بعد 200 يوم من الحرب.. الخلافات تهيمن على الأحزاب في إسرائيل
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
القدس المحتلةـ تبدو إسرائيل منقسمة على ذاتها في ظل استمرار الحرب على غزة، وعدم إعادة جميع المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، والفشل في تحقيق الأهداف العسكرية المعلنة.
يأتي ذلك خلافا لمشهد الوحدة الذي سعى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى تأطيره عقب معركة "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبعد 200 يوم من الحرب هيمنت الخلافات على علاقات الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم وأقطاب حكومة الطوارئ، مع تصاعد الاحتجاجات المطالبة بإعادة المحتجزين الإسرائيليين بموجب صفقة تبادل.
وعادت إلى الواجهة مجددا حالة الاستقطاب الحزبي والانقسامات السياسية التي تسيطر على الخطاب العام والإعلام الإسرائيلي، في مشاهد تعيد عقارب الساعة إلى ما قبل 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقبل يوم من عملية طوفان الأقصى.
وفي ظل الاستقطاب الحزبي، عادت قضية تجنيد اليهود الحريديم بالجيش الإسرائيلي، لتشكل نقطة خلافية بالمجتمع الإسرائيلي في ظل الحرب، حيث تحولت إلى أزمة ائتلافية من شأنها أن تسهم في تفكيك حكومة نتنياهو، الذي يسعى إلى احتواء أحزاب اليهود المتدينين والحفاظ على دورها في متانة الائتلاف، والسعي للتوصل إلى تفاهمات، وترحيل قضية تجنيد الحريديم إلى ما بعد الحرب.
لكن هناك في الخريطة السياسية والمعسكرات الحزبية الإسرائيلية من يراهن على تصاعد هذه الأزمة، من أجل تقويض حكومة نتنياهو التي تحظى بدعم 64 من أعضاء الكنيست المحسوبين على اليمين المتطرف، الذي يسعى جاهدا لتجاوز الخلافات الداخلية للحفاظ على استقرار الحكومة ومنع انهيارها.
ومقابل تحصن اليمين المتطرف في إطار الائتلاف الحكومي، تتعالى الأصوات في معسكر المعارضة الداعية إلى إسقاط الحكومة والتوجه إلى انتخابات مبكرة للكنيست في ظل الحرب، وسط الخلافات السياسية بين المعسكرات الحزبية بالقضايا الحساسة والملفات الساخنة، مثل قضية المحتجزين الإسرائيليين وصفقة التبادل لاستعادتهم، ومستقبل غزة باليوم التالي للحرب.
عودة قضية تجنيد اليهود الحريديم بالجيش الإسرائيلي إلى الواجهة (رويترز) خلافات وانقساماتوفي قراءة للتحولات المجتمعية والسياسية التي تشهدها الخريطة الحزبية والمجتمع الإسرائيلي، كتب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنيع، مقالا قال فيه "علمتنا الأشهر الستة من الحرب على غزة من نحن كمجتمع، لكنها كشفت أيضا عن نظام سياسي يعيش في فقاعة، ويهرب من المسؤولية، ويهرب من القرارات الحاسمة".
وأوضح برنيع أن حالة الاستقطاب السياسي والحزبي عادت وبقوة إلى الخطاب الإسرائيلي العام، وهو ما يعكس الخلافات والانقسامات بالمجتمع الإسرائيلي التي كانت سائدة ما قبل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأشار إلى أنه على الرغم من تصاعد وتيرة الاحتجاجات التي تأتي على واقع الكثير من الأمور التي تغيرت إلى الأسوأ، فإنه لم يتم إلى الآن اختراق ائتلاف حكومة اليمين المتطرف أو العثور على طريقة لاستبدال القيادة الحالية بأخرى أفضل.
استقطاب وشرخيقول المحلل السياسي إن المجتمع الإسرائيلي اتشح بالسواد ولف نفسه بالحزن والأسى في عيد الفصح اليهودي "الذي يرمز إلى الحرية"، فـ"المختطفون هم الأهم، لكن وراء مصيبتهم، هناك مصيبة عامة وضربات أخرى، حالة الحرب التي أصبحت مزمنة دون قرار خلاص ولا حل في الأفق وعدد القتلى والجرحى في تزايد".
وأشار برنيع إلى أن الخلافات بين المعسكرات الحزبية بشأن ملف الأسرى ومستقبل غزة، أظهرت أن النظام السياسي عاد إلى حالة الاستقطاب والأجواء السياسية المسمومة والملوثة والشرخ المجتمعي الذي سبق الهجوم المفاجئ لحماس.
انتهاكات واحتجاجاتوفي مؤشر آخر على الانقسام بالمشهد السياسي، كتب رئيس الكنيست السابق إبراهم بورغ، مقالا في الموقع الإلكتروني "والا"، بعنوان "لا مشكلة، أدخلونا إلى السجن. سنذهب إلى هناك بكل فخر". واستعرض من خلاله حركة الاحتجاجات المطالبة بإعادة المحتجزين، ونهج الحكومة وتعاملها مع هذه القضية، ومع الإسرائيليين المعارضين لسياساتها.
وقال بورغ في مقاله "عندما تتعمد الحكومة انتهاك الاتفاقيات الأساسية بين الدولة والمواطن، فإنها لم تعد حكومة بل ائتلاف عصابات يجب إسقاطها واستبدالها، حيث يحتاج المتظاهرون في تل أبيب إلى استيعاب الخطوة الأخيرة التي ستحدث فرقا في الاحتجاج وهو العصيان الجماعي".
ويعتقد رئيس الكنيست السابق أن السؤال الرئيسي في نسيج المحادثات الاجتماعية والسياسية في إسرائيل هو "متى يكون من المسموح والملائم كسر القواعد والتوقف عن الطاعة لحكم الدكتاتور-بالإشارة إلى نتنياهو-".
تسوية وعصيانومن وجهة نظر بورغ، فإن "المجتمع الإسرائيلي يخوض نضالا على ساحتين، الأولى في مواجهة التهديدات الخارجية، التي يمكن تنظيم وتسوية معظمها من خلال عمليات سياسية، حيث لا يمكن لأي عمل عسكري إضافي تبديد التهديدات والقضاء عليها، ولا حتى الحرب الحالية التي فشلنا بها".
أما الجبهة الداخلية وهي الساحة الثانية، فيقول رئيس الكنيست السابق إنها "تتواجد بمحطة فارقة وتواجه حالة دقيقة ومعقدة للغاية، حيث يخوض المجتمع الإسرائيلي معركة على الخط الفاصل بين احترام القانون وإنكاره".
وأضاف بورغ "لقد بدأت الجماهير بالفعل المسيرة نحو المساءلة الديمقراطية، ولم يبق إلا أن يدرك المتظاهرون أن الخطوة الأخيرة هي العصيان المدني الشامل، وهي التي ستحدث الفارق".
مقاعد فارغةوفي تحولات المشهد الإسرائيلي بظل الحرب، قالت الكاتبة سوفي رون موريا، إن إسرائيل تجتمع حول طاولة عيد "الفصح" اليهودي وبجانبها 3 كراسي فارغة، أحدها لسكان "غلاف غزة" الذين لم يعودوا بعد إلى منازلهم المدمرة، والثاني، لمن تم إجلاؤهم من البلدات الحدودية مع لبنان، الذين لم يحتفلوا بالفصح بمنازلهم، والثالث كرسي المحتجزين لدى حماس.
وتساءلت موريا في مقال بصحيفة معاريف "كيف وصلت إسرائيل إلى هنا؟ كيف تدهورنا إلى واقع بعد مرور 6 أشهر على الهجوم المفاجئ لحماس. إسرائيل الآن تحتفل بليلة عيد الفصح بكراسي فارغة حول طاولتها؟ الجواب هو أن هذا هو السيناريو الذي يتحقق عندما يستولي الابن الشرير على الحكم".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
“هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق
وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.
ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “صهيوني” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.
تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على الكيان استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.
وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية في كيان الاحتلال” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.
وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – صهيونية وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.
وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء الكيان الصهيوني.