عربي21:
2024-09-30@16:20:08 GMT

ماذا يحدث في جامعة كولومبيا؟!

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

 على ضفة نهر هدسون الغربية فى حي منهاتن تقع واحدة من أقدم الجامعات الأمريكية وأعرقها، وهي جامعة كولومبيا التي تأسست عام ١٧٥٤. تعد جامعة كولمبيا ذات تاريخ عريق، وسمعة أكاديمية وبحثية متميزة. للجامعة تراث معماري، وبهاء يلفت نظر كل من زارها، ناهيك عن مكتبتها التاريخية النادرة. كل شيء فى كولومبيا يدل على العراقة، والرقي، والإبداع.

أما عن الأنشطة الطلابية، والفعاليات الثقافية، وحرية الرأي والتعبير فحدث ولا حرج. وما يجعل من حالة جامعة كولومبيا أمرا فريدا لنا نحن العرب، ولدراسات الشرق الأوسط وللقضية الفلسطينية، هو ذلك الزخم التاريخي في دعم ومناصرة القضايا العربية خاصة الفلسطينية على مدار عقود طويلة لدرجة أنها تعرف بين الدارسين بأنها جامعة بيرزيت (الفلسطينية) على نهر هدسون. لطالما شهد حرم الجامعة ومبانيها وقاعاتها أحداث التضامن وفعالياته. ومظاهر دعم أساتذة وطلاب جامعة كولومبيا وتضامنهم مع قضايا العرب وفلسطين معروفة لكل متابع.

جامعة كولومبيا هي جامعة إدوارد سعيد التي شهدت مولد كتاب الاستشراق وغيره من إسهامات سعيد الفلسفية والنقدية، وبها أحد أهم برامج دراسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، كما أنها تزخر بوجود عدد من الدارسين المرموقين في الدراسات العربية والإسلامية من أمثال رشيد الخالدي، وحميد دباشي، ووائل حلاق، وليلى أبو لغد، وجوزيف مسعد، وتوفيق بن عمر وغيرهم.
كذلك كانت سمعة الجامعة تسبقها في توفير منصات وفضاءات للنقاش والتوعية، وتعزيز فهم أعمق وأكثر حيادية لقضايا الشرق الأوسط، وفي الدفاع عن قضايا الحريات والحقوق، وذلك من خلال الفعاليات الأكاديمية والثقافية، والأنشطة الطلابية.

هكذا كانت جامعة كولمبيا حتى بداية أحداث غزة. لقد تغير الحال، وتبدلت السياسات الجامعية على نحو درامي وصادم خلال شهور قليلة في ظل حملات الإرهاب الفكري، و«محاكم التفتيش»، وموجة المكارثية الجديدة التي تشهدها الجامعات الأمريكية في ما يتعلق بمناصرة القضية الفلسطينية، والتنديد بالإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة.

ففي يوم الخميس الماضي، وللمرة الثانية في تاريخ الجامعة العريقة (كانت المرة الأولى عام ١٩٦٨)، تدخل الشرطة إلى حرم الجامعة، وتعتقل ما يزيد على المئة طالب وطالبة بعد أن استدعتها إدارة الجامعة لإخلاء مخيم صغير في حديقة الجامعة، للمتظاهرين تعبيرًا عن التضامن مع غزة، في مشهد مخزٍ يمكن مشاهدته على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. وذلك في أعقاب تعهّد رئيسة الجامعة نعمت شفيق (من أصل مصري) بعقاب الطلاب الذين يحتجون في حرم الجامعة بلا تصريح. وكانت إدارة الجامعة قد علّقت في وقت سابق نشاط عمل مجموعتين طلابيّتين هما: «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، و«الصوت اليهودي من أجل السلام»، بداعي القيام باعتصام دون تصريح.

كل إجراء وقح يقيد الحريات في الجامعات الغربية، لا بد أن يتناسب ويتوافق مع القانون، وهذه رذيلة من رذائل الحداثة الغربية، وقيم الدولة الحديثة في الثقافة الغربية. التهمة السخيفة التي استغلتها إدارة الجامعة والشرطة هي «التعدي على ممتلكات الغير!». يا لها من تهمة أمريكية الثقافة بامتياز، ففي الثقافة الأمريكية يمكن لأحدهم قتلك بالرصاص إذا وجدك في حديقة منزله، وشك في أسباب وجودك أو مصادفة وجودك.

وفي محاولة للتأكد من حدسي حيال تحيز منصات الذكاء الاصطناعي الراهنة، سألت تشات جى. بي. تي: ماذا يحدث في جامعة كولومبيا، وهل هناك اضطرابات واعتقالات للطلاب؟ وكانت الإجابة، لا يوجد لدي معلومات حول هذا الأمر، عليك أن تتواصل مع إدارة الجامعة للحصول على معلومات موثقة، فأضفت أن الصحف الأمريكية قد قامت بالفعل بتغطية الأحداث، فكانت الإجابة: تواصل مع الصحف للحصول على هذه المعلومات. هذا يحدث فقط في القضايا التي تخالف السائد والمقبول في العقل الغربي، وما دون ذلك فعادة ما تكون الإجابة متوقعة.

تحدثت هاتفيا إلى صديقي الذي يدرّس بجامعة كولومبيا لأكثر من ربع قرن، وطلبت منه استيضاح الصورة، وكيف تحولت الأوضاع في الجامعة العريقة على هذا النحو، فأجابني بالتعبير المصري، إنها «مسخرة» لم يشهدها طوال سنوات عمله في الجامعة، ولكن ما جعله مطمئنا هو ثقته بأعراف الجامعة التي ستنتصر لقضايا الحريات في نهاية المطاف، وقبل ذلك صمود الطلاب ووعيهم. وهو ما أكدته الطالبة مريم علوان أحد رموز الاحتجاجات لوسائل الإعلام بأن التهديد بالشرطة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعبئة.

 تتعرض الجامعات الأمريكية وإداراتها إلى حملات ترهيب من الكونغرس، والحكومة الفيدرالية بصورة غير مسبوقة، فقد تم استدعاء رؤساء جامعات هارفارد وبنسلفانيا وغيرها لجلسات استماع واستجواب من قبل لجان الكونغرس، تميزت بالوقاحة في توجيه الأسئلة والتهديد. وكانت نعمت شفيق آخر من وقف مع مجموعة من قادة جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي وفقا لصحيفة نيويورك تايمز أمام لجنة التعليم التي يقودها الجمهوريون في مجلس النواب. وربما كانت هذه الجلسة، قد أثرت على تحول موقف الدكتورة شفيق، واتخاذها مواقف عدائية ضد الطلاب واحتجاجاتهم. فقد ذكرت شفيق في شهادتها بأنها تشعر بالإحباط لأن سياسات الجامعة لم تكن على قدر الحدث، وتعهدت باتخاذ الجامعة مواقف أكثر صرامة. وكانت أولى الخطوات توجيه تحذير مكتوب للطلاب بضرورة فضّ المخيم، ثم استدعاء الشرطة. وهددت الجامعة باتخاذ إجراءات تأديبية في حق الطلاب تشمل الإيقاف والفصل.

أدرك أن حجم الضغوط على الدكتورة شفيق وإدارة الجامعة كبيرة، ولكن لا بد أن تدرك وإدارة الجامعة أن هذه ليست جامعة عادية، إنها كولومبيا ذات التاريخ والإرث العريق التي لا ينبغي أن تخنع أمام تهديدات لجان الكونغرس المُسيّسة. استدعاء الشرطة لن يؤدي إلى قمع الأصوات الحرة، بل إنه يُفقد الجامعة نزاهتها وسمعتها، وفي الوقت ذاته يثير حفيظة المزيد من الطلاب وغضبهم. إن الجامعات الأمريكية والغربية عموما تقف اليوم في معركة حرية الرأي والنزاهة على المحك. فإما أن تحترم قيمها الديمقراطية العتيدة، أو أن تتوقف عن ريائها، وتلقين شعوب العالم دروسا حول الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

(الشروق المصرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجامعات الطلابية الفلسطينية امريكا فلسطين طلاب جامعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

"عاشور" يشهد انطلاق العام الدراسي في جامعتي حلوان الحكومية والأهلية

شهد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، اليوم الأول من بدء الدراسة للعام الجامعي الجديد 2024/2025 في كلٍ من جامعة حلوان الحكومية وجامعة حلوان الأهلية، جاء ذلك بحضور الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان، وعدد من قيادات الوزارة والجامعتين، في إطار متابعة الوزير لانتظام العملية التعليمية في مختلف الجامعات المصرية.

خلال جولته التفقدية، أكد الدكتور أيمن عاشور على أهمية الاستعدادات التي قامت بها الجامعات لاستقبال الطلاب الجدد والقدامى على حد سواء، مشيرًا إلى أن العام الجامعي الجديد يمثل مرحلة هامة في تعزيز جودة التعليم الجامعي والبحث العلمي. كما أشار الوزير إلى الدور المحوري الذي تلعبه الجامعات في إعداد أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل من خلال تقديم تعليم يتماشى مع المتغيرات العالمية والاحتياجات المحلية.

من جانبه، أعرب الدكتور السيد قنديل عن سعادته بحضور وزير التعليم العالي في اليوم الأول من الدراسة، مؤكدًا أن جامعة حلوان الحكومية وجامعة حلوان الأهلية قد استعدتا بشكل كامل لاستقبال الطلاب، سواء من حيث التجهيزات الأكاديمية أو الخدمات الطلابية. وأشار إلى أن الجامعتين تركزان على توفير بيئة تعليمية متميزة تدعم الإبداع والابتكار، وتساعد الطلاب على تنمية مهاراتهم العلمية والعملية.

وقد تضمنت الجولة زيارة لبعض كليات الجامعتين، حيث تفقد الوزير قاعات التدريس والمعامل، وتحدث مع بعض الطلاب وأعضاء هيئة التدريس حول توقعاتهم للعام الجديد. وأكد الوزير في تصريحاته أن الوزارة حريصة على متابعة انتظام الدراسة وتوفير كافة الإمكانات اللازمة لضمان تجربة تعليمية ناجحة، مشددًا على أهمية استثمار الجامعات في تكنولوجيا التعليم وابتكار أساليب تدريس حديثة.

تجدر الإشارة إلى أن جامعة حلوان الأهلية، التي تأسست مؤخرًا، تمثل إضافة جديدة إلى منظومة التعليم الجامعي في مصر، حيث تسعى إلى تقديم برامج تعليمية متميزة تلبي احتياجات سوق العمل المحلي والدولي. كما تعمل الجامعة على تعزيز التعاون مع الجامعات العالمية لتطوير البحث العلمي وتحقيق التميز الأكاديمي.

في الختام، أكد الدكتور أيمن عاشور على التزام الوزارة بدعم الجامعات المصرية في تحقيق رؤيتها نحو تعليم متميز وبحث علمي متطور، معربًا عن تمنياته بعام جامعي ناجح ومثمر لكافة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

مقالات مشابهة

  • عربي21 تحاور الأكاديمي الفلسطيني كمالين شعث حول واقع التعليم الجامعي في غزة
  • المنشاوي يعلن عن خريطة الأنشطة والفعاليات التي تنظمها جامعة أسيوط
  • وزير التعليم العالي يتفقد جامعة حلوان الأهلية (صور)
  • رئيس جامعة بنها: مصاريف الجامعات الحكوميه أسعارها رمزية
  • وزير التعليم العالي من حلوان: ندعم جهود الجامعات لتطوير البرامج الدراسية
  • وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس جامعة حلوان
  • وزير التعليم العالي يجتمع بمجلس جامعة حلوان
  • وزير التعليم العالي يؤدي تحية العلم في جامعة حلوان
  • "عاشور" يشهد انطلاق العام الدراسي في جامعتي حلوان الحكومية والأهلية
  • وزير التعليم العالي: انطلاق العام الدراسي في 111 جامعة غدا (حوار)