سودانايل:
2024-12-25@14:02:09 GMT

الأمارات وفرنسا وتسابق المصالح في السودان

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
في كلمة الرئيس الفرنسي ايمانوييل ماكرون في الجلسة الختامية للمؤتمر الإنساني الدولي للسودان و الذي عقد في باريس قال ماكرون ( يجب وقف الدعم و التمويل الإقليمي للأطراف المتحاربة) و هي الإشارة التي جعلت محمد بن زايد رئيس الأمارات يبادر بسرعة بالاتصال بالرئيس الفرنسي حيث تناول الحديث بينهما مخرجات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان الذي استضافته باريس، والذي يهدف إلى تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لدفع مساعي السلام الخاصة بالسودان.

و قد أكدا في الاتصال على أهمية العودة إلى المسار السياسي والوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، وإنهاء الأزمة..
هل كانت القيادة الفرنسية على دراية أنها سوف تخسر الساحل الأفريقي الذي كانت تتحكم فيه و تستغل ثرواته و بالتالي عليها البحث عن البدائل. حيث بدأت فرنسا التواصل مع المعارضة السودانية قبل سقوط نظام الإنقاذ، و كانت قد استضافت العديد من اجتماعات تحالف نداء السودان الذي كان يترأسه الإمام الراحل الصادق المهدي.. و حتى ألمانيا استضافت اجتماعات لنداء السودان.. هذا غير الورش التي صرفت على إقامتها كل من فرنسا و الاتحاد الأوروبي و شاركت فيها اعداد من الناشطين السودانيين في كمبالا و نيروبي، كان الهدف من اقامت الورش إعداد و تدريب قيادات سياسية جديدة ترتبط بالغرب أكثر، لكي تراعي المصالح الأوروبية في السودان مستقبلا.. و أيضا بدأت الأمارات الاتصال بقيادات سياسية من الناشطين السودانيين عند بداية ثورة ديسمبر 2018م و قبل سقوط النظام و بعده، و كان قد أشار إليها سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب في الندوة التي كان قد أقامها الحزب الشيوعي في ميدان المدرسة الأهلية بأمدرمان. و أيضا كانت الأمارات وراء اللقاء الذي تم بين عبد الله حمدوك و محمد إباهيم مو و صلاح مناع و صلاح قوش في أديس ابابا قبل سقوط النظام، و هو الاجتماع الذي بعده بدأ التخطيط لكي يصبح حمدوك رئيسا للوزراء.. و إذا سألت القيادات في كل تحالف قوى الحرية و التغيير من الجهة التي رشحت حمدوك لرئاسة الوزراء يقولون القوى المدنية فقط ، دون ذكر أي شخص في هذه القوى المدنية.. رغم أن حمدوك قد تم ترشيحه من قبل عدد من ما يسمى رجال الأعمال السودانيين.. و هؤلاء مجموعة معرفة بأسم الراعين للمصالح الأمارتية في السودان..
عندما قال ماكرون في كلمته في اجتماع باريس ( يجب وقف الدعم و التمويل الإقليمي للأطراف المتحاربة) هل كانت الأمارت لا تعلم أن فرنسا مراقبة لكل الدعم الذي تقدمه للميليشيا و الذي يأتي عبر الأراضي التشادية؟. أن تشاد دولة مستقلة صحيح لكنها تقع تحت سيطرة النفوذ الفرنسي. و فرنسا لها قوات متواجدة في تشاد و أكبر مركز مخابرات لها في المنطقة بعد ما خسرت نفوذها في كل من " بوركينا فاسو – مالي – النيجر – و أخيرا السنغال" و بالتالي تبحث فرنسا عن مواقع جديدة لها في أفريقيا، و عن حرب السودان تعلم فرنسا من الذي بدأها و ما هو المخطط وراء ذلك..
الملاحظ؛ هناك قناعة فرنسية و أماراتية بالضغط على الجيش لكي يتم الرجوع إلي المفاوضات، و لماذا يطرقان على باب المفاوضات؟ لآن فرنسا تعلم يقينا و كذلك الأمارات أن انتصار الجيش في هذه الحرب سوف يغير كل المعادلات السياسية المطروحة في الساحة، و لذلك يراهنون على المفاوضات من أجل رجوع القوى السياسية التي يعتقدون أنها سوف تحافظ على مصالحهم إذا صعدت للسلطة. و هي توقعات قد تجاوزتها الأحداث خاصة أن أغلبية الشعب يقف مع الجيش، و أن ما فعلته الميليشيا من ممارسات النهب و السرقة و القتل و الاغتصاب قد جعلت هناك خيارا واحدا عدم عودة الميليشيا مرة أخرى عسكريا و سياسيا، و عدم العودة يعني إزالة مسببات أي توقعات لحرب جديدة في البلاد مرة أخرى.
أن مطالبة السلطات الجديدة في النيجر الولايات المتحدة أن تسحب تواجد قواتها في النيجر، و استجابت واشنطن لهذا الطلب، مما يؤكد أن الصراع الاستراتيجي في المنطقة أصبح حقيقة واقعة، و هذه الدول " أمريكا و فرنسا و حلفائهم " يبحثوا عن موطئ قدم لهم في القارة الأفريقية، و اعتقادهم أن السودان يعتبر أهم موقع إستراتيجي يربط شرق إفريقيا بغربها، و بالتالي سوف يعملوا ليس من أجل فرض شروطهم على السلطة القائم الآن و التي يمثلها الجيش، و لكن سوف تتغير المواقف إلي جانب المنتصر أو القريب للنصر. بعد ما فقدت الميليشيا سمعتها الأخلاقية بسبب ممارساتها في انتهاكات حقوق المواطنين و الإبادة الجماعية في دارفور. ستظل الدول الغربية و أمريكا يتحدثان عن اعطاء السلطة السياسية للمدنيين بهدف إرضاء لمواطنينهم، و لكنها تصبح مناشدات و مجرد شعارات..

في اللقاء الذي كانت قد أجرته و كالة " تاس الروسية" مع السفير الروسي لدى السودان، أندريه تشيرنوفول قال فيه "أن الصراع المطول في السودان يرجع لعدة عوامل، وأن أول قنبلة موقوتة في أساس الدولة السودانية، زرعها الغربيون مع مشروعهم للتحول الديمقراطي في عام 2019 بعد تفكيك نظام عمر البشير( وأضاف قائلا (إن المحاولات المهووسة لتكييف السودان مع المعايير النيو ليبرالية الغريبة جداً عن سكان البلاد أدت بطبيعة الحال إلى أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة.. إلي جانب أن لرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، فولكر بيرتس، قد صب الزيت على النار، بصفته أحد الموقعين على الاتفاق الإطاري السياسي المثير للجدل وغير الشامل الذي تم التوصل إليه في 5 ديسمبر 2022. لقد كان يعني ضمناً نقل السلطة إلى جهة غير منتخبة مدعومة من الغرب) حديث السفير الروسي بهذه اللغة الناقدة الواضحة تبين الصراع الإستراتيجي الذي يشهده السودان الآن. و بالتالي سوف يخفف الضغط على القيادة لكي تختار أنجع السبل في الوصول إلي نهاية الحرب، و ليست القوى التي تحمل أجندة غربية، و التي قرارها عند أصحاب الأجندة. نسأل الله حسن البصيرة...

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

رؤية بشأن التفاعلات التركية المتقاطعة مع المصالح المصرية

تركيا ومتغيرات الصراع الإقليمي

أماني الطويل

ديسمبر 22, 2024

ارتفعت أسهم تركيا كقوة إقليمية في الشرق الأوسط وإفريقيا، خصوصا في منطقة شرق إفريقيا خلال العقد الماضي، عطفا على قدرة أنقرة على بلورة المبادرات المناسبة في التوقيت المناسب، وذلك في التفاعل مع الديناميات الإقليمية والدولية، تحت مظلة نظام عالمي متضاغط، وقَيْد تبلور أطرافه الفاعلة .

المجهودات التركية يتم تتويجها حاليا بدور بارز في إسقاط نظام الأسد في لحظة تهاويه النهائي، وفرض معادلات سياسية جديدة على الأرض في سوريا، وكذلك باتفاق مبدئي بين الصومال وإثيوبيا، سيتم التفاوض بشأنه في مطلع فبراير من العام القادم برعاية تركية، وذلك بشأن خلافاتهما الممتدة، لما يقرب من عام حول الرغبة الإثيوبية في الولوج إلى مياه البحر الأحمر عبر إقليم أرض الصومال، بما يهدد وحدة التراب الوطني الصومالي.

وفي تطور لافت لهذه المجريات، حضر رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في قمة لمنظمة التعاون الاقتصادي لدول الثمانية، التي أسستها تركيا في إسطنبول عام ١٩٩٧، وهي قمة حضرها الرئيس الإيراني أيضا، الأمر الذي يطرح أسئلة بشأن طبيعة التفاعلات الإقليمية في هذه المرحلة، وحدود الدور الإقليمي التركي في مناطق المصالح المصرية شمالا وجنوبا، خصوصا مع تسريب صورة لأحد المطلوبين للأمن المصري مجتمعا بأحمد الشرع، رئيس جبهة تحرير الشام التي قوضت نظام الأسد في سوريا في أقل من أسبوعين.

في السياق السوري، نشير إلى تصريحات الرئيس السيسي في مؤتمر دول الثمانية، والذي اعتبر أن ما جرى في سوريا هو اعتداء على سيادتها، بما يعني وجود رفض مصري لجبهة تحرير الشام كقائد للتفاعلات السياسية في هذه المرحلة والمدعوم من تركيا، وذلك عطفا على ماضي أحمد الشرع، قائد هذه الجبهة وتاريخه في تنظيم القاعدة وتنظيم جبهة النصرة المتطرف، وطبيعة تحالفاته الراهنة مع فصائل الإسلام السياسي السوري.

وعلى الرغم من التلويح التركي بتوظيف الإخوان المسلمين في مصر كورقة ضغط على القاهرة عبر الصورة المسربة المشار إليها سالفا فلم تكن هذه الآلية مؤثرة على الإطلاق لعدد من الاعتبارات في تقديرنا منها :

اختلاف السياق المصري عن السياق السوري في عدد من المعطيات منها أن إخوان مصر لا يملكون أراض تحت سيطرتهم في مصر، كما كان الوضع في سوريا، كما أن بنيتهم التنظيمية تعاني من ضعف وانقسامات، فضلا أن منظورهم الفكري والحركي هو متخلف عن نظرائهم في الإقليم، سواء في السودان أو تونس وأخيرا سوريا، حيث لم يطوروا تراث حسن البنا، بل وتمسكوا به حرفيا، بينما فصائل الإسلام السياسي على المستوى الإقليمي، قد تحررت نسبيا من هذا التراث، وطورت بعض مفاصله، خصوصا في قراءات كل من حسن الترابي وراشد الغنوشي.

وعلى الرغم من أن الأبواق الإعلامية المناصرة لإخوان مصر على الفضائيات، تملك القدرة على التحريض ضد النظام السياسي المصري، ولكنها لم تنجح أبدا في طرح بدائل واقعية للسياسيات الراهنة، وهي مسألة باتت مفصلية في الذهنية أو النقاش العام في مصر بعد ثورة يناير ٢٠١١، من هنا لا يبدو لي الإخوان بديلا مناسبا لجموع المصريين، خصوصا في ضوء طبيعة ومسارات ممارستهم للسلطة خلال عام حكمهم لمصر، وكذلك مستوى قوة كل من الجيش المصري والأجهزة الأمنية القادرة على الوصول إلى تلبية احتياجاتها الاقتصادية ضمن الأطر المحلية، وذلك على عكس حالة مؤسسات سوريا العسكرية والأمنية.

أن الدعم التركي لإخوان مصر يعني خسران أنقرة لقسم معتبر من الدول العربية، يجيء على رأسها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات، وهو أمر ينعكس سلبيا على الاقتصاد التركي الذي يبلغ حجم التبادل التجاري بينه وبين العرب ٢٣ مليار دولار حاليا.

أما في السياق الإفريقي، فإن اتفاقية إثيوبيا والصومال، فربما يكون التعرض بإيجاز لتفاصيل الاتفاق المبدئي بين البلدين والبيئة التي عقدت فيه مهمة في اكتشاف طبيعة وأهداف الدور التركي وطبيعة تموضعه بالنسبة للمصالح المصرية، حيث أكد الجانبان في أديس أبابا ومقديشيو التزامهما باحترام سيادة كل من بلديهما ووحدتهما وسلامة أراضيهما واستقلالهما، كما اتفقا على تنحية القضايا المتنازع عليها.

وقد أقر الطرفان بالفوائد المحتملة التي يمكن الحصول عليها من عقد اتفاقيات ثنائية، تشمل عقود إيجار لأراض صومالية، لم يتم تحديدها وإمكانية وصول إثيوبيا الآمن للبحر الأحمر ضمن إطار السيادة الصومالية واحترامها، فضلا عن الاتفاق على حل أي خلافات مستقبلية بالطرق السلمية، بدعم تركي إذا لزم الأمر.

في هذا الصدد، يمكن ملاحظة تراجع إثيوبي عن أمرين الأول، الاعتراف بأرض الصومال ككيان مستقل، وذلك في ضوء متغيرين الأول، صعوبة تنفيذ الاتفاق عملياً، حيث أن معظم القبائل القاطنة في مناطق محافظة أودال التي يوجد فيها الموقع المقترح للميناء والقاعدة العسكرية، عارضت الاتفاق، وهددت بمنع تنفيذه بالقوة. أما المتغير الثاني فهو فوز الرئيس الجديد عبد الرحمن عرو، في أرض الصومال والذي يبدو أنه غير متحمس لتنفيذ إاتفاقية سلفه موسى بيحيى الذي وقع المذكرة مع إثيوبيا.

أما على المستوى الإقليمي فقد شكل التحالف المصري الإرتيري الصومالي تهديدا وضغطا على إثيوبيا على المستوى العسكري، على خلفية أزمة سد النهضة، حيث أبلغ المصريون واشنطن، أنهم منفتحون على كافة الخيارات في المرحلة المقبلة، إذا لم يتم تلبية الشواغل المصرية بشأن السد في فترات الجفاف والجفاف الممتد.

وفي ضوء اتجاه الصومال لرفض مشاركة إثيوبيا في قوات بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال؛ فإن تراجع الوزن الإقليمي الإثيوبي في شرق إفريقيا يعني الكثير لأديس أبابا.

كما يشكل فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية ضغطا على إثيوبيا في ضوء موقفه السلبي في فترة حكمه السابقة من سياستها الإقليمية عموما، وخصوصا في ملف سد النهضة.

وبطبيعة الحال يشكل الصراع الداخلي المتصاعد في إثيوبيا، خصوصا في إقليم أمهرة أحد التحديات التي تضع قيودا على تحركات إثيوبيا الإقليمية، لا سيما في ضوء خلافاتها مع كل من إرتيريا والسودان، وكذلك الخذلان الذي تشعر به جيبوتي تجاه أديس أبابا التي تبحث عن منافذ بحرية بعيدة عنها.

في هذا السياق، لا يبدو الدور التركي في عقد الاتفاق المبدئي بين إثيوبيا والصومال أكثر من القدرة على التقاط الدبلوماسية التركية بذكاء اللحظة المناسبة لطرح نفسها كوسيط، بينما البيئة بين كل من مقديشيو وأديس أبابا، كانت ترجح التنازل الإثيوبي إلى حدود معينة سيتم بحث تفاصيلها في فبراير القادم بين البلدين.

في هذا السياق، يكون من المفهوم أن يحضر الرئيس أردوغان للقاهرة لترتيب الأوراق الإقليمية في نطاقي سوريا والصومال، بما يضمن استمرار القاهرة كشريك إقليمي لتركيا، وخصوصا وأن العاصمة المصرية قد استدعت على نحو لافت الورقة الإيرانية بوجود الرئيس الإيراني حاضرا لقمة الدول الثمانية، وهو الذي يبحث أيضا مع أردوغان شواغله في سوريا، ولم تهتم القاهرة كثيرا بتلويح أردوغان بورقة الإخوان التي يعلم أردوغان قبل غيره، أنها ضعيفة الفاعلية في ضوء المعطيات الداخلية للنظام السياسي المصري المشار إليها سالفا.

يبقى في الأخير ضرورة حشد الدبلوماسية المصرية لكافة أدواتها، واستدعاء حالة فاعلية في الحركة، تضمن إطارا يكفل الاستمرارية والتوازي في كافة الملفات مع بعضها البعض، حيث أنه من المطلوب بذل المجهود والمبادرات في جميع نطاقات الأمن القومي المصري، وذلك في لحظة تاريخية صعبة، تواجه فيها مصر جملة من التحديات الخارجية المؤثرة على دورها الإقليمي ومتطلبات أمنها الداخلي.

نقلا عن مصر 360

   

مقالات مشابهة

  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • دقيقة صمت في فرنسا حدادا على ضحايا إعصار شيدو الذي ضرب أرخبيل مايوت
  • رؤية بشأن التفاعلات التركية المتقاطعة مع المصالح المصرية
  • «مصر للطيران» توقع بروتوكول تعاون مع المعهد الفرنسي في مصر
  • توقيع بروتوكول تعاون بين مصر للطيران والمعهد الفرنسي بمصر
  • توقيع بروتوكول تعاون بين مصر للطيران والمعهد الفرنسي بالقاهرة
  • توقيع بروتوكول تعاون بين مصر للطيران والمعهد الفرنسي
  • بوتين يشير إلى إمكانية استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة
  • وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان
  • التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لإستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم