الاحتفال بالدورة الـ23 لجائزة "قرطاج الثقافية الدولية".. صور
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
جرى مؤخرًا الاحتفال بالدورة الثالثة والعشرين لجائزة "قرطاج 2.0 الثقافية الدولية" في أجواء مثيرة بقاعة المجلس بالعاصمة روما.
وبدوره قال الدكتور فؤاد عودة، رئيس الرابطة الطبية الأوروبية، وجالية العالم العربي بايطاليا، إننا أمام حدث يمكن وصفه بالتأكيد بأنه تاريخي، شهد تكريمًا ثمينًا لشخصيات لامعة ساهمت حتى الآن، في مسيرتها المهنية والإنسانية، في تطوير الثقافة في مختلف القطاعات، بدءًا من تعزيز الثقافة الاجتماعية تقدم المجتمع والبحث عن الحقيقة والحرية والعدالة والسلام والأخوة العالمية.
ويسر ويشرف أمسي (نقابة الأطباء من أصل أجنبي في إيطاليا)، وكوماي، (جالية العالم العربي في إيطاليا)، والمدرسة الدولية متعددة اللغات اتحاد من أجل إيطاليا و اذاعة كوماي الدولية تحت رعاية حركة المتحدين للوحدة، أن تم تكريم بعض من أعلامها اللامعين خلال هذا الحدث، ونحن نتحدث على وجه التحديد عن طبيب الأقدام الشاب الموهوب الذي تخرج من جامعة تور فيرغاتا، الدكتور ندير عودة (25 عامًا)، وهو بالفعل أيضا في السنة الثانية من دورة العلاج العظمي وهو بالفعل رجل أعمال في قطاع الرعاية الصحية كمسؤول تنظيمي للمركز الطبي الدولي إيريس إيطاليا الطبي من جيل21 عامًا، و يعمل ايضا منسق قسم الشباب والأجيال الجديدة في أمسي وحركة متحدين للوحدة.
تم تكريم ايضا كامل بلعيطوش، نائب رئيس كوماي ، جالية العالم العربي في إيطاليا، ومنسق الجنة التنظيمية لحركة متحدين للوحدة، وجياني لاتانزيو، منسق قسم العلاقات المؤسسية في حركة متحدون من أجل الوحدة، وكريستيل أولانديت من قسم المرأة المتحدة في حركة متحدين للوحدة ورئيسة كريستل، مؤسسة مدرسة أولانديت سافاني في الكونغو حيث يتلقى أكثر من 2000 شاب التعليم كل عام.
وصرح الدكتور فؤاد عودة، رئيس أمسي وكوماي، "فخورًا بتكريم الفائزين الذين هم جزء من جمعياتنا كشخصيات لامعة، أتقدم بخالص الشكر إلى Accademia Cartagine Internazionale 2.0 على التقدير الثمين الممنوح لروادنا، الذين يستحقون التزامهم على مر السنين مثل كمال بلعيطوش، وكذلك نائب رئيس كوماي، وكذلك كمنسق تنظيمي لحركةمتحدين للوحدة، رجل نشيط في العمل الاجتماعي، في العمل التطوعي بالنسبة له تقدير يكرم شخصيته وعمله الدؤوب.
أنا بطبيعة الحال فخور أيضًا بندير عودة، ليس فقط كخريج بالفعل في طب الأقدام ولكن أيضًا، كما ذكرنا، رجل أعمال وآمل أن ينتظره مستقبل مشرق في قطاع الرعاية الصحية".
وتابع: " دعونا نتذكر أن هناك أيضًا التزامه المثمر بالثقافة كمنسق لقسم الشباب في حركة المتحدين للوحدة و لامسي حيث يتابع جميع المشاريع المرتبطة بالأجيال الثانية من الإيطاليين و من أصل عربي و أجنبي، ومن بين الفائزين، أنا فخور بأن أتذكر أيضًا جياني لاتانزيو، منسق قسم العلاقات المؤسسية،
كما أننا سعداء للغاية بالجائزة التي حصلت عليها كريستيل أولانديت، التي ترمز إلى قيمة المرأة الأفريقية في إيطاليا وفي جميع أنحاء العالم".
وقدم الجميع الشكر لكلا من مجلس إدارة الأكاديمية، في شخص الدكتور أليساندرو ديلا بوستا وابنته فيرونيكا، وأمسي و كوماي و حركة المتحدين للوحدة من سنة ال 2000 داخل الخبر دائمًا من أجل الجدارة، ومن أجل نشر الثقافة كأداة للنمو الجماعي. عالم الشباب، العالم العربي، عالم الاتصالات، عالم المرأة الأفريقية: جوائز هذه الشخصيات اللامعة تحمل معاني كثيرة.
وقال الشاب ندير عودة، خلال تكريمه: “كإيطالي و من اصل فلسطيني من الجيل الثاني، أنا فخور بالحصول على هذا التقدير، أنا مرتبط بجذوري وأصولي، لكنني أشعر أنني إيطالي-فلسطيني-عربي ومن جهتي، سأستمر في التزامي، حتى يكون حافزًا للشباب الآخرين مثلي لتحقيق الأهداف المهمة وعدم التوقف أبدًا. لا أستطيع أيضًا أن لا أشجع العديد من الشباب مثلي بعملي، على أمل أن تقوم السياسة أيضًا بدورها على أكمل وجه وتدعم الإيطاليين من أصل أجنبي في جميع القطاعات، لأن لديهم أفكارًا، ولأنهم بحاجة إلى المساعدة والتشجيع و يمكن أن تمثل موردا هاما لبلدنا”.
وتابع: " ومن جانبنا، يجب أن تكون لدينا الثقة، وأن نحترم القوانين، ويجب أن نعرف كيفية الاندماج، وآمل وأثق في أن دوري داخل الجمعيات والحركات التي أنتمي إليها سوف يستمر في ترجمته إلى فوائد للعديد من الشباب مثلي الذين حريصون على القيام بذلك، من جهتي، أشعر أنني عند نقطة البداية وبالتأكيد لا أريد أن أتوقف: يجب أن نكافح معًا لتجنب هجرة الأدمغة إلى الخارج وأن نثبت كل يوم أننا نحن الجيل الجديد من الإيطاليين يمكن أن نكون موردًا يمكننا الاعتماد عليه ".
وجاء تعليق كامل بلعيطوش: " أشكر المنظمين وخاصة الدكتورة ديلا بوستا على الجائزة الممنوحة لي. يشرفني أن أحصل على هذه الجائزة المرموقة تقديراً لالتزامي على مدى ثلاثين عاماً بالتعايش السلمي بين الشعوب والاندماج الاجتماعي والحوار والاحترام المتبادل،
أنا من أرض كافأت منذ أشهر الصحفي الراحل بييرو أنجيلا وابن أخ إنريكو ماتي - وهما شخصان قدما يد العون لبلدي الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي، ومؤخرا خصصت الدولة الجزائرية حديقة في القلب الجزائر العاصمة بإسم إنريكو ماتي".
وأختتم بإهداء الجائزة الممنوحة لي لوالدي ولكل الأطفال الذين يعانون أو يموتون من أي شكل من أشكال الظلم تجاههم".
وقدم جميع الفائزين أيضا الشكر للمساهمة القيمة، كما هو الحال دائمًا، المقدمة لهذه القضية من قبل البروفيسور لورا مازا، المستشار الدبلوماسي لحركة المتحدين للوحدة، والفريق بأكمله والوفد الكبير الذي يدعم ويشارك في كل مبادرات مؤسساتنا في ايطاليا و في 120 دولة و مع الرابطة الطبية الاوروبية الشرق اوسطية الدولية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إيطاليا فؤاد عودة جالية العالم العربي
إقرأ أيضاً:
المفكر التونسي منصور مهني: العالم العربي بحاجة إلى منهجية واضحة لتطوير حركة الترجمة
حين تتلاقى الثقافة والمعرفة، يولد وعي لا تؤطره لغة ولا تقيده حدود، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث تتجسد روح الحوار والانفتاح، كان لقاؤنا مع المفكر التونسي الكبير منصور مهني، الذي يمزج بين الأدب والترجمة والإعلام، حاملا رؤى تتجاوز اللحظة وتعيد مساءلة المشهد الثقافي العربي، وبين إشكاليات الترجمة، وحضور الأدب التونسي، ودور الإعلام في تشكيل الذائقة، يضع أصابعه على الجرح الثقافي، ويدعو إلى مشروع حضاري يعيد للأدب مكانته وللفكر دوره، في حديث يعبر حدود اللغات والثقافات.
- في كتاباتك الفكرية قدمت مفهوم «الإبراخيليا» كمقاربة ثقافية معاصرة.. فإلى أي مدى يمكن لهذا المفهوم أن يُعيد تشكيل نظرتنا للأدب والهُوية في ظل العولمة الثقافية
لنبدأ بالتذكير بأن كلمة «إبراخيليا» مستلهمة من الكلمة اليونانية القديمة (brakhulogia)، التي رأينا فيها لب الفلسفة المجتمعية لسقراط، ولعلها أيضا السبب الذي دفع أثينا إلى الحكم عليه بالإعدام. شخصيا، بعد البحث والتفكير واعتماد بعض القياسات اللغوية، وجدت نفسي أميل إلى اللفظ الذي انتهيت إليه، وهو «إبراخيليا»، ليكون المعرف بالمفهوم في المجال العلمي، وليتم تعويضه، عند الاقتضاء، بكلمة «المحادثة» في السياق العام لتبسيط التعامل معه وتوسيعه.
أما الفلسفة التي أمكننا اختزالها في مفهوم الإبراخيليا، مع التأكيد أنها ليست بالضرورة فلسفة سقراط لأننا لا ندعي ذلك، فهي رؤية فكرية نراها في علاقة بما رأينا في فكر سقراط مما يمكن التعمق فيه وربطه بإيتيقا مجتمعية وبممارسة خطابية، قد تتلاءم مع الحاجة التي يفرضها التطور الشامل على البشر في ما بينهم من تعامل متعدد الأوجه، وفي علاقتهم بالكون وبالوجود.
ووجدنا لدى سقراط مفهوم المحادثة من حيث هي روح يمكن أن تغذي هذا التعامل والتفاعل في منطق المطمح، الذي تكرّس لدى البشر تحت مسمى «الديمقراطية»، التي لم تطابق تسميتها معناها المنشود.
- وكيف يمكن التعمق أكثر في هذا المفهوم؟
يمكن التعمق في المفهوم انطلاقا من الكتابات المنشورة حوله منذ سنة 2012، خاصة بالفرنسية، لكن في مصر على الأقل نشر كتاب «محادثات النص الأدبي.. مقاربة إبراخيلية»، وهو مدخل مفيد في ذات المجال لمن يهمه الأمر، لنقل فقط إن الإبراخيليا، باعتمادها روح المحادثة، تعمل على تقاسم قيم ثابتة هي: الاحترام المتبادل، والمساواة بين الكل، وكذلك تنسيب الحقيقة، ثم ضرورة استمرار السؤال لدى الإنسان حول كل شيء، لتعميق معرفته بقناعة أنه مهما عرف فإنه لم يعرف شيئًا.
ومن وجهة النظر هذه، وفي علاقة بمعاني القصر والصغر والنقصان التي توحي بها عبارة (براكي – brachy)، فإن الإبراخيليا، بانفتاحها على بقية العلوم ومساءلة الأشياء، تدفعنا إلى عدم التقليل من قيمة الغير، بدعوى صغره أو نقصانه، يكفي أن نطلع على ما تفيدنا به البيوتكنولوجيا والنانوتكنولوجيا لندرك أن الكون نفسه يتمثل هيكليًا في أصغر تلك الكائنات «الصغيرة» إلى أبعد الحدود.
وبالقياس، ينسحب الأمر على الأدب، الذي يفترض أن يتبنى الإنشاء التحادثي ليحيا بالتفاعل المستمر بين النص وقارئه، هذا بصفة مختصرة، لكن التعمق والتأني في الموضوع يستدعي مزيدا من الاطلاع ومن الأسئلة.
- تنوعت مسيرتك بين البحث الأكاديمي والإبداع الأدبي والعمل الإعلامي.. كيف أثّر كل مجال على الآخر في تكوين رؤيتك الفكرية والإبداعية؟
الأمر بسيط، ليس هناك مجال فكري أو علمي أو ثقافي مغلق ومنفصل بذاته، المجالات الثلاثة التي ذكرتَها يمكن أن نقرأ في تقاطعها تكاملا محمودا بين العلم والفكر والتواصل.
- في ديوانك الشعري «الثانية بعد... أم هي دائمًا الأولى»، هناك وعي عميق بالزمن والذاكرة.. كيف تنظر إلى العلاقة بين الكتابة والتاريخ الشخصي والجماعي؟
الكتابة تحتوي كل المواضيع وتتناولها بالسؤال، وهي دائماً تغوص في كينونة الأحياء والأشياء، تلك الكينونة التي تأخذ مع الزمن صبغة تاريخية، والكتابة، سواء تعلّقت بالشخص أو بالجماعات، هي حلقة في العملية التأريخية التي قد تحوّلها الظروف إلى تاريخ.
- بالنسبة للكتابة بالفرنسية.. أمنحتك مساحة تعبير مختلفة عن الكتابة بالعربية، أم أن كل لغة تفرض قيودها ورؤاها الخاصة؟
بالطبع، منحتني الكتابة بالفرنسية مساحة تعبير إضافية، لكنني لا أرى أنها مختلفة جوهريا عن الكتابة بالعربية من حيث التساؤلات التي تدفعني إليها، على العكس، أعتبرها فرصة للتقاطع والتكامل بين الإنشائيات المتنوعة، بما يساهم في تأسيس خطاب مختلط، يعيد النظر في فكرة الصراع القائم بين اللغات وما ينتج عنه من صراعات بين الشعوب.
- كيف تنظر إلى تصنيف الأدباء بناء على اللغة التي يكتبون بها؟.. وهل ترى أن الأدب التونسي المكتوب بالفرنسية امتداد للأدب العربي أم أنه كيان مستقل؟
من الأخطاء الفادحة والمضرّة بالمجتمع وبالمجتمعات، أن نعتبر الكتابة بغير اللغة «الأم» (على افتراض أن هذا المفهوم محسوم، في حين أنه ليس كذلك) نوعا من التخلي أو الانفصال عن الهوية الجمعية، الأدب التونسي المكتوب بالفرنسية أدب تونسي، تماما كما هو الحال مع أي أدب كتبه تونسي، سواء كان بالعربية أو بأي لغة أخرى.
- شهد الأدب التونسي تحولات كبيرة بعد الثورة.. أترى أن هذه التحولات أفرزت موجة إبداعية جديدة، أم أنها أوقعت الأدب في فخ الخطاب السياسي المباشر؟قضية الثورة تبقى من الإشكاليات التي لم يُحسم أمرها بعد، ولذلك تعدّدت تسمياتها وفق الموقع أو التموقع السياسي للكاتب، حتى من أراد أن يبرز في موقع الحياد، فإن تعامله مع الخطاب جرّه، بشكل أو بآخر، إلى فخ الخطاب السياسي، ربما بفعل التعقيدات البلاغية ومزالقها، تلك التي حذّر منها سقراط.
- هناك من يرى أن الأدب التونسي يعاني من عزلة مقارنة بأدب المغرب والمشرق.. أتوافق على ذلك؟ وما الذي يمكن أن يفعله المثقفون لكسر هذه العزلة؟
طُرح عليّ هذا السؤال مؤخرا، ولو بصيغة مختلفة قليلاً، وسأعيد الإجابة نفسها: الأدب التونسي مُطالب بأن يُنصف نفسه قبل كل شيء، عندما نرى التونسيين يقللون من مبادرات مواطنيهم وأفكارهم وإبداعاتهم، بينما يهلّلون لما هو أجنبي عن حق أو عن غير حق، فلا يمكننا أن نلوم الآخرين إذا استخفوا بهذا الأدب.
أمّا عندما تتكاتف جهود التونسيين، وتصفو نواياهم لخدمة الأدب التونسي دون القطيعة مع الآداب الأخرى أو التقليل من قيمتها، فعندها سنرى الأدب التونسي يترسّخ ويرتقي مع غيره من الآداب، وهنا يكمن دور المنظومة التربوية، ومؤسسات التعليم والبحث، ومجالات العمل الثقافي، ودور المجتمع المدني.
- كيف ترى حضور الأدب التونسي في المشهد العربي؟.. وهل تعتقد أن هناك تقصيرا في تسويقه وترجمته؟
لا بد للأدب التونسي من وقفة تأمل في سياسات النشر والتوزيع والترجمة، ولا بد للأطراف الاقتصادية في هذه العملية أن تُغلّب مصلحة الثقافة التونسية وآدابها على حساباتها الخاصة، التي لا يجب أن تهملها، لكن يجب أن تجد الحل الوسط الذي نعبر عنه بمقولة «حتى لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي»، يجب فتح محادثة حقيقية، بالمغنى الإبراخيلي، بين كل الأطراف المعنية والمتدخلة، قصد استنباط السياسة الناجعة في هذا المجال.
- في رأيك، هل تتبنى الدولة التونسية سياسات ثقافية داعمة للأدب، أم أن المبادرات الفردية هي التي تحافظ على نبض المشهد الأدبي؟
الدولة التونسية تدعم الإنتاج الأدبي والفكري على قدر إمكانياتها، لنقل بصفة محترمة، لكن بقية الأطراف مطالبة بوعي جمعي أكثر مسؤولية ومواطَنية، يبقى أيضا أن بعض الذين يتحملون مسؤوليات في هذا المجال قد تنقصهم الكفاءة أو التجربة، دون اعتبار ما يحصل أحيانا من سوء تصرف أو من إهمال للشأن الثقافي العام.
- كيف ترى دور المؤسسات الثقافية في تونس اليوم؟.. وهل استطاعت أن تواكب المتغيرات الفكرية والإبداعية في العالم العربي؟
في البداية، يجب الاعتراف للثقافة التونسية بما قدمت للمجال الفكري والإبداعي في العالم العربي، والتاريخ شاهد على ذلك، لذلك يبقى السؤال غير دقيق في تعريف دور المؤسسات الثقافية، التي نراها في كل البلدان العربية تقريبا مؤسسات حكومية تتحرك في مساحة السياسة الثقافية الرسمية، شخصيا، أرى أن الحركية الثقافية لا تنمو بهامش من الحرية إلا بنسيج جمعياتي جاد وملتزم بالنشاط، لتقوية المجتمع المدني ودوره في التطور والتنمية عبر العمل الثقافي المنفتح على كل القطاعات.
- في ترجماتك.. أتسعى إلى الحفاظ على روح النص الأصلي، أم أنك ترى أن الترجمة عمل إبداعي يسمح بإعادة تشكيل النص وفقًا لحساسية اللغة الجديدة؟
الترجمة ترجمات، هناك الترجمة الوظيفية، وهي مطالبة بالحفاظ على محتوى النص الأصلي وعلى رسائله، وهناك الترجمة الإبداعية، التي كثيرا ما تكون تأويلية، وبذلك لها هامش من التصرف في مساءلة معنى النص، لكنها مطالبة أيضًا بالاحتفاظ بروح النص من انفتاحه على إثراء منتظر من الإنشائية الترجمية المبدعة، وهناك بينهما الترجمة التعليمية، التي تؤدي دورا مشتركا يأخذ من الوظيفية ومن الإبداعية.
شخصيا، أجتهد في ترجماتي الإبداعية محاولا إبلاغ روح النص الأصلي كما يبدو لي تأويلها، ودعمه بخصائص الكتابة الملائمة له في اللغة المترجم إليها، لكن لا ننسى أن الترجمة الإبداعية قد تسافر بعيدا في التصرف في النص وإنشائه، إلى حد الإبداع على الإبداع، وهي ظاهرة يمكن تعميمها على عامة الإبداع الأدبي، والتي تولّاها النقد والتحليل ضمن مفهوم التناص القائل بأن لا نص ينشأ من عدم.
- كيف تواجه الإشكاليات اللغوية والثقافية عند ترجمة النصوص العربية إلى الفرنسية والعكس؟
ذاك ما عبرت عنه بالإنشاء الترجمي، المطالب بنقل المحتوى مع اجتهاد في إيجاد تقنيات وتعبيرات خاضعة لمنظومة لغوية غير منظومة اللغة الأصلية، هناك يكون لب الإبداع الترجمي.
- تعتقد أن هناك نوعا من «الرقابة الذاتية» عند ترجمة نصوص تتناول قضايا حساسة ثقافيا أو سياسيا؟
الرقابة الذاتية موجودة في الإبداع وفي الترجمة، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون سببا في الإبداع من حيث نزعتها لقول ما لا يقال.
- ماذا عن واقع حركة الترجمة في العالم العربي اليوم؟.. وهل تعتقد أن هناك غيابا لمنهجية واضحة في اختيار النصوص المترجمة؟
الإحصائيات تبين ضآلة حجم الترجمة في العالم العربي، رغم الحركية الجديدة والجيدة في بعض البلدان، زد على ذلك عدم التنسيق بين الدول العربية لتطوير تعاونها في مجال الترجمة، في البداية، على كل دولة أن ترسم بوضوح مكونات وأهداف سياستها في مجال الترجمة، وبعد ذلك ينطلق التعاون والتكامل بجدية ونجاعة.
- أهناك عمل أدبي عربي تعتقد أنه لم يحظَ بالترجمة التي يستحقها وتتمنى أن تتولى ترجمته؟
أنا منشغل منذ سنوات بمختلف ترجمات القرآن إلى الفرنسية، وتستفزني عديد الجوانب التي توقفت عندها، وبقيت أمني نفسي بإعداد دراسة في الموضوع، لكن مشاغل عديدة حدّت من حماسي. كما بدأت سنة 2009 ترجمة «أغاني الحياة» للشابي، لاقتناعي بأن مترجمي نصوصه لم يعيروا الجانب الموسيقي في شعره حق قدره، لكنني توقفت عند الثلث تقريبا، لكنني سعيد بترجماتي التي أنجزتها، خاصة نص «حركات» لمصطفى الفارسي، ونص «نافخ الزجاج الأعمى» لآدم فتحي، لعمق وحدة الرهانات الإبداعية التي اعترضتنا في ترجمتهما.
- باعتبارك شخصية جمعت بين العمل الصحفي والإعلامي والأدبي.. كيف ترى تأثير الإعلام في تشكيل الذائقة الأدبية لدى الجمهور؟
الإعلام له دور مركزي في تشكيل الذائقة الأدبية، وفي تنمية ثقافة الإبداع والقراءة، ولدينا تجارب عديدة لإنتاجات إعلامية سمعية بصرية أو مكتوبة أو حتى رقمية، قدمت الكثير في هذا المجال، يجدر العمل على دعم الإعلام الثقافي وتوسيع رقعته في مختلف البرامج والمحطات الإعلامية.
- ترى أن وسائل الإعلام العربية تعطي للأدب حقه.. أم أن هناك انحيازا نحو المحتوى السريع والسطحي؟
لا يحق لنا التعميم، كل وسيلة إعلامية ترسم سياستها للبرمجة الثقافية، والمهم أن نتعهد هذه السياسات الخاصة بتقييم دوري يحق له تعديل الأمور لما هو أفضل.
- كيف تنظر إلى دور معارض الكتاب كمعرض القاهرة الدولي في تعزيز التواصل الثقافي بين الدول العربية؟.. وهل تعتقد أن هذه الفعاليات قادرة على خلق حركة نقدية جادة حول الأعمال الأدبية؟
المعارض مكسب ثمين للثقافة عامة وللأدب والكتاب خاصة، والجميل هو أن معارض الكتاب تصنع لنفسها مجتمعًا مصغرًا بمختلف الطبقات والاتجاهات، لكن لا يخفي بعض النواقص، خاصة في عرض الكتب، الذي لا يصح له تجاهل إنتاجات هامة لاقتصاره على لغة واحدة أو لغتين على الأكثر، فالمعرض فرصة لا يجب أن يُحرم منها أي كتاب، وهنا نستحضر دور الرقميات لإحداث هذه النقلة النوعية.