الحديث عن تمارين الكتابة ليس علما أو طرحا حديثا، فقد عُني به القدماء أشد عناية وفصلوا فيه تفصيلا واسعا. ورغم اختلافهم حول مصدر الكتابة والتأليف هل هي موهبة أم صنعة إلا أن هذا الاختلاف أثرى المدونة النقدية العربية وكشفت في المجمل أن الموهبة مهما كانت بارزة وضاهرة إلا أنها تحتاج إلى دربة على الكاتب أن يتمكنها ويمسك بأدواتها سواء كانت متعلقة بعلوم الآلة أم علوم المعرفة.
وعبر التاريخ، شكّلت تمارين الكتابة جزءاً أساسيا من تطور أي كاتب، موفرة له الأدوات اللازمة لصقل مهاراته وتعميق فهمه بالفن الذي يكتبه. وتمارين الكتابة أو "أدب الكاتب" كما يقول العرب القدماء أدوات تعين الكاتب على تجاوز العقبات الإبداعية والبحث عن صوته المميز وسط كل الأصوات الأخرى.
والكتابة اليومية، كما ينصح بها كثير من الكتّاب مثل جوليا كاميرون وستيفن كينغ، تُعتبر طريقة فعّالة لبناء الانضباط والتحفيز، وهي أفضل أسلوب لمراقبة أفكار ومشاعر الكاتب، وتمكن هذه العادة الكاتب من تحسين صنعته بشكل مستمر، كما تُعلمه كيفية التعامل مع النقد الذاتي والخوف من الصفحة البيضاء. من خلال الالتزام بكتابة عدد معين من الكلمات يومياً، يُمكن للكاتب أن يطور فهماً أعمق لأساليب الكتابة المختلفة وأن يجد راحة أكبر في التعبير عن أفكاره.
أمّا إعادة الكتابة، التي يشدد عليها كتّاب مثل آن لاموت، تُعد من أهم التمارين لأنها تساعد الكاتب على التقاط الأفكار الأولية وتحويلها إلى نصوص مصقولة ومؤثرة. هذا الجانب من الكتابة يُعّلم الصبر والدقة، ويسمح بتحسين النص بشكل مستمر حتى يصل إلى أعلى مستويات الجودة الممكنة.
وفي النهاية، تُعلمنا تمارين الكتابة أن الإبداع ليس مجرد لحظات إلهام عابرة، بل هو نتاج جهد مستمر وتفان في العمل على الحرف. الكتابة، كما يعبر عنها الكثيرون، هي عملية متواصلة من التعلم والاستكشاف والتحدي، وكل تمرين هو خطوة نحو إتقان هذا الفن الجميل.
وفي هذا العدد من الملحق يترجم أحمد شافعي مقالا مهما حول تمارين الكتابة للروائية راشيل كاديش وهي علاوة على احترافها الكتابة الروائية فهي أيضا أستاذة أكاديمية في الكتابة الإبداعية. كما يقدم هذا العدد مراجعة مهمة للمسلسل التلفزيوني الذي عرض في شهر رمضان عن طائفة "الحشاشين" وأثار الكثير من الحديث حول السياق التاريخي للمسلسل إضافة إلى السياق الفني. ويجد القارئ أيضا، في هذا العدد الكثير من المراجعات الفكرية والنقدية والفلسفية التي تنطلق من إصدارات جديدة لتعرض الأفكار وتناقشها في سياق نقدي متقن.
كما ينشر العدد نصوصا شعرية ونصا سرديا ومجموعة من المقالات المترجمة في مختلف فنون المعرفة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا العدد
إقرأ أيضاً:
زخم بأنشطة الثقافة ببورسعيد .. مناقشة أعمال محمد رؤوف وختام ورشة الكتابة
شهد فرع ثقافة بورسعيد عددا مكثفا من الفعاليات الفنية والثقافية، التي قدمت ضمن أجندة فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، وفي إطار برامج وزارة الثقافة.
مناقشة أعمال الشاعر محمد رؤوف
وعقد نادي أدب بورسعيد لقاء أداره الشاعر عادل الشربينى رئيس نادي الأدب، لمناقشة أعمال شاعر العامية المصرية محمد رؤوف، والحديث عن ديواني "وتبدأ من هنا المراسيم، و"ربع آدم" الصادرين عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة.
تحدث الشاعر السيد السمري عن ديوان (وتبدأ من هنا المراسيم)، موضحا أن الديوان يتناول فكرة الأساطير المصرية والإغريقية ومحاولة توظيف الشاعر لها وإسقاطها أحيانا على ذاته وأحيان أخرى على الوطن، وأضاف أن اللافت للنظر استخدام الشاعر المفرط للغة العربية الفصحى ومزجها بالعامية المصرية في جميع قصائد الديوان، وأيضا الترتيب الجيد لقصائد الديوان التى جاءت جميعها فى شكل حلقات منفصلة متصلة.
وأوضح الكاتب والشاعر عبد الفتاح البيه أن هناك فى بورسعيد فرسان للعامية وهناك تماس مع التراث والشاعر محمد رؤوف له تماس مع التراث اليوناني وغيره وهي حالة من الوعي ليست وليدة الفراغ وليس هناك تقليد ونحن أمام مشروعات إبداعية ولن يبنى الإنسان الا بكتابة ماضيه لاستحضار مستقبله.
وأثنى المخرج الكبير صلاح الدمرداش على تجربة الشاعر محمد رؤوف مؤكدا أنه عند المزج بين الفصحى والعامية يجب أن يكون هناك مبرر، بينما ذكر الإعلامي أحمد رمزي اختلاف أسطورة العنقاء من حيث شكلها بين العرب والغرب وأن الشاعر لم يتطرق لهذا الاختلاف حيث أضاف أن الديوان يشبه بانوراما تاريخية، حيث تعد مصر ملتقى ثقافات مختلفة إغريقية وعربية ويونانية وغيرها.
وتناول الكاتب والناقد أسامة المصري ديوان "ربع آدم"، موضحا أنه انتقال من الأساطير إلى الفلكلور والشاعر يعمل على علم الإنسان وعلم الاجتماع وهو مشروع مهم حتى لا تطمس الهوية المصرية والهوية البورسعيدية مع مرور الوقت، وعن اسم الديوان أوضح أنه يشير إلى الطفل الصغير ببراءته.
محمد رؤوف شاعر وكاتب مسرحي، من مواليد محافظة بورسعيد، حاصل على العديد من الجوائز منها جائزة المجلس الأعلى للثقافة أفضل ديوان شعر عامي عام 2015، وجائزة أفضل أغنية وطنية إدارة الشئون المعنوية 2012، وصدر له عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، "ديوان العشم"، وعن الهيئة المصرية العامة للكتاب "لعله خير"، وعن مركز عماد على قطري دورة نجيب سرور ديوان "اكمني بعرج"، وعن الاتحاد العالمي للشعراء ديوان "حبر سري".
ختام ورشة الكتابة المسرحية
كما اختتم النادى ورشة الكتابة المسرحية، وقام خلالها الكاتب المسرحي والسيناريست عبد الفتاح البيه بشرح تفصيلي لكيفية كتابة مسرحية وكيفية رسم الشخصيات الرئيسة والثانوية ورسم الحدث الدرامي وتصاعده وصولا إلى الذروة وانتهائها بحل العقدة وكيفية صياغة الحوار بما يتناسب مع الشخصية مع التطبيق على نماذج من المسرح المصري والعالمي، وفى نهاية الورشة تم تكريم الأديب عبد الفتاح البيه على مجهوده في تنفيذ الورشة من خلال تقديم شهادة تكريم
تحدث الكاتب يوسف منسى قائلا كمتدرب ودارس استطاع الأديب عبد الفتاح البيه توصيل مالم أكن أعلمه من قبل وأظهر بأسلوبه الشيق خبايا وأسرار الكتابه المسرحية، وتحدث عن عطائه للمسرح والأساطير وأول من صنع المسرح، بينما أضافت المتدربة ماجدة السيد أنه من خلال حضورها ورشة الكتابة المسرحية استطاعت التعرف على العناصر الأساسية لكتابة النص المسرحى من البداية والشخصيات والحوار والصراع والحبكة والنهاية.
الختام جاء بحضور الشاعر عادل الشربيني رئيس نادى الأدب والأديب محمد خضير، والمخرج صلاح الدمرداش وتم تقديم شهادات مشاركة للأدباء اللذين اجتازوا الورشة.
علاقة الثقافة العامة بالرياضة
وضمن الأنشطة التي قدمها الفرع بإدارة وسام العزوني، في إطار برامج إقليم القناة وسيناء الثقافي بإشراف د.حمد شعيب، شهد قصر ثقافة بورسعيد، ندوة أدبية قدمها نادي أدب النصر برئاسة الشاعر صابر عبيد، "حول علاقة الثقافة العامة بالرياضة"، تحدث خلالها الدكتور شريف صالح أستاذ العلوم السياسية، عن قيمة الثقافة العامة والوعي لدي الشباب والسلوك الاجتماعي، وأثر البيت على الطفل في التربية السليمة، ودور كل من المدرسة، والجامعة، ومراكز الشباب والثقافة ومراكز الإعلام في التوعية، واختتم الحديث معربا عن سعادته بكافة ما طرح من أفكار من جانب الأدباء، وطالبهم بضرورة إنتاج ايقونة للنادي المصري تتغني بها جماهيره قبل المباريات، تحمل قيمة الانتماء والولاء
وأوضح الأديب أسامة كمال أن الثقافة هي الأساس قبل ممارسة الرياضة لأنها تساعد في تنمية الوعي، وأكد الكاتب والأديب والإعلامي محمد خضير علي أن الرياضة أخلاق، وأن العقل السليم في الجسم السليم، وتحدث الشاعر محمد فاروق عن الثقافة كمفردة تختلف من مجتمع لآخر وهي تعني معرفة شيء عن كل شيء، و كل شيء عن شيء، وتطرق لأداء طلاب الجامعة الراقي في تشجيع الفرق.
كنا شهد اللقاء مداخلات لكل من الكاتب والأديب والإعلامي محمد خضير علي، القاص السيد العبادي، سامر الرشيدى، الشاعر صابر عبيد
الاحتفاء برموز القرية
واستمرارا لأنشطة الفرع استضاف بيت ثقافة أم خلف احتفالية "رمز من رموز القرية" واستهلت فعاليات اللقاء بحديث لمحمود البدوي، مدير إدارة التموين بحي الجنوب، عن النماذج الوطنية المشرفة من أبناء قرية أم خلف التي قدمت تضحيات عظيمة في سبيل الوطن وشاركت في الدفاع عن أرضه الغالية، وخاضت عدة حروب، ومنهم حسن تويج، حسن العصفوري، إبراهيم كعكورة، والراحل محمد علي إسماعيل.
وأشار "البدوي" أن هؤلاء الأبطال قدموا درسا عظيما في حب الوطن، مؤكدا ضرورة تعريف الأجيال القادمة بتاريخ كفاحهم ليظل مصدر إلهام يعزز روح الوطنية والانتماء.
أعقب اللقاء فقرة رسم على الوجه، وورشة تصميم علم مصر بالفوم، بجانب تقديم لوحات فنية ذات طابع وطني إشراف الفنانة منار نور الدين.
نفذت الفعاليات من خلال الإدارة العامة لثقافة القرية، برئاسة الفنان د. بدوي مبروك، التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث، برئاسة د. حنان موسى، بالتعاون مع الفرع والإقليم، كما شهدت ورشة فنية نفذتها الفنانة منار نور الدين للرسم علي الوجه، وأشغال فنية لأشكال وطنية باستخدام ورق الفوم ورسم علي الورق وأعلام مصر بهدف تنمية الوعي والانتماء للوطن.