة نقاشية للتعريف بدور الملكية الفكرية في التنمية المستدامة واستخراج الآراء من الضيوف المشاركين ووضع اقتراحات ممنهجة لكيفية الاستفادة من الملكية الفكرية وتوظيفها لتحقيق التنمية المستدامة.
وتضمن الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية معرضا شمل عددا من الفرق المشاركة من مختلف المؤسسات التعليمية والحكومية والخاصة، وتندرج الفرق على فئتين من فئة الأفراد والفرق منهم المبتكرون والمخترعون والجهات الداعمة والجهات المشاركة بالاحتفالية، كذلك تضمن المعرض تقييما للفرق المشاركة في جائزة رؤية الابتكار التابعة لوزارة الثقافة والرياضة والشباب وذلك تحت مسمى جائزة أفضل ملف استثماري، والجائزة الثانية أفضل منتج بيئي، وحول جائزة رؤية الابتكار قال عبدالله بن عماد التيسيري رئيس لجنة الابتكار بأن رؤية ابتكار شبابية قامت بإعداد المسابقة وتهيئة المتسابقين من خلال ورش يقدمها مجموعة من المحاضرين بمختلف المجالات المختصة في الابتكار، ومن هنا لا بد من توفير البيئة المناسبة لاحتضان الأفكار الإبداعية وتحويلها إلى مشاريع ناجحة كالمساهمة في تأسيس شركات ناشئة مبنية على الأبحاث العلمية ودعم المشاريع المبتكرة التي تقدم حلولًا فعّالة لمشكلات قائمة في المجتمع ومساعدة المبتكرين لتسجيل براءات الاختراع.
في ختام الاحتفالية قام راعي الحفل صاحب السمو السيد مروان بن تركي بن محمود آل سعيد محافظ ظفار بتكريم الفائزين في مسابقة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في مجال الاختراعات وتصميم شعار يستخدم للمؤشر الجغرافي للبان العماني والتطبيقات الإلكترونية، وتكريم الفائزين في رؤية الابتكار من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وتكريم المتميزين في مجالات الاختراعات والابتكارات والملكية الفكرية بسلطنة عُمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وزارة التجارة والصناعة وترویج الاستثمار المنظمة العالمیة للملکیة الفکریة الوطنیة للملکیة الفکریة الاستراتیجیة الوطنیة الملکیة الفکریة فی التنمیة المستدامة یساهم فی من خلال
إقرأ أيضاً:
رؤية عمانية حكيمة تُحول التحديات إلى فرص مواتية
عمان تسير على أرضية صلبة نحو تحقيق أهداف رؤيتها المستقبلية.
إن المتتبع للسياسة العمانية في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- يلاحظ بوضوح توجها استراتيجيا متوازنا يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة وتقوية الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، حيث تميز النهج العماني بقدرته على التكيف مع التحديات الراهنة.
وبفضل القيادة الحكيمة لجلالته -أبقاه الله-، تمكنت سلطنة عمان من تحقيق تقدم ملحوظ في أدائها الاقتصادي. إذ اختتم الاقتصاد العماني عام 2024 بتحسن نوعي، مع توقعات بمواصلة النمو في السنوات المقبلة. وتأتي هذه الإنجازات في الملف الاقتصادي الوطني في ظل الرؤية الثاقبة لجلالته -أبقاه الله-، الذي أكد أن إدراك طبيعة الصراعات وحدود تأثيرها يُمكن سلطنة عمان من تحويل التحديات إلى فرص مواتية، داعيا إلى تبني سياسات فاعلة تسهم في إرساء السلام وتنمية الاقتصاد، معتبرا أن هذه السياسات يجب أن تستند إلى الثوابت والمصالح الوطنية العليا. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية التي واجهت سلطنة عمان، استطاع اقتصادها الوطني تحويل التحديات إلى فرص مثمرة. فقد أدت أزمات مثل جائحة كورونا، والأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، وما يجري في باب المندب، والأزمة الروسية الأوكرانية، والسياسات النقدية الصارمة التي اتبعتها البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي للسيطرة على التضخم، إلى الضغط على القطاعات الاقتصادية، ولكن الحكومة استجابت بشكل سريع وفعال، واتخذت قرارات حكيمة لمواجهة المتغيرات الدولية والعالمية، وتمكنت من تحقيق نتائج إيجابية، على سبيل المثال لا الحصر، تقليل حجم الدين العام ورفع التصنيف الائتماني. كما أن الجهود المبذولة لتمكين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية أثمرت عن زيادة ملحوظة في الاستثمارات، مما يعكس قدرة الاقتصاد العماني على التكيف والنمو حتى في وجه الأزمات العالمية.
وتسير سلطنة عمان على أرضية صلبة وبخطوات متصاعدة نحو تحقيق الأهداف المرسومة لرؤية عمان 2040، انطلاقًا من السياسات والتشريعات والبرامج الوطنية التي تعد بمثابة دعائم أساسية لدعم النمو الاقتصادي، والاهتمام السامي المتنامي بتنمية اقتصاد المحافظات، وتوسيع الأنشطة غير النفطية، وصولا إلى الزيادة الملحوظة في المشاريع الإنمائية، وتعزيز المحتوى المحلي.
الدبلوماسية العمانية
وعلى صعيد الدبلوماسية العمانية، فقد حافظت سلطنة عمان على سمعة قوية ومصداقية عالية في الأوساط العالمية، واضعة ضمن أولوياتها تعزيز الأمن والتنمية الإقليمية والدولية، ومواصلة نهضتها المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، على النهج الراسخ كصديق للجميع، تتبنى سبل الحوار والتسامح كمبادئ توجيهية في معالجة جميع القضايا، وتدعم تحقيق الأمن والاستقرار وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية الثقافية الضرورية لمستقبل الجميع.
وقد بدأت سلطنة عمان تقطف ثمار الرؤية الثاقبة لجلالته - أبقاه الله - ودبلوماسيّتها من خلال الزيارات الخارجية التي قام بها عاهل البلاد - حفظه الله ورعاه - واستقباله لقادة ورؤساء الدول. وتميزت رؤية حضرة صاحب الجلالة - حفظه الله ورعاه - بالتعاون الإيجابي مع الجميع وتعزيز المصالح المتبادلة، حيث تجلّت هذه الرؤية في عدة مناسبات، وأسفرت عن توقيع العديد من مذكرات التفاهم والتعاون في شتى المجالات، مما أسهم في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو 26 مليار ريال عماني بنهاية الربع الثاني من عام 2024م.
فرص النمو والتنوع
وتتمثل الفرص المتاحة لنمو الاقتصاد الوطني في التنوع الاقتصادي، الذي يُعد من أولويات الحكومة الكبرى، وقد شهدت الفترة الماضية تمكين الأنشطة غير النفطية من خلال تكثيف جهود تنفيذ المشاريع التنموية وزيادة عددها في مختلف القطاعات. وتشير الأرقام الصادرة عن وزارة الاقتصاد إلى أن حجم الاعتمادات المالية للمشروعات الإنمائية خلال الخطة الخمسية العاشرة (٢٠٢١-٢٠٢٥) شهد زيادة ملحوظة، حيث ارتفع من ٦٫٤ مليار ريال عماني عند بدء تنفيذ الخطة إلى ٩٫٧ مليار ريال عماني بنهاية أكتوبر ٢٠٢٤، أي بزيادة تصل إلى ٥١٫٥٪.
فالتوجه نحو التنوع الاقتصادي يعكس رؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في تعزيز قدرة الاقتصاد العماني على مقاومة الصدمات الخارجية، مما يسهم في تقوية الاستقرار المالي والنمو المستدام. كما أن تطوير قطاعات مثل السياحة، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، والتعدين، والثروة الزراعية والسمكية، يضمن استمرارية النمو في ظل المتغيرات العالمية.
التضخم والسياسات النقدية. ويُعد التضخم من أهم القضايا التي تواجه العديد من الاقتصادات العالمية، ومع ذلك، استطاعت سلطنة عُمان الحفاظ على معدلات تضخم معتدلة، بفضل التدابير والسياسات الاستباقية التي تم اتخاذها. فقد أكدت وزارة الاقتصاد أن معدلات التضخم في سلطنة عُمان كانت من بين الأدنى عالميا. وفي السياسة النقدية، اتخذ البنك المركزي العُماني قرارات حكيمة تتماشى مع الظروف الاقتصادية العالمية، حيث شهدت الفترة من يوليو 2022 إلى يوليو 2023 رفعا تدريجيا لسعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية بنفس قدر الزيادة التي أقرها الفيدرالي الاحتياطي الأمريكي، وتبعها تثبيت سعر الفائدة، ثم تخفيض سعر الفائدة خلال عام 2024م، بهدف الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العُماني، ومع هيكلة وطبيعة الاقتصاد العُماني.
وشهدت المؤشرات النقدية والمصرفية تحسنا في أدائها خلال الفترة المنقضية من خطة التنمية الخمسية العاشرة وفقًا لوزارة الاقتصاد، حيث ارتفعت السيولة المحلية خلال السنوات (2021-2024) بنسبة بلغت متوسطها 7.7% لتبلغ 24.8 مليار ريال عُماني في نهاية أكتوبر 2024م، مقارنةً بـ 19.3 مليار ريال عُماني في نهاية.
عام 2020م، كما ارتفع إجمالي الودائع لدى القطاع المصرفي بنسبة بلغت متوسطها 8.1% ليصل إلى 31.9 مليار ريال عُماني في نهاية أكتوبر 2024م مقابل 24.2 مليار ريال عُماني في نهاية 2020م. كما ارتفع إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من قبل البنوك العاملة بسلطنة عُمان بنسبة بلغت متوسطها 4.6% ليصل إلى 31.9 مليار ريال عُماني في نهاية أكتوبر 2024م مقارنةً بـ 26.7 مليار ريال عُماني في نهاية 2020م.
تحسين التصنيف الائتماني
ومن أهم التطورات خلال الخطة الخمسية العاشرة استعادة سلطنة عُمان مستوى جودة تصنيفها الائتماني خلال عام 2024 وارتفاعه إلى درجة الجدارة الاستثمارية مع نظرة مستقبلية مستقرة، وفق تصنيف وكالة ستاندرد أند بورز. أسهم في ذلك تنفيذ مجموعة من الإجراءات والمبادرات التي هدفت إلى ضبط الأداء المالي، مما قلل من مخاطر الدين العام وحسّن الأداء المالي.
ويُعد التحسن في التصنيف الائتماني مؤشرا إيجابيا يعكس ثقة المستثمرين في قدرة سلطنة عمان على إدارة اقتصادها بفعالية، وهو ما يُسهم في جذب الاستثمارات وتعزيز النمو. كما أن الحصول على تصنيف ائتماني أعلى يُمكّن الحكومة من الاستفادة من تمويلات بأسعار فائدة ميسّرة، مما يُعزز قدرة الحكومة على تنفيذ مشاريعها التنموية.
التعاون بين القطاعين
وتُعد الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص من العوامل الأساسية لدفع عجلة النمو الاقتصادي. حيث تُواصل الحكومة دعمها للقطاع الخاص، من خلال طرح مشاريع إنمائية وحزم دعم موجهة للقطاع الخاص ورواد الأعمال والفئات المتضررة من الجائحة، بما في ذلك التعامل مع تداعيات تراجع أسعار النفط.
وقد أسهمت هذه الجهود في انتقال الاقتصاد العُماني من مرحلة التراجع في عام 2020 إلى مسار التعافي بدءا من عام 2021، مع تحقيق نمو مستدام خلال السنوات الماضية من الخطة الخمسية العاشرة.
هذا التعاون يُمكّن القطاع الخاص من المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية، مما يُسهم في توفير فرص العمل وزيادة الإنتاجية. بينما يستعد الاقتصاد العماني لدخول عام جديد، يظل التنوع الاقتصادي أحد الأولويات الكبرى. إذ يتطلب التحول نحو مستقبل مزدهر تقديم استراتيجيات مرنة وفعالة للتكيف مع الظروف المتغيرة، كالتغيرات المناخية والاقتصادية العالمية. وما تتطلبه المرحلة المقبلة هو التكامل والتعاون من أجل دعم جهود التنمية المستدامة وتحقيق الأهداف الوطنية.
الاستعداد للمستقبل
تُعد الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر من المجالات التي توليها الحكومة اهتماما كبيرا، حيث تسعى سلطنة عمان إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة لبناء اقتصاد قوي، ويعكس ذلك الرؤية الحكيمة لجلالته -أيده الله- في تمكين التنوع الاقتصادي.
كما أن التركيز على الابتكار وتوطين التقنيات يُسهم في دعم القدرة التنافسية للاقتصاد العماني، مما يجعل سلطنة عمان وجهة جذابة للاستثمار في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة، حيث يُعد الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح جزءًا من الاستراتيجية الوطنية لتحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية.