أعلن وزير المال البرازيلي فرناندو حداد، خلال مؤتمر "الربيع" لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن الاهتمام الأكبر حاليا لمجموعة البريكس هو قدرة الأعضاء على التداول بالعملات المحلية، مشيرا إلى أن هذا أمر يمكن استخدامه على المدى القصير لتطوير التجارة الإقليمية، وأن بلاده تستكشف هذا الاحتمال بنشاط، وفي الوقت نفسه أكد على بعض التعقيدات والتحديات التي تتطلب المزيد من النقاش في ذلك الموضوع.
ويأتي هذا التصريح في ظل نقاش مستمر بين دول بريكس حول السير قدما في تنفيذ هذه الخطوة، واستخدام الأدوات المالية البديلة لتعزيز التجارة بين أعضائها، حيث صرح النائب الأول لرئيس البنك المركزي الروسي، أولغا سكوروبوغاتوفا، بأن بنك روسيا دعا دول "بريكس" والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، للاتفاق على إنشاء خدمات مالية وغير مالية سلسة للتسويات. كما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو مهتمة بزيادة دور دول بريكس في الأنظمة النقدية والمالية والتجارية الدولية، وتطوير التعاون بين البنوك، وتوسيع استخدام العملات الوطنية، وتوحيد الجهود لإنشاء وكالة تصنيف وبورصة خاصة بها.
تبدو أهمية هذه المجموعة من كونها تتضمن قوى عالمية كبرى، مثل الصين وروسيا، ودولا تعد من الكبرى في قاراتها مثل جنوب أفريقيا والبرازيل. كما أن عدد سكان المجموعة يمثل حجما ليس هيّنا، حيث يصل إلى نحو 3.5 مليار نسمة، أي حوالي 45 في المئة من سكان العالم. كما تبلغ قيمة اقتصادياتها مجتمعة أكثر من 28.5 تريليون دولار، أي حوالي 28 في المئة من الاقتصاد العالمي، وكذلك يبلغ إنتاجها نحو 44 في المئة من النفط الخام
وقد تأسست مجموعة البريكس من أربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين، حيث اتفقت على إنشاء مجموعة أطلقت عليها "بريك" مستخدمة الحرف الأول من اسم كل دولة عام 2006. ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المجموعة في عام 2010، ليصبح الاسم "بريكس"، ثم انضمت مصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى المجموعة في 1 كانون الثاني/ يناير 2024.
وتبدو أهمية هذه المجموعة من كونها تتضمن قوى عالمية كبرى، مثل الصين وروسيا، ودولا تعد من الكبرى في قاراتها مثل جنوب أفريقيا والبرازيل. كما أن عدد سكان المجموعة يمثل حجما ليس هيّنا، حيث يصل إلى نحو 3.5 مليار نسمة، أي حوالي 45 في المئة من سكان العالم. كما تبلغ قيمة اقتصادياتها مجتمعة أكثر من 28.5 تريليون دولار، أي حوالي 28 في المئة من الاقتصاد العالمي، وكذلك يبلغ إنتاجها نحو 44 في المئة من النفط الخام في العالم. وكل ذلك يبرز المكانة الاقتصادية لهذه المجموعة.
وهذا التوجه من مجموعة البريكس نحو التداول بالعملات الوطنية يعد خطوة جيدة ومتدرجة في الاتجاه الصحيح، خاصة وأنها ما زالت تستخدم الدولار في معاملاتها، وهي في الوقت نفسه تمتلك مقومات وقدرات وتنوع في إنتاجها، وهو الأمر الذي يحقق التكامل فيما بينها، ويسهم في تحسين موازين مدفوعاتها، واستقرار عملاتها، ويخرجها من دعم الدولار كعملة تسويات دولية مسيطرة، إلى الحيلولة دون هيمنته عالميا من خلال تحييده وعدم تعاملها به.
إن الدولار كعملة تسويات دولية فرض فرضا بدون منطق اقتصادي على العالم لا سيما بعد إلغاء التحويل الدولي من دولار إلى ذهب من خلال صدمة الرئيس الأمريكي نيكسون في العام ١٩٧١م، وهذه العملة التي لا تساوي في حقيقتها سوى سنتات معدودة اكتسبت قيمتها النقدية بفعل سياسة البترودولار والغطاء الضمني لهذه العملة من خلال مبيعات النفط بها وما نتج عن إلغاء الغطاء الذهبي للدولار؛ من تحول البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى بنك مركزي للعالم يستخدم الدولار وفقا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية ولا يعبأ بالدول الأخرى، في ظل منطق القوة العسكرية الأمريكية والهيمنة الاقتصادية التي لا تقبل الولايات المتحدة بديلا لها.
إن توجه مجموعة البريكس نحو التعامل بالعملات الوطنية هو فرصة لإثبات وجودها وقدرتها على المنافسة عالميا وإزاحة التعامل بالدولار تدريجيا، وهذا الأمر ليس مفروشا بالورود بل تقف أمامه عقبات؛ في مقدمتها دفاع الولايات المتحدة الأمريكية عن عملاتها لأنها تعتبر إزاحة الدولار من المعاملات الدولية إزاحة للإمبراطورية الأمريكية وفقدان مصدر قوتها الاقتصادي جنبا إلى جنب مع قوتها العسكرية.
كما أن مجموعة البريكس فيها نقطة ضعف ممثلة في عدم تجانس هذه الدول، فبعضها يريد تصفية حساباته مع الولايات المتحدة الأمريكية مثل روسيا وإيران، والبعض الآخر له علاقات تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية كالهند ومصر والإمارات، ومنها من يريد التنافس والهيمنة كالصين. خطوة التعامل بالعملات المحلية لدول البريكس إن كتب لها النجاح ستكون دافعا لدخول دول أخرى في المجموعة واتساع نطاقها، كما أنها ستكون مصدر قوة للمجموعة للاتجاه نحو عملة نقدية موحدة، تبدأ في التجارة الدولية فيما بينها، ثم تصبح العملة المتداولة في دول المجموعة، ووقتها لن يصمد الدولار طويلالذا فإن نجاح مجموعة البريكس فيما تصبو إليه يحتاج إلى إذابة هذه الفوارق بين هذه الدول وفق استراتيجية واضحة المعالم، وإرادة سياسية قادرة على اتخاذ القرار الوطني والثبات في تنفيذه، حتى لا تهدم دول المجموعة من داخلها.
إن خطوة التعامل بالعملات المحلية لدول البريكس إن كتب لها النجاح ستكون دافعا لدخول دول أخرى في المجموعة واتساع نطاقها، كما أنها ستكون مصدر قوة للمجموعة للاتجاه نحو عملة نقدية موحدة، تبدأ في التجارة الدولية فيما بينها، ثم تصبح العملة المتداولة في دول المجموعة، ووقتها لن يصمد الدولار طويلا. ويعرف العالم طريقه للخروج من عباءة النظام النقدي العالمي الذي تسيره الولايات المتحدة بقوتها والمؤسسات الدولية التي تخضع لهيمنتها من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وقد فطنت البريكس إلى الدور الاستعبادي لتلك المؤسسات فأسست في العام ٢٠١٤ بنك التنمية الجديد لإقراض دولها.
ومع ذلك ورغم الأمل الذي تظهره مجموعة البريكس، إلا أن المخاوف تحيط بذلك الأمر إذا سعت الدول الكبرى في المجموعة وفي مقدمتها الصين إلى تعظيم منافعها على حساب الدول الصغرى، أو سعت دول أخرى كروسيا إلى تعظيم منافعها باستغلال المجموعة في مجابهة الغرب في ظل الحرب الروسية الأوكرانية. ولعل الأيام القادمة تكشف عن طبيعة ومدى قوة التجانس والتعاضد بين أعضاء المجموعة والإرادة نحو تحقيق أغراضها لصالح الجميع، بتشجيع التعاون والتكامل الاقتصادي العادل بين دولها.
twitter.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه البريكس الاقتصادي الدولار اقتصاد امريكا الدولار بريكس تكتلات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأمریکیة مجموعة البریکس فی المئة من کما أن
إقرأ أيضاً:
«خبير»: بيع المنتجات الصينية باليوان سيُزلزل عرش الدولار
قال الدكتور أحمد سعيد، خبير التشريعات الاقتصادية، وأستاذ القانون التجاري الدولي، إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لخفض سعر الفائدة لطرح استثمارات جديدة في السوق الأمريكي لإعادة بناء القدرات الإنتاجية للولايات المتحدة، موضحًا أن الولايات المتحدة تُريد نقل المنتجات الهندية من الهند إلى أوروبا مرورًا بالسعودية والأردن ودولة الاحتلال، والهدف من هذا الأمر هو التأثير سلبًا على الصين.
وأضاف «سعيد»، خلال حواره ببرنامج «هنا ماسبيرو»، المذاع على القناة «الثانية»، أن الصين تُريد بيع المنتجات الصينية باليوان الصيني، والولايات المتحدة ترى أن هذا الأمر سيزلزل عرش الدولار، مشيرًا إلى أن العلاقات بين موسكو وبكين العام الماضي حدثت بالعملات المحلية، خلاف أن الصين حصلت على البترول من روسيا أرخص من السعر العالمي بنسبة 30%، وهذا أدى لانخفاض سعر المنتج الصيني بنسبة 30%.
وأوضح أن الولايات المتحدة تعمل على إعاقة مرور المنتجات الصينية في البحر الأحمر، ولذلك تنتقل المنتجات الصينية إلى أوروبا عبر طريق رأس رجاء الصالح، وهذا زاد من تكلفة الشحن بنسبة 300%.
وواصل خبير التشريعات الاقتصادية: «الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لتفيكك الاتحاد الأوروبي، لأن التعامل مع التكتل الأوروبي يُصعب من فرض الولايات المتحدة من إراداتها على دول التكتل».
وأضاف «سعيد»، أن سعر الذهب ارتفع بصورة كبيرة، وهذا يعني أن سعر الدولار انخفض بنسبة 70%، وهذا يرجع إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية طبعت الدولار بصورة كبيرة خاصة خلال أزمة كورونا.
ولفت إلى أن أمريكا تُعاني من ازمة اقتصادية طاحنة، وتسعى لحل هذه المشكلة بصورة غير إنسانية، والعمل على تحقيق أكبر قدر من الفوائد للاقتصاد الأمريكي من خلال فرض عقوبات ورفع جمارك على معظم دول العالم.
وقال أستاذ القانون التجاري الدولي، إن النظام العالمي القائم يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بطباعة الدولار والهيمنة على العالم، مشيرًا إلى أن كافة القرارات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة تهدف للحفاظ على المصالح الاقتصادية الأمريكية.
وأضاف «سعيد»، أن الدول التي لا تملك قوة من المستحيل أن تمتلك إرادة مستقلة، مشيرًا إلى أن الأصوات الإنسانية غائبة عما يحدث من حرب وإبادة في قطاع غزة، وهذا يرجع إلى وجود شركات عالمية ستعمل على إنشاء خط البضائع الذي سيمر من الهند إلى قطاع غزة وصحراء النقب.
ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي يُفكر خلال الفترة الحالية في تشغيل أكثر من شركة في خط السكة الحديد الذي سينطلق من الهند إلى قطاع غزة، ولا يُفكر في الخسائر الإنسانية المترتبة على هذا الأمر.
اقرأ أيضاًترامب يعلن مضاعفة التعريفة الجمركية على جميع البضائع الصينية
كيف تؤثر العقوبات الغربية على التجارة الصينية والروسية؟.. اقتصادي يوضح
محافظ بورسعيد يبحث سبل التعاون في المجال الصناعي مع إحدى الشركات الصينية