المفهوم الثوري في حالة الحرب الحالية واللادولة
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
المفهوم الثوري في حالة الحرب الحالية واللادولة
نضال عبد الوهاب
لعل ثورة ديسمبر قد فتحت وبما حملته من أهداف وشعارات وعمل مُصاحب لها رغبة كبيرة لأجيال مُختلفة وثورية في المُضي في سكة التغيير واستمرارها بعد نجاحها الجُزئي في إزاحة نظام المؤتمر الوطني السابق، وبعد أن تم قطع الطريق عليها نتيجة للثورة المُضادة وتدخلات خارجية وإقليمية في شؤون البلاد وفي مُقاومة الانتقال الديمُقراطي، إضافة للأخطاء التي صاحبتها وجعلت من مُجرمي اللجنة الأمنية للنظام السابق من العسكريين في الجيش والدعم السريع شُركاء في الحُكم والنظام، وضُعف المدنيين الذين تولوا معهم السُلطة وأخطاؤهم الكبيرة في تسيير الفترة الانتقالية، حتى وقوع انقلاب 25 أكتوبر 2021م ثم حتى الوصول لمرحلة الحرب الحالية وحالة أقرب إلى اللادولة…
وصول بلادنا إلى هذا المصير والحرب والتحولات الكبيرة التي نتجت جراء سيطرة العسكر والمليشيات ونفس المنظومة التي قامت ضدها الثورة والانقلاب الكامل علي الثورة وقطع الطريق عليها علي أرض الواقع، كل هذا التحول من الطبيعي أن يُصاحبه تغيير في طريقة المقاومة والتفكير العملي والثوري لاسترجاعها أولاً ثم مواصلة السير في طريق التغيير وتحقيق أهدافها من جديد.
إذاً فالواقع الذي أفرزته الحرب الحالية لن تُجدي معه ذات الطريقة في التفكير والعمل والأدوات، والتي سارت عليها جميع قوى الثورة في الداخل والخارج، فبلادنا اليوم ليست بمثل ما كانت في ديسمبر 2018م، ولا أبريل 2019م، ولا حتى ما بعد 25 أكتوبر 2021م، كُل شئ تغير أو بدأ في التغيير بعد تاريخ 15 أبريل 2023م بداية تاريخ الحرب في الخرطوم وتمددها إلى دارفور ثم جنوب كردفان ثم الجزيرة، مع احتمالية تمددها إلى أجزاء أخرى خاصة في شمال كردفان والنيل الأبيض والشرق.
ما أفرزته الحرب من تهجير ونزوح للسُكان الأصليين، وحالة الانفلات وعدم الأمان والقتل والانتهاكات والجوع والمرض والخوف، إضافة لعودة البطش والاعتقالات والتضييق لمُعظم من تبقى من فاعلين أو ناشطين ولجان مقاومة، حتى وإن كانوا في مجالات العمل الإنساني ومُساعدة وإنقاذ مُتضرري الحرب وضحاياها، كُل هذا الواقع جعل ويجعل من التفكير التقليدي في استمرار الثورة أو حتى استرجاع مسارها القديم ضرب من عدم الواقعية، أو الإتجاه الخاطئ في بلد تُعاني ويلات الحرب وخطرها على وجود الدولة نفسها وبقاؤها.
لذلك فإن الأولويات الآن هي:
1/ مُساعدة وإنقاذ المُتضررين من الحرب والعمل الإنساني المُباشر
2/ إيقاف الحرب نفسها ونزع أي شرعية لطرفيها
3/ عودة من نزحوا وتشردوا حتى من قوى الثورة ذاتها
4/ المُعافاة من آثار الحرب
5/ مُحاسبة المُتسببين في الحرب وإنتهاكاتها
وتُعتبر هذه الأولويات الخمس فعل ثوري حقيقي وصحيح على الترتيب، فليست الثورة فقط هتافات أو خروج في الشوارع أو اعتصامات وعصيان وإضراب ورفع لافتات بشكل سلمي ولكنها تعبير مُباشر عن مصلحة الجماهير والشعب وكُل السُودانيين وخلق تغيير في إتجاهها
تلك المصالح التي تتمثل فيما ذكرته عالياً من أولويات وأسبقيتها تحتاج إلى:
1/ الإيمان أولاً بها والالتفاف حولها
2/ ثم تحتاج إلى عمل جماعي ودؤوب لتحقيقها على أرض الواقع
أي محاولات للحلول لا تفهم الواقع الحالي وتتجنبه أو تقفز فوقه فإنها تُخطئ الطريق نحو إنجاز مطلوبات الأولويات الحالية وعلى رأسها مُساندة ومُساعدة الناس والمُتضررين ووقف الحرب
أي إتجاهات للعمل المُنفرد والإنعزالي وفق أي أهداف لا يتشاركها جميع أصحاب المصلحة من السُودانيين في هذا التوقيت لوقف الحرب وتحقُق الأولويات يُعتبر عمل غير ثوري وغير مُجدي وغير مُفيد في تقديري، لذلك فإن المفهوم الثوري المُرتبط بواقع الحرب الحالية وحالة اللادولة يتطلب من الجميع السعي والتنادي نحو عمل جماعي مُنظم وفاعل جبهوي مُتحد وتنسيقي بالداخل والخارج لتحقيق الأولويات المطلوبة، والتي بدون تحققها لن يتسنى للسُودان أو السُودانيين الانتقال لأي مُستقبل يرتكز على التغيير واسترجاع الخط الثوري ما قبل الحرب، وتحقيق أهدافها في الحرية والعدالة والسلام والانتقال الديمُقراطي والحُكم المدني الكامل، والإصلاح بشكل عام، وبالتالي للمواطنة والمساواة والوحدة
ختاماً: على الذين ضلوا الطريق نحو المفهوم الصحيح للثورة، بالعودة إليه وفق أولوياتها، وكذلك على الذين ذهبوا إما في إتجاهات سُلطوية بحتة وتماهـٍ كامل مع أجندة لا تخص بلادنا ومصالحها، أو آخرين مضوا في إتجاه مُتطرف ولا يقبل الآخرين ويُعادي ويُقاطع ويرفض كل مايتعلق بالخارج أو المُجتمع الدولي، أن يعود الفريقان إلى الحالة الثورية التي يتم فيها العمل الجماعي لوقف الحرب من كُل الرافضين لها والتعاون مع المُجتمع الدولي في كُل ما يخص تحقيق أهداف وأولويات بلادنا ومصالح شعبنا أولاً، ومن ثم العمل الجماعي لاسترداد مسار الثورة من المرحلة التي تعقب توقف الحرب وتحقُق الأولويات لكل المؤمنين بأهدافها، بعيداً عن أي اختلافات داخل قوى الثورة لا تتحقق معها مصالح جميع السُوانيين، ثُم الانتقال لتأسيس جديد للدولة السُودانية يُنهي كافة الحروب داخلها، ويعمها السلام الشامل العادل، ثُم بناءها على أُسس جديدة وبُمشاركة جميع بناتها وأبنائها وشعوبها…..
23 أبريل 2024م
الوسومالجزيرة الخرطوم السودان العمل الإنساني اللجنة الأمنية انقلاب 25 اكتوبر 2021 حالة اللادولة دارفور ديسمبر 2018 قوى الثورة كردفان نضال عبد الوهابالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجزيرة الخرطوم السودان العمل الإنساني اللجنة الأمنية انقلاب 25 اكتوبر 2021 دارفور ديسمبر 2018 قوى الثورة كردفان نضال عبد الوهاب الحرب الحالیة قوى الثورة
إقرأ أيضاً:
أشرف صبحي: الدولة تضع تأهيل الشباب وتمكينهم على رأس الأولويات
قال وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، إن الدولة المصرية وضعت تأهيل الشباب وتمكينهم على رأس الأولويات، وهو تتويج لجهود كثيرة خلال السنوات الأخيرة.
جاء ذلك خلال لقائه، اليوم الأربعاء، بوفد المفاوضين الشباب المصريين أعضاء اللجنة الوطنية للشباب والمناخ المشاركين ضمن وفد المفاوضات الرسمي المصري بمؤتمر المناخ cop29 المنعقد في مدينة باكو بأذربيجان.
وتعد المرة الثانية على التوالي التي تُشارك فيها مصر بوفد المفاوضات الشبابي، ضمن وفد تفاوضي رسمي برئاسة وزارة الخارجية وبالتنسيق مع وزارة البيئة وبشراكة مع منظمة الأمم المتحدة بمصر.
وطالب الوزير وفد الشباب بالاستفادة من هذه الفرصة غير المسبوقة والاجتهاد لاكتساب المزيد من الخبرة لدعم جهود وطنهم في كافة الموضوعات محل التفاوض؛ حيث إن تواجدهم ضمن الوفد الرسمي المصري هو أحد ثمار رئاسة مصر لمؤتمر المناخ الأسبق COP27، والذي حرص على دعم الشباب في الاستماع إلى أصواتهم في قضايا المناخ.
وتوجه وفد المفاوضات الشبابي المصري للشباب بالشكر والتقدير إلى الدولة المصرية ممثلة في وزارة الشباب والرياضة برئاسة الدكتور أشرف صبحي، وكافة الوزارات والجهات المعنية؛ وذلك على الدعم الدائم واللامحدود.
يذكر أن اللجنة الوطنية للمناخ (EGYouth4Climate) هي مبادرة بقيادة وزارة الشباب والرياضة، بالتعاون مع وزارة البيئة والخارجية بدعم من الأمم المتحدة كمخرج من مخرجات مؤتمر المناخ COP27، وتتألف اللجنة من الشباب الذين يتم دعمهم في المشاركة الهادفة في المبادرات والحوارات المناخية المحلية والدولية.
وتعمل اللجنة أيضًا على تعزيز قدرات الشباب في الجوانب المختلفة لتغير المناخ وتدريبهم ليصبحوا مفاوضين شباب محتملين في المفاوضات المستقبلية بشأن المناخ، وتعزيز الوصول إلى فرص تنمية المهارات ذات الصلة لدى الشباب وتمثيل آرائهم ومشاركتهم في صياغة سياسات المناخ من خلال التشاور مع صانعي السياسات ذوي الصلة، كما تعمل اللجنة على توفير دورات تدريبية على التفاوض والقيادة المجتمعية وتصميم المبادرات.