بعد نجاح أميركا بتلافي الحرب بين إيران وإسرائيل.. ماذا ينتظر لبنان؟
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
نجحت الولايات المتّحدة الأميركيّة في تلافي وقوع حربٍ مباشرة بين إيران وإسرائيل، فأتى الردّ الإسرائيليّ على الهجوم الذي شنّته طهران في 13 نيسان خجولاً جدّاً، ولا يرتقي إلى قيام الحرس الثوريّ الإيرانيّ بعمليّة عسكريّة جديدة ضدّ أهداف داخل العمق الإسرائيليّ. في المقابل، زادت كلّ من "المقاومة الإسلاميّة" وجيش العدوّ من حدّة المعارك في جنوب لبنان، كما أعلن "حزب الله" في العراق عن إستئناف عمليّاته، وتوجّهه إلى قصف القواعد الأميركيّة في المنطقة، لأنّ الحكومة في بغداد لم تتوصّل إلى حلّ مع أميركا، لانسحاب قوّات واشنطن من البلاد.
وفي حين أبعدت أميركا المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، غير أنّ طهران كما يبدو وفق المعطيات التي ذُكِرت في البداية، حصرت مُجدّداً النزاع الدائر في غزة، بين "حزب الله" و"حماس" و"الحوثيين" وحلفائها في سوريا والعراق ضدّ إسرائيل والولايات المتّحدة. ويقول محللون عسكريّون، إنّ الفصائل المواليّة لإيران، وفي مُقدّمتها "المقاومة" في لبنان، عادت إلى خوض الحرب بالوكالة عن طهران، فيما الأخيرة خرجت منتصرة بعد ردّها على إسرائيل، وعادت إلى تحريك "أذرعها" في المنطقة، من دون أنّ تكون طرفاً مُشاركاً في ميدان القتال.
ويُشير المحللون العسكريّون، إلى أنّ الحال كما هو الآن، أيّ أنّ "حزب الله" يقود الجهود العسكريّة ضدّ إسرائيل، أفضل بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركيّ جو بايدن، من جرّ إيران إلى حربٍ إقليميّة، ويلفتون إلى أنّ واشنطن نجحت بالضغط على بنيامين نتنياهو، وأتى الردّ الإسرائيليّ لحفظ ماء وجه تل أبيب، من دون إحداث أضرارٍ في طهران، إضافة إلى تجنّب تمدّد الحرب.
ووفق المحللين العسكريين، فإنّ الأنظار تتّجه حاليّاً إلى إجتياح رفح، وبحسب أميركا، فإنّ دخول إسرائيل إلى المدينة الفلسطينيّة القريبة من مصر، وقصف "حزب الله" المستوطنات الشماليّة، واستهداف الحوثيين للسفن الإسرائيليّة والغربيّة، أفضل أيضاً من توسّع رقعة الحرب، وإقحام بلدان لديها قوّة نوويّة في نزاع غزة.
ويعتبر المحللون العسكريّون أنّه بعد الإنتهاء من رفح، يُمكن التوصّل إلى تفاهمات وتسويّات في المنطقة، لإنهاء الحرب في غزة، والحديث عن مستقبل القطاع. أمّا عن الوضع الأمنيّ في جنوب لبنان، وبعد زيادة التهديدات الإسرائيليّة لـ"الحزب"، يرى المحللون أنّ أميركا تعمل على وساطة بين بيروت وتل أبيب، عبر ترسيم الحدود البريّة، وتطبيق القرار الأمميّ 1701، وانسحاب مقاتلي "المقاومة" من خطوط المُواجهة الأماميّة، وإعادة الإسرائيليين إلى مستعمراتهم، لإنهاء المعارك بين "حزب الله" والجيش الإسرائيليّ.
وحتّى الوصول إلى أرضيّة وظروف ملائمة لبدء المفاوضات بجديّة، فإنّ المعارك في الجنوب ستسمرّ، ولا مدّة زمنيّة مُحدّدة لانتهائها، وهي مُرتبطة حكماً بدخول الجيش الإسرائيليّ إلى رفح، وبنجاح الضغوطات الأميركيّة من عدمها على نتنياهو. ومع بقاء الحرب في غزة، فإنّ هناك مُخاوف متزايدة من توسّعها إلى لبنان، فالثابت أنّ كلما طالت الحرب في فلسطين، كلما ارتفع منسوب انتقالها إلى دول الجوار، وسط فشل المُحادثات الفلسطينيّة – الإسرائيليّة في الدوحة، والحديث عن وفاة عدد كبيرٍ من الرهائن لدى "حماس"، ما يعني أنّ الحكومة الإسرائيليّة لا رادع يمنعها من مُواصلة القتال، لتحسين شروطها في التفاوض مع حركة المقاومة الفلسطينيّة، كذلك، مع "حزب الله". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
سر الاستقواء الأمريكي – الإسرائيلي
شكّل الإعلان الصادر عن وزير الحرب في كيان الاحتلال يسرائيل كاتس، حول الحصول على ترخيص أمريكي بالبقاء في المناطق اللبنانية المحتلة دون قيد زمنيّ، صدمة للبنانيين وحكومتهم بعد نيل حكومة الرئيس نواف سلام الثقة وهي تبني آمالاً، كما قالت في مواقف رئيسها ووزير خارجيّتها وسبقهم رئيس الجمهورية بالقول، إنّ الحل الدبلوماسيّ والضغط الدبلوماسيّ هو رهان لبنان لإلزام كيان الاحتلال بالانسحاب من النقاط اللبنانية المحتلة داخل الخط الأزرق تمهيداً للانسحاب من الشق اللبنانيّ من بلدة الغجر الموجود أيضاً داخل الخط الأزرق وصولاً لحسم أمر النقاط التي يسجّل لبنان تحفظه على بقاء الاحتلال فيها وفي مقدّمتها مزارع شبعا المحتلة، كما نص اتفاق وقف إطلاق النار ونص قبله القرار 1701 وكفل الأمريكيّون تنفيذ كيان الاحتلال لهما، والحديث عن الحلّ الدبلوماسيّ والضغط الدبلوماسيّ هو التوصيف المنمّق لما ينتظره لبنان الرسمي من واشنطن، التي لا يُخفى على أحد حجم دورها في تظهير الصورة الجديدة للحكم والحكومة.
تجاهلت واشنطن مسؤوليتها بإصدار نفي لكلام كاتس، وتجاهل لبنان الرسميّ تجاهل واشنطن وكلام كاتس معاً، لما في الأمر من إحراج، ولبنان الرسمي لا يملك أن يقول ما يقوله بعض اللبنانيين عن مبرّرات وذرائع للموقف الإسرائيلي، لأنه يعلم أن الاتفاق واضح والتزامات لبنان فيه لا لبس حولها وهي محصورة في بند وحيد هو انسحاب قوات حزب الله إلى ما وراء الليطاني، ولبنان الرسمي راضٍ عن تجاوب حزب الله مع ما طلبه منه الجيش اللبناني في هذا السياق، وكان يعلن أنه لا يعتبر أن هناك أي إخلال لبناني بالموجبات يبرر الإخلال الإسرائيلي، عندما كانت “إسرائيل” تقول إن مبرّر إخلالها هو أن الاتفاق مشروط بانتشار الجيش اللبنانيّ وانسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني، كما قال بنيامين نتنياهو عشية انتهاء مدة الستين يوماً المنصوص عليها في الاتفاق لانسحاب إسرائيلي كامل إلى ما وراء الخط الأزرق.
أمامنا مشهدان واحد ميدانيّ والثاني سياسيّ، حتى تاريخ نهاية مهلة الستين يوماً، الميداني يقول إن الاحتلال فشل في احتلال القرى والبلدات اللبنانية طوال أيام المواجهات العسكرية الممتدة من 27 أيلول 2024 الى 27 تشرين الثاني 2024، إلا أنه في أيام تطبيق الاتفاق دخل 47 قرية وبلدة ودمّر ما فيها من منازل وبنى تحتية، بعدما صار أمن الجنوب في عهدة الدولة اللبنانيّة والحل الدبلوماسيّ، والعجز الإسرائيلي عن احتلال القرى والبلدات خلال المواجهات هو الذي أجبره على قبول الاتفاق الذي ينصّ على الانسحاب الكامل، وما لمسه من قدرة على حرية التوغل والتدمير في مرحلة تطبيق الاتفاق هي ما أغراه على طلب تمديد المهلة، لكننا في السياسة كنّا طول المرحلتين أمام مشهد تعبّر عنه المواقف الصادرة عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تتحدث حصراً عن اتفاق يقضي بانسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني، ومواقف أمريكية في لجنة الإشراف على الاتفاق تقول إن هناك انتهاكات إسرائيلية تهدّد الاتفاق ويجب أن تتوقف.
إذا كان الدخول في المسار الدبلوماسيّ شكل مصدر شعور الإسرائيلي بالاطمئنان لدخول مناطق لم يتمكّن من دخولها خلال الحرب، والسعي لتمديد المهلة حتى 18 شباط، ثم التنكّر للمهلة واختيار البقاء في أراضٍ لا خلاف على وجوب الانسحاب منها. فالسؤال هو ماذا حدث حتى صار لدى الإسرائيلي تعديل في الخطاب وربط الانسحاب بشروط لا تقتصر على انسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني؟ ولماذا تبدّل الخطاب الأمريكي من اعتبار التأخير الإسرائيلي والبقاء في أراضي لبنان انتهاكاً للاتفاق وباتت تعطي الترخيص للبقاء دون مهلة زمنيّة، كما قال كاتس؟
الجواب المؤلم، هو أن الداخل اللبناني المعادي للمقاومة هو السبب، وأن هذا الداخل اللبناني الذي دأب على الزعم بأن لا انسحاب كامل دون إنهاء أمر سلاح المقاومة، ولا أموال سوف يسمح بوصولها بهدف إعادة الإعمار دون نزع هذا السلاح، وجد خطابه موضع طعن في مصداقيّته واتهامه بالعدائيّة لدرجة وصفه الإسرائيلي أكثر من “إسرائيل” نفسها، حتى تمّ تشييع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فتحرّك أصحاب هذا الخطاب يحملون ما يسمّونه بالتراخي الأمريكي والإسرائيلي مسؤولية ما يسمّى بتعافي حزب الله واستعادة بيئته وشعبيته، وكانت النتيجة بالون الاختبار الذي أطلقه كاتس وصمتت عنه واشنطن، كورقة ضغط بيد هذا الداخل اللبناني عساه يستطيع توظيفه، كما يزعم في محاصرة المقاومة وابتزازها، وربما تحقيق مكاسب في اتجاه تسريع وضع مستقبل سلاحها على الطاولة.
إذا كان قد حُسم أمر أن الحكومة هي حكومة القرار 1701 وليست حكومة القرار 1559، فإن ما لم يُحسم بعد، هو هل القرار 1701 هو خطوة نحو القرار 1559 أم هو خطوة نحو القرار 425؟
إذا كان نص خطاب القَسَم عن حق الدولة في احتكار حمل السلاح وبسط سلطة الدولة بقواها الذاتية على كامل أراضيها، استعادة لما جاء في اتفاق الطائف، فإنه من المفيد التذكير أن اتفاق الطائف ترافق مع رهانات وأحلام دبلوماسيّة شبيهة برهان قادة الدولة الحاليين، يومها مسار مدريد ووعود تنفيذ القرار 425، واليوم وعود أمريكية بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة وأزماتها، كان كلام الطائف قبل مقتل رابين، وكانت وعود أمريكا للبنان قبل إعلان تهجير غزة.
الاستقواء الأمريكي الإسرائيلي بالداخل اللبناني، رهان يسقط مع سقوط الحل الدبلوماسي للاحتلال، كما هو حال الاستقواء من بعض الداخل اللبناني بالحضور الأمريكي والإسرائيلي.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية