«الأرض الموبوءة».. قصائد تستحضر اللحظات الإنسانية الكبرى
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
يضم ديوان «الأرض الموبوءة» للشاعر المغربي مخلص الصغير مجموعة من القصائد التي كُتبت على مدى عشرين سنة، تتصدرها قصيدة «الأرض الموبوءة»، وهي عمل شعري مطول كُتب سنة 2022، في الذكرى المئوية لميلاد قصيدة «الأرض الخراب» للشاعر الإنجليزي ت. س. إليوت.
كُتبت قصائد الديوان الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، ما بين المغرب وإسبانيا، حيث تحضر الأندلس مرجعيةً شعرية وفضاءً حضاريًّا وثقافيًّا ملهِمًا، بينما تستحضر القصائد الأخيرة من الديوان حيرة الإنسان المعاصر وارتباكه الوجودي أمام الفجائع والدواهي والأوبئة والحروب وتداعياتها على عالم اليوم.
ويمثل الديوان احتفاء شعريًّا بالمكان أيضًا، وهو يترحّل بنا بين تطوان ومرتيل والدار البيضاء وإشبيلية وقرطبة وغيرها، مثلما يقودنا إلى مرافقة الإنسان في ملحمته الكبرى على ضفاف حوض البحر الأبيض المتوسط، وفي سفره عبر التاريخ والجغرافيا، منذ فترة ما قبل الميلاد.
لذلك يعرّف الشاعر نفسه في قصائده بأنه مغربي متوسطي وأندلسي وأمازيغي أطلسي كما نجد في قصيدة «المغربي» التي استهل بها ديوانه:
«لي مفتاح بيتٍ فِي الأندلس
وقفلٌ في طوق الموشّحات
أنا الأندلسيّ. لي في العشق مذهبٌ غجريّ
ولي في الشّرق أساطير
ومعلّقاتٌ وشهرزاد».
تجمع الممارسة الشعرية في هذا الديوان بين إيقاعات شعر التفعيلة وإيقاعات قصيدة النثر، إذ يستثمر الشاعر التراكم الموسيقي للقصيدة العربية، من خلال تجربة معاصرة في الكتابة، حيث نقرأ في القصيدة نفسها:
«أنا خاتم الشّعراء
وقافية البرّ والبحر
أنا النّثر الشّعريّ
والشّعر النّثريّ. وأنا لست أنا
أنا غيري
ولست سوى شعري، وشعري نثري
أنا الكاتب والمكتوب».
كما تأتي قصائد الديوان مأخوذة بمصير العالم على هذه «الأرض الموبوءة»، حيث نقرأ في قصيدة «إلى أين؟» بعض تلك الأسئلة الشعرية المؤرقة:
«أمّةٌ أم بلادٌ هنا تحترق
المدى غامضٌ
وخيالي قلق. والوباء يطاردنا
إنّها البشريّة
توشك أن تختنق. لا ملاك يحلّق فوق سطوح المدينة
لا حجلٌ ينطلق. فالسّماء ملبّدةٌ بالحروب
وأحلامنا فوقنا
تحترق... إن بقينا
بلا أملٍ في الأمل
فلندع هذه الأرض
ولنفترق».
وتخوض قصائد الديوان في حوار رمزي مع «محكيات تاريخية وأسطورية، وسرديات وشعريات شتى، بلغة جديدة وبلاغة مبتكرة، حيث تغدو الكتابة ثورة جمالية على اللغة باللغة نفسها، وبحثًا شعريًا عن الشعر وحده» كما جاء في بيان صحفي للناشر.
ومع ذلك، لا تكفّ تجربة مخلص الصغير عن استحضار اللحظات الشعرية الإنسانية الكبرى واستثمار جمالياتها الخاصة، من الشعرية الإغريقية إلى الشعرية العربية المشرقية والمغربية والأندلسية، مرورًا بمدونات الشعر الإنساني الحديث منذ أجيال الشعر الإسباني، قبل ومع بداية القرن الماضي، وقوفًا عند الحركات الشعرية العالمية في فرنسا وإنجلترا وأمريكا والعالم العربي، قبل الحربين العالميتين وبعدهما، وصولًا إلى آخر تجارب الشعر المعاصر.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الجوانب الاجتماعية والوطنية في ديوان الشاعر علي أحمد كتوب في محاضرة بثقافي الدريكيش
طرطوس-سانا
نظّم المركز الثقافي بمدينة الدريكيش في محافظة طرطوس محاضرة حول الجوانب الاجتماعية والوطنية في ديوان الشاعر علي أحمد كتوب الجزء الثاني إعداد تمام أحمد وتقديم عبد اللطيف شعبان.
وتحدث شعبان عن قصائد الراحل بأن جميعها حافلة بالمعاني السامية والعواطف الصادقة وهي حصيلة تعارف وتواصل وتراحم مع الأقارب والأصدقاء والشعراء كما أن جميع قصائده مليئة بالألفة الاجتماعية والنقاوة الوجدانية والروح الوطنية، مضيفاً إن لديه قصائد كثيرة في الابتهالات التي لا تخلو من المضمون الإنساني .
وتابع شعبان: إن عاطفة الشاعر القوية دفعته لأن يكتب الكثير من القصائد المتنوعة منها التهاني والزيارات والصداقات والمراسلات والمناسبات الوطنية والقومية والوقائع التاريخية والوصف وغيرها وقد تنوع حجم القصائد ، مبيناً أن قصائده ما هي إلا سيرة حياته ومذكراته.
وذكر شعبان أن الشاعر كتوب من مواليد عام 1905 وتوفي 1978 أي عاش 73 عاماً منها 41 عاماً أكثر من نصف عمره في عهدي الاستعمار التركي والفرنسي وقد قاسى الكثير من ملفات الظلم والفقر لافتاً إلى أنه من قرية بويضة الزمام بريف الدريكيش وأكمل تعليمه في مدرسة المقرمدة وانتقل إلى قرية السعودية الشرقية قي ريف حمص كمعلم 1936.
كما أن شعر الشاعر متعدد الجوانب متنوع وكتب قصائد رثاء لرفاقه وأهله وأحبائه، وله عشرات القصائد في المديح والإطراء.
هيبه سليمان