العراق وتركيا: بحث عن مستقبل مشترك
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
قبل 12 عامًا تمامًا، عندما هبط الرئيس أردوغان كرئيس وزراء في مطار بغداد، كنتُ واحدًا من الصحفيين على متن طائرته.
مرّ الوفد بين الجدران العالية المبنية من الإسمنت أثناء توجههم من المطار إلى المنطقة المعروفة باسم "المنطقة الخضراء" حيث ستجرى المحادثات.
كنت مذهولًا لعدم رؤية أي شيء في بغداد ذلك الوقت. لكن كانت المشاكل الأمنية في أوجها، وبمجرد إجراء المحادثات، عاد الوفد إلى تركيا في نفس اليوم.
في غضون الـ 12 عامًا الماضية، تدهورت العلاقات بين العراق وتركيا ووصلت تقريبًا إلى نقطة الانقطاع، من خلال سياسات تبناها نوري المالكي خلال فترة رئاسته للوزراء، وكانت سببًا في تدهور علاقات البلدين.
والآن، وبصفته الرئيس رجب طيب أردوغان، هبط إلى مطار بغداد مرة أخرى برفقة وفد كبير. في هذه المرة، كانت ملفات 26 اتفاقية موجودة تحت ذراعه، بهدف تصحيح العلاقات ووضع أسس مستقبل مشترك جديد.
في هذا الوقت، كان إلى جانبه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي نجح في توجيه السياسة والعلاقات الدولية في العراق إلى الطريق الصحيح في الآونة الأخيرة، على عكس المالكي الذي كان يثير الأزمات. السوداني يمثل ملامح سياسي يتطلع إلى أن يكون العراق دولة مستقلة في اتخاذ سياستها وتحقيق حريتها الاقتصادية، بإيجاز، يرسم صورة لسياسي يرغب في أن يكون العراق دولة كاملة. وبالتالي، كلا الزعيمين مستعدان للغاية للبحث عن مستقبل مشترك.
هل هناك مشاكل لا يمكن حلها؟إذا كان لديك حدود مشتركة تمتد على مسافة 378 كيلومترًا مع دولة ما، فهذا يعني أن جزءًا من مصيرك قد ارتبط بذلك البلد. بشكل أوضح، فإنك محكوم بالعيش جنبًا إلى جنب مع جارك. على الجانب الآخر، إذا كان لديك تاريخ مشترك، ودين مشترك، وثقافة مشتركة، فمن الممكن أن تجد وسيلة للتوافق مع تلك الدولة بطريقة ما.
العراق بحاجة ماسة إلى تركيا في مجالات المياه والطاقة والتجارة والنقل. ولدى تركيا أيضًا إلزامات تجاه العراق في منع الإرهاب وتلبية احتياجاتها من الطاقة وفتح طرق تجارية جديدة.
لماذا لم يتوصل البلدان إلى اتفاق خلال الـ 12 عامًا الماضية؟ السبب هو وجود دول ثالثة؛ فإيران والولايات المتحدة هما الدولتان اللتان تؤثران في تدهور أو تحسن هذه العلاقات. في الحقيقة، المشكلة الأساسية تكمن في عدم قدرة الحكومات العراقية التي تقترب أو تبتعد من هذه الدول على الانتقال إلى نموذج دولة مستقلة تمامًا.لذلك، بما أن رئيس الوزراء السوداني يهدف إلى ذلك، فإنه لن يتبقى مشكلات لا يمكن حلها.
نموذج الفوز المتبادلعلى عكس السنوات السابقة، لم تذهب تركيا إلى العراق مع ملفات تتعلق فقط بعبور المنظمات الإرهابية الحدود وإلحاق الضرر بالبلاد. في هذه المرة أعدت تركيا أيضًا مقترحات "الفوز-فوز"؛ مثل مشروع طريق التنمية، الذي يشمل قطر والإمارات والعراق، حيث كان من بين أكثر الملفات جاذبية.
ويتضمن هذا المشروع إنشاء خط سكة حديدية يمتد لمسافة 1200 كيلومتر من البصرة إلى الحدود التركية، مما يؤدي إلى إنشاء طريق بحري تجاري جديد سيكون له تأثير عالمي. وبهذه الطريقة، سيحقق كل من البلدين، وحتى الدول المجاورة، مكاسب اقتصادية كبيرة. ومع ذلك، فإن أكبر عقبة أمام تحقيق ذلك، هو الإرهاب، فقد اتخذ حزب العمال الكردستاني موطنًا في العراق لسنوات عديدة، وتعزز وأصبح في موقع لا يمكن للحكومة العراقية مواجهته. وخاصة بعد العلاقات المباشرة التي أقامها في سوريا مع الولايات المتحدة، فقد تعقدت الأمور بالنسبة للحكومة العراقية أكثر.
ومع ذلك، في مؤتمر صحفي مشترك أُقيم مؤخرًا، أكد رئيس الوزراء السوداني قائلًا: "لن نسمح بأي هجوم من العراق على أي دولة أخرى". وأظهر أردوغان استحسانه لهذا البيان بتوجيه رأسه بخفة، لكن كلا الطرفين يعلمان أن ذلك لن يكون سهلًا.
لذا، يُفترض أن يقوم العراق وتركيا بالتحرك بشكل مشترك للتغلب على هذه المشكلة في الوقت القريب من خلال عملية عسكرية من المتوقع أن تبدأ قريبًا. وكانت هذه من الملفات المطروحة على الطاولة.
التأثيرات الإقليمية للزيارةمع التوقيع على 26 ملفًا مختلفًا يتعلق بالزراعة والنقل والصناعات الدفاعية والصحة، أعلنت الدولتان عن حلم مشترك في المستقبل، وذلك يعتبر بحد ذاته إعلانًا عالميًا. حتى لو تم تنفيذ مشروع طريق التنمية وحده، فإنه سيؤثر على تجارة البحار العالمية.
بالإضافة إلى القضايا الأخرى، ستكون هذه التقاربات لها تأثيرات سياسية واقتصادية مباشرة على إيران وسوريا والكويت وقطر والإمارات وغيرها من دول الخليج. وسنرى في الأيام القادمة كيف ستتفاعل الولايات المتحدة التي غزت العراق مرتين، وإيران التي تملك جيشًا مؤيدًا لها في العراق (الحشد الشعبي)، مع هذه الخطوة نحو أن تكون الدولة مستقلة تمامًا. من المؤكد أنهما لن تعارضا علنًا، ولكنهما ستعملان خلف الكواليس على الحرص على عدم تنفيذ هذه الاتفاقيات. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن هذا التطور يعتبر مهمًا للغاية بالنسبة للمنطقة، ولا يُعتبر ذلك مهمًا فقط للدولتين بل لجميع منطقة الشرق الأوسط.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
حرب إسرائيلية وشيكة على دولة عربية ثالثة
مقاتلات إسرائيلية (سي إن إن)
يشهد العراق تحركات دبلوماسية مكثفة على أعلى المستويات، وذلك في ظل تهديدات إسرائيلية مباشرة باستهداف أراضيه. وتأتي هذه التحركات في أعقاب تصاعد التوتر الإقليمي، وتزايد المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية واسعة النطاق.
اقرأ أيضاً وصفة طبيعية لتعزيز نمو شعر الرأس في أماكن الصلع.. وداعا لزرع الشعر 25 نوفمبر، 2024 فلكي يمني يطلق تحذيرا هاما: استعدوا لتقبات غير مسبوقة في الطقس 25 نوفمبر، 2024
ـ جهود دبلوماسية عراقية مكثفة:
أفادت مصادر مطلعة بأن العراق يجري اتصالات دبلوماسية مكثفة مع دول غربية وعربية، بما في ذلك دول تربطها علاقات بإسرائيل، وذلك بهدف الضغط على تل أبيب لوقف تهديداتها العسكرية الموجهة للعراق. وتأتي هذه الجهود في إطار سعي الحكومة العراقية لمنع أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
ـ تحذيرات عراقية من تداعيات الهجوم:
حذرت الحكومة العراقية من عواقب وخيمة في حال اقدام إسرائيل على تنفيذ تهديداتها، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى انفلات الأوضاع في المنطقة. وقد شددت على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في منع أي عدوان على العراق.
ـ استعدادات عسكرية عراقية:
بالتزامن مع هذه التحركات الدبلوماسية، تقوم الفصائل العراقية المسلحة بتعزيز استعداداتها العسكرية تحسباً لأي هجوم محتمل. وشهدت الأيام الأخيرة حركة نشطة لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى مواقع مختلفة داخل العراق.
ـ رفض عراقي للاتهامات الإسرائيلية:
رفضت الحكومة العراقية بشكل قاطع الاتهامات الإسرائيلية التي وجهتها ضدها، واعتبرتها محاولة لتبرير أي عدوان محتمل. وأكدت أن العراق ملتزم بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن أراضيه لن تستخدم كمنطلق لشن هجمات على أي دولة.
ـ تأييد عربي للعراق:
أدان مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين محاولات إسرائيل توسيع عدوانها في المنطقة، بما في ذلك العراق، ودعا إلى وقف جميع الأعمال العدوانية. كما أكد المجلس على ضرورة حماية المدنيين واحترام القانون الدولي.
ـ مواقف دولية متضاربة:
لا تزال المواقف الدولية من التوتر المتصاعد بين العراق وإسرائيل متباينة. ففي حين تدعم بعض الدول الجهود العراقية لدرء الخطر الإسرائيلي، إلا أن دولاً أخرى تتبنى مواقف أكثر حيادية.
ـ خلاصة:
يشهد العراق أزمة حادة نتيجة التهديدات الإسرائيلية المباشرة، وتسعى الحكومة العراقية جاهدة لحشد الدعم الدولي لمنع أي عدوان. وتأتي هذه الأزمة في ظل تزايد التوترات الإقليمية، مما يزيد من مخاوف اندلاع حرب واسعة النطاق في المنطقة.