تقرير: حسن اسحق
في الفترة الأخيرة وبعد اندلاع الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في ١٥ أبريل الماضي، بدأ المتابعون في توجيه انتقادات شديدة الي اللجنة الإفريقية لحقوق ورفاهية الطفل، بسبب تقاعسها الملحوظ في السودان، معربين عن قلقهم المستمر إزاء تأثير الصراع الحالي على الأطفال في السودان.


ويقول المنتقدون إن استجابة اللجنة لم تكن كافية، وأن اللجنة بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لحماية الأطفال في السودان، ويعتقد الكثيرون أن اللجنة، والجهات الفاعلة الدولية الأخرى فشلت في محاسبة مرتكبي الفظائع، كما تعرض الاتحاد الأفريقي لانتقادات بسبب استجابته البطيئة وعدم اتخاذ إجراءات لوقف الفظائع، بحيث إن هناك عدد مقلق من الأطفال الذين قُتلوا أو أُصيبوا أو شردوا بسبب أعمال العنف. اتُهمت اللجنة أيضا والمنظمات الدولية الأخرى بالفشل في معالجة هذه القضايا، واستخدام الجماعات المسلحة للأطفال، والعنف الجنسي واستغلال الفتيات، وتجنيد الأطفال في الجماعات المتطرفة، بحيث إن الحديث وحده لا يكفي لحل أزمة السودان، ويجب أن تكون كل التصريحات مدعومة بإجراءات ملموسة لحماية الأطفال من الأذى وإنهاء العنف.
وقد اتُهمت المنظمات غير الحكومية الدولية، بما في ذلك اللجنة بالتركيز على إصدار تصريحات وجمع الأموال أكثر من تركيزها على إجراء تحقيقات على الأرض في السودان، ويبقى السؤال حول ما إذا كان يمكن الوثوق بمنظمات مثل اللجنة الأفريقية لرعاية ورفاهية الأطفال لتحقيق العدالة لأطفال السودان.
لجنة الخبراء الافارقة في السودان
في مايو ٢٠٢١ سجلت أعضاء بعثة لجنة الخبراء الافارقة المعنية بميثاق حقوق ورفاهية الطفل الإفريقي زيارة لمتابعة أوضاع الاطفال في الولايات المتأثرة بالحروب، خاصة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والوقوف على ترتيبات تنفيذ بنود اتفاقية التسوية الودية الخاصة بانتهاكات حقوق الأطفال إبّان الحرب في الفترة من ٢٠١١ وحتي ٢٠١٨ والتي اشرفت عليها لجنة الخبراء.
التزامات الدول الإفريقية
الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل ، الذي بدأ العمل به في ٢٩ نوفمبر ١٩٩٩، جاء في الجزء الاول للحقوق والواجبات، الفصل الأول؛ حقوق ورفاهية الطفل المادة ١، التزامات الدول الأطراف، "تقر الدول الاعضاء أطراف هذا الميثاق بالحقوق والحريات والواجبات الواردة في الميثاق، وتتعهد باتخاذ التدابير اللازمة وفقا لدساتيرها وأحكام هذا الميثاق، والإجراءات التشريعية الأخرى اللازمة لتفعيل أحكام هذا الميثاق"
أضافة لذلك، أنه لا يتم تشجيع أي عرف أو تقليد أو عادة ثقافية أو دينية تتناقض مع الحقوق والواجبات، والالتزامات الواردة في هذا الميثاق، لكن في تناقض واضح، لا يؤثر هذا الميثاق على أي أحكام تكون أكثر تأثيرا لإدراك حقوق ورفاهية الطفل الواردة في قوانين دولة الطرف، أو في أي اتفاقية دولية أخري سارية المفعول في تلك الدولة.
إن المادة ١ من الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل، تُعرّف الطفل، "على أنه كل إنسان تحت سن الثامنة عشرة، بينما المادة ٣، تشير الي عدم التمييز، أي أنه يحقّ كلل طفل التمتع بالحقوق والحريات التي يقرها ويكفلها هذا الميثاق، بصرف النظر عن العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الآراء السياسية أو الاصل القومي والاجتماعي"
سحب تحفظات السودان بشأن الميثاق الإفريقي
وافقت حكومة السودان في أواخر عام ٢٠٢٠ على سحب التحفظات السابقة للخرطوم علي الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، وتحديدا المواد ١١ و ١٠ من الفقرة ٦ ، و٢١ من الميثاق، وجاءت موافقة مجلس الوزراء مع الذكري اليوم العالمي للطفل، بعد مذكرة دفع بها المجلس القومي لرعاية الطفولة، وتأكيد المجلس القومي لرعاية الطفولة على ضرورة رفع التحفظات لانتفاء مسوغاتها، بمصادقة السودان علي اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام ١٩٨٩، وتطور التشريعات الوطنية خلال الفترة الماضية، بما يجعل وجود هذه التحفظات بلا معنى، خصوصا في ظل باب الحقوق والحريات بالوثيقة الدستورية لعام ٢٠١٩، وتعديلها ٢٠٢٠، كإطار للفترة الانتقالية، وأوضحت مذكرة المجلس القومي لرعاية الطفولة، أن المواد المتحفظ عليها تتعلق بحقوق أساسية للأطفال، ومن الواجب حمايتها وتعزيزها، حيث يشكل الأطفال حوالي نصف سكان السودان، كما تنص المادة ١١ من الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته على حماية خصوصية الأطفال، والمادة ١٠ (٦) تتعلق بضمان حق الفتيات الحوامل في التعليم، بينما تحظر المادة ٢١ (٢) الزواج ما دون سن الثامنة عشرة وخطوبتهن.
دور الاتحاد الافريقي
دور الاتحاد الإفريقي وآلياته التي تعمل في ملف حقوق الطفل، تم إنشاء لجنة الخبراء الأفريقية لحقوق ورفاهية الطفل (The African Committee of Experts on the Rights and Welfare Child ) بموجب الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل، وهي تمكن اللجنة من النظر في البلاغات الفردية وإجراء التحقيقات القطرية. تم إنشاء اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (The African Commission on Human and People Rights) بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وينص الميثاق على أن جميع الدول الأطراف يجب أن تقبل قيام اللجنة بالإشراف والمراقبة على جميع الحقوق المنصوص عليها في الميثاق في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي البالغ عددها ٥٤ دولة أطراف في هذا الميثاق. تم إنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بموجب البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن إنشاء محكمة أفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، دخل البروتوكول حيز التنفيذ في عام ٢٠٠٦.
ما هو الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل؟
إن الميثاق الافريقي لحقوق الطفل ورفاهته، هو الوثيقة التي تُحدّد الحقوق التي ينبغي علي الدول الإفريقية ضمانها للأطفال داخل نطاق ولايتها، وهو وثيقة رئيسية لتعزيز حقوق الطفل في منظومة حقوق الإنسان الافريقية. وقد اعتمدته منظمة الوحدة الإفريقية، "الاتحاد الافريقي حاليا " في يوليو ١٩٩٠، ودخل حيز النفاذ في نوفمبر ١٩٩٩، كما يُعدّ الوثيقة الإقليمية الاولي بشأن حقوق الطفل.
يتكون الميثاق من ٤٨ مادة في قسمين؛ القسم الأول (٣١ مادة) عن حقوق الطفل وحرياته وواجباته، والجزء الثاني (١٨ مادة ) عن التزام الدولة باتخاذ التدابير التشريعية، وغيرها لضمان إعمال الميثاق، وأنشئ، جزئياً، لتكميل اتفاقية حقوق الطفل، وكذلك نظراً لقلة تمثيل البلدان الإفريقية في صياغة الاتفاقية، وشعور الكثيرين بالحاجة إلى اتفاقية أخرى لمخاطبة واقع الأطفال في إفريقيا.
لجنة الخبراء
تُقدّم اللجنة تقاريرها للجمعية العامة لرؤساء الدول، وللاتحاد الأفريقي كل عامين، وتنظر أيضا في شكاوي انتهاكات حقوق الطفل المرسلة لها التي تتلقاها بموجب المادة ٤ من الميثاق. إن لجنة خبراء حقوق الطفل ورفاهيته، تأسست في يوليو ٢٠٠١، لرصد أعمال الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاة الطفل، وتحدد طبيعة عملها المواد من ٣٢ ل٤٦ من الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاة الطفل، اضافة لذلك، تقدم اللجنة تقاريرها للجمعية العامة لرؤساء الدول والاتحاد الافريقي كل عامين، وتنظر ايضا في شكاوي انتهاكات حقوق الطفل المرسلة لها التي تتلقاها عن انتهاكات حقوق الطفل بموجب المادة ٤٤ من الميثاق.
صلاحيات اللجنة
ينبغي معرفة صلاحيات ووظائف اللجنة الإفريقية المعنية بحقوق الطفل ورفاهيته، التي تتمثل في تعزيز وحماية الحقوق الواردة في الميثاق الإفريقي، والوظائف الأساسية لذلك، وتُكرّس عملها علي جمع المعلومات، وتفسير أحكام الميثاق، ورصدها وتنفيذها، وإصدار التوصيات للحكومات للعمل مع منظمات حقوق الطفل، وكذلك النظر في مراسلات الأشخاص عن انتهاكات حقوق الطفل، والتحقق من التدابير التي تتخذها الدول لإعمال الميثاق من خلال تحديد المهام، وطلب معلومات من الدول، ومساءلتها بشأن المادة ٤٥ من الميثاق والتحقيقات التي تتم بمعرفة اللجنة، وكذلك تختار اللجنة موضوعات يوم الطفل الذي يتم الاحتفال به سنويا في١٦ يونيو، في ذكري الأطفال الذين قُتلوا في سويتو بجنوب افريقيا. على الرغم من أن اللجنة لا يمكنها رفع القضايا إلى المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، إلا أنها تستطيع أن تطلب راي المحكمة بشأن المسائل القانونية المتصلة بصكوك حقوق الإنسان.
بينما تجتمع لجنة الخبراء الإفريقية المعنية بحقوق ورفاة الطفل مرتين سنويا في دورات عادية تستغرق أسبوعين، في ما عقدت اللجنة دورتها الأولي في يوليو ٢٠٠١، ولرئيس اللجنة أن يعقد دورات غير عادية بناء علي طلب من اللجنة أو من دولة من الدول الأطراف في الميثاق، وغالبا ما تنعقد الجلسات في مقر الإتحاد بأديس أبابا "العاصمة الإثيوبية"، أو في دولة عضو أخري بناء علي طلب اللجنة. تتألف اللجنة من ١١ خبير، يخدمون بصفتهم الشخصية، وينتخبهم المجلس التنفيذي لمدة خمس سنوات، وتُعيّنهم الجمعية العامة لرؤساء الدول الإفريقية، وبعكس اللجنة الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب، يمكن اعادة انتخاب اعضاء لجنة الخبراء.
الحماية في أوقات نشوب النزاعات
يري الناشط الحقوقي والمدافع عن حقوق الإنسان بلال علي، بأن الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل له مميزات كثيرة؛ أبرزها أنه يعطي الحقوق الكاملة للطفل الإفريقي ويُوفّر له الحماية القانونية، والحق في السلامة، والتأمين، والتعليم، والسكن، والحياة الكريمة، والحماية من كل أشكال الانتهاكات حتي في أوقات نشوب الصراع، وعلي الحقوقيين والناشطين في القارة الافريقية، العمل على الجدية والمثابرة على الحفاظ علي هذه المكتسبات، ويطالب اللجنة الإفريقية لحقوق ورفاهة الطفل أن تركز عملها في الوقت الحالي على أطفال السودان الذين يعيشون في أوضاع إنسانية من تجنيد وتشريد ولجوء إلى دور الجوار.
يقول بلال ل (سوداني بوست)، "يجب أن تضغط الأجسام المدنية في كل أقاليم السودان، وخاصة التي تشهد حروب أهلية مثل؛ دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وعلى حركات الكفاح المسلح، أن تعطي الأولوية لحقوق الأطفال، باعتبارهم المستقبل للسودان. من الواضح أنه ليس هناك اشكالية أن يتم التعاون مع السلطات المركزية والجهات الإقليمية والدولية الأخري، من أجل الحفاظ وحماية حقوق الأطفال في السودان، خاصة بعد انتهاء حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣، مشيدا بدور الحكومة السودانية في هذا المجال.
أ طفال معسكرات اللجوء
بينما تقول سعدية يعقوب في إحدى معسكرات اللجوء في دولة تشاد، ل(سوداني بوست )، إن الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل في المادة ٥، أن يكون لكل طفل حق أصيل في الحياة، ويحمي القانون هذا الحق، وتكفل الدول الأطراف هذا الميثاق إلى أقصي حدّ ممكن، بقاء وحماية وتنمية الطفل، ولا يصدر حكم بالإعدام في الجرائم التي يرتكبها الأطفال، قائلا، "إن أطفال السودان في معسكرات اللجوء يحتاجون إلى أبسط المساعدات الإنسانية من طعام ، وشراب، وعلاج، وملجئ، في ظل حرب أدت الي نزوح الآلاف من ولاية غرب دارفور.
وتناشدت سعدية، المجتمع الدولي والإقليمي بتطبيق كل هذه القوانين وتنفيذها علي أرض الواقع، مضيفة أنه من العار ان ينتظر الآلاف من الأطفال السودانيين الغذاء والعلاج لشهور، كما إن القوانين الدولية والإقليمية تُلزم الفاعلين بمخاطبة هذه القضايا الإنسانية الملحة لهؤلاء الأطفال، الذين لا ذنب لهم في الحرب التي بدأت في ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وعلى اللجنة الإفريقية لحقوق ورفاهية الطفل، أن تزور الأطفال اللاجئين في دول الجوار، لمعرفة ما يحتاجون إليه، وعليها أيضا الجلوس مع الحكومة السودانية والتعاون معها في هذا قضايا الاطفال السودانيين، ويجب أن لا تكون القضية فقط في جمع الأموال وحدها علي حساب الاطفال مثلما تقوم به المنظمات الدولية في الوقت، على حد تعبيرها.
بطء قرارات الاتحاد الإفريقي
في ذات السياق، يري الباحث الاجتماعي محمد نور، إن استجابة اللجنة الإفريقية لحقوق ورفاهية الطفل للأوضاع في السودان لم تكن كافية، ويقول محمد لــ (سوداني بوست) إن اللجنة بحاجة إلى أن تقوم بمجهودات أكبر لحماية الأطفال في السودان، في وقت أصبحت أعداد أرقام الانتهاكات مقلقة، حيث البعض منهم قُتل، وأُصيبوا أو شُرّدوا، بسبب اعمال العنف. يتفق نور مع البعض على أن اللجنة والجهات الدولية الفاعلة فشلت في محاسبة مرتكبي الجرائم، وتساءل في ذات الوقت دور الاتحاد الإفريقي فيما يجري في السودان، ووصف استجابته بــ" البطيئة" لاتخاذ اجراءات ناجحة لوقف الفظائع. كما اتهم محمد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالفشل في معالجة مثل هذه القضايا، خاصة فيما يتعلق باستخدام الجماعات المسلحة للأطفال، والعنف الجنسي، واستغلال الفتيات، وكذلك تجنيد الأطفال في الجماعات المتطرفة.
في شهر مايو ٢٠٢١ إلتقي وفد لجنة الخبراء الأفارقة المعنية بميثاق حقوق ورفاهية الطفل الإفريقي بوزير التنمية الاجتماعية أحمد أدم بخيت، وبحث اللقاء كما جاء علي موقع " سونا للأنباء " وقد أكد الوزير في تلك الفترة، التزام حكومة الفترة الانتقالية بالتسوية الودية التي وقعتها حكومة السودان مع ممثلي ضحايا الانتهاكات، وجدد دعوة السودان لأن يكون مقرا للجنة الخبراء الأفارقة، واستمرار دعم الوزارة للجنة الخبراء والمجلس القومي لرعاية الطفولة.
من جهته، طالب روبرت نانيما، المقرّر الخاص للجنة الخبراء الأفارقة في النزاعات المسلحة ، حكومة السودان إلى تقديم الدعم والمساعدة لإنجاح مهام اللجنة، مثمنا التزام السودان تجاه ترقية وحماية حقوق الأطفال، وأعرب نانيما، عن سعادته في نقل وتوثيق التسوية التي تمت مع حكومة السودان للدول الإفريقية كنموذج يحتذي به.
كما التقى الوفد وقتها، والي ولاية جنوب كردفان، حامد البشير بالعاصمة السودانية "الخرطوم"، وأكد حامد اهتمام حكومته بحقوق الطفل، مشيرا إلى تحسين البنية التحتية في الصحة والتعليم، ودور القطاع الخاص في تنمية الولاية، ودور البرامج الاعلامية في توعية وتنمية المجتمعات من خلال خدمة راديو المجتمع، الذي وجد إقبالا ومتابعة من قبل المجتمعات المحلية.
ختاما
في بيان صحفي لليوم العالمي للطفل في ١٦ يونيو ٢٠٢١، جاء في البيان بعد ثلاثين عام من اعتماد الميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل (ACERWC)، فإن السودان يقف على مفترق طرق حاسم نحو القدرة على حماية واحترام حقوق الطفل وتحقيق ذلك على أتمّ وجه، بينما يحتفل العالم بيوم ١٦ يونيو والذي يصادف اليوم العالمي للطفل الأفريقي، بالانتصارات الأخيرة التي تمّ تحقيقها بالنسبة لحقوق الطفل في السودان، دعت منظمة اليونيسف إلى بذل المزيد من الجهود لجعل هذه التغييرات المهمة ترى النور وتُنفّذ. وقامت الحكومة السودانية الانتقالية في عام ٢٠٢٠ بخطوة إزالة ثلاثة تحفظات كانت في الميثاق تتعلق بخصوصية الأطفال، وزواج الأطفال، واستمرار الفتيات الحوامل في التعليم، حينها قامت الحكومة الانتقالية السودانية بتمرير المادة ١٤١ في القانون الجنائي السوداني التي تُجرّم ممارسة تشويه وبتر الاعضاء التناسلية الانثوية من خلال "ختان الاناث".

ishaghassan13@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لحقوق الإنسان والشعوب الأطفال فی السودان حکومة السودان الدول الأطراف لجنة الخبراء حقوق الأطفال هذا المیثاق الواردة فی فی المیثاق من المیثاق أن اللجنة التی ت فی هذا

إقرأ أيضاً:

الحرب.. أزمة التعليم ترسم ملامح تقسيم السودان

 

*إعداد: منصور الصويم: مشاعر دراج: محمد حلفاوي

اطفأت الحرب بهجة “مروان” 6 أعوام الذي كان يستعد للذهاب إلى المدرسة اعتبارًا من نهاية العام 2023 ضمن تلاميذ الصف الأول بمدرسة خاصة تقع جنوب العاصمة السودانية وبدلًا عن ذلك وجد نفسه نازحاً في مدينة دنقلا شمال السودان داخل مركز إيواء اعتقد للوهلة الأولى أنه سيدرس في هذا المكان.

مع إصرار الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان شرق البلاد عاصمة مؤقتة على فتح المدارس في الولايات الآمنة فإن ملايين الأطفال في المناطق الساخنة لم يعثروا على حل بشأن مصيرهم ما يعني فعلياً انقسام السودان ما بين مناطق يتوفر فيها التعليم وأخرى لم تنجو من القذائف الصاروخية.

في إقليم كردفان الواقع غربي البلاد فر 2.5 مليون طفل مع عائلاتهم إلى خارج الإقليم بعضهم لجأ إلى دول الجوار وتشكل هذه الإحصائية الصادرة من المجلس القومي للطفولة أكبر حالة نزوح للأطفال على مستوى دول الإقليم.

يركض بعيداً

يركض الطفل مروان في فناء مركز الإيواء بمدينة دنقلا الواقعة على بعد 600 كيلومتر شمالي العاصمة السودانية وقت الظهيرة مع درجات حرارة مرتفعة في مثل هذه الأوقات، لا يعبأ لمصيره عما إذا كان سيبقى هنا طويلًا بلا تعليم أم يحالفه الحظ وتتوقف الحرب، بينما تقول والدته مريم 35 عاماً لـ(تصريح خاص) إن طفلها سألها في أول يوم وصل فيه إلى مخيم الإيواء هرباً من جحيم الحرب في العاصمة السودانية إن كانت هذه هي المدرسة التي سيرتادها هذا العام جاء الرد من خلال دموعها التي كفته عناء البحث عن أجوبة.

تُقدر منظمة الطفولة التابعة إلى الأمم المتحدة “اليونيسيف” عدد الأطفال الذين ظلوا بلا مدارس خلال الحرب في السودان بـ 18 مليون طفل ومع دخول القتال العام الأول قد تقفز الإحصائية من 19 إلى 21 مليون طفل نتيجة وصول بعض الأعمار إلى سن الدراسة طبقاً للباحث في مجال التعليم أحمد المأمون.

يتوارى الأمل

لا ترى صفية محمد حسن وهي مديرة مدرسة حكومية في العاصمة السودانية “أملًا قادمًا في الطريق” لينقذ أطفال السودان من أزمة التعليم وتحدثت هذه السيدة التي لديها 25 عاماً من الخبرة في التعليم عن ما أسمتها “الأسباب الجوهرية” التي تعطل المدارس إما بنزوح الأطفال ومغادرة البعض إلى خارج البلاد واللجوء إلى دول الجوار وعدم القدرة على ارتياد المدارس هناك، والسبب الثاني البطون الخاوية التي أصابت غالبية النازحين داخليًا. بالتالي تبقى فكرة إرسال طفل إلى مدرسة تحولت إلى رفاهية. 

وتُرجح حسن مع ارتفاع لغة الحرب واستغراق المجتمعات في الفوضى والفقر انخراط جزء كبير من الأطفال في الأعمار التي تتراوح بين 12 إلى 18 عاما في القتال إما إلى جانب الجيش أو الدعم السريع أو الجماعات المسلحة رغبة في جلب المال لعائلاتهم أو اختبار تحد جديد في حياتهم كونهم لا يعرفون خطورة الحرب والتجنيد.

وتعزو صفية محمد حسن أزمة التعليم في السودان إلى مشكلات هيكلية كان رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك وحكومته التي أطاح بها العسكريون في 25 أكتوبر 2021 ابتدروا خططًا ناجعة لإزالتها من خلال التدرج في مجانية التعليم وتفكيك الإدارات التابعة للدولة العميقة التي تشجع القطاع الخاص للهيمنة على التعليم وحرمان ملايين الأطفال الفقراء من الذهاب إلى المدارس.

حُلم فوق وسادة بلاستيكية

وسادة مصنوعة من البلاستيك يضعها علي حسن (60 عاماً) على أرضية مركز إيواء بمدينة بورتسودان شرق البلاد يجلس عليها أحياناً وينام عليها في أحيان أخر، ويعرب عن أمنيته بالعودة إلى منزله.

يقول حسن لـ(تصريح خاص) : “أطفالنا لا يذهبون إلى المدرسة هنا في بورتسودان”، هذه المدينة الساحلية التي استقبلت مئات الآلاف من النازحين من الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور.

في فناء المدرسة التي تحولت إلى مخيم إيواء لمئات الفارين من الحرب يصدر الأطفال ضجيجاً أثناء اللعب. درجات الحرارة تتجاوز الـ 40 مئوية لأن الصيف هنا شديد الحر، وأصوات المولدات الكهربائية الصادرة من المباني المجاورة تختلط مع صيحات الأطفال.

يضيف علي حسن: “نحن نبحث عن الأمان ونريد العودة إلى منزلنا شمال الخرطوم بحري هناك مدرسة حكومية يرتادها أطفالي. هذا سيحدث عندما تتوقف الحرب.. في الوقت الحالي إذا أردت فعل ذلك يجب أن أحصل على وظيفة وعلى مال لسداد إيجار المنزل حتى أرسلهم إلى المدرسة وهذا مستحيل نحن لا نتلقى دعماً من أي جهة إنسانية أو حكومية”.

لا حل يلوح في الأفق

ويعتقد المسؤول السابق بمجلس الثقافة في ولاية شمال دارفور التي تشهد قتالاً ضارياً بين القوات المسلحة والدعم السريع، مالك دهب، إن السودان لا يمكنه المضي قدما في التعليم قبل وقف الحرب.

وأضاف دهب في (تصريح خاص): “ربما تنشأ مبادرات هنا وهناك لكن يجب أن يكون التعليم شاملا لجميع الأطفال. عدد المحرومين 18 مليون طفل يجب أن يعودوا إلى المدارس وهم على يقين أنهم تركوا الحرب وراءهم”.

سباق تسلح بين أطراف الحرب في السودان وتراجع الأمل بشأن ذهاب الأطفال إلى الدراسة أزمتان قد تشكلان مأساة هذا البلد الغارق في حرب قد تستمر طويلاً ومع ذلك فإن الحلول والمبادرات بشأن انتشال التعليم من أزمته لا تزال مبعثرة.

أسوأ أزمة تعليمية

تؤكد ممثلة منظمة الطفولة بالأمم المتحدة “اليونيسف” في السودان، مانديب أوبراين، وجود 18 مليون طفل في السودان بلا تعليم بسبب الحرب وقالت إن السودان يواجه أسوأ أزمة تعليمية على مستوى العالم.

وترى أوبراين في (تصريح خاص) أن هناك 7 ملايين طفل كانوا خارج التعليم قبل الحرب أي واحد من كل ثلاثة أطفال لم يذهب إلى المدرسة في حياته قط.

وأردفت: “المدارس متوقفة في السودان بسبب النزاع المسلح. بعض الولايات عادت تدريجياً في الشمالية والبحر الأحمر والنيل الأزرق وسنار لكن الغالبية العظمى من الأطفال لم يتمكنوا من استئناف التعليم”.

وتكشف أوبراين عن تحول 14% من المدارس في السودان إلى مراكز إيواء للنازحين الفارين من الحرب وتعمل اليونسيف مع أصحاب المصلحة على دعم الأطفال حتى يجدوا أنفسهم على مقاعد الدراسة وتشجيع المجتمع على تعبئة الأفراد للانخراط في مواضيع التعليم.

وتابعت ممثلة اليونيسف في السودان: “التعليم يساعد الأطفال على الشعور بالأمان ويحول بينهم وبين الممارسات الضارة ويحمي الصبيان المراهقين من الانخراط في التجنيد ويقلل من عمالة الأطفال أيضاً”.

ودعت أوبراين إلى فتح المدارس في جميع أنحاء البلاد سيما في الولايات الآمنة. مشيرة إلى أن المنظمة الأممية لديها تدخلات وانشأت ألف مساحة تعليمية آمنة وتمكنت من الوصول إلى 941 ألف طفلاً.

وفيما يتعلق بالأطفال في المناطق التي تنشط فيها النزاع قالت أوبراين إن اليونيسف تدعم منصة رقمية مصممة لتلبية احتياجات الأطفال المتأثرين بالنزاع وهي مجانية ويمكن الوصول عبرها إلى المناهج السودانية.

وزادت بالقول: “المنصة لا تتطلب كفاءة في خدمة الإنترنت يمكن الذهاب كل شهرين للحصول على التحديثات والعودة إلى المنزل أو مقر السكن لدراسة المواد التي حصلت عليها”.

نقطة سوداء مع أمل

ويقول نائب منسق مشروع الشعب المعلم بمدينة شندي سعيد حجازي إن توقف المدارس ضاعف من مشكلات التعليم، إذ تضرر طلاب الصف الثالث في المرحلة الثانوية نفسيا بتراكم دفعتين تنتظران الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية.

وأضاف: “اتجه جزء كبير من طلاب الدفعتين في الصف الثالث المرحلة الثانوية إلى سوق العمل أو الزواج المبكر بالنسبة للفتيات وتضرر طلاب الصف السادس في مرحلة الأساس وطلاب المرحلة المتوسطة بانعدام الكتاب المدرسي”.

ويعكس سعيد في (تصريح خاص) تحديات أخرى تواجه الأطفال الذين لجأوا إلى دول الجوار مع عائلات وذهبوا إلى المدارس، إذ تعرضوا إلى التنمر في الفصول الدراسية ويواجهون مشكلة تعلم لغات جديدة”.

في مدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق نفذ مشروع “الشعب المعلم” حسب المنسق رمزي آدم وجرى افتتاح مركز تعليم في حي الصفا ارتاده (120) طفلاً قدموا من الخرطوم ومدن أخرى.

ويقول آدم في (تصريح خاص) إن المشروع افتتح مركزاً جديداً بحي الهجرة غرب مدينة الدمازين يرتاده 160 طفلاً من عمر 10 إلى 16 عاماً ومركز ثالث في “الشهيد أفندي” يرتاده 100 مشارك من الأطفال تم افتتاحه في أبريل الماضي.

مُدمران.. الإنتاج والتعليم

ويقول الأمين العام للمجلس القومي للطفولة “هيئة حكومية” عبد القادر عبد الله أبو إن عدد الأطفال في السودان 24 مليون طفل يشكلون 40% من نسبة السكان عانى منهم (18) مليون طفل بلا تعليم.

ويوضح أبو لـ(تصريح خاص) أن الصراع المسلح في السودان أجبر ثلاثة ملايين طفل في سن الدراسة للنزوح من إقليم دارفور بعضهم وصل إلى تشاد وجنوب السودان بينما شهدت ولاية الخرطوم نزوح 2.5 مليون طفل فيما نزح من إقليم كردفان 1.2 مليون إلى خارج المنطقة تاركين مقاعد الدراسة بسبب الحرب التي دمرت حتى وسائل الإنتاج التي تعين على العملية التعليمية.

بينما تنفي قوات الدعم السريع صحة هذه الراويات الحكومية وتقول إنها ملتزمة بالمعاهدات الدولية وافتتحت عددا من المدارس في منطقة جنوب الحزام في مايو بالعاصمة السودانية ومنطقة أركويت شرق الخرطوم ومولت توفير المعينات المدرسية وشجعت الأطفال على الذهاب إلى المدارس.

تقاعس دولي

بالمقابل يدفع محمد مأمون الباحث في منظمة معنية بالتعليم بمقترحات راديكالية عن أزمة التعليم خلال الحرب، ويرى أن الجوع بسبب الصراع المسلح في السودان يُقلل من رغبة المجتمعات لدفع الأطفال إلى المدارس وتفضل إرسالهم إلى سوق العمل.

وأضاف: “الطفل يخرج من منزله إلى المدرسة ويجب ألا تكون بطنه فارغة من الطعام.. المجتمع الذي يكون في حالة نزوح ولجوء لا يشعر بالأمان بالتالي يصبح التعليم أمراً ثانوياً”، مضيفًا أن: “قرار فتح المدارس في بعض الولايات ذات أبعاد سياسية حتى تقول الحكومة المحلية للناس أن الوضع طبيعي وكل شيء على ما يرام والعكس يحدث هناك الناس يموتون بالجوع”.

ويقول مأمون إن التعليم في السودان يحتاج إلى دعم دولي كبير يرتبط مع دعم العمل الإنساني بـ”إسكات البطون الجائعة” أولاً ثم فتح مدارس في المدن والقرى التي نزح إليها السودانيون عن طريق منظمة اليونسيف التي يجب أن تقدم “دعماً سخياً” للتعليم في كافة أنحاء البلاد وإبرام اتفاق مدعوم دولياً بين الجيش والدعم السريع والأمم المتحدة ينص على ضمان سير العام الدراسي دون عراقيل وعدم اتخاذ التعليم كسلاح خلال الحرب.

وزاد قائلًا: “الفاعلون الدوليون في الشأن السوداني بما في ذلك اليونسيف لا يتخذون إجراءات كافية لإنقاذ ملايين الأطفال من المستقبل الغامض والمجهول وبشكل أو بآخر بقاء الأطفال بلا تعليم يقدم خدمة مباشرة لاستمرار الحرب”.

وحسب إحصائيات أصدرتها اليونسيف فإن حوالي عشرة آلاف مدرسة في العاصمة السودانية توقفت منذ الشهر الأول من القتال بين الجيش والدعم السريع وتعرضت بعضها الى الاستهداف والقصف والنهب.

السير في الظلام

لم يكن السودان بمعزل عن تفشي ظاهرة عمالة الأطفال والانخراط في التجنيد العسكري للمراهقين قبيل الحرب لكن مع تجدد القتال على نطاق واسع بما في ذلك العاصمة السودانية التي وجدت نفسها في خضم معارك عسكرية قد تُحيل هذه المأساة مئات الآلاف من الأطفال إلى سوق العمل والقتال وحتى اكتساب عادات ضارة.

وترى المرشدة النفسية إيناس الهادي الأمين أن الأطفال أثناء النزاعات المسلحة في البلدان يشعرون بالفراغ الطويل الذي لا نهاية له ولا توجد خطط مثلًا من الفترة الصباحية حتى الثالثة عصرًا وهو موعد البقاء في الصف المدرسي يوميًا ويعلم الطفل خطته اليومية.

وتضيف: “الفراغ العريض يولد سلوكيات سيئة لدى الأطفال مثل السلوك العدواني أو محاكاة أدوات الحرب أو العراك بالتالي الميول نحو العنف والانتقال إلى مرحلة اضطراب الشخصية من خلال الاعتياد على وسائل العنف بشكل يومي”.

وتُحذر إيناس الهادي الأمين من زيادة نسبة التدخين وسط الأطفال بسبب تطاول أمد الحرب والفقر والحرمان وتوقف الدراسة بل الشعور بتركها نهائياً خاصة المراهقين.

وتابعت: “بعض الأطفال يتولد داخلهم شعور المسؤولية فيذهبون إلى الأسواق للعمل أو يتجولون بالعربات اليدوية التي تجرها الدواب لجمع المواد البلاستيكية من أكوام النفايات في المدن الكبيرة أو التفكير للتحول إلى محارب والذهاب إلى معسكرات التجنيد، خاصة بعض الأطفال الذين يتمتعون بالبنية الجسدية رغم صغر سنهم، وفي بعض الأحيان يود أحدهم التباهي وسط أقرانه بأنه شارك في الحرب كسلوك تعويضي جراء التهميش الاجتماعي بسبب الفقر والنزوح”.

وتنصح المرشدة النفسية إيناس الهادئ الأمين ببعض البدائل لإنقاذ الأطفال من عزلة التعليم بالتدريس المنزلي بواسطة أفراد العائلة أو الدراسة الإلكترونية في المناطق التي تتوفر بها خدمات الإنترنت والكهرباء خاصة مدن عطبرة وبورتسودان وكسلا والقضارف ودنقلا وبربر ووادي حلفا وسنار.

الحلول الحكومية

انطلق العام الدراسي في بعض الولايات خاصة الشمالية والبحر الأحمر ونهر النيل في بداية مايو 2024 بينما تعتزم ولايات القضارف وكسلا وسنار والنيل بداية العام الدراسي نهاية الشهر ذاته.

في ولاية البحر الأحمر التي تضم مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية للحكومة تمكنت وزارة التربية والتعليم الولائية من تشغيل عدد من المدارس وانتظم 136 ألف طالب/ت فيها بلغت عدد المدارس الأساسية 618 مدرسة و73 مدرسة ثانوية حسب وزير التعليم بالولاية هاشم علي عيسى.

يقول عيسى لـ(تصريح خاص) إن 12 ألف طالب من مجتمعات النازحين يرتادون مدارس الولاية وتوجد 138 مدرسة للمرحلة المتوسطة التجربة التي أُعيدت مرة أخرى العامين الأخيرين.

وتابع: “تم الإبقاء على 60 مدرسة بالولاية ضمن مراكز الإيواء وتم توزيع الطلاب إلى المدارس القريبة حسب موقع السكن”.

وتعمل المدارس في البحر الأحمر خاصة بورتسودان من الأحد إلى الخميس طوال الأسبوع بينما تعمل المدارس المدمجة بنظام التناوب أي ثلاثة أيام أسبوعياً مع إلغاء عطلة السبت.

ويؤكد وزير التربية والتعليم بولاية البحر الأحمر علي هاشم عيسى وجود تحديات تواجه العام الدراسي الجديد بنقص الكتاب المدرسي ومقاعد الإجلاس وقال إن وزارة التربية والتعليم بالولاية تعتزم سد النقص في المقاعد بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية.

وأضاف: “نواجه مشكلة تكدس الطلاب في القاعة الدراسية ونقص المعلمين خاصة في المرحلة المتوسطة”.

منع توسع الحرب

مع تطاول أمد الحرب ووصولها إلى الشهر الـ 14 ونزوح أكثر من تسعة ملايين مواطن ووصول مليون شخص إلى حافة المجاعة يقول المتطوعون إن المطلوب خلق توازن بين سد الجوع والتعليم.

ويقول مسؤول بوزارة التربية والتعليم السودانية مشترطاً عدم نشر اسمه في تصريحات لـ(تصريح خاص) إن عدد المعلمين بولاية الخرطوم قبل الحرب 60 ألف معلم لم يحصلوا على الأجور بشكل جماعي، 30% منهم غادر البلاد بسبب الصراع المسلح وتوقف التعليم في جميع أنحاء البلاد منذ منتصف أبريل 2023.

ويقول إن التحديات كبيرة إذا تمت إضافة عدد المعلمين بالولايات الـ 17 فإن عدد المعلمين الذين غادروا البلاد قد يصل إلى 40% ما يعني أن عدد المعلمين في السودان حوالي 180 ألف معلم.

ويرى المسؤول الحكومي أن التعليم في ظل استمرار الحرب يحتاج إلى تمويل ضخم لإعادة تأهيل المدارس في الولايات الخاضعة تحت سيطرة الجيش لأن المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع لا توجد بها حياة من الأساس ناهيك عن التعليم.

وزاد بالقول: “التمويل الحكومي وتقديم ضمانات بعدم اتساع رقعة الحرب أهم عنصرين لاستئناف الدراسة في الولايات الآمنة نسبياً.

ويقول المسؤول إن التمويل المقدر لاستئناف التعليم وتأهيل المدارس إلى جانب إجراء معالجات مالية للمجتمعات يكلف نحو مليار دولار في عام واحد فقط.

مقدمة لانقسام البلاد

يشدد المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين “تجمع نقابي” سامي الباقر في (تصريح خاص) على أهمية تطبيق العدالة والشمولية في مشروع إحياء التعليم في السودان خلال الحرب وبعدها.

ويحذر الباقر من أن الإجراءات الحكومية لفتح المدارس تقود إلى انقسام السودان لأن الأطفال في مناطق النزاع مصيرهم غير معروف. وقال مشكلة التعليم في السودان يجب أن تحل عبر توفير أجور المعلمين وتخصيص مواقع آمنة للنازحين وتلبية الاحتياجات اليومية بالنسبة للملايين الذين فروا من المناطق الساخنة.

ويقول الباقر إن المبدأ الأول هو العدالة والشمولية والمبدأ الثاني يجب أن يكون التعليم وسيلة لكبح الحرب والحد منها وإبعادها عن المناطق المأهولة بالمدنيين.

ويرى الباقر أن طريقة تفكير الحكومة القائمة لا تأخذ في الاعتبار هذه المطلوبات وحولت الدولة قرار فتح المدارس إلى عملية تصالح مع الحرب.

حرب مستعرة منذ 15 شهرا في السودان ومدارس قُرعت أجراسها منتصف أبريل 2023 وسكتت قسراً منذ ذلك القوت واضعة 18 مليون طفل سوداني على حافة الحرمان من التعليم ولا شيء يلوح في الأفق في نظر العائلات التي تجد نفسها بين البحث عن مساكن والغذاء وإعادة أطفالها إلى المدارس.

*التقرير الحائز على جائزة مؤسسة “طومسون فاونديشن” في صحافة النزاع للعام 2024.

الوسومالتعليم والحرب الحرب في السودان السودان العملية التعليمية

مقالات مشابهة

  • الحرب.. أزمة التعليم ترسم ملامح تقسيم السودان
  • تجربة اجتماعية لإدارة سلامة الطفل تظهر استجابة 97.3% من الأطفال لاستدراج الغرباء
  • أول برنامج إلكتروني يخفض حدة سلوكيات التحدي لأطفال التوحد برسالة ماجستير بالمنصورة
  • للأمهات.. طرق التعامل المثلي مع كوابيس الأطفال ونوبات الهلع
  • نائب أمير الشرقية يدشن مركز شمل بالدمام لتعزيز حقوق الطفل
  • اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان تستضيف جلسة حوارية حول تعزيز مشاركة المرأة في السياسة العامة
  • خبراء يحددون عمر الطفل المناسب لامتلاك هاتف ذكي
  • إطلاق الحفل السنوي الأول لأطفال مرضى أورام المنيا | صور
  • العربي للمعونة الفنية يشارك في تنفيذ دورة تدريبية بكيجالي في مجال الري
  • تعليق مرصد الأزهر على طلب الصومال من بعثة حفظ السلام الإفريقية بإبطاء انسحابها من البلاد