مازالت عمليات البحث عن جثث الشهداء مستمرة لليوم السادس على التوالي، من المقابر الجماعية التي عثر عليها في ساحة مجمع ناصر الطبي بخان يونس في قطاع غزة، وكان الدفاع المدني الفلسطيني قد أعلن صبيحة اليوم الأربعاء عن انتشال 51 جثمانا جديدا.

ونشر الصحفي الفلسطيني حسين اصليح فيديو في الساعات الأولى من صبيحة اليوم، يوثق فيه مشاهد مواصلة انتشال جثث الشهداء والبحث عن المفقودين وسط أجواء مهيبة، وآمال الأهالي بالعثور على جثامين أبنائهم المفقودة.

لليوم السادس على التوالي عملية البحث مستمرة  بمقبرة مجمع ناصر الطبي بخانيونس pic.twitter.com/8NosUcPLZc

— حسن اصليح | Hassan (@hassaneslayeh) April 24, 2024

ومنذ إعلان اكتشاف مقابر جماعية بساحة مجمع مستشفى ناصر الطبي بخان يونس، بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة، تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات تظهر انتشال جثامين الشهداء، وكانت الصور قاسية، لجثث متحللة ومقطوعة الأطراف وأخرى قيل إنه تمت سرقة أعضائها من قبل جيش الاحتلال قبل أن يقوم بدفنها.

المشاهد أثارت استياء رواد منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين العالم بالتحرك، فما يعيشه سكان أهل غزة منذ 201 يوم من قتل وتعذيب لا يتخيله العقل وما حدث في مجمع ناصر الطبي ما هو إلا بعض من مجازر المحتل الإسرائيلي.

هذا ما يحدث في فلسطين المحتلة بين الحين والأخر يتم العثور على جثث عشرات الشهداء ليتم دفنها في مقابر جماعية
وهذه الصورة شاهدة على بعض مجازر الكيان الصهيوني في مدينة خان يونس
حيث تم العثور على جثث دون رؤوس وأجساد دون جلود والبعض سُرقت أعضاؤها . pic.twitter.com/gyTZkXNOyY

— ????????زهراء_اليمن???????? (@Zahraa_alyemen) April 21, 2024

بالقرن ال ٢١ يُحكى عن #مقابر_جماعية في #غزة والعالم اللي بيعتبر حالو عالم أول ومتحضّر وبيحكي ب #حقوق_الإنسان عم يتفرّج وبيدعم #إسرائيل بالمال والسلاح #الأمم_المتحدة و #مجلس_الأمن مناصب بلا شرف

— Antoinette Abi Karam (@antoinette_65) April 21, 2024

فيما وصف بعض نشطاء الفضاء الأزرق فيسبوك المقابر الجماعية بساحة مجمع ناصر الطبي بأبشع الجرائم التي عرفها التاريخ، وقال أحدهم "طوال الحرب العالمية الثانية (5 سنوات) لم يُهاجم سوى مستشفى واحد في الدانمارك".

اكتشاف وانتشال الجثث من المقابر الجماعية في محيط مستشفى ناصر في خانيونس مزال مستمر حتى هذه اللحظة منذ ستة أيام متتالية .
تحول المكان إلى ماساة للعائلات التي تبحث عن أبناءها ، لا يعرف مصيرهم ( أموات /مختطفين ) .

فرق الدفاع المدني تنتشل 51 جثة جديدة منذ صباح اليوم . pic.twitter.com/6nBT14c80v

— Tamer | تامر (@tamerqdh) April 24, 2024

وفي نفس السياق، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له أمس الثلاثاء، "إن النتائج الكارثية لجريمة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل عن وعي وإدراك تهدف لتدمير الفلسطينيين في قطاع غزة."

وأكد "بروز ظاهرة المقابر الجماعية لأول مرة في تاريخ الصراع بهذا الحجم والشكل، حيث وثق أكثر من 140 مقبرة جماعية أو عشوائية أو مؤقتة، وفي حالات عديدة تم توثيق حالات دفن نفذتها قوات الاحتلال لأشخاص أعدمتهم ميدانيًّا".

200 يوم من الهجوم العسكري على غزة: حصيلة ضحايا مفزعة وفشل دولي بإلزام إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية https://t.co/NF2HZKGq7W

— المرصد الأورومتوسطي (@EuroMedHRAr) April 23, 2024

وأضاف أن المقابر الجماعية المكتشفة في المستشفيات، خاصة في مجمع الشفاء الطبي في غزة ومجمع ناصر الطبي في خان يونس، تثير شبهات بأن الجيش الإسرائيلي نفذ إعدامات خارج نطاق القانون بحق أشخاص معتقلين ومحتجزين ثم أقدم على دفنهم، حيث عثر على أشخاص مقيدين وأشخاص يبدو أنهم كانوا يتلقون علاجات.

وأكد أن كل ذلك يستوجب فتح تحقيق دولي في هذه الجرائم غير المسبوقة، عِلما أن هذه الحالات تختلف عن المقابر المؤقتة التي أقامها الأهالي والطواقم الطبية لدفن الضحايا خلال فترة حصار المستشفيات ومحيطها، وهو أمر تكرر في المستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان شمال غزة، ومستشفى الأمل في خان يونس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المقابر الجماعیة مجمع ناصر الطبی خان یونس فی خان

إقرأ أيضاً:

سيادة "الغرائب" كقيمةٍ خبرية

 

 

 

د. يوسف الشامسي **

 

تحوُّل في أولويات الإعلام وانزياح عن الجوهر

 

بعد نظرةٍ خاطفةٍ على المنصات الإخبارية المحلية بوسائل التواصل الاجتماعي التي تحظى بمئات الآلاف من المتابعين، خرجت بعناوين من قبيل ما اقتبسه حرفيا: جنوح عشرات الحيتان على شاطئ تازمانيا بأقصى أستراليا، شباب يتناولون وجبة عشاء برفقة "فهد"، استخراج 35 حبة زيتون من معدة امرأة بتركيا، "المطربة الفلانية" تضع عقدًا بقيمة ما يعادل 29 ألف ريال عُماني من شركة كارتييه على رأسها".. وماذا بعد! والكثير من نماذج أخبار الغرائب والعجائب التي تقع في أطراف الأرض تتصدر صفحات الأخبار المحلية بوسائل التواصل، فنتساءل: ما أهمية عامل الغرابة عند نقل الأخبار لجماهير القراء والمتابعين المحليين؟

بدايةً لا بد من التنويه لقيمة الغرابة في الأدب والتاريخ العربي التي تعد مرجعًا ثريًا لأساليب تدوين الوقائع والأخبار، فالمكتبة العربية تحفل بما دون من نوادر وعجائب وأساطير سواءً في الخلق أو الثقافات أو الأحداث، ككتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات"، و"ألف ليلةٍ وليلة"، و"البخلاء"، و"المستطرف"، و"كتاب البلدان"، و"مروج الذهب"، و"غرائب الأخبار وعجائب الآثار"، و"تحفة العجائب وطرفة الغرائب"، وغيرها؛ لكن سيجد المطالع لأغلب تلك المصنفات تمازجًا جليا بين الأخبار والقصص الجادة والنوادر والهزل، وما ذاك إلّا كما يذكر صاحب كتاب الحيوان لـ"أن المزاح جد إذا اجتلب ليكون علةً للجد"، فتدوين تلك الأخبار والحكايا لا لذاتها وإنما لما تضيفه من سلاسةٍ وسهولةٍ في نقل المعاني والحكم الجادة لكل قارئ، وكذا جرت من ثم وسائل الإعلام باعتبارها؛ امتدادًا لذلك الموروث في تدوين الأحداث وتأريخها، فتجد التنوع سمةً في عناوين الأخبار، وظلت الغرابة أو الندرة قيمة خبرية تمنح الحدث حظًا للصعود والبروز، لا تقل أهمية عن سائر القيم المعروفة في حقل الصحافة كالآنية، والصراع، والشهرة، والقرب، والتأثير، وضخامة الحدث.

وليس عجيبًا اختزال تشارلز دانا محرر صحيفة "ذا صن" الأمريكية تعريفه المشهور للخبر الصحفي بقوله: "إن عض كلب رجلًا فذلك لا يعد خبرًا؛ ولكن إن عض رجل كلبًا فذلك هو الخبر". ورغم ما يحمله المثال من إيغالٍ في الغرابة حد المجاز؛ إلا أنه قد يقع فعلا! فمن قبيل الاستطراد والطرفة أستذكر هنا ما حكاه ياقوت الحموي في كتابه (معجم الأدباء، ص 1892) عن أحد علماء النحو في القرن الرابع الهجري، يقول "وكان مبتلًا بقتل الكلاب"، ومضى مرة ومعه طلابه حتى وصل لناحية بخراب المدينة، "وأخذ كساءً وعصًا، وما زال يعدو إلى كلبٍ هناك والكلب يثب عليه تارةً ويهرب منه أخرى حتى أعياه، وعاونوه عليه حتى أمسكه، وعض على الكلب بأسنانه عضًا شديدا والكلب يستغيث ويزعق، فما تركه حتى اشتفى وقال: هذا عضني قبل أيامٍ وأريد أخالف قول الأول:

شاتمني كلب بني مسمعٍ

فصنت عنه النفس والعرضا

ولم أجبه لاحتقاري له

من ذا يعض الكلب إن عضا!

بيد أن التركيز على قيمة الغرابة وعنصر المفاجأة في الأخبار على حساب القيم الأخرى كالأهمية الاجتماعية والتأثير السياسي والعمق التحليلي أصبح السمة البارزة بالنشرات الإخبارية خصوصا تلك المتربعة على وسائل التواصل الاجتماعي. فما الذي جعل الغرابة تتصدر المشهد الإعلامي؟ وما الآثار المترتبة على هذا التحول؟

لعل أهم الأسباب التي تدفع المنصات الإخبارية الإلكترونية لسلوك هذا المنحى هو اعتمادها التام على سوق الإعلانات، حيث التفاعل وعدد النقرات والتعليقات هي العملة الأبرز في هذا السوق، لذا تتصدر الأخبار الغريبة العجيبة لتولد فضولا فطريا يدفع المستخدمين إلى المشاركة والتعليق، فيزيد ذلك من انتشارها الآني. كما أن منافسة القنوات الترفيهية لقطاع الإعلام الجاد جعل الحدود بينهما متداخلةً، مما أدى لرد فعلٍ عكسي، فأضحت المنصات الإخبارية مدفوعةً لتقديم محتوىً "خفيف" لكنه بالمقابل خالٍ من العمق، فقط لكسب تفاعل الجمهور. ومن جانبٍ آخر قد تبرر نظرية الإشباعات والاستخدامات هذا السلوك لدى المنصات الصحفية الإلكترونية، ففي عالمٍ تغمره الأخبار الكارثية (حروب هنا وأزمات هناك)، تقدم الأخبار الغريبة هروبًا مؤقتًا من الواقع، مما يجعلها مريحةً نفسيًا للجمهور المنهك.

غير أن لهيمنة الغرائب على المشهد الإخباري عدة تداعياتٍ سلبيةٍ، ففي ظلها تغيب القضايا الجوهرية عن سلم الأولويات؛ مما يضعف الوعي الجمعي بالمشكلات الاجتماعية والسياسية. كذلك يتعود الجمهور المحاصر بهذه البيئة على استهلاك المعلومات السريعة والسطحية التي حتمًا تقلل من قدرته على التفكير النقدي أو المتابعة المتأنية للأحداث، ولذا كثيرًا ما تستغل "الغرابة" كذريعةٍ لنشر الأخبار المزيفة لجذب الانتباه، حيث يصعب على الجمهور تمييز الحقيقة في خضم السعي وراء الإثارة، وحينها تتآكل مصداقية هذه المنصات، وتتحول إلى بوقٍ للغرائب يضعف ثقة الجمهور بها كمصدرٍ موثوقٍ للمعرفة.

ما أريد التأكيد عليه هنا أن قيمة الغرابة بلا شك لها دور في تنويع المحتوى الإعلامي وجعل الأخبار أكثر جذبًا؛ لكن تحويلها إلى قيمةٍ عليا قد يهدد الوظائف الجوهرية للإعلام كالتوعية والتثقيف ومراقبة السلطة. ولإن كانت الإثارة والترفيه جزءًا من الطبيعة البشرية، فإن الإفراط في تسليع الغرائب يحول الإعلام إلى سيركٍ رقمي؛ حيث تقدم الاستعراضات على حساب الحقائق.

ويبقى التساؤل المتكرر للقائمين على هذه المنصات: هل نريد إعلامًا يسلي الجمهور.. أم إعلامًا ينير العقول؟

** أكاديمي بقسم الاتصال الجماهيري في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بنزوى

مقالات مشابهة

  • محافظ الجيزة يتفقد نسب التنفيذ بمجمع الخدمات الشرطية وقسم الشرطة بحدائق الأهرام
  • داليا مصطفى: الأعمال الفنية على بعض المنصات أجندة
  • مشاهد مؤلمة.. رحلة موت لنازحي الفاو أفرزتها حرب السودان
  • قبور تباع بـ1400 درهم جراء أزمة مقابر "حادة" في فاس تنتظر جواباً من وزير الداخلية منذ ثمانية أشهر
  • سيادة "الغرائب" كقيمةٍ خبرية
  • القضاء الإسباني يرفض منح اللجوء إلى شاب مغربي شارك في الهجرة الجماعية الشهيرة عام 2021
  • متظاهرون يغلقون الطريق المؤدي لحفل “الأوسكار” احتجاجاً على الإبادة الجماعية بغزة
  • بسعر مش حتلاقيه وميزات احترافية.. Poco تغزو الأسواق بهاتف جديد
  • مصابو الأهلي.. اقتراب يحيى عطية الله من العودة للتدريبات الجماعية
  • إنقاذ مريض مسن من موت محقق بمجمع الشفاء الطبى التابع لهيئة الرعاية الصحية ببورسعيد