وزير خارجية إيرلندا: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة فلسطينية
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
قال وزير خارجية إيرلندا ميهال مارتن، اليوم الاربعاء 24 أبريل 2024 ، إن بلاده تعمل مع إسبانيا ودول أوروبية أخرى وبتنسيق مع الأردن للاعتراف بدولة فلسطين ، مبينا أن صوت الأردن مقدر عاليا في الاتحاد الأوروبي.
وشدد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي ، على أهمية استمرار دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وأكد على ضرورة خفض التصعيد في الضفة الغربية، ووقف عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين.
وقال وزير خارجية إيرلندا : "نحن واعون جدا للتحديات التي يواجهها الأردن، والهجوم بين إيران وإسرائيل يهدد الاستقرار والأمن أيضا ويهدد أمن واستقرار الأردن بسبب هذه التطورات ونحن نحترم الموقف الواضح الذي اتخذتموه بخفض التصعيد".
وأما فيما يتعلق بالوضع في غزة ، أعاد التأكيد على إلتزام بلاده التام بحل الدولتين، مضيفا أن المطلوب حاليا وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح كل الرهائن وزيادة الدعم الإنساني لغزة بدون أي عائق، وإزالة كل العوائق أمام المساعدات الإنسانية وتقديم الدعم لتوزيع مثل هذه المساعدات.
"الأمم المتحدة ينبغي أن يقدم لها المساعدة في التوزيع وأيضا لان يكون هناك إجراءات أمنية مناسبة للأمم المتحدة لكي تسهل عملية توزيع المساعدات في غزة." وفق الوزير
وتحدث عن زيارته لرفح ولقائه بممثلي المجتمع.
وتابع وزير خارجية إيرلندا : "العوائق الموجودة غير مقبولة أخلاقيا وهي ليست منطقية وليست معقولة، والأدوات الصحية الأساسية والغذائية لا تدخل إلى رفح، وأيضا البيئة والنظام البيئي العام ليس صالحا والوقود أيضا وكل هذه الأمور ينبغي أن تجتمع كلها لكي تكون ولكي تجعل من الاستجابة ذات معنى وتمنع من وقوع المجاعة ومنع نقص التغذية لدى الأطفال في غزة وهذا له آثار طويلة الأمد".
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: وزیر خارجیة إیرلندا
إقرأ أيضاً:
العوائق الفكرية لبناء المشترك المواطني في تونس (1)
يعلم أي متابع للشأن التونسي أن "الثورة" قد وفّرت -على الأقل من الناحية النظرية أو من ناحية أفق انتظار عموم المواطنين- سياقا مناسبا لإعادة التأسيس بعيدا عن السردية السلطوية وهوامشها الوظيفية التي حكمت تونس منذ الاستقلال الصوري عن فرنسا وبناء ما يسمى بـ"الدولة الوطنية". ورغم الصمود النسبي لمسار الانتقال الديمقراطي أمام استراتيجيات محور الثورات المضادة ووكلائه المحليين الذين خدموه بقصد أو بغباء خياراتهم، فإن انتهاء "الفاصلة الديمقراطية" (بمعناها التمثيلي والمتوافق عليه بين النخب التونسية في المرحلة التأسيسية وما بعدها) يجعل الحديث عن "الاستثناء التونسي" وعن نجاح الانتقال الديمقراطي (سياسيا واقتصاديا) مجرد لغو لا حقيقة تحته.
ولأننا نؤمن أن فشل عشرية الانتقال الديمقراطي لم يكن حتمية تاريخية، بل هو نتيجة خيارات جماعية تحركت -من الناحية الاستراتيجية- خارج أفق إعادة التأسيس، ولأننا نؤمن كذلك أن الصراعات الهوياتية كانت المظهر الأبرز لعطالة العقل النخبوي التونسي واغترابه عن رهانات اللحظة التأسيسية، فإننا سنحاول في هذا المقال والمقال الذي يليه تقديم بعض العناصر التي قد تساعد على فهم السرديات المتصارعة؛ بعيدا عن ادعاءاتها الذاتية من جهة، وعن اختزالات خصومها وسياسة المجهود الذهني الأدنى وتمثلاتهم النمطية من جهة ثانية. وسيكون هذا الجزء الأول من المقال في تفكيك مصطلح "إسلامي" باعتباره أحد عنصري المقابلة الأساسية في الصراع العبثي بين النخب التونسية، بل النخب العربية كلها، أي التقابل المانوي بين الإسلاميين بمختلف تنظيماتهم وبين الديمقراطيين أو القوى "التنويرية" و"الحداثية" بمختلف سردياتهم الكبرى.
مهما اختلفت مرجعيات "الإسلاميين"، فإن ما يجمع بينهم هو أنهم يطرحون "الإسلام" مشروعا لإدارة الجماعة وليس لإدارة الحياة الفردية بعيدا عن الفضاء العمومي وعن التشريع المنظم للحياة العامة. ولأن ما يعنينا في هذا المقال هو حركة النهضة باعتبارها الفاعل الإسلامي القانوني الأهم في تونس، فإن انتقالها من منطق البديل الحقيقي أو المتخيل- بحكم رفض السلطة قبل الثورة الاعتراف بحقها في العمل القانوني- أو إلى منطق الشريك المعترف به قانونيا -لا فكريا أو واقعيا- قد جعل منها خصما لطرفين يشتركان في مقولة "الاستثناء الإسلامي" من منطلقين متناقضين: الحركات السلفية وحزب التحرير من جهة، والنخب اللائكية من جهة ثانية.
فالقبول بـ"الديمقراطية" والاعتراف بالقوانين الوضعية والاحتكام إلى الإرادة الشعبية باعتبارها مصدر الشرعية، كل ذلك جعل من النهضة خصما لأصحاب مقولة الاستثناء الإسلامي في الداخل والخارج، أي المجاميع السلفية والمجاميع اللائكية التي التقت موضوعيا على معاداة النهضة بالتكفير والتخوين.
إنّ سقوط مقولة الاستثناء الإسلامي -أي سقوط التعارض الجوهري والمطلق بين الإسلام في ذاته وبين الديمقراطية على خلاف باقي الأديان الكتابية والوضعية- سيجعل الكسر البنيوي في الحقل السياسي بعد الثورة كسرا نهائيا، وسيُفقد الكثير من الأطراف شرعية الحديث باسم الإسلام "القويم" والغريب عن المجتمع "الجاهلي" الحديث، ولكنه سيُفقد أيضا النخب اللائكية حجتهم الأساسية في استحالة تحول الإسلامي إلى جزء من المشروع الديمقراطي ما ينذر بإضعاف سرديتي الاستئصال الصلب (تحويل كل الإسلاميين إلى ملف أمني- قضائي) والاستئصال الناعم (إخراج الإسلاميين من مركز الحقل السياسي، ورفض أي توازن بين ثقلهم الانتخابي وتمثيليتهم الشعبية وبين دورهم في السلطة).
رغم طرح النهضة مفهوم "المسلم الديمقراطي" للتخلص من الدلالات السلبية للإسلامي أو للإسلام السياسي في إطار سعيها لتَونسة خطابها والتطبيع مع النخب اللائكية والدولة العميقة، ورغم انتهاجها سياسة "التوافق" مع ورثة المنظومة القديمة -بشروط تلك المنظومة وإملاءاتها غير الوطنية- فإن الأزمات الدورية لمسار الانتقال الديمقراطي وما أعقبها من إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021 قد أثبتت فشل هذا الخيار. ولا يعود فشل خياري "التطبيع" مع المنظومة القديمة و"التّونسة" على مقاس النخب اللائكية إلى جوهرهما اللاوطني واللاوظيفي من منظور استحقاقات الثورة فقط، بل يعود أيضا إلى تحركهما ضد جوهر سردية "الديمقراطيين" ومصالحهم المادية والرمزية داخل فضاء الدولة التابعة، فضلا عن تحركهما ضد النواة الصلبة للمذهب السني بعد التمدد الوهابي في تونس وخارجها.
إذا كان "الإسلام الإخواني" قد أثار مخاوف النخب اللائكية بتحركه ضد الخرافة الحداثية القائلة بـ"فصل الدين عن الدولة" من منظور لائكي فرنسي يدعي الكونية، فإنه أيضا قد أثار مخاوف الوهابية -ومَن وراءها في الخارج- بتقديمه مثالا على إمكانية رفع التناقض بين "الإسلام" وبين الفلسفة السياسية الحديثة، أي تقديم مثال على إمكانية التعايش بين الإسلاميين والعلمانيين خارج منطق النفي المتبادل ومفردات "الحرب الوجودية".
ولكن انتقال الإسلامي الإخواني إلى موقع "المسلم الديمقراطي" لم يستطع رفع تلك المخاوف بل عمّقها، فنجاح "الإسلام الديمقراطي" وتحوله إلى ما يشبه الأحزاب الديمقراطية المسيحية في الغرب يعني تسفيه الطرح الوهابي القائم على التناقض بين الشريعة والقانون، ذلك الطرح القائم على منطق "الغربة" والاستعلاء الايماني والمفاصلة النفسية عن باقي النسيج المجتمعي. كما أن ذلك النجاح كان ينذر بنقض هوية "الديمقراطيين" الذين يتعرفون ذاتيا بالتقابل مع الإسلاميين (أو بالتقابل "التنويري" مع بنية التسلط الدينية كما يسميها البعض)؛ أكثر مما يتعرفون بتراث ديمقراطي أو بأدبيات ديمقراطية أو بمواقف ديمقراطية أو بمسافة نقدية جذرية من بنية التسلط الحداثوي (بأشكالها الجهوية والطائفية والعسكرية)، مما حول أغلبهم إلى مجرد ملحقات وظيفية بمنظومة الاستعمار الداخلي قبل الثورة وبعدها.
إن دخول الإسلاميين بصورة قانونية إلى سوق الخيرات المادية والرمزية يعني كسر "احتكار" النخب "اللائكية" لسوق الخيرات المادية والرمزية، ودخولهم في منافسة قد لا تكون في صالحهم إذا ما تحركوا بعيدا عن منطق الاستقواء بالدولة وأجهزتها القمعية (البوليسية والأيديولوجية). ولذلك حرص "الديمقراطيون" في تونس على استبعاد حركة النهضة من عائلتهم في ضرب من الاستعلاء المعلمن الذي لا يختلف في بنيته العميقة عن الاستعلاء الوهابي ومنطق التكفير. فكلا المنطقين يقومان على الإلغاء والنفي، كما يقومان على وجود هوية ناجزة وغير قابلة للتغيير. ولذلك فإن "المسلم الديمقراطي" هو كافر عند الوهابي (لأنه يعترف بمقولات "كفرية" مثل الديمقراطية والإدارة الشعبية والقانون الوضعي)، وهو "متطرف" أو "إرهابي" أو "خطر" على النمط المجتمعي التونسي عند "العائلة الديمقراطية" (لأنه يكسر الصورة النمطية للإسلامي في المستوى الفكري، ولأنه يهدد مصالح مكونات تلك العائلة في المستوى الواقعي).
إذا كان اللامفكر فيه داخل العائلة الديمقراطية هو إمكانية بناء مشترك مواطني "مع" الإسلاميين لا ضدهم بالضرورة، بل استحالة بناء ذلك المشترك إلا بالتوافق معهم، وإلا كان البديل هو قتل السياسة وإلغاء الاختلاف والتمكين لبنية الاستبداد "الحداثوي" التي لن تترك للديمقراطيين أنفسهم إلا الهوامش الوظيفية المدجّنة، فإن اللامفكر فيه الأساسي عند النهضويين هو "الإسلام" ذاته، أو بالأحرى مدى توافق فهمهم للإسلام مع رهان بناء المشترك المواطني في نصاب سياسي سقفه "الدولة-الأمة" لا الأمّة بالمفهوم التراثي للكلمة، وكذلك مدى تخلصهم من أسر الطائفية وانفتاحهم على الإسلام الجامع.
فالنهضة التي تتعرف ذاتيا بأنها حركة سياسية ذات مرجعية إسلامية هي في الحقيقة حركة سياسية ذات مرجعية سُنّية. وقد يبدو هذا التخصيص من باب "التولولوجيا" (قول الشيء نفسه)، ولكنه تخصيص مهم لأنه ينفي التطابق الموهوم بين الإسلام وبين الحركات الإسلامية، كما أنه يشير من طرف خفي إلا أن الحديث عن "حركات إسلامية" هو ضرب من المجاز القائم على غياب الضبط المفهومي.
حرصت النخب "الديمقراطية" في تونس على إدارة مرحلة التأسيس وما تلاها على قاعدة التقابل مع "الإسلاميين" وليس على قاعدة التقابل مع المنظومة القديمة وأساطيرها التوليدية والمشتقة، كما حرصت على وضع ذلك الانتقال تحت سقف "الخطاب البورقيبي" باعتباره الخطاب الكبير الذي لا يمكن بناء المشترك الوطني إلا على أساسه
إن الأهمية الكبرى للتخصيص الوارد أعلاه الحركة الإسلامية هي أنها تجعلنا نعتبر أن الحركات الإسلامية هي مجرد أفق وليست واقعا، فنحن أمام حركات "طائفية" لم تستطع التحرر من سياقاتها الثقافية الأصلية لتخاطب عموم المسلمين من خارج الطائفة. ولا نعني بـ"خارج الطائفة" هنا فقط الطوائف غير السنية، بل نعني أيضا أولئك المواطنين التونسيين الذين لا يحتكمون إلى المرجعية التراثية السنية كما يفهمها الإسلام الإخواني أو الإسلام الديمقراطي.
وإذا كنا في مقالات سابقة قد اعتبرنا "طوفان الأقصى" أو "الاستبدال العظيم" مناسبة للخروج من الإسلام الطائفي الذي يدعي مطابقة الإسلام المحمدي ويحتكر "الصراط المستقيم" إلى "الإسلام المقاوم"، باعتباره الطريق الأمثل لتجاوز الطائفية أو على الأقل لتحييد مفاعليها الكارثية، فإننا نعتبر أن سقوط النظام السوري هو أيضا مناسبة للنقد الذاتي أو المراجعات عند جميع الفاعلين في تونس، مع أننا لا نستبعد أن يتحول هذا الحدث إلى أداة إضافية لتصليب المواقف التي أدت إلى إفشال الانتقال الديمقراطي ومشروع المواطنة الكاملة (أي تجاوز مشاريع المواطنة المشروطة أو المواطنة الناقصة).
لقد حرصت النخب "الديمقراطية" في تونس على إدارة مرحلة التأسيس وما تلاها على قاعدة التقابل مع "الإسلاميين" وليس على قاعدة التقابل مع المنظومة القديمة وأساطيرها التوليدية والمشتقة، كما حرصت على وضع ذلك الانتقال تحت سقف "الخطاب البورقيبي" باعتباره الخطاب الكبير الذي لا يمكن بناء المشترك الوطني إلا على أساسه. ولكن حركة النهضة من جهتها حرصت على المطابقة بين خيار "التَّونسة" وبين الاندراج الطوعي أو الاضطراري -ولا فرق بينهما واقعيا- تحت سقف ذلك الخطاب.
وكان اللامفكر فيه دائما عند الطرفين هو التجاوز الجدلي لتلك المرجعية البورقيبية بنقل رهان السيادة وإشكال التحديث من "الوطن" إلى "المواطن"، وهو ما تجلى خاصة عند "القوى الديمقراطية" بمختلف مرجعياتها الأيديولوجيات وسردياتها الكبرى. وسنحاول في الجزء الثاني من المقال أن نسائل تلك القوى من جهة دور مقولاتها الأساسية في إفشال الانتقال الديمقراطي وبناء المشترك المواطني (مثل مقولة الاستثناء الإسلامي، مفاهيم التنوير والتحديث والعلمنة، العلاقة بالهوية الجماعية وبالإرادة الشعبية).
x.com/adel_arabi21