ما أعظم المُلك.. حتى وإن كان "عصا"!
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
إسماعيل بن شهاب البلوشي
لعلي أمتلك من البِر ولو اليسير، ولعلي أوثق للإنسانية ما تتوقف عنده نفسي من الحكمة والعبر، ما يجعل لكل إنسان حدًا للطموح والعمل والتصرف وقراءة الدنيا كما يجب، لأنَّ بعض مشاهد الحياة تكون ذات مصداقية أبعد وأدق من خلال التجربة وليس بالقراءة الأكاديمية، وإن من فضل الخالق- عزَّ وجلَّ- أن والدي- متعه الله بالصحة والعافية- تعدى المئة عام منذ سنوات، ورغم أني لستُ بصدد توثيق سيرته الذاتية في هذه العجالة، لكني سأقف على بعض المشاهد بغرض المُقارنة، ليتبين لنا جميعًا كيف هي مراحل العمر للإنسان بشكله العام.
لا أعتقد أن الكثيرين عاشوا حياتهم مثل ما أمضى شبابه فقد كان هاويًا لركوب الخيل والإبل والقنص والمنافسة في الرماية، ولذلك اقتنى أفضلها مثل "حلوة" التي أنتجت "حليوان" والذي انتهى إلى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البحرين- طيب الله ثراه- كهدية ومن سلالته إلى اليوم في مملكة البحرين.
واقتنى سمحة التي انتهت أيضًا هدية مُقابل فرس عند الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة- طيب الله ثراه- وسلالتها إلى اليوم هناك، اقتنى أفضل الأسلحة وكان يُحبها ويدقق فيها كثيرًا، وسافر إلى بعض الدول، وكانت له فرصة البقاء مكرمًا، فقال عبارة ظل يتناقلها محبو الأصالة وإلى اليوم وهي أن "شجرة سمر في صحراء عمان أغلى وأحلى من قصور الدنيا وما عليها". رافق والده في مواقف كثيرة بين السلاطين كالسلطان تيمور- طيب الله ثراه- والشيخ زايد بن سلطان وأخيه الشيخ خالد بن سلطان- طيب الله ثراهما- وارتبط بصحبة تاريخية بالشيخ سعيد بن مكتوم- طيب الله ثراه- ولم يُضع الفرصة ولا في واحدة منها عند زيارات السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- إلى عبري للحديث إليه، وبقيت واحدة من صوره مع السلطان الراحل تُزيِّن الكثير من الوجهات والأماكن والمجلات؛ لأنها تعبر عن قرب وتقارب فكري سهل بين مواطن وسلطانه، بترفع راقٍ بعيد عن كل تصنُّع والذي كان في موقف تقديم أربعة من الإبل الأصيلة التي تقبلها السلطان الراحل بالرحب والسرور، كما سلّم على حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- أيده الله- يوم تولي الحكم، وقال لجلالته "إني أرى في وجهك الكريم خيرًا لعُمان".
عاش حياته في مرحلة متقلبة من عمر الزمن، وكانت تلك المرحلة مخاضًا لولادة عالم جديد يختلف كثيرًا عمّا قبله؛ فمنهم من استطاع بطرقه أن يكون في واجهة الكثير من الأحداث.
الإبل وحليبها والإبل والوثوب على ظهورها في السراء والضراء، ارتبطت بجل حياته، فصاغ التغرود منه ما حفظ من الأثر، ومنه ما كان ردودًا ورسائل في السباق الذي كان واجهة عصرهم.
أما المال وعلى الرغم من شحه الشديد بين الجميع، فقد كان- بحمد الله- في سعة كبيرة من الرزق توارثه من آبائه وأجداده.
القارئ الكريم.. وبعد كل ما اختصرت من حياة والدي، فإنَّ الدرس الذي أردت أن أصل إليه هو أنه وبعد ذهاب الأغلب من الذاكرة بقيت بعض أبيات الشعر لعل جُلها:
خبيبنا أم العضود المالية // البدو شدت والمنازل خالية
وغردت يا شاهين باح السد // وحلفت بالله ما تشم الخد
يا لين ما بينت العويص تريدي.
أما المقتنى الملموس لديه، والذي لم يعد يرى أغلى منه في الدنيا، هي تلك العصا والتي يعتقد أنها وسيلة يمكن أن تساعده على الحركة، وفي الحقيقة هي ليست كذلك، فإنه لم يزره أحد إلّا وبدأ في وصفها شكلًا وقوةً ونوعًا، وكم يطيب لي رغبة في إشعاره بقيمتها أن أساومه في بيعها وباللغة التي يُتقنها دون غيرها، وهي القرش، فأقول له سأدفع لك دونها مئة قرش، وجوابه الأزلي المقرون بتلك الابتسامة والثقة "لا أبيع حتى لو بمئة قرش".
لعلي وُفِّقتُ في رسم صورة الدنيا بين رجل عايش الحرب والسياسة وتغنى بالجمال والإبل، وملك الكثير ولم يعد اهتمامه بعد كل ذلك إلّا بتلك العصا التي كبرت في عيني كثيرًا؛ فلعلنا جميعًا نُدرك ونتعلم ونستفيد لنقدم لمجتمعنا وأهلنا ووطننا بشكل عام ما هو طيب؛ لأنَّ الدنيا قصيرة أكثر مما نتوقع.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بنك مسقط يساهم في إنجاح حفل "يوم الخريج الثامن" بجامعة السلطان قابوس
مسقط- الرؤية
شارك بنك مسقط- المؤسسة المالية الرائدة في سلطنة عُمان- في حفل يوم الخريج الثامن الذي نظمته جامعة السلطان قابوس، تحت رعاية صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى بن ماجد آل سعيد رئيس الجامعة، وبحضور الهيئة التدريسية والإدارية بالجامعة وعدد من خريجي الجامعة للأعوام السابقة.
وتأتي مشاركة بنك مسقط في إنجاح هذه الفعالية السنوية المُميزة تأكيدًا على الاهتمام الكبير الذي توليه جامعة السلطان قابوس لخريجيها من خلال توفير قناة تواصل فعَّالة تربط بين الجامعة وخريجيها باستمرار، حيث يهدف تخصيص هذا اليوم إلى تعزيز روح الانتماء لدى الخريجين وخلق مساحة للتواصل بينهم لتبادل خبراتهم العلمية والعملية.
وخلال الحفل، ألقى صالح بن محمد المعيني نائب مدير عام فروع بنك مسقط بمحافظة مسقط، كلمة أعرب فيها عن سعادته بالمشاركة في إنجاح تنظيم الحفل السنوي الثامن الذي تحتفل فيه الجامعة بخريجيها المتميزين، قائلا: "إننا نعتز في بنك مسقط بشراكتنا مع جامعة السلطان قابوس، ونقدر حجم الجهد المبذول في سبيل تخريج شباب موهوبين في مختلف المجالات، ممن أثبتوا اليوم أنهم قادرون على النجاح من خلال استغلال طاقاتهم لخدمة هذا البلد".
وأضاف أن دعم الشباب يعد من الركائز الأساسية التي يلتزم بنك مسقط على العمل بها، وذلك باعتبارهم قادة المستقبل ومصدر الإبداع والابتكار، مؤكدا أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجالات تطوير وتقديم البرامج التدريبية والتعليمية المختلفة التي تتماشى مع احتياجات سوق العمل، كونها ستساهم بشكل ملحوظ في دعم جهود الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية.
ويفخر بنك مسقط بأنه من أوائل المؤسسات المالية التي قامت بافتتاح فرع متكامل داخل جامعة السلطان قابوس يقدم كافة الخدمات والتسهيلات المصرفية سواء للطلبة أو للهيئة التدريسية ولكافة موظفي الجامعة، حيث يمكن للجميع الحصول على مختلف الخدمات مثل التمويل الشخصي والسكني والخدمات المصرفية المتعلقة بالبطاقات البنكية المختلفة وكذلك فتح مختلف الحسابات المصرفية، بما فيها حسابات فلوسي وشبابي المخصصة للطلبة والشباب والتي تقدم مزايا وعروضا جيدة لأصحاب الحسابات مع توفر أجهزة السحب والإيداع النقدي في الفرع تعمل على مدار الساعة وغيرها من الخدمات المصرفية.
ويحرص بنك مسقط على المساهمة بالمشاركة في مختلف الأنشطة والفعاليات التي تنظمها الجامعة بشكل سنوي ومن بينها معرض فرص العمل والتدريب، كما يتعاون البنك مع الجامعة في توفير فرص للتدريب لطلبة جامعة السلطان قابوس وغيرها من مجالات التعاون المشتركة.