أسئلةهي ذي الجهات،
وأنا في اللامرئيِ أرشح
مثل كرةِ صولجان، أتدحرجُ من مجرةٍ إلى مجرة،
من التباسٍ إلى التباس..
لستُ الوحيد العابر كسديم.. كموجة
أعبئُ في جيبي الفضاء
أُصابُ بالدوارِ الذي يشبهُ سَورة ماء
يشبهُ الطقوسَ حول الآلهة!
مثل ذبذبةٍ أنتفض،
غارقا في حيرتي.. في المساراتِ التي تنبلجُ من المسارات
أهرعُ فيها مرارًا، كالطفل يهرع وراء ظله
كالنهار يهرع وراء ليله
أعثّرُ بالأسئلةِ المهرولة الكثيفة
وأنصبُ للإجابات مصائد،
جاهلًا بهلامها الذي لا يُدرَك،
بانسلالها الهادئ من الممكن
الطحالب مائعة لا تفضح السر
والحلازين كتومة رخوة!
أتخطّرُ على الوجود الأملس
على خيط ضوءٍ هزيل.
لأسقط مرارًا على الأرض الأولى
لأسبحَ وحدي في الهيولى..
وأعدّ كم مرة يخرس الجذع
كم مرة يشهق الجامد
وكم هبوبا تسفّ الأمم مثل ورقٍ يَباس!
أحترق مع النيازك
وأرقصُ مع النجيل في مسرح الريح
وأمتدُ حيث أمتد.. شاسعًا
صاخبا
لينال مني كل غامض
كما ينال من السفرجل أول الفجر
ومن الشراع الحر آخر البحر
هناك حيث الشمس تضيء السطوح،
لكن أبدا لن تضيء الأعماقألف شعاع
(١)
أكبرُ في دائرةِ الضوء وأذوي .. كالشمس
أنكفِئُ في زاوية الزمن.. يعبرني ولا أعبره
ذلك البُعد الرابع.. والضلع المكسور في مربع الافتراض
الأشياء جميعها ترشحُ مني.. والأكوان
والخلائقُ التي تتبدلُ بالخلائق
وأنا المنشور الثابت.. مني ينبلجُ ألف شعاع
تترددُ صرختي الأولى الصدى الأبدي:
أين خلاص الدم في عروقي
والأسئلة المذابة فيه كالملح
أين خلاص الهواء في صدري
والمأزق المُشاع فيه كما الوشاية
أنا بازغٌ كرأسِ البذرة الطريّ..
شكّي عميقٌ عميق في كل شيء
أتداعى في المجاهيل والافتراضات
أستقطبُ الأضداد
وأنسكبُ في الجوهرِ.. غزيرًا
أنا الماء، والزئبق الساكن في الدوارق
أنا الجناس الناقص
واليقين الشك
وكلّ خصمٍ مع خصيمه
وكلّ ضدٍ مع غريمه
أنا اللزوجة نفسها
وأنا وقود ذنابةِ النيزك
(٢)
آه .. في الغور المنسحب عميقا في الروح ..
مزامير تنتحب على العشب النديّ
حيث ترقص الجنيات على الضفاف
فينساب جدول ماءٍ على خاصرة الوعي،
وتبرقُ ألوان الفسفور فيّ،
إذ ينبلجُ مني نبعٌ جديد.. منهمرًا في الأبدية
هناك ..
حيث وهبتُ تعبي.. وكرّست روحي،
كيما تطمئن الريح
وتجتذلُ الزعانف في سَوراتي
هذا أنا..
حيث يعبرني الزمن
وينبتُ من ضلعي جناحان!
أستحيلُ إلى كيانٍ آخر
أتبلور في نسيجٍ مغاير
كحجرٍ متحولٍ.. كان حبة رملٍ تتهادى في الكثبان!
أنا اللبّ في البرعمة
والنطفة في السرخسِ البحريّ
أنا ذاتُ الوثبة في الفضاء الحر
ذاتُ الفيضان على جوانب نهر
ذاتُ الظلام بين كوكبين
ذاتُ الصرخة المديدة كالوجعِ في الأبد
ذاتُ الوجع!
منال المعمري شاعرة ومترجمة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
*10 أسئلة و ملاحظات مهمة حول المواجهة الشرسة بين روسيا وبريطانيا في مجلس الامن، بخصوص السودان
*10 أسئلة و ملاحظات مهمة حول المواجهة الشرسة بين روسيا وبريطانيا في مجلس الامن، بخصوص السودان*
بقلم د. محمد عثمان عوض الله
حدثت مواجهة شرسة جدا، بين روسيا وبريطانيا في مجلس الامن الدولي بخصوص السودان. أهم ملامح هذه المواجهة:
1/ خرج وزير الخارجية البريطاني عن كل الاعراف الديبلوماسية وفقد اعصابه و وجه انتقادات حادة الى روسيا والى لرئيس الروسي شخصيا، كرر عبارة: عيب عليك يا بوتن أكثر من ستة مرات.
2/ رد المبعوث الروسي بان ما يقدمه الوزير البريطاني دليل على العقلية و المنهج الاستعماري القديم المتجدد.
3/ قدمت بريطانيا مشروع قرار عن السودان، و ذكر وزير خارجيتها أنه جاء ليشارك بنفسه من أجل أن يضغط على الدول لتصوت لصالح القرار، كما ذكر في رسالة منشورة صورة و صوت.
4/ رغم أن روسيا شاركت في اعادة صياغة مسودة القرار أربعة مرات، وعدلت كثير من فقراته، إلا أنها في النهاية أستخدمت حق الفيتو و منعت صدور القرار. وذلك يعتبر إهانة شخصية للوزير، و إذلال لبريطانيا في محفل دولي.
5/ اذا كانت بريطانيا تعرف سلفا باحتمالية استخدام روسيا للفيتو، إذاً لماذا عرضت وزير خارجيتها لكل هذه الإهانة والاحراج؟ الاجابة الوحيدة، والتبرير الوحيد، هو بسبب قبضهم الثمت من الأمارات. استنزاف بريطاني كبير لدولة الامارات، والتظاهر بأنهم يعملون من اجلها و يتعرضون للمواقف الصعبة، ويبررون بذلك حجم الاستنزاف الكبير. ملحوظة: بريطانيا تعاني من ضائقة مالية كبيرة.
6/ السؤال: هل فعلت روسيا كل ذلك، من أجل سواد عيون السودان؟ أم بسبب مصالحها فيه؟ أم تصفية حسابات في قضايا دولية أخرى مثل الحرب في اوكرانيا والصراع حول النفوذ؟
7/ مهما كانت الاجابة على السؤال أعلاه، كيف يمكن للسودان أن يستفيد من هذا الموقف الروسي؟ بمعني هل طلب السودان من روسيا أن تستخدم حق الفيتو؟ هل هنالك تنسيق مسبق بين البلدين؟ و هل سيتجه السودان الى بناء علاقة استراتيجية مع روسيا؟ بمافي ذلك منحها القاعدة البحرية التي طلبتها من السودان مرارا وتكرارا.
8/ لا أعتقد أن إدارة ترامب ستقف بنفس الحدة التي وقفتها الادارة الأمريكية السابقة، في وجه حدوث تقارب روسي سوداني. و قد كان التردد من الجانب السوداني، متذرع دوما بهذا السبب.
9/ أخيرا، وبعد أن رمت روسيا بثقلها كله مع السودان، ما علاقة ذلك على معركة الكرامة و أطرافها الاخرى؟ الامارات؟ المليشيا؟ قحت/تقدم؟ وهل ماتزال هنالك عقبات أمام تطور العلاقة السودانية الروسية؟
10/ هل الفيتو الروسي أسدل الستار على محاولات الغرب لإرسال قوات أممية؟ و هل ستواجه العلاقات السودانية الروسية معارك أخرى في ساحات أخرى؟ أم ستتوجه كل الطاقات لصالح حسم معركة الكرامة بالسرعة المطلوبة؟
إنضم لقناة النيلين على واتساب