العفو الدولية: أثمان باهظة يدفعها المدنيون في مناطق الصراع
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
سلطت منظمة العفو الدولية "أمنيستي"، في تقريرها السنوي الذي أصدرته، الأربعاء، على انتهاك الزعماء والدول والكيانات مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي في مواجهة الصراعات المتعددة، وعلي رأسها الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة.
وذكرت المنظمة في تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم للعام 2023 ، أن الكثير من الدول التي وصفتها بـ"القوية" ارتكبت أفعالا عمقت معاناة المدنيين في الصراعات المسلحة "وكأنهم بلا قيمة ولا بأس في فنائهم"، ومنها إسرائيل، والولايات المتحدة، وروسيا، وطرفي الصراع في السودان.
ووفقا للمنظمة، أدت مخالفة القانون الدولي الإنساني، المعروف أيضا بقوانين الحرب، والتحايل عليه إلى عواقب جسيمة على المدنيين. وفي كثير من الصراعات، اعتمدت القوات الحكومية على شن هجمات برية وجوية بعيدة المدى على مناطق مأهولة بالسكان، مستخدمة في ذلك أسلحة تمتد آثارها على مساحة واسعة. وأسهم ذلك إلى حد بعيد في إيقاع خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وإلحاق دمار واسع بالمنازل والبنية التحتية.
وانتقد التقرير الهجمات التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والتي أسفرت عن "خسائر بشرية هائلة في صفوف المدنيين"، فضلا عن التدمير واسع النطاق للمنشآت المدنية بالمخالفة لمعايير القانون الدولي، وذلك بخلاف ما تحاول تصويره للعالم.
وذكر التقرير أنه "بحلول نهاية العام الماضي، كان القصف الإسرائيلي المستمر بلا هوادة والهجوم البري على القطاع قد أسفر عن مقتل 21,600 فلسطيني، بحسب ما ذكرته وزارة الصحة في غزة، ثلثهم من الأطفال".
وتحدثت المنظمة عن الأدلة المتزايدة على ارتكاب إسرائيل لما وصفته بـ"جرائم الحرب" في غزة، موضحة أن القوات الإسرائيلية قصفت مخيمات اللاجئين المكتظة والمباني السكنية، وأبادت عائلات بأكملها المرة تلو الأخرى، ودمرت المستشفيات، والمدارس التي تديرها الأمم المتحدة، والمخابز، وغيرها من منشآت البنية التحتية الحيوية.
وتطرق التقرير إلى رواية إسرائيل عن إخلاء وشمال غزة، موضحة أن "القوات الإسرائيلية صاغت أوامر إخلاء شمال غزة على أنها بمثابة تحذيرات واحتياطات، لكنها في واقع الأمر هجـّـَرت قرابة 1.9 ًمليون فلسطيني من ديارهم قسرا (83% من إجمالي سكان غزة البالغ تعدادهم 2.3 مليون).
وسلطت "أمنيستي" الضوء على ما وصفته بـ"الحصار غير القانوني المستمر لغزة"، مشيرة إلى أن إسرائيل "حرمت المدنيين في غزة عمدا من المساعدات الإنسانية".
وانتقدت المنظمة "تصاعد نبرة الخطاب العنصري الذي يجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم من جانب بعض المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، ما يمهد الطريق إلى وقوع إبادة جماعية".
وانتقد التقرير الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية بسبب التأييد العلني لأفعال إسرائيل، فضلا عن استمرار بعض الدول، ولا سيما واشنطن، في تزويد إسرائيل بأسلحة تستخدم في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وهو ما تنفيه واشنطن.
وفي الوقت ذاته، انتقدت المنظمة ما فعلته حركة حماس في هجوم السابع من أكتوبر، بدعوى مقاومة الاحتلال العسكري الإسرائيلي طويل الأمد، سواء من تعمد قتل المدنيين في إسرائيل، أو أخذ الرهائن، أو إطلاق الصواريخ.
وذكرت المنظمة أن الكثير من وسائل الإعلام والسياسيين في العديد من الدول الغربية استخدمت خطابا عنصريا في بعض الحالات، وكثيرا ما جرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وخلط بين المسلمين والإرهابيين وكأنهم سواء.
كما يسلط التقرير الضوء على الازدواجية البشعة في معايير بعض البلدان الأوروبية مثل المملكة المتحدة وألمانيا، بحيث تعبر عن احتجاجها الوجيه على جرائم الحرب من جانب روسيا وحماس، بينما تؤيد أفعال السلطات الإسرائيلية والأميركية في هذا الصراع. وانتقدت "أمنيستي" حكومات ألمانيا، وبولندا، وسويسرا، وفرنسا، التي منعت أي مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في عام ٢٠٢٣.
وفي السياق نفسه، علق التقرير على ازدياد جرائم الكراهية المعادية للسامية والمسلمين في أوروبا والولايات المتحدة خلال العام الماضي، موضحا أنه فاقم بشكل مثير للقلق من دعوات التحريض وغيرها من أشكال المحتوى الضار على الإنترنت ضد الجاليات الفلسطينية واليهودية على نطاق أوسع.
وتحدث التقرير عن عجز المؤسسات الأممية في تنفيذ القانون الدولي، موضحا أن مجلس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فشل اتخاذ إجراءات فعالة بشأن الصراعات الكبرى. وكعادتها، لجأت الولايات المتحدة لاستخدام حقها في النقض (الفيتو) مرات عديدة كسلاح لمنع ًالمجلس من الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وأعطت "أمنيستي" المزيد من الأمثلة على معاناة المدنيين في صراعات أخرى حول العالم خلال عام 2023، موضحة أن القوات الحكومية والجماعات المسلحة تجاهلت القانون الدولي الإنساني في الصراعات المسلحة الدائرة في إثيوبيا، وأفغانستان، وبوركينا فاسو، وجنوب السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وسوريا، والصومال، والكاميرون، وليبيا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، واليمن، حيث تحمل المدنيون القسط الأكبر من ويلات الهجمات العشوائية.
وفيما يتعلق بالصراع السوداني، ترى المنظمة أن الطرفين المتحاربين، وهما القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم، ينتهكان القانون الدولي الإنساني من خلال شن هجمات مستهدفة أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين وسط أحياء مكتظة بالسكان.
وأوضحت أنه منذ اندلاع القتال بين الطرفين في أبريل 2023 وحتى نهاية العام، قُتل أكثر من 12,000 شخص، وصار أكثر من 5.8 مليون شخص آخرين في عداد النازحين داخليا، فيما لاذ نحو 1.4 مليون شخص بالفرار إلى خارج السودان وصاروا في عداد اللاجئين.
كما شنت قوات الجيش الميانماري والميليشيات الموالية لها هجمات على المدنيين أدت إلى مقتل أكثر من 1,000 منهم خلال عام 2023 وحده. ولم تستجب الحكومتان الروسية والميانمارية للتقارير التي تتحدث عن انتهاكات صارخة، ولم تُبدِ أي التزام بإجراء تحقيقات بشأنها. وتلقت كلتا الحكومتين دعمًا ماليًا وعسكريًا من الصين.
وأشار التقرير إلى أن العنف القائم على النوع الاجتماعي كان سمة رئيسية لبعض هذه الصراعات. وأعطت المنظمة أمثلة على ذلك بما ارتكبه بعض جنود قوات الدفاع الإريترية عندما خطفوا ما لا يقل عن 15 امرأة، واحتجزوهن قرابة ثلاثة أشهر في معسكر تابع للجيش بإقليم تيغراي الإثيوبي، حيث اغتصبوهن. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، أفادت الأنباء بوقوع أكثر من 38,000 حالة عنف جنسي في إقليم نورد كيفو وحده خلال الربع الأول من عام 2023.
وذكر التقرير أنه كانت النظرة الإقصائية للبعض على أسس إثنية باعتبارهم ضمن "الآخر" المختلف من السمات السائدة في الصراعات المسلحة في بلدان مثل إثيوبيا، والسودان، وميانمار.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القانون الدولی المدنیین فی أکثر من عام 2023 فی غزة
إقرأ أيضاً:
الصراع يتفاقم بين الساسة والجيش في إسرائيل
تقريبا، ومنذ نشأة الجيش الإسرائيلي، تنشأ خلافات بين كل من وزير الدفاع ورئيس الأركان، أو بين الأخير ونائبه وكثير من أعضاء هيئة الأركان. لكن وسائل الإعلام كانت تتناقل أنباء هذه الخلافات إما بعد وقت طويل أو حتى نقلا عن مذكرات يكتبها هذا المسؤول أو ذاك.
ولكن اليوم تشهد الخلافات بين هذه المستويات القيادية بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية نوعا من العلنية ترقى أحيانا إلى البث المباشر. وهذا ما جرى مثلا مع استقالة الجنرال عمير برعام نائب رئيس الأركان والتي عبرت عن مستوى الخلاف داخل رئاسة الأركان، ومع وزير الحرب إسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي. وبين هذا وذاك، هناك الأزمة السياسية القائمة حول قانون التجنيد، والذي يطال الشبان من الطوائف الحريدية مما أثر على ما يسمى "تقاسم الأعباء" وتلبية حاجة الجيش للمزيد من المجندين.
ولأن كاتس عديم الخبرة العسكرية ولكنه مخضرم في الحلبة السياسية، ومن أقطاب اليمين المتطرف في الليكود، ولم يخش الصدام مع المؤسسة العسكرية لإثبات قوته. وهذا ما قاد كثيرا من المعلقين لانتظار سماع طرق لأبواب والدق على الطاولات بينه وبين قيادة الجيش. إذ وصل لهذا المنصب بعد إقالة سلفه، ومن أجل تحقيق أهداف لم يقبل بها الأخير. وفي نظر المعلقين سرعان ما بدأت "الانفجارات" بين كاتس وقادة المؤسسة العسكرية بما أنبأ أن الصراع بين كاتس وهاليفي سرعان ما سيبلغ نقطة الغليان. وكاتس صاحب رؤية تتطابق مع رؤية اليمين المتشدد في كل ما يتصل بالحرب والسلام، وهو لا يثق كثيرا برؤية المؤسسة العسكرية ويعمل على تحديها.
إعلان مؤامراتوبسبب طبيعة كاتس وخبرته في الحلبة السياسية حيث تدار المؤامرات والألاعيب، نشأت الشكوك والريبة منذ اللحظة الأولى. فقد نظر إليه على أنه المنفذ لسياسة عليا يرسمها نتنياهو نفسه صاحب المصلحة في إلقاء الذنب على الجيش. وهذا ما أفسح المجال لتوترات متزايدة حيث أظهر كاتس أنه لم يكن يخشى انتقاد سلوك العسكريين بالأماكن العامة، وتوزيع التعليمات عبر وسائل الإعلام، والترويج لأجندة فوق القانون على حساب رئيس الأركان.
صراع كاتس وهاليفي بلغ درجة الغليان (رويترز)وفي كل حال، تثير الأنباء -عن الخلافات داخل المؤسسة العسكرية وبين قيادتها والمستوى السياسي- انتقادات واسعة داخل الدولة. فالجمهور الإسرائيلي منح على الدوام المؤسسة العسكرية ثقة أكبر بكثير من تلك التي يمنحها للمستوى السياسي انطلاقا من إيمان راسخ بأن هذه المؤسسة هي الضمانة الأكبر لوجود الدولة. وذلك فإن سخرية وزير الحرب (كاتس) من رئيس الأركان (هاليفي) لم تمر من دون انتقادات واسعة معتبرين أن هذه الانتقادات تندرج في نطاق تسييس مغرض للمؤسسة العسكرية.
وقد بدأ الأمر بقيام مراقب عام الدولة ماتانياهو إنجلمان، وهو منصب سياسي، بالإعلان عن أن قيادة الجيش لا تتعاون بالشكل المناسب مع تحقيقات يجريها بشأن اخفاقات 7 أكتوبر/تشرين الأول. وقد خرج المراقب عن المعتاد بإثارة مثل هذا الاتهام في الغرف المغلقة، وأثار الاستهجان أولا قبل أن يركب الموجة وزير الحرب. فما أن "وبخ" أنجلمان هاليفي، حتى أثار على الفور أصابع الاتهام التي كثيرا ما وجهها نتنياهو نفسه للجيش عند كل حديث عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات 7 أكتوبر. واعتبر نتنياهو أن تحقيق المراقب العام يعفيه من تشكيل لجنة التحقيق رسمية، وكفيل بأن يلقي على عاتق الجيش المسؤولية الكاملة عن الفشل.
أمر بالتعاونوهكذا بعد أن تصادم كاتس مع الناطق بلسان الجيش دانيال هاغاري، بشأن قانون التجنيد، وجد الفرصة في إعلان مراقب عام الدولة كي "يأمر رئيس الأركان" علنا بالتعاون معه وإنهاء تحقيقات الجيش في الفشل في غضون مدة قصيرة. وأعلن كاتس موجها كلامه لهاليفي أنه "ليس من الجائز استمرار الوضع الذي يبدو فيه الجيش يخشى الانتقادات العامة والشفافية اللازمة، نظراً لخطورة الأحداث التي وقعت في السابع من أكتوبر، أثناء توليك القيادة".
Iلمتحدث باسم الجيش هاغاري اصطدم بكاتس حول قانون التجنيد (رويترز)وبحسب المعلق العسكري في "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، فإن في هذا الإعلان كما صرح وزير الحرب أن "الجيش الإسرائيلي، كما يزعم مراقب الدولة، لا يتعاون مع تحقيقات مراقب الدولة". والأسوأ من ذلك، أن "مراقب الدولة يلمح إلى أن العبء الرئيسي للمسؤولية عن الأحداث الرهيبة التي وقعت في أكتوبر من الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر، تقع على كاهل هاليفي". وهذا من دون أن يلمح كاتس إلى واقع أنه كان عضوا في المجلس الوزاري الأمني المصغر الذي حذره الجيش الإسرائيلي عام 2023، أكثر من مرة، من أن الانقلاب القانوني يؤدي إلى تآكل قوة ردع دولة إسرائيل ضد أعدائها، وأنهم قد يهاجمونها. ولكن كاتس لم يذكر هذا الأمر حتى بشكل عابر "بل افترض امتلاك السلطة الأخلاقية التي تسمح له بإقناع الجمهور بإعلانه أن رئيس الأركان هو المتهم الرئيسي في الأحداث الخطيرة".
وأشار بن يشاي إلى أن "إعلان وزير الدفاع اليوم لا يقل عن إهانة هجومية يحاول كاتس توجيهها إلى هاليفي. وكان من المتوقع أن يتحلى وزير الدفاع الذي تولى منصبه للتو بقدر أعظم من التواضع، وأن يتعامل باحترام مع رئيس الأركان الحالي الذي قاد الجيش بنجاح كبير منذ مذبحة السابع من أكتوبر".
إعلانواعتبر المعلق السياسي الشهير بن كسبيت في صحيفة "معاريف" أن كاتس في صدامه مع رئيس الأركان لا يقدم شيئا من أجل توجيه المنظومة العسكرية، بقدر ما يفعل ذلك من أجل إذلال هذه المؤسسة وإهانة قادتها. ورأى أنه "لو كانت نيته صادقة، لكان قد فعل الأمور بالطريقة التي تتم بها عادة في المنتديات المهنية، داخل الغرفة. وليس من خلال مكبرات الصوت الإعلامية". ويرى أن كل الأمور التي يقوم بطرحها علناً، في تصريحات لوسائل الإعلام، يستطيع أن ينجزها في اجتماعات العمل التي يعقدها مع رئيس الأركان. ولذلك يخلص إلى أن "هذا ليس سبب تعيين كاتس بهذا المنصب بل لجعل حياة الجنرال هاليفي بائسة. وأنا لم أتحدث إلى رئيس الأركان بشأن هذه الأمور، ولا إلى أي من مساعديه، أو المتحدث باسم الجيش. فأنت لا تحتاج إلى أي إحاطات لفهم ما يجري هنا. وزير دفاع تم فصله لأنه أصدر 7 آلاف أمر تجنيد حريديم، ووزير دفاع حل محله وتم تعيينه في المنصب للتلاعب، وإخفاء التجنيد الحريدي لصالح الائتلاف بيد واحدة، وجعل حياة رئيس الأركان بائسة من أجل دفعه إلى الاستقالة باليد الأخرى".
غالانت (يسار) أطيح به بسبب قرار تجنيد الحريديم (رويترز)أما يوسي يهوشع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" فرأى أنه "درج وصف المواجهة بين وزير الدفاع ورئيس الأركان في إطار ارتقاء درجة". وعمليا ما يحدث هو عد تنازلي: هجوم آخر وفرصة أخرى إلى أن ينفذ رئيس الأركان ما كان ينبغي له أن يحدث منذ زمن بعيد ويضع كتاب الاستقالة". وفي نظر يهوشع فإنه رغم أن لجنة تحقيق رسمية واجب أخلاقي، إلا أن "الحديث يدور عن رئيس اركان على اسمه أيضا يسجل الفشل الأمني الأخطر منذ إقامة دولة إسرائيل، فشل أدخلنا إلى ورطة تتواصل 15 شهرا ويمكن للتداعيات أن تتواصل لسنوات طويلة أخرى. ومن المهم الإيضاح بأنه خلافا لحرب لبنان الثانية عام 2006 مثلا، التي بدأت نتيجة حدث تكتيكي والمسؤولية توزعت بين الكتيبة، اللواء وفرقة الجليل، اتخاذ القرارات في الليلة التي بين 6 و7 أكتوبر/تشرين الأول كانت لرئيس الأركان إلى جانب رئيس الشاباك وقائد المنطقة الجنوبية".
إعلان الأزمة الأخطرومع ذلك يخلص يهوشع إلى أنه "بسبب الازمة السياسية وسلوك المستوى السياسي فإن الكثيرين ببساطة لا يفهمون أن: الجيش يعيش الأزمة الأخطر في تاريخه. ورغم النجاحات في لبنان وفي غزة يوجد قدر واسع من فقدان الثقة بالمؤسسة التي لم تقم بالمهمة التي من أجلها أقيمت، ولا يقل خطورة عن ذلك: فقدان ثقة القيادة الدنيا بالمستويات العليا، حتى هيئة الأركان".
وفي هذا السياق، جاءت استقالة نائب رئيس الأركان لتنذر بالهزة الأرضية الجارية في الجيش خصوصا مع اقتراب موعد تعيين رئيس أركان جديد.
وقد مثلت استقالة برعام نوعا من الإشارة القوية لما يجري في صفوف القيادة العليا بالجيش. فليس هو أول من يقدم استقالته فقد سبقه جنرالات بينهم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وكذلك قائد القوات البرية الجنرال تامير يداي وانتهاء خدمة قائد المنطقة الوسطى الجنرال يهودا فوكس. ولكن ما يميز هذه الاستقالة عن غيرها أنها جاءت في ظروف تنافس وربما رغبة في تسريع خطوات بتوجيه أصابع اتهام لهاليفي. وبحسب ما نشر بالصحافة الإسرائيلية فإن برعام كان كثير الخلاف مع هاليفي حول أمور مختلفة منها الصلاحيات والمسؤوليات وأيضا حول بناء القوة ومسار الحرب. وبحسب مقربين منه كثيرا ما وصف علاقته بهاليفي بأنها "متوترة ولكن ليست مضطربة، وجيدة وصحية ولكن ليست ممتازة". ولذلك -كما قال في كتاب استقالته- باتت قدرته على المساعدة في الوضع الحالي كنائب لرئيس الأركان محدودة. وأنه "اختار هذا الوقت للاستقالة لأن "شدة الحرب انخفضت باستثناء قطاع غزة، وأنه لا يوجد قتال في لبنان أو سوريا، وبالتالي فإن هذا وقت مناسب لجميع الأطراف" من وجهة نظره. وألمح برعام إلى جاهزيته للترشح لشغل أي منصب يطلب منه في المستقبل ملمحا بذلك إلى أنه بين المرشحين لشغل منصب رئيس الأركان مستقبلا.
وزير الدفاع كاتس خلال اجتماع برئيس وقادة الأركان (مواقع التواصل)وفي الخلاصة: مطلوب من الجيش حاليا إنجاز التحقيقات بشأن فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتقديمه للمستوى السياسي خلال فترة قصيرة. ومن الجائز أن إبرام صفقة تبادل واتفاق وقف النار في غزة سوف يطلق العنان من جديد للمطالبين بلجنة تحقيق رسمية لا تبقي الذنب ملقى على كاهل المؤسسة العسكرية وإنما تستدرجه أيضا نحو المستوى السياسي.