ماذا وراء مبادرة وضع أسلحة نووية أمريكية في بولندا؟
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن إعلان الرئيس البولندي أندريه دودا مرة أخرى استعداد بلاده لنشر الأسلحة النووية الأمريكية على أراضيه.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها هذا النوع من المبادرات، وعلى الرغم من احتمالات التنفيذ الضعيفة للغاية، فإنها تثير عاصفة من النقاش داخل المجتمع.
كلمات بصوت عال
وتضيف الصحيفة أنه خلال مقابلة جمعته مع صحيفة "فاكت" أدلى دودا ببيان جاء فيه: "تعمل روسيا بشكل متزايد على عسكرة منطقة كونيغسبيرغ (وحدة إدارية كانت موجودة سابقًا في ألمانيا، وتم تقسيمها بين الاتحاد السوفييتي وبولندا بعد الحرب العالمية الثانية). وقد قامت مؤخرًا بنقل أسلحتها النووية إلى بيلاروسيا. وفي حال قرر حلفاؤنا نشر أسلحة نووية كجزء من الاستخدام المشترك للأسلحة النووية أيضًا على أراضينا لتعزيز أمن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، فنحن مستعدون لذلك".
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس البولندي كان يقصد بكلمة "الاستخدام المشترك" خطة المشاركة النووية التابعة لحلف شمال الأطلسي، والتي تنص على مشاركة أعضاء الحلف الذين لا يمتلكون أسلحة نووية في التخطيط لاستخدامها المحتمل، وكذلك تخزين هذه الأسلحة على أراضيهم.
بالإضافة إلى ذلك، بموجب شروط الاتفاقية، يضمن المشاركون بشكل مشترك أن الذخيرة جاهزة للاستخدام، أي الأسلحة النووية الأمريكية، المتواجدة حاليًا في أراضي خمس دول أوروبية أعضاء في الناتو، تركيا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا.
ووفقًا لمصادر مختلفة، تمتلك الولايات المتحدة في أوروبا ما بين 100 و150 قنبلة نووية حرارية تكتيكية من طراز بي 61. وهكذا، وفقًا لدودا، فإن بولندا مستعدة لتصبح الدولة الأوروبية السادسة التي تمتلك أسلحة نووية أمريكية على أراضيها.
ومع ذلك، لا يتفق الجميع في بولندا مع هذا البيان. وقد كشفت التعليقات اللاحقة للسياسيين البولنديين مرة أخرى للعالم عن المواجهة القائمة بين الرئيس والحكومة، فقد أشار رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك إلى موقفه من تصريحات دودا، واصفًا الفكرة بأنها واسعة النطاق معربًا عن رغبته في إعداد أي مبادرات أمنية "بعناية من قبل الأشخاص المسؤولين عنها".
من جانبه، قال وزير الخارجية وعضو المنتدى المدني رادوسلاف سيكورسكي إن حكومة البلاد لا تناقش أي شيء من هذا القبيل في الوقت الحالي، مضيفًا: "أود أن أذكركم أنه وفقا لدستور جمهورية بولندا، فإن مجلس الوزراء هو الذي يدير السياسة الخارجية البولندية".
فكرة قديمة
وذكرت الصحيفة أن طرح مسألة وضع الأسلحة النووية الأمريكية على الأراضي البولندية ليست الأولى من نوعها، وقد كانت موضوعًا للمناقشات السياسية المحلية ومناورات العلاقات العامة لعدة سنوات. وتمت مناقشة هذه المبادرة لأول مرة في كانون الأول/ديسمبر 2015، بعد ستة أشهر من انتخاب دودا رئيسًا. ومع ذلك، بعد مرور بعض الوقت، تذكرت وارسو مشاركتها في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وتخلت عن الفكرة.
وأفادت السفيرة المعينة من قبل ترامب لدى بولندا جورجيت موسباخر عن احتمال نقل الأسلحة النووية التكتيكية الأمريكية من ألمانيا إلى بولندا. كتبرير لذلك أشارت موسباخر إلى أنه على خلفية رغبة برلين في إضعاف الناتو، تفي وارسو بوضوح بالتزاماتها.
وفي خريف سنة 2022؛ أعلن أندريه دودا عن إجراء مفاوضات موضوعية مع الولايات المتحدة بشأن هذا الموضوع، وبعد بضعة أشهر، أعلن رئيس وزراء البلاد آنذاك ورفيق دودا في حزب القانون والعدالة، ماتيوش مورافيتسكي رغبتهما في إقناع حلفاء الناتو بصحة مثل هذا القرار. لكن، حتى الآن لم تحول أي من هذه التصريحات إلى عمل سياسي حقيقي.
العلاقة الخاصة
وأضافت الصحيفة أنه بعد زيارته إلى نيويورك حيث التقى دونالد ترامب؛ قرر دودا إحياء فرضية الأسلحة النووية الأمريكية في بولندا. وقد وصف ترامب وارسو بالشريك المهم. وخلال زيارته الثانية إلى أوروبا كرئيس للدولة، اتفق ترامب مع دودا على توريد الغاز الطبيعي المسال الأمريكي. وفي الوقت نفسه، أطلق الرئيس البولندي مبادرة فورت ترامب، والتي كانت عبارة عن مجموعة من الإجراءات المحددة لزيادة الوجود العسكري الأمريكي في البلاد.
وتنقل الصحيفة عن ماريا بافلوفا، الباحثة في قسم الدراسات السياسية الأوروبية في معهد البحوث الوطني للاقتصاد العالمي، قولها إن السياق الحالي لتصريحات دودا يختلف عن زمن رئاسة ترامب، فعلى مدى العامين الماضيين، قوبلت جميع التصريحات البولندية برد فعل حاد من واشنطن التي نفت مثل هذه الخطط.
وبحسب بافلوفا؛ تعكس هذه الرواية الصراع السياسي الداخلي في بولندا عشية انتخابات البرلمان الأوروبي. وهذه محاولة لإظهار “العلاقة الخاصة” بين حزب القانون والعدالة وفريق ترامب. في الوقت نفسه، إذا كان الهدف المشترك آنذاك هو إضعاف دور ألمانيا، فإن حكومة تاسك، التي يُعرف عنها توجهها المؤيد لألمانيا، تمنع مبادرات حزب القانون والعدالة هذه.
ويرى المحلل العسكري الروسي بوريس دزيرليفسكي أنه في ظل الظروف الحالية، فإن مبادرة نشر الأسلحة النووية الأمريكية في بولندا ليست بالأمر المذهل.
وفي ختام التقرير يقول دزيرليفسكي: "لن أتفاجأ إذا تحقق هذا السيناريو. نحن نرى بالفعل تزويد الولايات المتحدة أوكرانيا بأنظمة "إم جي إم 140 أتاكمز". لا يستطيع الغرب تحمل هزيمة أوكرانيا، وفي الوقت نفسه لا يستطيع تحمل تكاليف المفاوضات بشأن الأمن الأوروبي، التي بدأتها موسكو في ديسمبر/كانون الأول من عام 2021".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الأسلحة النووية بولندا بولندا حلف الأطلسي أسلحة نووية سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسلحة النوویة الأمریکیة أسلحة نوویة الصحیفة أن فی بولندا فی الوقت
إقرأ أيضاً:
ترامب وإيران.. مفاوضات نووية أم تكتيك سياسى؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى تحول لافت على الساحة الدولية، يواصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الإشارة إلى إمكانية التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووى، رغم خلفيته الممتدة فى اتباع سياسة الضغط والتصعيد.
وقال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إنه يريد التفاوض على اتفاق بخصوص برنامج الأسلحة النووية مع إيران؛ مضيفاً أنه أرسل رسالة إلى المرشد الإيرانى على خامنئى، يحث فيها بلاده على التوصل إلى اتفاق نووى مع الولايات المتحدة.
وأضاف الرئيس الأمريكى، أن شيئا ما سيحدث مع إيران قريبًا، مضيفاً أنه يأمل فى اتفاق سلام يمنع طهران من امتلاك سلاح نووى، جاءت هذه التصريحات بعد أن كشف أنه بعث برسالة إلى إيران يضغط فيها على الجمهورية الإسلامية للتفاوض بشأن منع تطويرها أسلحة نووية أو مواجهة عمل عسكرى محتمل.
وقال ترامب لقناة "فوكس بزنس"، "بعثت برسالة لهم تقول آمل أن تتفاوضوا لأنه إذا كان علينا اللجوء للخيار العسكرى فسيكون الأمر مريعاً جداً لهم، لا يمكن أن نسمح لهم بامتلاك سلاح نووي".
وأكدت وكالة أنباء مرتبطة بأعلى هيئة أمنية فى إيران، أنه لا جديد فى تصريحات الرئيس دونالد ترامب بشأن الجمهورية الإسلامية، وعرضه إجراء محادثات.
وذكرت وكالة "نور نيوز" على منصة إكس: "نمط ترامب فى السياسة الخارجية، الشعارات والتهديدات والتحرك المؤقت والتراجع"، وأضافت "فيما يتعلق بإيران: قال أولاً إنه لا يريد المواجهة، ثم وقع على سياسة أقصى الضغوط، ثم فرض عقوبات جديدة، والآن يتحدث عن إرسال رسالة إلى القيادة بدعوة إلى المفاوضات، هذا عرض متكرر من أمريكا".
من جانبه؛ أكد وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى فى مقابلة مع وكالة فرانس برس، أن بلاده لن تجرى مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووى، طالما واصل الرئيس دونالد ترامب سياسة "الضغوط القصوى".
وقال عراقجى على هامش اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامى فى جدة "لن ندخل فى أى مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة طالما استمرت فى سياسة الضغوط القصوى وتهديداتها".
وقال الباحث فى العلاقات الدولية، طارق وهبى، أن ما يقدمه ترامب هو مجرد مناورة سياسية، ولا أعتقد أن هناك أى احتمال لتوصل واشنطن وطهران إلى اتفاق قريب، إذ يعتبر وهبى أن السياسة الأميركية تجاه إيران لا تزال ترتبط بشكل وثيق بالضغط الإسرائيلى، وأن واشنطن لا تسعى لتقديم بادرة حسن نية حقيقية لطهران.
وأشار "وهبي" إلى أن التناقض بين الخطاب السياسى والفعل العسكرى يضعنا أمام مأزق خطير، فبينما تتزايد الدعوات للسلام، تزداد الاستعدادات للحرب، مما يهدد استقرار المنطقة والعالم.
من جهة أخرى، عرضت موسكو تأدية دور الوسيط بين واشنطن وطهران فى الملف النووى الإيرانى، بحسب مصدر تحدث لرويترز، ويأتى ذلك تزامناً مع تأكيد المتحدث باسم الكرملين استعداد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لبذل الجهود من أجل حل سلمى، وإعلان الإدارة الأمريكية مواصلتها ممارسة ضغوط قصوى على إيران بهدف منعها من امتلاك سلاح نووى.
وأوردت قناة زفيزدا الروسية المملوكة للدولة، فى وقتا سابق، تصريحًا للمتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف، يؤكد موافقة الرئيس فلاديمير بوتين على التوسط فى محادثات الأسلحة النووية بين طهران وواشنطن.
وكشف مصدر مطلع لرويترز، أن روسيا أبدت استعدادها للتوسط بين الولايات المتحدة وإيران، وأعلن الكرملين عزمه بذل كل ما فى وسعه لإيجاد حل سلمى للخلاف بشأن البرنامج النووى الإيرانى، وأفاد المصدر بأن موسكو عرضت دور الوساطة، لكن لم يتم تكليفها رسمياً بذلك حتى الآن.
وفى وقت سابق؛ أكد المرشد الإيرانى على خامنئى موقفه الرافض لأى مفاوضات مع الولايات المتحدة؛ معتبرًا أنها "ليست فكرة ذكية ولن تحل مشاكل إيران"؛ مشيرًا إلى أن التجارب السابقة أثبتت عدم التزام واشنطن بتعهداتها، حتى بعد تقديم طهران لتنازلات كبيرة.
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى عام ٢٠١٨، فرضت واشنطن عقوبات غير مسبوقة على إيران، ما أدى إلى انكماش الاقتصاد الإيرانى وتراجع نفوذها الإقليمى.
مع استمرار الضغوطات، تجد إيران نفسها أمام خيارات ضيقة، إما أن تتحمل آثار العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة، وإما أن تتنازل لفتح قنوات الحوار، وفى كلتا الحالتين، يبدو أن طهران تدرك تماماً أن المواجهة لم تنته بعد، وأن كل خطوة مستقبلية تحتاج إلى حسابات دقيقة للغاية.
وبعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا فى يناير ٢٠٢٥، أعادت الولايات المتحدة تنفيذ سياسة الضغوط القصوى تجاه إيران، مما ساهم فى تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معدلات التضخم.