مسؤول دفاع مدني يكشف للجزيرة نت حالة جثث الشهداء بمقابر غزة
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
غزة- كشف مدير إدارة الإمداد والتجهيز بالدفاع المدني في قطاع غزة محمد المغير عن استخدام الاحتلال الإسرائيلي أسلحة محرمة دوليا تحتوي على مواد تؤدي إلى إذابة وتبخر جثث الشهداء واختلاطها بالرمال واختفاء أي أثر لها بشكل كلي.
وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، قدّر المغير أن 10% من جثث الشهداء في المناطق المستهدفة على مستوى القطاع، والتي تمكنت طواقم الدفاع المدني من الوصول إليها وانتشال شهداء منها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد تبخرت ولم يعد لها أي أثر.
ويؤكد أن هذه الجريمة حلقة في سلسلة طويلة من جرائم ضد الإنسانية ترتكبها قوات الاحتلال منذ اندلاع الحرب على غزة.
وقد نجا المغير نفسه من الموت بأعجوبة عدة مرات، أخطرها في اليوم الـ40 للحرب عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية طواقم الدفاع المدني في شارع الوحدة بمدينة غزة، وأسفرت عن استشهاد سائق سيارة الإسعاف سليمان ياسين، وتبخر جسده ولم يُعثر منه إلا على بعض العظام.
المغير أكد أن الدفاع المدني بغزة يعاني من شح الوقود وضعف الإمكانيات وتهالك المعدات والمركبات (الجزيرة) مهام مستحيلةمنذ اندلاع الحرب نفذ الدفاع المدني زهاء 35 ألف مهمة، يقول المغير إنها تعادل في الأوقات الطبيعية 22 سنة عمل، بحساب زمن الاستجابة والسيطرة على الحدث حتى الانتهاء منه.
وحول طبيعة المهمة في مجمع ناصر الطبي الحكومي، الذي تعرض للحصار واقتحمته قوات الاحتلال خلال عمليتها البرية واجتياحها مدينة خان يونس لنحو 4 شهور، فيعتبرها المغير واحدة من "أصعب المهام" على مدار شهور الحرب الماضية، وتتعامل فيها الطواقم مع "جرائم مروعة وفظيعة" تثبتها حالة جثث الشهداء التي يتم انتشالها من إحدى مقبرتين جماعيتين في ساحة المجمع.
وحتى اللحظة، انتشلت طواقم الدفاع المدني 324 جثمان شهيد من مقبرة واحدة سيتم الانتهاء منها اليوم الأربعاء، والمباشرة في المقبرة الجماعية الثانية.
ويقدّر مدير إدارة الإمداد والتجهيز بالدفاع المدني في غزة أن يصل عدد الشهداء المدفونين في المقبرتين لنحو 600 شهيد، إضافة إلى المدفونين في مقبرة جماعية ثالثة خارج أسوار المجمع سيتم التعامل معها لاحقا.
كما تنتشر مقابر جماعية عشوائية في مناطق متفرقة من مدينة خان يونس، يقول المغير إن فرق الدفاع المدني تواجه تحديات كبيرة في الكشف عنها ومباشرة العمل في انتشال من بها من شهداء.
المغير: الاحتلال استهدف قطاع غزة بنحو 70 ألف طن من المتفجرات (الجزيرة) إعدام ميدانيوشدد على أن حالة الجثث التي تم انتشالها حتى اللحظة تؤكد -بما لا يدع مجالا للشك- أن الاحتلال ارتكب جرائم إعدام ميداني بحق نازحين ومرضى داخل المجمع.
وقد انتشلت الطواقم جثة شهيد وهو مريض يشير الزي الذي يرتديه إلى أنه كان يتجهز لإجراء عملية جراحية، وهو مجهول الهوية مثل نحو 60% من الشهداء الذين تم انتشالهم حتى الآن.
ويقدم المسؤول بالدفاع المدني شواهد أخرى على جرائم الإعدام الميداني التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مجمع ناصر، حيث انتشلت الطواقم جثثا بلا رؤوس، و5 جثث لشهداء مكبلي الأطراف من الخلف ومعصوبي الأعين، إضافة إلى جثث شهداء يتبين بالمعاينة أنهم تعرضوا لإصابات غير مميتة في الأطراف ما يشير إلى احتمالات عالية أن الاحتلال تركهم ينزفون حتى الموت أو لربما دفنهم وهم أحياء.
تُكفن الجثث المجهولة وتوضع بأكياس مع أرقام ورموز وتدفن مؤقتا في مقابر جماعية جاهزة لحين التعرف عليها (الجزيرة)وتُسلّم فرق الدفاع المدني الشهداء معلومي الهوية إلى أهاليهم لدفنهم وفق الضوابط الشرعية والعادات المجتمعية، في حين يجري توثيق مجهولي الهوية بالتصوير وتسجيل العلامات الفارقة في أجسادهم وتحديد ملابسهم إن كانت ظاهرة، ويتم تكفينهم ووضعهم في أكياس تُمنح أرقاما ورموزا ومن ثم دفنهم في مقابر جماعية مؤقتة إلى حين التعرف عليهم والتثبت من هوياتهم، بحسب المغير.
ويمثل ملف المفقودين أصعب المهام أمام فرق الدفاع المدني، ويقدرهم المغير بنحو 20 ألفا، منهم 7 آلاف مفقود في محافظتي غزة وشمال القطاع، و3 آلاف في محافظتي خان يونس والوسطى، و2000 شهيد تبخروا ولم يعد لهم أثر على مستوى القطاع جراء الأسلحة المحرمة.
كما يتحدث عن نحو 8 آلاف مفقود اختفت آثارهم في مناطق التوغل البري الإسرائيلي ولا يُعرف مصيرهم على وجه الدقة إن كانوا شهداء أو أسرى لدى الاحتلال.
وقال مدير إدارة الإمداد والتجهيز بالدفاع المدني في غزة إن الاحتلال استهدف القطاع بنحو 70 ألف طن من المتفجرات، ما يقارب 15% إلى 20% منها لم ينفجر، وتشكل خطرا على حياة المواطنين وتحديا أمام فرق الدفاع المدني للعمل في الأماكن المستهدفة لانتشال الشهداء.
وأضاف أن ذلك يستدعي تدخلا عاجلا من مؤسستي "دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام" و"المجموعة الاستشارية للألغام" الدوليتين المتخصصتين في التعامل مع المتفجرات، لإزالة مخلفات الاحتلال وتمهيد الطريق لعمل الدفاع المدني والطواقم الإنسانية.
مسؤول الدفاع المدني بغزة يقدّر عدد المفقودين بقرابة 20 ألفا (الجزيرة) تحدياتويؤكد المغير أن غزة بحاجة ماسة وعاجلة لمراكز دفاع مدني ميدانية أسوة بالمستشفيات الميدانية، ومحطات الدفاع المدني التي تقام بشكل طارئ في المناطق المنكوبة جراء الكوارث الطبيعية، بعدما دمرت قوات الاحتلال 40% من مقدرات الدفاع المدني اللوجستية، وتراجعت كفاءة مركبات المهام الإنسانية لنحو 70% جراء زيادة أعداد المهام خلال الحرب إلى 1000%.
وعندما اندلعت الحرب على غزة كان هناك 792 عنصرا عاملا بالدفاع المدني، استشهد منهم 67 وأصيب 250، بينهم من تكررت إصابته ويتعافى ويعود لمباشرة عمله، إضافة إلى 12 مفقودا بينهم 9 أسرى لدى الاحتلال، بحسب المتحدث نفسه.
وإضافة للخسائر البشرية، تعرض الدفاع المدني لجرائم استهداف مباشرة يؤكدها المغير بتدمير 11 مركزا تدميرا كليا من أصل 18 على مستوى القطاع، وخروج 7 سيارات إسعاف من أصل 10 عن الخدمة، واحدة تعرضت للاستهداف المباشر حينما كانت ترافق مصور قناة الجزيرة الشهيد سامر أبو دقة.
ودمر الاحتلال مركبة إطفاء بمدينة رفح وأخرى بخان يونس وثالثة في المنطقة الوسطى، و3 مركبات في شمال القطاع، و4 مركبات دمرها الاحتلال وأحرقها في مدينة غزة، وتدمير صهريجي مياه من أصل 3، وفقدان 5 أجهزة تُستخدم لتعبئة أسطوانات الأكسجين وتحمي رجال الدفاع المدني في الأماكن المستهدفة والمغلقة.
كما دمر الاحتلال ورشتين مركزيتين للصيانة في مدينتي خان يونس وغزة، ولسنوات طويلة يؤكد المغير أن الاحتلال يمنع تزويد الدفاع المدني بأي إمكانيات حديثة من مركبات وأجهزة، وما يتوفر في القطاع متهالك ولا يصلح للتعامل مع تداعيات مثل هذه الحرب الدموية والمدمرة.
وقال المغير إن الدفاع المدني لم يتلق أي كمية من الوقود منذ اندلاع الحرب، ويعمل في ظروف معقدة وبالغة الصعوبة، جراء شح الوقود، وعدم توفر قطع الغيار والصيانة، واستمرار جرائم الاستهداف الإسرائيلي للطواقم الميدانية ومراكز الدفاع المدني.
وفي حال توقفت الحرب، يؤكد المغير أن هذه الطواقم أُنهكت وخارت قواها ولا يمكنها التعامل مع آلاف الأطنان من الركام وانتشال الشهداء والمفقودين تحت الأنقاض، مما يستلزم تدخلا دوليا من أجهزة دفاع مدني تتوفر لديها المعدات الحديثة المتقدمة، ويُقدر أن مهمة انتشال الشهداء على مستوى القطاع قد تستغرق 6 شهور متواصلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات فرق الدفاع المدنی على مستوى القطاع الدفاع المدنی فی بالدفاع المدنی قوات الاحتلال جثث الشهداء خان یونس
إقرأ أيضاً:
دراسة إسرائيلية تستعرض إيجابيات وسلبيات صفقة التبادل مع حماس
مع الشروع في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ما يزال الاحتلال يدرس مخاطرها الأمنية، بعيدا عن الخطر المباشر المتمثل بإطلاق سراح كبار الأسرى الفلسطينيين، وعودة المواطنين لشمال قطاع غزة.
وترى دراسة للاحتلال، أن التحدي الحقيقي الذي يواجه الاحتلال عقب الاتفاق يكمن في منع حماس من استعادة قوتها من بين أنقاض غزة.
الجنرال تامير هايمان، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ورئيس معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أوضح أن "الصفقة الحالية قد تكون جزئية، وقد لا تكون كذلك، وهناك احتمال بأن تنفجر، لكن الاستعداد المناسب المطلوب الآن قد يمنع حدوث نتيجة محبطة، لأنها تفسح المجال لتسلّل المخاوف الأمنية بسبب ثمنها المدفوع".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أنه "رغم أهمية الصفقة للاحتلال، لكن مشكلتها الكبرى أنها مقسمة إلى مراحل، ولا تتضمن أي خطوات متسلسلة بين مراحلها، لأن التحولات الكبرى التي تشهدها حماس ستحدث في المرحلة الثانية، وتضمن إطلاق سراح الأسرى الأكثر خطورة، ووقف الحرب، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وفي هذه المرحلة، ستكون الأثمان التي يدفعها الاحتلال أعلى أيضا، بما في ذلك التكلفة السياسية".
مصادر القلق
وأكد أن "هناك مصدر قلقا آخر يتمثل بأن حماس لا تعرف مكان كل الجثث، وربما فقدت السيطرة عليها في ضباب المعركة، ويرجح ألا تكون دقيقة بمعلوماتها بهدف الاحتفاظ ببعض أوراق المساومة، مما يفسح المجال للحديث عن التهديد الأمني الكامن في الصفقة، حيث يشير معارضوها للخطر الذي تنطوي عليه، حيث تتركز مخاوفهم على إطلاق سراح الأسرى الخطرين، وهم سيعودون للميدان، على غرار السنوار، الأمر الذي سيعتبر نجاحا لحماس، وسيعزز موقفها، ويحفز الفلسطينيين على المزيد من عمليات الاختطاف في المستقبل، من خلال إحيائهم لاحتفالات الإفراج عنهم".
وأشار أن "التخوف الثاني مردّه عودة فلسطينيي شمال القطاع للمناطق التي تم تطهيرها، القريبة من المستوطنات الحدودية، لأنهم سيعودون دون تفتيش دقيق، مما قد يجدد التهديد بإطلاق مزيد من الصواريخ عليها، وإطلاق النار".
وأكد أن "التخوف الثالث يتمثل بالانسحاب من القطاع، ونهاية الحرب، مع بقاء حماس مسيطرة فعلية عليه، لأنه سيسمح لها، على المدى الطويل، بتجديد قدراتها العسكرية، واستئناف عمليات التهريب من محور فيلادلفيا، أما على المدى القريب، فيتمثل التخوف الاسرائيلي في الحفاظ على فكرة المقاومة النشطة ضد الاحتلال، ورغم أن هذه المخاوف الاسرائيلية تبدو مشاكل صعبة، لكن أخطرها هذه الأخيرة، المتمثلة في الحفاظ على حماس باعتبارها الحاكم الفعلي للقطاع، وهي المشكلة الاستراتيجية الخطيرة المتناقضة مع أهداف الحرب".
وأضاف أن "إطلاق سراح الأسرى ثمن باهظ حقا، لكننا نعلم أننا سندفعه منذ اللحظة الأولى، ثمنا لإهمالنا وفشلنا الذريع، ويمكن إدارة هذا الخطر بترحيلهم للخارج خشية إشعالهم النار في الضفة وغزة، أما الأسرى الأقل خطورة ممن سيبقون هنا، فسيظلون تحت المراقبة الاستخباراتية عن بعد، وكل من سيعود للنشاط المسلح سيتم اعتقاله أو إحباطه".
تصاعد حماس
وأوضح أنه "ما دام هناك صراع إسرائيلي فلسطيني، فسيكون هناك من ينضم لصفوف المنظمات المسلحة، حتى لو كانوا أطفالا في الوقت الحالي، وبدون معالجة المشكلة الجذرية، فسنستمر بمعالجة الأعراض، وبالتالي فإن الخطر يكمن بإعادة بناء البنى التحتية للمقاومة، صحيح أن منطقة شمال القطاع دمّرت بالكامل، ولم يبق فوق الأرض وتحتها أي بنى تحتية لحماس، حيث أباد الجيش ألويتها، لكن ما سيحدث بعد ذلك، فسيكون عكس الطريقة التي تمت قبل السابع من أكتوبر، وستكون سياسة منع حماس من تعزيز قوتها العسكرية مختلفة هذه المرة، بل عدوانية، ومشابهة لما يشهده لبنان، وأكثر بكثير، بهدف عدم السماح بإعادة بناء التهديد".
وأضاف أن "اليوم التالي للصفقة أخطر ما فيه ترك حماس في السلطة، لأنه يشكل خطرا جديا، صحيح أن الاحتلال قادر على حل مشكلة التهريب لغزة من طريق فيلادلفيا، فوق الأرض وتحتها، لكن هذا الحل لن يكون محكما على الإطلاق، وما دامت حماس في السلطة فإن التهديد سيتجدد، وبما أن الأمر كذلك، يتعين علينا الاستعداد الآن لليوم الذي يلي الاتفاق، خاصة ما الذي سيتم فعله في حال بقاء حماس في مكانتها كقوة ذات سيادة في غزة، بل وتعزيز قوتها".
وأكد أن "إزالة حماس من السيطرة على غزة هدف آخر للحرب لم يتحقق بعد، ولذلك، علينا أن نستعد لحقيقة أن الاحتلال سيضطر للعودة للقتال في غزة، بعد بضعة أسابيع أو بضعة أشهر، مما يستدعي طرح السؤال القديم الجديد: ماذا نفعل مع غزة، وتكمن الإجابة في أربعة بدائل".
وشرح أن "البديل الأول يكمن بإعادة احتلال غزة وضمّ بعض مناطقها، رغم أن الصفقة تعقّد هذا الخيار، بما فيها شمال القطاع، لأن الأمر أصبح معقدا، حيث عاد نحو مليون فلسطيني هناك، ولن يكون إجلاؤهم مرة أخرى، حتى لو كان ممكنا من الناحية العسكرية، مسألة سهلة من منظور دولي، وليس مؤكدا أن الرئيس دونالد ترامب سيبارك ذلك".
العزلة والمقاطعة
وأكد أنه "لا يمكن تكرار هذا الخيار في جميع أنحاء القطاع، صحيح أن الاحتلال يستطيع يطهّر ويضمّ شمال القطاع، بل ويبني عليه المستوطنات، لكن هذا الحل الأقصى لمنطقة ضئيلة، وتكاليفه الداخلية من الاحتجاجات الشديدة، والخارجية كالعزلة والمقاطعة، باهظة".
وأضاف أن "البديل الثاني هو الاحتلال والحكم العسكري، حيث يحتل الجيش كامل القطاع، ويفرض عليه الحكم العسكري، ويواصل القضاء على حماس، بينما يسيطر في الوقت نفسه على قطاع غزة، ويتحمّل مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية، والاهتمام بكل احتياجات الفلسطينيين في غزة، وهذا الخيار له تداعيات دولية خطيرة وتكاليف باهظة، سواء من حيث حياة الجنود، والاقتصاد، والشرعية الداخلية والخارجية، وتعبئة واسعة النطاق لجيش الاحتياط، وكميات كبيرة من الأسلحة، والكثير من الوقت، ولم يكن من قبيل الصدفة أن رفض رئيس الوزراء هذه الفكرة في بداية الحرب".
وأشار ان "الخيار الثالث يتمثل في الانسحاب من القطاع، وترك الوضع على ما هو عليه دون تدخل مدني، أي الفوضى المتعمدة، فيما يحتفظ الاحتلال بمواصلة العمليات الجراحية ضد حماس، دون المشاركة في الجانب المدني لإدارة القطاع، ويرجح هنا عودة حماس، وتستغل الفوضى لإعادة بناء قوتها، وسيكون الأمر مسألة وقت قبل تجدد التهديد الذي تشكله غزة للاحتلال، حيث ستنشأ حلقة مفرغة هنا، بموجبها تزداد قوة حماس كونها صاحبة السيادة الفعلية المسيطرة على المساعدات الإنسانية، ربما سننتصر في النهاية، ونقضي على بقايا حماس العسكرية، لكن وجودها في القطاع سيستمر، وطالما بقيت فكرة المقاومة العنيفة قائمة، فلن تحلّ شيئا".
البدائل الصعبة
وأوضح ان "الخيار الرابع تشكيل حكومة مدنية بديلة، هيئة أخرى غير حماس تتولى توزيع المساعدات وإدارة غزة، وقد يكون هذا جزءا من خطة شاملة لنقل المسؤولية المدنية لطرف ثالث، مع ترك المسؤولية الأمنية في أيدي الاحتلال عبر الغارات الجوية المستهدفة والعمليات السرية، وهذا الخيار أكثر تعقيدا بالفعل، لكنه يزيل حكم حماس، ويحول دون وصولها للسلطة، ويمكن تطبيقه في مختلف أنحاء القطاع، ولا يتعارض مع القانون الدولي، وعلى النقيض من تمكين الحكم العسكري، فهو يضمن استمرار الاحتلال بتحمّل المسؤولية عن الأمن، وليس عن مياه الصرف الصحي في غزة".
واستدرك بالقول إن "الكيان الذي سيتولى المسؤولية عن القطاع يجب أن يلبي شرطين فقط: عدم وجود حماس، وأن يكون لديه القدرة العملية على العمل في غزة، وهذه فكرة تدور داخل المنظومة الحكومية منذ عدة أشهر، ورغم أن هذه اللجنة سيتم إنشاؤها بمباركة السلطة الفلسطينية، وقد تشكل الأساس لعودتها للقطاع في نهاية المطاف، فمن المرجح أن تعترض عليها، انطلاقا من مطالبتها "كل شيء أو لا شيء"، لأنه حتى في إسرائيل، هناك من يعترض على مجرد ذكر السلطة، رغم أن مشاركتها بسيطة ورمزية".
وأكد أنه "في النهاية يجب على الاحتلال أن يقرر النتيجة النهائية للحرب، لأن صفقة التبادل ليست سوى بداية النهاية، وإذا لم نخطط الآن لكيفية ظهور يومها التالي، فلن تكون نهاية للحرب، وإذا لم نلتزم بخطتنا الأصلية المتمثلة باستبدال حماس بحكومة مدنية بديلة، لا إسرائيل ولا حماس، فلن نحقق هدف الحرب، وسنبقى في حالة الإحباط بسبب بقاء حماس في القطاع، وسينضم لهذا الإحباط إحباط آخر بسبب الفشل في إعادة كل المختطفين، بعد أن نجحت حماس بتحقيق إطلاق سراح الأسرى، وانسحاب الجيش من القطاع".
غياب الاستراتيجية
وختم بالقول أن "المتحدثين باسم حماس سيصفون نهاية الحرب بأنها انتصار، وسيصدقهم كثيرون، مما يجعلنا على أعتاب فترة من الإثارة الشديدة، وكثير من التوتر والخوف من أن ينتهي هذا الوضع الهش بخيبة الأمل، لأننا نبذل قصارى جهدنا لكسب الوقت، وكل يوم سيكون صعبا ومتوترا، ويتوقع أن ننتقل من الأمل والفرح بعودة المختطفين، إلى اليأس والإحباط والغضب من بقاء حماس".
وأكد أن "كل ذلك لا يعفينا من التفكير الاستراتيجي طويل الأمد، فسيأتي اليوم الذي تنتهي فيه الصفقة، والآن هو الوقت المناسب لوضع خطة خروج تضمن تحقيق الهدف الأخير غير المحقق من الحرب، وهو استبدال نظام حماس، وتثبيت الإنجاز العسكري في خطة سياسية تكميلية، قد تصل السعودية، وربما تقود ترامب ونتنياهو لجائزة نوبل للسلام".