استقالات عسكرية بالجملة: تضعضع الجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
بعد استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أهارون حاليفا، جاءت استقالة قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي يهودا فوكس بمثابة الصدمة الأكبر غير المتوقعة في الجيش الإسرائيلي. فاستقالة الأخير التي قدمها لرئيس هيئة الأركان والتي ستدخل حيز التنفيذ في شهر آب القادم، لا علاقة لها بهزيمة الجيش في هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر الماضي، فهو مسؤول عن المنطقة الوسطى التي تضم كامل الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس ومنطقة "غوش دان" التي تسمى "تل أبيب الكبرى".
وبالتالي هو لا يتحمل أي مسؤولية عن الفشل الذي مني به جيش الاحتلال وأذرعه ذات العلاقة.
بل إن الصدمة نبعت أيضاً من كون فوكس أحد المرشحين البارزين لتولي منصب رفيع في أعقاب الاستقالات المتوقعة لكبار قادة الجيش بعد انتهاء الحرب كما هو متوقع.
تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلي عن أسباب استقالة فوكس التي على ما يبدو بسبب الصراع مع المستوطنين اليهود وتدخل المستوى السياسي بشكل كبير في عمل الجيش المهني والتصادم بين مصالح بعض الوزراء وقادة الجيش وخاصة في منطقة الضفة الغربية، على خلفية دعم المستوطنين وإطلاق أيديهم في التنكيل بالفلسطينيين بشكل يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وفق رؤية الجيش وجهاز الأمن العام "الشاباك".
وقد وصلت الانتقادات حد الهجوم على فوكس شخصياً بسبب تدريب عسكري للتعامل مع هجوم على غرار السابع من أكتوبر يشمل محاكاة لقيام مستوطن يهودي بخطف مواطن فلسطيني.
كما أن البدء بمعاقبة المستوطنين الإرهابيين دولياً وحتى فرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا" التابعة للجيش والمكونة من مستوطنين ومتدينين متطرفين، قد أثر على قرار فوكس الذي وجد نفسه في موقع ليس فقط غير أخلاقي بل إنه كذلك لا يستطيع تحمل تبعاته.
وبعد أن أعلن رئيس شعبة الاستخبارات عن تحمل المسؤولية عن الفشل الاستخباري في تنبؤ هجوم "حماس" والاستعداد له وعن نيته الاستقالة فوراً بعد استخلاص العبر وتعيين شخص في مكانه، يبدو أن الاستقالات في الجيش ستكون كثيرة وستترك جرحاً غائراً لن يندمل في السنوات وربما العقود القادمة. فمن القادة العسكريين الذين من المتوقع أن يقدموا استقالاتهم بالإضافة إلى رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي ونائبه أمير برعام، قائد المنطقة الجنوبية المسؤول عن قطاع غزة والنقب وكل مناطق الجنوب يارون فينكلمان وقائد فرقة غزة آفي روزنفيلد. بالإضافة طبعاً لرئيس جهاز "الشاباك" وهو ليس من الجيش.
بالنسبة للإسرائيليين، ما يحدث في جيش الاحتلال هو ضربة غير مسبوقة، وهذا ليس فقط يضعضع الجيش في مهماته المستقبلية في التصدي لقوات إقليمية تتطور باستمرار، بل هو يضع مستقبل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على المحك.
هزيمة الجيش غير المتوقعة وانهيار فرقة غزة، والفشل الذريع في الحرب ضد الفصائل الفلسطينية وعدم تحقيق أي من الأهداف التي أعلنتها الحكومة للحرب على غزة سيكون له تأثير كبير وخطير على جوهر الفكرة الصهيونية وهجرة اليهود إلى فلسطين.
وفقدان الثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي الذي "لا يقهر" ستقوض أهم ركائز الدعاية الصهيونية القائمة على فكرة أن إسرائيل تمثل "الوطن القومي" ليهود العالم والملاذ الآمن لهم. فإسرائيل تتحول مع الوقت واستمرار الاحتلال وهزائم الجيش وتغير مكانة إسرائيل المعنوية في العالم من دولة كانت تعتبر ظلماً كواحة للديمقراطية في الشرق الأوسط وتنتمي لثقافة العالم الحر ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان إلى دولة تمارس جرائم حرب وإبادة جماعية ضد شعب فلسطين الذي هو ضحية جرائم غيره ارتكبها.
لم تعد إسرائيل بعد حكومة اليمين العنصري المتطرف وحرب الإبادة في غزة تلك الدولة التي عرفها العالم قبل السابع من أكتوبر. وحتى تنقذ نفسها من الهلاك عليها أن تبادر فوراً إلى وقف الحرب في غزة والتخلي عن مشروعها الاستيطاني العنصري وتذهب لتسوية سياسية عادلة مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين بما يضمن ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه المشروع في تقرير المصير وحصوله على حريته واستقلاله الناجز. ولكن إسرائيل تذهب بالاتجاه المعاكس لمزيد من التصعيد الدموي فهي تحضر لاجتياح رفح وترفض فكرة عودة السلطة الفلسطينية لغزة وتعارض بشكل مطلق إقامة دولة فلسطينية، مع أن هذا الخيار قد يكون خشبة الإنقاذ لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لأنه مقابل دولة فلسطينية سيحصل على تطبيع العلاقات مع كامل العالم العربي والإسلامي، وسيكون سقوط حكومته على خلفية عملية سياسية تاريخية قد تخلد اسمه بدلاً من أن يسقط على خلفية الهزيمة في حرب غزة وقضايا الفساد.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه جيش الاحتلال غزة غزة الاحتلال جيش 7 اكتوبر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: إسرائيل وليست حماس هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
قالت صحيفة هآرتس في مقالها الرئيسي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكذب عندما يبرر استئنافه الحرب على قطاع غزة برفض حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إطلاق سراح بقية الأسرى المحتجزين لديها.
وأفادت أن نتنياهو دفع المطلوب لعودة وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير إلى الحكومة مقدما، "ولكن ليس من جيبه الخاص، بالطبع، بل من دماء 59 أسيرا (إسرائيليا) الذين قد يكون مصيرهم قد حُسم باستئناف الحرب..".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وليام هيغ: لست معجبا لكن تأثير ترامب قد يكون إيجابياlist 2 of 2ما الذي قد يحدث إذا أصر ترامب على تطبيق أوامره التنفيذية؟end of listومما يجدر ذكره أن حزب الليكود بقيادة نتنياهو أعلن أن حزب "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير سيعود إلى الائتلاف الحكومي، وذلك بالتزامن مع شنّ إسرائيل يوم الثلاثاء ضربات جوية واسعة خلفت ما يزيد على 400 شهيد فلسطيني.
وكان حزب "بن غفير" قد انسحب من الائتلاف في يناير/كانون الثاني احتجاجا على الهدنة مع حركة حماس في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي بيانه الذي أصدره الثلاثاء، زعم مكتب نتنياهو أن استئناف الهجمات على غزة جاء بعد رفض حركة حماس "مرة تلو أخرى إعادة مخطوفينا، وكذلك رفضها كل المقترحات التي تلقتها من المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف والوسطاء".
ولكن صحيفة هآرتس كتبت في مقالها أنه يجب القول، "بصوت عالٍ وواضح"، إن ما ورد في ذلك البيان "كذب"، وأكدت أن إسرائيل، وليست حركة حماس، هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية.
إعلانوأردفت القول إن مكتب رئيس الوزراء كذب مرة أخرى عندما ذكر في بيانه أن الهدف من استئناف العدوان هو تحقيق أهداف الحرب كما حددتها القيادة السياسية، ومن بينها الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، أحياءَ كانوا أم أمواتا.
إسرائيل أخلفت وعدها بالانسحاب من محور "فيلادلفيا"، وقررت منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وإغلاق المعابر الحدودية
وحذرت من أن الضغط العسكري الذي تمارسه إسرائيل ضد حركة حماس يعرِّض أرواح الأسرى والجنود الإسرائيليين وسكان غزة أيضا للخطر، ويؤدي إلى تدمير ما تبقى من القطاع الفلسطيني.
ولفتت إلى أنه كان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى التي كان من المقرر أن تنتهي بالإفراج عن جميع الأسرى المتبقين في غزة، لكن الحكومة الإسرائيلية هي التي رفضت ذلك.
وأضافت أن إسرائيل أخلفت وعدها بالانسحاب من محور "فيلادلفيا"، وقررت منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وإغلاق المعابر الحدودية.
وخلصت الصحيفة إلى أن نتنياهو تخلى عن الأسرى لإنقاذ حكومته من الانهيار، ولم يعد هو ولا أعضاء ائتلافه الحاكم يكترثون لغضب عائلات الأسرى، "فبالنسبة لهم أن ما يهم هو الموافقة على ميزانية الدولة".