الجزيرة:
2025-02-16@11:14:08 GMT

لماذا فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

لماذا فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟

انتهت جولة المفاوضات بين حركة حماس والتحالف الصهيو-أميركي في القاهرة دون أن تحقّق شيئًا، وانبرى كل طرف لتوجيه الاتّهامات إلى الطرف الثاني، وتحميله المسؤولية عن فشل المفاوضات، وإزاء المواقف المتشددة لكلا الطرفين، باتت فرص التوصل إلى إيقاف إطلاق النار منعدمة، وعاد التحالف الصهيو-أميركي للتهديد من جديد باستخدام أشدّ أنواع القوّة لديه، من أجل إجبار حماس والمقاومة المسلحة على الإذعان لشروطه.

فما الأسباب التي أدَّت إلى فشل المفاوضات؟

إنّ حركة حماس بحاجة ماسّة إلى تبنّي مشروع سياسي واضح ومحدد وقابل للتطبيق في ظلّ السياقات الإقليمية والدولية الراهنة، والتي قد تمتدّ لعشرات أو مئات السنين، مع التسليم بأن هذا التضمين لا يعني بالضرورة أنه سيقود إلى النجاح في جولة المفاوضات القادمة

البند الغائب في عرض حماس التفاوضي

تمتلك حركة حماس، ومن ورائها المقاومة الفلسطينية المسلحة، ثلاث أوراق رئيسية تعتمد عليها في قوّة موقفها التفاوضي، وجعلتها تقف موقف الندّ للندّ في المفاوضات، رغم البون الشاسع بين الطرفين سياسيًا وعسكريًا، وهذه الأوراق الثلاث، هي:

القوة القتالية التي يتمتع بها المقاتلون بأبعادها الإيمانية والتأهيلية والنفسية، والتي لم يعتد عليها الكيان الصهيوني من قبل. صمود الشعب الفلسطيني الباسل، رغم حرب الإبادة الجماعية الشاملة التي يتعرض لها، ووقوفه إلى جانب المقاومة، وإصراره على الاستمرار في هذا الموقف مهما بلغ الثمن. الأسرى الصهاينة الذين لم يستطع التحالف الصهيو-أميركي حتى الآن العثور عليهم، رغم كافة المحاولات العسكرية والأمنية والسياسية التي استخدمها من أجل ذلك.

هذه الأوراق الثلاث دعمت موقف حركة حماس التفاوضي بشكل كبير حتى الآن، ولكن هذا الدعم لم يمكّن حماس من فرض شروطها الجوهرية على التحالف الصهيو-أميركي، ولم تقلل من إصراره على إنهاء الوجود السياسي والاجتماعي والعسكري لحركة حماس والمقاومة المسلحة في قطاع غزة.

واستثمارًا لهذه الأوراق الثلاث، وضعت حماس شروطها التفاوضية التي اتسمت بثلاث سمات رئيسية، وهذه السمات، هي:

التمسك التام بالوقف الشامل والنهائي لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الصهيوني الكامل من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطقهم. تبادل الأسرى، وعودة النازحين والمساعدات الإنسانية، ومرحلة ما بعد انتهاء الحرب. خلوّها من أي طرح سياسي يؤكد للتحالف الصهيو-أميركي، رغبة حماس في السلام وتعزيز الاستقرار، ويضمن له أنها لن تعود لبناء قدراتها العسكرية من جديد؛ استعدادًا لشن هجمات أخرى في المستقبل على غرار "طوفان الأقصى" و"سيف القدس"، وهذا يعني استمرار الأعمال العدائية بين الطرفين، والتي من شأنها زيادة معاناة الشعبين: الفلسطيني واليهودي، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، وإعاقة تنفيذ الخطط السياسية والاستثمارية والأمنية في المنطقة.

وإذا كانت النقطتان؛ الأولى والثانية تبدوان بديهيتين، فإن النقطة الثالثة ليست بديهية على الإطلاق، فالنقطة الأولى هي جوهر العملية التفاوضية، أما الثانية فهي التي ستقدم شيئًا من التعويض للشعب الفلسطيني عن الإبادة التي تعرّض لها طيلة فترة الحرب، وتعزز صورة حركة حماس والمقاومة المسلحة في نظره.

أما النقطة الثالثة؛ فإن خلو عرض حماس منها، حتى الآن، يمكن تفسيره من طرف التحالف الصهيو-أميركي بأن حماس ستظل مصدر التهديد الأكبر للكيان الصهيوني والمشروعات الأميركية في المنطقة، وسيزيد ذلك من إصرار التحالف على القضاء على حركة حماس. وفي المقابل؛ فإن من شأن تضمين هذه النقطة في عرض حماس التأكيد على ما يأتي:

أن حماس ليست كيانًا إرهابيًا، وإنما هي كيان سياسي ترسّخت جذوره في المجتمع الفلسطيني، ويتطلع إلى الحرية والاستقرار والبناء والتنمية. أن حماس حركة تحرر قانونية تستند في مشروعية مقاومتها إلى الوثائق التاريخية الثابتة، وعلى قرارات الشرعية الدولية. أن حماس حركة فلسطينية وطنية وواحدة من المكوّنات الرئيسية للخارطة السياسية الفلسطينية، وهي تسعى لاستعادة حقوق شعبها وتحقيق أهدافه في الاستقلال والحرية، بعد أن أدار لها الاحتلال ظهره، وداس عليها بغطرسته غير مكترث لا لشرعية دولية ولا لمواثيق قانونية وإنسانية. أن حماس مستعدة لإيقاف الأعمال العدائية ضد الكيان الصهيوني بعد الحرب، والدخول في مشروع سياسي يجمع الصفّ الوطني الفلسطيني على مشروع مشترك يحقق أهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني. أن حماس ترفض الاتهامات التي يرددها أعداؤها وخصومها من أنها تريد إبادة الشعب اليهودي.

وهنا ستجد حركة حماس نفسها بحاجة ماسّة وبقوّة؛ لتبنّي مشروع سياسي واضح ومحدد وقابل للتطبيق في ظل السياقات الإقليمية والدولية الراهنة، والتي قد تمتد لعشرات أو مئات السنين. وهنا ستجد حماس نفسها من جديد، أمام صيغتين رئيسيتين تتعدد أشكال كل منهما:

الأولى: صيغة حل الدولتين؛ واحدة فلسطينية وأخرى يهودية. الثانية: صيغة حل الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني واليهودي.

وقد أفضتُ الحديث حول هاتين الصيغتين في عدة مقالات سابقة، يمكن الرجوع إليها في هذه الزاوية من الموقع. ولكن، وبغض النظر عن التعقيدات البالغة التي تحيط بكل من هاتين الصيغتين، فإن حماس اليوم بحاجة ماسّة إلى تبنّي إحداهما ضمن أي شكل من الأشكال، ليكون منطلقها السياسي في المرحلة القادمة، وتضمين ذلك في عرضها التفاوضي. مع التسليم بأن هذا التضمين لا يعني بالضرورة أنه سيقود إلى النجاح في جولة المفاوضات القادمة، أمام هذا الإصرار العجيب على القضاء على حركة حماس.

إن إصرار التحالف الصهيو-أميركي على شرط إيقاف مؤقت لإطلاق النار، يشير إلى أن ما يجري على الأرض، إنما هي خطوات تنفيذية في خطط ما بعد الحرب، التي لم يعلن قادة التحالف عنها بشكل واضح حتى الآن، ولا عن الأهداف التي تعمل على تحقيقها

الشرط المتوحّش

عمل التحالف الصهيو-أميركي كثيرًا على إحراق أوراق الضغط التفاوضية الثلاث التي تملكها حركة حماس: (القوة القتالية، والصمود الشعبي، والأسرى)، ولما عجز عن الفوز بأي منها، لجأ إلى رفضِ شرطِ حماس، الإيقاف الدائم لإطلاق النار والانسحاب من جميع الأراضي التي احتلها جيش الكيان الصهيوني، وأصرّ على إيقاف مؤقت يحرق له هذه الأوراق على النحو التالي:

تحرير الأسرى ضمن صفقة تبادل يتم الاتفاق على تفاصيلها. تحييد المدنيين، وعزلهم في مراكز إيواء آمنة تتوفر فيها الخدمات الإغاثية الأساسية تحت إشراف الأمم المتحدة. معاودة القتال ضد حماس وفصائل المقاومة المسلحة بأشد مما كان عليه الوضع في السابق بأضعاف مضاعفة، بحيث يتم القضاء عليها أو إجبارها على الاستسلام.

وبإصرار حماس على رفض شرط الإيقاف المؤقت لإطلاق النار، يكون التحالف الصهيو-أميركي قد فشل من جديد في إحراق الأوراق الثلاث عن طريق التفاوض، كما فشل من قبل عن طريق القتال.

ولذا نجده قد عاد ليتحدث بشكل أكثر وضوحًا من قبل عن ضرورة تسليم حماس للأسرى دون قيد أو شرط، وعن إلقاء حماس السلاح والاستسلام، وعن الاستعداد الكبير لمعركة رفح القادمة، وفي حال حدوث ذلك؛ فهو يعني أنه لن يكون هناك جولات مفاوضات جديدة.

إن الإصرار على هذا الشرط الصهيو-أميركي المتوحش، يشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن ما يجري على الأرض، إنما هي خطوات تنفيذية في خطط ما بعد الحرب التي لم يعلن قادة التحالف الصهيو-أميركي حتى الآن بشكل واضح عن طبيعة هذه الخطط والأهداف التي تعمل على تحقيقها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات لإطلاق النار هذه الأوراق حرکة حماس حتى الآن أن حماس من جدید

إقرأ أيضاً:

مسؤول: مفاوضات الوسطاء نجحت بضمان التزام الأطراف باتفاق غزة

نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول فلسطيني، الخميس، أن "مفاوضات الوسطاء نجحت بضمان التزام الأطراف باتفاق غزة". 

وقالت حركة حماس إنها ستواصل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بما يشمل تبادل السجناء والرهائن ضمن الإطار الزمني المتفق عليه.

وذكرت الحركة الفلسطينية، في بيان صحفي: "أجرى وفد الحركة برئاسة خليل الحية مباحثات مع الإخوة الوسطاء لبحث مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، خاصة في أعقاب الخروقات الإسرائيلية المتتالية".

وأضافت أن "البحث خلال جميع اللقاءات والاتصالات تركز على ضرورة الالتزام بتطبيق بنود الاتفاق كافة، خاصة ما يتعلق بتأمين إيواء شعبنا وإدخال بشكل عاجل البيوت الجاهزة "الكرفانات" والخيام والمعدات الثقيلة والمستلزمات الطبية والوقود واستمرار تدفق الإغاثة وكل ما نص عليه الاتفاق".

كانت حماس ستطلق سراح 3 رهائن بموجب الاتفاق، لكنها أعلنت هذا الأسبوع تعليق عملية تسليمهم بسبب ما قالت إنه انتهاك إسرائيلي لشروط الاتفاق.

ورد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ذلك بالقول إن على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن الذين لا تزال تحتجزهم بحلول ظهر السبت وإلا "سيدع أبواب الجحيم تنفتح على مصراعيها".

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستستأنف "القتال بشدة" إذا لم تلتزم حماس بالمهلة.

وقال عبد اللطيف القانوع المتحدث باسم الحركة الفلسطينية "لسنا معنيين بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وحريصون على تنفيذه وإلزام الاحتلال به كاملا".

وأضاف "لغة التهديد والوعيد التي يستخدمها ترامب ونتنياهو لا تخدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار".

والتقى وفد من حماس برئاسة خليل الحية مع مسؤولين أمنيين مصريين الأربعاء في محاولة لكسر الجمود.

وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات لرويترز إن مصر وقطر اللتين تقومان بدور الوساطة تحاولان إيجاد حلول لمنع الانزلاق مرة أخرى إلى القتال.

وذكرت حماس في بيان أن الوسطاء يمارسون ضغوطا لإتمام تنفيذ الاتفاق بالكامل وإلزام إسرائيل بالبروتوكول الإنساني واستئناف عملية التبادل، السبت.

 

مقالات مشابهة

  • أمل الحناوي: الجهود المصرية نجحت في تذليل العقبات التي تواجه اتفاق الهدنة بغزة
  • أمل الحناوي: جهود مصر وراء تذليل عقبات استكمال وقف إطلاق النار في غزة
  • «حماس»: نتوقع بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة الأسبوع المقبل
  • حماس: نتوقع بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة الأسبوع المقبل
  • حماس تكشف موعد ومكان مفاوضات المرحلة الثانية لاتفاق غزة
  • سلطات الاحتلال تترقب الإفراج عن ثلاثة محتجزين لدى حركة حماس
  • تقدم مفاوضات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • حماس للجزيرة: يجب بدء مفاوضات المرحلة الثانية ومماطلة الاحتلال مرفوضة
  • مسؤول: مفاوضات الوسطاء نجحت بضمان التزام الأطراف باتفاق غزة
  • حركة حماس تؤكد استمرارها في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بما في ذلك تبادل الأسرى