«المشاط»: الأزمات العالمية المتتالية دفعت العديد من الدول للخلف وقوضت مسارات التقدم
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
أكدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، أنه منذ نحو عقد من الزمان اتفق العالم على تحقيق 17 هدفًا للتنمية المستدامة بحلول عام 2030، لكن الأزمات العالمية المتتالية دفعت العديد من الدول للخلف وقوضت حركتها نحو مسار أفضل بل وزادت من خطر تلاشي ما تحقق من مكتسبات، مشيرة إلى أن تمويل التنمية المتاح في الوقت الحالي لا يلبي الحاجة الملحة لتحقيق الأهداف، كما أنه لا يكفي لمعالجة التحديات متعددة الأبعاد التي تواجهها الدول الاعضاء.
جاء ذلك خلال مشاركتها في جلسة رفيعة المستوى ضمن منتدى التمويل من أجل التنمية، الذي ينظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ECOSOC، خلال الفترة من 22-25 أبريل الجاري بمقر الأمم المتحدة بنيويورك تحت عنوان "تعزيز الحوار الشامل في الطريق إلى المنتدى العالمي الرابع للتمويل من أجل التنمية".
وافتتح المنتدى أنطونيو جوتيرش، الأمين العام للأمم المتحدة، و دنيس فرنسيس، الرئيس المنتخب للجمعية العامة للأمم المتحدة، و كريستين لاجارد، رئيسة صندوق النقد الدولي، وقد أدارت الجلسة الوزارية باولا نارفايز، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، كما شارك وزراء المالية والتعاون الدولي والتنمية وسياسات المناخ عن دول تشيلي، وقطر، والدنمارك، والاتحاد الأفريقي.
ناقشت الجلسة الوزارية المسار المستقبلي لعقد مؤتمر عالمي رابع لتمويل التنمية (منتدى تمويل التنمية) في عام ٢٠٢٥، كما تطرق المشاركون إلى مناقشة تحديات التمويل، والتغلب علي الفجوات الحالية في السياسات والأطر العالمية للتنمية التي يتعين معالجتها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ووجهت وزيرة التعاون الدولي، الشكر للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، على انعقاد منتدى التمويل من أجل التنمية، لاسيما في ظل هذا التوقيت الاستثنائي الذي تمر به أهداف التنمية المستدامة والتحديات التي تواجهها، بينما يقترب العالم من 2030 حيث يجب حصاد مستهدفات ما صدقت عليه الدول الاعضاء لدي الامم المتحدة في عام 2015.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى تزايد معدلات الفقر، فضلًا عن الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تفاقمت بشكل كبير، بالتزامن مع الانخفاض الكبير لما يسمى بـ"التمويل العادل"، مؤكدة حاجة البلدان النامية إلى المزيد من التمويل منخفض التكلفة والتعاون من مؤسسات التمويل الدولية والدول المتقدمة في هذا الشأن، ليس ذلك فقط بل إنه في ذات الوقت يتزايد عبء الديون على الدول النامية والأسواق الناشئة، وخروج تدفقات رؤوس الأموال من تلك الأسواق إلى البلدان المتقدمة في أوقات الأزمات، وهو ما يزيد من التحديات التي تحول دون تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وسلطت «المشاط»، الضوء على جانب آخر يتعلق بتوجيه أقل من 10% من تمويل المناخ عالميًا للبلدان النامية، رغم احتياجها أكثر من غيرها وتأثرها بشكل كبير بالتغيرات المناخية وانعكاس ذلك على الأمن الغذائي والمائي، مؤكدة أن المجتمع الدولي تحدث عن ذلك أكثر من مرة خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، وهو ما يعطي مؤشرًا حول مستقبل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتحديات التي تقف أمام الدول النامية والأقل نموًا.
وتابعت وزيرة التعاون الدولي أن "هناك الكثير الذي يتعين القيام به، للتغلب على هذا التفاوت، وستظهر المزيد من الفرص في المستقبل، حيث يجب أن يكون هناك المزيد من التشارك بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، و قد شهدنا في واشنطن المزيد من التنسيق الذي تم تقديمه بين البنك الدولي والعديد من الجهات الأخرى، عندما يتعلق الأمر بضمانات الاستثمار، وتبسيط العمليات، وانخفاض تكلفة تمويل التنمية، التي لا تزال بحاجة إلى رؤيتها على أرض الواقع وتنفيذها".
كما شددت على الحاجة لمزيد من التعاون فيما بين بلدان الجنوب، والتنسيق الإقليمي، وكذلك الدروس المستفادة، مشيرة إلى التجربة المصرية في تعزيز هذا النوع من التعاون من خلال برامج ومشروعات التعاون الإنمائي المختلفة، من بينها مركز تبادل المعرفة التابع لبرنامج الأغذية العالمي بصعيد مصر، لافتة إلى أن تمويل التنمية أمرًا في غاية الأهمية ويحتاج إلى المضي قدمًا حتى يتمكن من مواجهة الفوارق المتزايدة.
وطالبت وزيرة التعاون الدولي، أن يتم توجيه تمويل المناخ ليس فقط لجهود التخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، ولكن أيضًا لمشروعات التكيف، مضيفة أنه من أجل تحقيق ذلك فإن الأمر يحتاج إلى جهود منسقة لحشد التمويل، ليس من بنوك التنمية متعددة الأطراف وحدها، أو القطاع الخاص، ولكن من خلال آليات واضحة للحد من المخاطر تجاه استثمارات القطاع الخاص، ويحفز كافة مصادر التمويل نحو الاستثمار في تنمية الانسان الذي يمثل المحور الرئيسي للعمليات الانمائية في الدول النامية والاقتصاديات الناشئة.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أهمية انعقاد مؤتمر عالمي رابع لتمويل التنمية في عام 2025، بما يحفز الجهود الدولية مرة أخرى نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وذكرت أن مصر تعمل بشكل حثيث على تحقيق تلك الأهداف من خلال تنسيق الجهود مع شركاء التنمية، وتوطين اهداف التنمية المستدامة، وتنفيذ مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز التعاون الدولي والتمويل الإنمائي، فضلاً عن نقل الخبرات من الحلول المتكاملة والمبادرات الوطنية مثل مبادرة حياة كريمة الي افريقيا والدول التي تشارك التحديات المشابهة.
جدير بالذكر أنه تم صياغة الميثاق العام للأمم المتحدة في أغسطس عام ١٩٤١ وأعلن نفاذه في أكتوبر ١٩٤٥، وقد تم تأسيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في يونيو عام ١٩٤٥ ضمن الميثاق العام للامم المتحدة، ويقوم بدراسات ووضع تقارير عن المسائل الدولية في أمور الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بها، وله أن يقدم توصياته في أية مسألة من تلك المسائل إلى الجمعية العامة وإلى أعضاء "الأمم المتحدة" وإلى الوكالات المتخصصة ذات الشأن، بما يعزز من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها، بالإضافة الي اعداد مشروعات اتفاقات وعقد مؤتمرات دولية لدراسة المسائل الانمائية ذات الصلة و وفقا للقواعد التي تضعها "الأمم المتحدة".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط أنطونيو جوتيريش أهداف التنمیة المستدامة وزیرة التعاون الدولی تمویل التنمیة المزید من من أجل
إقرأ أيضاً:
الزراعة التعاقدية.. خطوة نحو التنمية المستدامة في القطاع الزراعي
الثورة/ يحيى الربيعي
إن التحول إلى الزراعة التعاقدية هو ضرورة ملحة تستجيب للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها اليمن. فبالإضافة إلى الظروف المناخية القاسية التي نواجهها، تعاني الزراعة في البلاد من مشكلات متعددة مثل نقص كفاءة أنظمة التسويق يبرز أهمية التعاقدات التي تسهل الوصول إلى الأسواق وتضمن الربح للمزارعين وقلة استخدام المدخلات الزراعية الحديثة تجعل الزراعة بشكل تقليدي غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الغذاء، وشح الموارد وتآكل الأراضي الزراعية، وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما ينذر بوجود خطر حقيقي يهدد الأمن الغذائي. لذا، أصبح من الضروري البحث عن استراتيجيات فعالة وقابلة للتنفيذ لتعزيز جهود المبذولة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.
في هذا السياق، تتحول الأنظار نحو الزراعة التعاقدية كحل مبتكر يفتح آفاقًا جديدة للتنمية الزراعية. فقد بات واضحًا أن هذا النمط من الزراعة ينسجم بشكل كبير مع احتياجات المزارعين الصغار، ويقدم لهم فرصًا واسعة للتطور والنمو، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. فمع اعتماد الزراعة التعاقدية، يتمكن المزارعون من الحصول على ضمانات لبيع منتجاتهم، مما يساعد في تقليل المخاطر المالية التي قد يتعرضون لها في ظل تقلبات السوق. كما أن الزراعة التعاقدية تلعب دورًا محوريًا في دعم التنمية الاقتصادية من خلال تحسين فرص العمل وتعزيز الأمن الغذائي.
جهود رسمية وشعبية حثيثة
في السياق، نظمت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية خلال الأسبوع الماضي مجموعة من ورش العمل حول آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية في عدة محافظات يمنية، وذلك بهدف تعزيز القدرات الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ففي محافظة الحديدة، أقيمت ورشة عمل في مديريات المربع الشمالي، حيث تم استهداف 5 جمعيات تعاونية. شارك في الورشة 24 متدرباً من مسؤولي وممثلي الجمعيات التعاونية الزراعية ومدراء المديريات في المربع الشمالي. كانت أهداف الورشة تتمثل في تعريف المتدربين بآليات وإجراءات دعم مشروع الزراعة التعاقدية، بما يتماشى مع رؤية الدولة وترجمة توجيهات القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى لتعزيز الثورة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
كما عُقدت ورشة عمل أخرى في مديرية بيت الفقيه، وتركزت على التحديات التي تواجه عملية التسويق الزراعي، ودور الدولة في تحسين الإنتاج والتنمية الزراعية. تم التطرق إلى كيفية دعم التعاون بين المزارعين والجمعيات والتجار، من خلال مشروع الزراعة التعاقدية والتسويق. وكانت أهداف الورشة تتضمن تأهيل المزارعين، وتوفير المستودعات والبذور، بالإضافة إلى تفعيل مسؤولي التسويق وإتاحة الفرص الاستثمارية.
على صعيد متصل، دشنت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، بالتعاون مع الاتحاد التعاوني الزراعي، ورش عمل لتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية للموسم الزراعي 1446هـ، وذلك لـ 8 جمعيات تعاونية زراعية في المربع الشرقي لمحافظة الحديدة ومحافظة ريمة. شملت الورش المشاركين من هيئات إدارية لجمعيات السخنة، باجل، المراوعة، برع، الحجيرية بمحافظة الحديدة، وجمعيات الجعفرية، السلفية، بلاد الطعام بمحافظة ريمة، ومدراء عامة المديريات ومكاتب الزراعة.
تهدف الورشة إلى إكساب 38 متدرباً من الهيئة الإدارية للجمعيات معارف وأساسيات الزراعة التعاقدية، بهدف تحسين أداء الجمعيات التعاونية لتكون مهيأة لتنفيذ هذا النوع من الزراعة. كما تم تزويد المشاركين بدليل الزراعة التعاقدية وتحديد المحاصيل، مثل السمسم، الذرة الشامية، التمور، والطماطم، كمحاصيل محورية في البرنامج بمحافظة الحديدة.
وفي الصعيد ذاته، نظمت الوزارة في محافظات الجوف والمحويت وحجة ورشاً خاصة بالزراعة التعاقدية. حيث أقيمت ورشة في محافظة الجوف تحت شعار “التغيير والبناء”، وهدفت إلى تهيئة الجمعيات التعاونية الزراعية وفروع مكاتب الزراعة في المديريات والوحدات الإدارية. كما تم تناول تطوير وتحسين برنامج عمل الزراعة التعاقدية وتعريف المشاركين بدليل الزراعة التعاقدية، إضافة إلى تحديد المحاصيل المختلفة المعتمدة في هذا البرنامج.
أما في محافظة المحويت، فقد عُقدت ورشة عمل يوم الاثنين شارك فيها 45 متدرباً من مدراء مديريات جبل المحويت، ملحان، الرجم، والخبت، ومدراء فروع مكتب الزراعة بالمديريات، وأعضاء الهيئة الإدارية لعدة جمعيات. كانت الورشة مخصصة لتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية، ودعم الجمعيات في اختيار منسقي زراعة تعاقدية على مستوى المديريات، وتحديد أنواع المحاصيل التي سيتم إدخالها في برنامج الزراعة التعاقدية.
ودشنت الوزارة والاتحاد التعاوني الزراعي ورشة متعلقة بتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية للموسم الزراعي 1446هـ أيضًا، لنحو 8 جمعيات تعاونية من محافظتي إب وتعز. هدفت الورشة إلى إكساب 46 متدرباً من الهيئة الإدارية لجمعيات مقبنة، خدير من محافظة تعز، وجمعيات حبيش، السدة، يريم، القفر، حزم العدين، وبعدان من محافظة إب، معارف وأساسيات لتطوير وتحسين برنامج عمل الزراعة التعاقدية ليتم تنفيذها عبر الجمعيات. كما تم اختيار منسقي زراعة تعاقدية على مستوى المديريات.
وقد قدمت كل ورشة في مقدمتها شرحًا عن مفهوم الزراعة التعاقدية وأهميتها، كما قدمت توضيحاً للدليل الخاص بالزراعة التعاقدية، والنماذج والجداول الملحقة به بجانب تفاصيل العقود بين المزارعين والمشترين لشراء المنتجات الزراعية. كل هذه الجهود تؤكد العزم على تعزيز القدرة الإنتاجية الزراعية ودعم المجتمع الزراعي في اليمن.
الفرصة الكبرى: الزراعة التعاقدية
تمثل الزراعة التعاقدية استراتيجية طموحة لتحقيق نهضة زراعية شاملة. تشير الدراسات الصادرة عن القطاعات الزراعي على المستوى المحلي والعالمي إلى أن الزراعة التعاقدية يمكن أن تكون المحرك الرئيسي للتنمية الريفية، حيث تستثمر في تمكين صغار المزارعين وزيادة دخولهم.
تأكيدًا لذلك، تشير الأبحاث إلى أن استثمار الدولار الواحد في الزراعة يحمل تأثيراً أكبر بمقدار ثلاث مرات مقارنة بالاستثمارات في القطاعات الأخرى من حيث تخفيض نسبة الفقر. إن الزراعة التعاقدية تمثل مدخلاً حيويًا لتطوير اقتصادات الريف المستدامة، فهي تعزز من دور الزراعة العائلية التي تُساهم في إنتاج قدر كبير من الغذاء.
وفقًا لدراسات أخرى، فإن المزارعين الذين يشاركون في برامج الزراعة التعاقدية يسجلون زيادات في دخلهم بنسبة تتراوح بين 25 % و75 % مقارنة بنظرائهم الذين لا يشاركون. وفي سياق عالمي، تصل نسبة الزراعة التعاقدية إلى 15 % من الناتج الزراعي في الدول المتقدمة، بينما تنمو بشكل أسرع في البلدان النامية.
أمثلة ملهمة عالمياً
– في زامبيا، تصل الزراعة التعاقدية إلى 100 % من إنتاج القطن.
– في البرازيل، تمثل التعاقدات 75% من سوق الدواجن.
– في كينيا، تشكل التعاقدات أكثر من 60 % من مبيعات الشاي والقهوة.
إن التعثر الذي يعاني منه القطاع الزراعي في اليمن يستدعي وضع استراتيجيات شاملة ومتناسقة تجمع بين كافة الجهات المعنية بالتحول نحو الزراعة التعاقدية كخيار فعّال يدعم المزارعين ويحقق الأمن الغذائي.